وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : وكالة الحوزة
الأحد

٦ يونيو ٢٠٢١

١٠:٤٧:٠٨ ص
1147934

الطاهر الهاشمي:

يمكننا أن نرى في الإمام الصادق (ع) نموذجًا للوحدة الإسلامية وأساس الإسلام الصحيح/كان الإمام (ع) رائدًا لحركة وثورة تعليمية تنشيئية

صرح العضو المصري للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) السيد طاهر الهاشمي: لقد ورث الإمام الصادق عليه السلام رفضه للظلم عن آباءه وأجداده عليهم السلام، وهذا هو خط أهل البيت (ع) فعندما نذكر أهل البيت وجهادهم وتضيحاتهم نعرف معنى رفض الظلم وعدم الخنوع والتسليم للحكام.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ قال السيد طاهر الهاشمي خلال مقابلة له: فكل زمان وكل مكان له اقتضاءات معينة للتعامل مع الحكام، ولا يمكن إصدار حكم واحد يشمل كل زمان ومكان، ولكن الشيء الأساسي الذي لا جدال فيه هو ضرورة رفض الظلم ومواجهة الظالمين، والمواجهة ليست بالضرورة بالحرب، بل كما قلنا وفق ما يقتضي الزمان والمكان، وعندما نلقي نظرة على تاريخ الإمام الصادق فهو قد عمل على وأد فتنة الحكام الذين أرادوا أن يضيع الدين وتضيع معالمه، وبهذا فقد واجه ظلمهم بالكلمة والعمل وإعادة تأسيس الأعمدة الفقهية والعلمية للإسلام، وقد يقتضي الأمر في زمان آخر مثل ما حدث مع الإمام الحسين عليه السلام بضرورة التضحية لمواجهة الظلم، وبالفعل واجه الإمام الحسين الظلم بالرفض وضحى من أجل إعلاء كلمة الحق، ورأينا أيضًا في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ظل يدعو الناس سرًا في المدينة 13 عامًا، وهذا وفقًا لما اقتضته هذه المرحلة في رفض الظلم، وبعدها اتخذت سُبل مواجهة الظلم مناح أخرى، وعندما ننظر إلى نموذج معاصر وهو نموذج الإمام الخميني رضوان الله عليه، نستلهم أيضًا من تجربته الخلطة والتركيبة الإيمانية التي أقام بها ثورته، فقد جمع ما بين نشر العلم والمواجهة بالكلمة والحرب أيضًا وهذا وفق ما اقتضته المراحل الزمنية المختلفة التي مر عليها، فكان نموذجًا مستنسخًا من جهاد أجداده أهل البيت (ع) عليهم السلام.

و فیما یلي نص المقابلة:

* كما تعلمون عاش الإمام في وقت كان المسلمون يجهلون امور دينهم واحكام شريعتهم؛ لان الحكومات انذاك اهملت الشؤون الدينية اهمالا تاما حتى لم يعد البعض يفقه امور دينه. ما هو دور الإمام في إحياء الدين في ذلك الزمن؟

