وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : وكالات
الأحد

٦ يونيو ٢٠٢١

١٠:٣٤:٤٠ ص
1147933

في ذكرى استشهاده

قبسات من حياة الامام الصادق (ع)

ولد الإمام الصادق (ع) يوم الأحد 17 ربيع الأول 83 هـ في المدينة المنورة وتوفي فيها عام 149 هـ، وهو الإمام السادس لدى اتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وإليه ينسبون انتشار مدرستهم الفقهيه.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ هو أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن فاطمة الزهراء بنت النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، ولقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب.

وعاش الإمام الصادق (عليه السلام) مع أبيه وجده إثنتي عشر سنة ومع أبيه بعد جدِّه تسع عشر سنة وبعد أبيه أربع وثلاثين سنة وحين توفي (ع) كان عمره الشريف خمس وستين سنة.

وعاصر الإمام الصادق (ع) عشرة من حكّام بني أميّة، وكان أولهم عبد الملك بن مروان حيث تزامنت ولادة الإمام (ع) أواخر حكمه, أما بقية من عاصرهم (ع) فهم الوليد بن عبد الملك، وسلمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، ويزيد بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك، والوليد بن يزيد، ويزيد بن الوليد، وابراهيم بن الوليد، ومروان الحمار، كما عاصر (ع) اثنين من حكّام بني العباس هما ابو العباس السفاح وأخوه أبو جعفر (المنصور بالشيطان)، وكانت مدة إمامة الإمام الصادق (ع) أربع وثلاثين سنة وهي المدة التي عاشها بعد أبيه الإمام الباقر (ع).

وشهد الإمام الصادق (ع) في العهد الأموي الظلم والقتل والتشريد والسجن والتعذيب الذي كان يمارسه الأمويون ضدّ خصومهم بصورة عامة وضدَّ العلويين بصورة خاصة، فضلا عن التعذيب النفسي الذي كان يقوم به الولاة والمتزلفون للحكام، حيث كانوا يجمعون كل من يمت بصلة لأمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) ويضعونهم قريباً من المنبر يوم الجمعة ويقوم الخطيب بسب الإمام علي (ع), واستمر هذا الأمر إلى حكم عمر بن عبد العزيز الذي منع السب.

وقد عاصر الإمام الصادق (ع) ثورة زيد بن علي (عليهما السلام) بالكوفة أيام حكم "هشام بن عبد الملك" وما رافق هذه الثورة من قمع أدى إلى استشهاد زيد ومطاردة العلويين بأشد مما كان من ذي قبل.

كما شهد الصادق (ع) في العهد الإنتقالي تحرّك أبي سلمة الخلال وأبي مسلم الخرساني والإطاحة بحكم بني أمية فكان موقفه (ع) تجاه هذه الحركة موقف الرافض؛ لعلمه بعاقبة الأمر.

وفي العهد العباسي قام السفاح بإشخاص الإمام الصادق (ع) من المدينة إلى الهاشمية (قرب الكوفة، اتخذها السفاح عاصمة له) وإلزامه بالإقامة الجبرية في الكوفة لمدة قصيرة ثم أرجعه إلى المدينة، فالسفاح لم يعلن العداء لولد الامام علي (ع) عند وصوله للسلطة، بل كان يتظاهر بالولاء لهم، إذ أنه يعلم أن الثورة ضد الأمويين إنّما نجحت تحت لواء شعار الولاء لآل محمد وعليّ (صلوات الله عليهم أجمعين) وكان ذلك سبباً في إشخاصه الإمام الصادق (ع) وإلزامه بالأقامة الجبرية.

ولم تدُم أيّام السفاح إلّا نحو أربع سنوات ثم جاء الطاغية المنصور (بالشيطان) واشتدّ الأمر على العلويين، فاُبعدوا الى الهاشمية وسجنوا في طواميرها المظلمة حتى مات بعضهم فيها وبقيت جثثهم في السجن حتى مرض بعضهم من ذلك، فعمد المنصور (بالشيطان) إلى هدم السجن على باقيهم.