لقد كانت فترة حياة الإمام جعفر الصادق من اصعب الفترات التي مرت في التاريخ الإسلامي وخاصة في حياة الإمام السادس من أئمة أهل البيت (ع) عليهم الصلاة والسلام فكانت بين فترتين خطيرتين وهي ما بين نهاية الدولة الامويّة وبداية الدولة العباسيّة، وكان هذا التوقيت من زمن إمامته كما ذكر المؤرخين فيه حرية الحركة لنشر معالم الدين بعد ان عملت حكومة بني امية على إفساد المجتمعات؛ وذلك لخدمة مصالحهم الشخصية كما هو معلوم و معروف من خلال ما حدث مما هو معلوم للجميع بتوجههم وسعيهم نحو إفساد الدين بكل السبل والوسائل، وهو ما أدى إلى وجود خط مواز للإسلام المحمدي الأصلي المتمثل في أهل البيت (ع) عليهم الصلاة والسلام، وهذا الخط الموازي قد أفسد على الناس دينهم، ولما كان وعد الله بالحفاظ على كتابه ودينه، ولما كان أهل البيت (ع) هم الأمناء على هذا الدين والأمناء على الناس كان موقف الإمام الصادق عليه السلام ودوره الكبير والعظيم والمسئولية الشرعية المنصوص عليها في شخصه وتدوينه لما ورثه عن آبائه الكرام وعن جده رسول الله، وقد قام بعمل الدروس العلمية التي كان يحضرها جميع علماء أهل الأرض في عصره، حتى أن جميع العلماء أعطوه أوصافًا منها أنه لا يوجد أعلم من جعفر بن محمد على وجه الأرض، وقد تحدث الإمام في جميع العلوم الشرعية منها والعلمية وبل في العلوم الحديثة أيضًا، وله تلامذته في العلوم الشرعية والطبية والكيميائية وغيرها، فلم يكن مقتصرًا على العلوم الدينية فقط، حيث نرى أن من تلامذته أبوحنيفة النعمان الإمام الأول لأهل السنة وأيضًا عالم الكيمياء ابن حيان، حتى أن علومه طافت بين المشارق والمغارب، ووصلت إلى جميع المسلمين في شتى بقاع الأرض وتداولوها نقلًا وكتابة، لدرجة أنه لا يوجد علم من العلوم إلا وقد تحدث فيه وبه، فحير بها أصحاب العقول والعلوم وأثار تعجبهم في كيف أنه يمكن لشخص واحد أن يجمع كل هذه العلوم، ولم لا، وهو وريث مدينة العلم وبابها ومرآة الإسلام المحمدي الأصيل.

* كان من اهم ما عني به الامام هو نشر الفقه الاسلامي الذي يحمل روح الاسلام وجوهره وتفاعله مع الحياة. كيف ترى موقع الامام بين الشيعة والسنة؟

لقد كان الإمام الصادق موجودًا في فترة حساسة من تاريخ الإسلام، حيث كانت الأمة متفرقة في ظل الحروب الدامية التي حدثت بين الأمويين والعباسيين وفي ظل تشتت العلوم الدينية والفقهية، فكان لزامًا أن يبرز دور الإمامة للإمام الصادق عليه السلام حتى لا يتيه الناس بين الحق والباطل، وبالفعل كان الإمام عليه السلام رائدًا لحركة وثورة تعليمية تنشيئية تخرج منها آلاف العلماء من شتى بقاع الأرض، فبغض النظر عن كونه الإمام السادس من أئمة المذهب الإثنى عشري أو الجعفري ومكانته ومقامه معروف لدى جموع الشيعة، فقد تتلمذ على يديه أيضًا أشخاص مثل صاحب المذهب الأول من المذاهب الأربعة أبي حنيفة النعمان وتلقى منه صاحب المذهب الثاني مالك بن أنس العلم هو الآخر وغيرهم مثل سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وابن جريح وغيرهم وهم من أعلام أهل السنة، وقد قال الأول في شأن الإمام الصادق: "ما رأيت أعلم من جعفر بن محمد، لولا السنتان لهلك النعمان" ويشير بهاتين السنتين إلى الفترة التي قضاها متتلمذًا عند الإمام الصادق، كما تعلم على يد الإمام الصادق أعلام من علماء الأمة مثل جابر بن حيان ولا ننسى المفضل بن عمر الجعفي الذي روى عن الإمام الصادق الكثير من العلوم في الأحياء والكيمياء والفلك وقد جُمعت في كتاب "توحيد المفضل"، ويُعد الإمام الصادق عليه السلام عند أهل السنة من أهل البيت (ع) والتابعين أيضًا وتُعتبر مدرسته أساس جميع مدارس المذاهب، فهو شخصية محورية في تاريخ الإسلام وحظي باتفاق جميع العلماء، لذا ومن هذا المنطلق يمكننا أن نرى في الإمام الصادق نموذجًا للوحدة الإسلامية وأساس الإسلام الصحيح ومرجعًا للعودة إليه ولمنهجه في الاختلافات التي تنشأ بين مختلف المذاهب، وإن كنا نستطيع أن نأتي بمثال ونموذج يمكننا الالتفاف حوله في الوحدة الإسلامية ونبذ الخلافات فهو الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وهو ما من شأنه أن ينقذ الأمة من التطرف والإرهاب، ويقوي شوكتها، ويجعلها قوة لا تهزم، ولا يحدث لها أي خلل سواء دينيا أو علميًا.

* فقد تفوق الامام (ع) على جميع اهل عصره في جميع الفضائل والكمالات ومكارم الاخلاق والصفات. هل كان المرجع الاعلى للعلماء ومعلمهم جميعا في عصره؟

كما ذكرنا في إجابة السؤال السابق فإن الإمام الصادق خارج عن التقييم أو المقارنة مع الآخرين، فقد شهد له جميع المحدثين والفقهاء وعلماء عصره بأنه أعلمهم وقد تتلمذوا جميعًا على يديه، وبالفعل كان يُمثل مرجعًا لهؤلاء العلماء وأئمة المذاهب الأخرى.

* وعن الإمام الصّادق(عليه السَّلام): (العامِل لظلم والمُعين له والرّاضي به شُركاء ثلاثتهم). [الكافي ج2: 333.] كيف يمكن التحذي الى هذا الحديث وكلام الإمام في الظروف الراهنة؟

لقد ورث الإمام الصادق عليه السلام رفضه للظلم عن آباءه وأجداده عليهم السلام، وهذا هو خط أهل البيت (ع) فعندما نذكر أهل البيت (ع) وجهادهم وتضيحاتهم نعرف معنى رفض الظلم وعدم الخنوع والتسليم للحكام، لذا فنرى أنهم جميعًا قد استشهدوا في هذا السبيل والطريق الذي بدأه النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأكمله علي بن أبي طالب عليه السلام وبين طريقه الإمام الحسين عليه السلام حينما صاح قائلًا "هيهات من الذلة"، فالذل والهوان لا يجتمعان مع وجود أهل البيت (ع) عليهم السلام، والأمر كان بأشكال مختلفة، فقد أظهره الإمام الحسين في شكل التضحيات والفداء وأظهره الإمام السجاد في توصيل العلوم عبر الأدعية والصلوات وأكمله الإمام الباقر عليه السلام بعلومه، وسار على طريقه الإمام الصادق عليه السلام الذي جاهد ظلم العباسيين الذين كانوا يسعون لتشويه صورة الإسلام وحرف مساره، فقد قاومهم بوضع الأسس الدينية والفقهية ونشر الإسلام المحمدي الأصيل حتى لقي ربه سبحانه وتعالى مستشهدًا مسمومًا بيد المنصور العباسي الذي كان يرى من الهاشميين متمثلين في الإمام الصادق خطرًا على خطته وملكه.

* كيف ترى سيرة الامام في المجال السياسي والتعامل مع الحكام من جهة ومع الثوار من جهة أخرى واستلهامها في الزمن الحالي؟

كما ذكرنا أيضًا في إجابة السؤال السابق، فكل زمان وكل مكان له اقتضاءات معينة للتعامل مع الحكام، ولا يمكن إصدار حكم واحد يشمل كل زمان ومكان، ولكن الشيء الأساسي الذي لا جدال فيه هو ضرورة رفض الظلم ومواجهة الظالمين، والمواجهة ليست بالضرورة بالحرب، بل كما قلنا وفق ما يقتضي الزمان والمكان، وعندما نلقي نظرة على تاريخ الإمام الصادق فهو قد عمل على وأد فتنة الحكام الذين أرادوا أن يضيع الدين وتضيع معالمه، وبهذا فقد واجه ظلمهم بالكلمة والعمل وإعادة تأسيس الأعمدة الفقهية والعلمية للإسلام، وقد يقتضي الأمر في زمان آخر مثل ما حدث مع ال
.......
انتهى/ 278