وشهد الإمام الصادق (ع) ذلك كله ولاقى من الطاغية المنصور (بالشيطان) أذىً كثيراً، وكان الوشاة يحيطون به من كل جانب وينقلون إلى المنصور (بالشيطان) من التهم ما هو بريء منها, فيزداد الطاغية بذلك غيظاً على الإمام (ع)، ومن نماذج ما لاقاه الإمام (ع) من أنواع الظلم، ما رواه الشيخ المفيد (رض) وغيره: (من أن داود بن علي بن عبد الله بن عباس قتل المُعلّى بن خنيس مولى الإمام الصادق (ع) وأخذ ماله فدخل عليه (ع) وهو يجهر وراءه فقال له: (قتلت مولاي وأخذت مالي، أما علمت أن الرجل ينام على الثكل ولا ينام على الحرب، أما والله لأدعونَّ عليك الله)، فقال له داود: أتهدِّدُنا بدعائك.. كالمستهزئ بقوله، فرجع الامام الصادق (ع) إلى داره فلم يزل ليله كله قائماً وقاعداً حتى إذا كان السَّحر سُمِع وهو يقول بمناجاته: (يا ذا القوة القوية، يا ذا المحال الشديد، ويا ذا العزة التي كل خلقك لها ذليل، إكفني هذا الطاغية وانتقم لي منه)، فما كان إلا ساعة حتى ارتفعت الأصوات بالصياح، وقيل قد مات داود بن علي الساعة.

ومن ذلك أيضا، ما رواه الشيخ الكليني (رض) باسناده عن المفضّل بن عمر قال: وجّه أبو جعفر المنصور (بالشيطان) الحسين بن زيد وهو واليه على الحرمين: أن احرق على "جعفر بن محمد (ع)" داره فألقى النار في دار الامام أبي عبد الله (ع) فأخذت النار في الباب والدهليز فخرج أبو عبد الله (ع) يتخطّى النار فيها ويقول: (أنا ابن أعراق الثرى، أنا ابن إبراهيم خليل الله).

الإمام الصادق عليه السلام إلى الرفيق الأعلى

واستشهد الإمام الصادق (ع) مسموما في الخامس والعشرين من شوال سنة 148هـ ، حيث دس والي المدينة "محمد بن سليمان" إليه السم بأمر من الطاغية (المنصور بالشيطان) ودفن بالبقيع بجوار أبيه وجده الحسن صلوات الله عليهم أجمعين.

وروى المسعودي في مروج الذهب: أن الإمام عليه السلام قد دُسّ إليه سماً, كما ورد في الصواعق المحرقة ومناقب آل أبي طالب.

وختاماً نشير إلى فطنة الإمام الصادق (ع) وحكمته بما سيجري من بعده على وصيه الإمام موسى الكاظم (ع), فقد روى الشيخ الكليني (رحمه الله) وغيره عن أبي أيوب النحوي أنه قال: بعث إليَّ أبو جعفر (المنصور بالشيطان) في جوفِ الليل فأتيته فدخلت عليه وهو جالس على كرسي وبين يديه شمعة وفي يده كتاب، فلما سلمت عليه رمى الكتاب إليّ وهو يبكي فقال لي: هذا كتاب "محمد بن سلمان" يخبرنا أنّ جعفر بن محمد مات, فاِنا لله وإنا إليه راجعون – ثلاثاً - وأين مثل جعفر؟ ثم قال: اكتب, قال: فكتبت صدر الكتاب, ثم قال: اكتب إنْ كان أوصى إلى رجل واحد بعينه فقدّمه واضرب عنقه, قال: فرجع إليه الجواب: إنه قد أوصى إلى خمسةٍ وأحدهم أبو جعفر (المنصور بالشيطان), ومحمد بن سليمان, وعبد الله, وموسى, وحميدة.

فسلام على الامام الصادق جعفر (عليه السلام) يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا يشكو الى الله ظلامته.
.......
انتهى/ 278