وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ وقد وفّرت فترة الانفتاح -التي حدثت ما بين نهاية الدولة الامويّة وبداية الدولة العباسيّة- في زمن إمامته حرية الحركة لنشر معالم الدين، فذُكر أنه بلغ عدد تلامذته و من روى عنه 4000 شخص، كما أخذت رواياته في المجالات المختلفة حيّزاً كبيراً من روايات أئمة أهل البيت (ع)؛ فلذلك نُسب مذهب الشيعة الإمامية إليه وسُمّي بـ(المذهب الجعفري).
وحظي (ع) بمكانة مميّزة من العلم عند أئمة مذاهب أهل السنة، كما روى عنه مالك بن أنس وعدّه أبو حنيفة أعلم أهل زمانه وقال عنه "لولا السنتان لهلك النعمان" وقصد انه تتلمذ على يديه لمدة عامين، وقد ورد أنه استدعاه لمناقشة آرائه الفقهية التي تستند الى فكرة القياس وتصحيح أخطائه والتي تم تسجيلها في المصادر التاريخية تحت عنوان الاحتجاجات.
وبلغت حكومة الأمويين في زمان الامام الصادق (ع) في منتهى ضعفها وتفسّخها لكنه رفض دعوة أبي مسلم الخراساني؛ لنصرة الحركة العباسية وقد اتخذ التقية منهجاً له تجاه حكام عصره وأوصى أصحابه بذلك أيضاً، وكان ذلك بسبب المضايقات السياسية التي واجهها من قبل الأمويين والعباسيين.
بادر الإمام الصادق عليه السلام لتأسيس منظومة الوكالة؛ للتواصل مع اتباعه ومواليه وللرّد على أسئلتهم وايجاد حلول لمشاكلهم، واتسعت بعده دائرة عمل هذه المؤسسة في عصر الأئمة الآخرين، حيث بلغت ذروتها في عصر الغيبة الصغرى.
وورد في بعض المصادر أن الخليفة العباسي آنذاك استدعى الإمام الصادق عليه السلام من المدينة إلى العراق بقصد التضييق عليه وخنق نشاطاته، فسافر إليه، وسكن لفترات قصيرة في كربلاء والنجف والكوفة، كما كشف عن قبر أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) في النجف الاشرف لأصحابه، وكان مخفياً قبل ذلك.
والمشهور أن الإمام الصادق قد سُمّ بأمر المنصور العباسي، واستشهد على أثره، وورد في الروايات أنه (ع) أخبر أصحابه بأنّ الإمام من بعده هو ولده موسى الكاظم (ع)، إلاّ أنه -ومن أجل الحفاظ عليه- عيّن خمسة أشخاص ومنهم المنصور العباسي كوصي له حيث نجح الامام في إحباط مخطط السلطان العباسي في اعتقال الإمام من بعده.
وذكر حوالي 800 كتاب في الإمام الصادق (ع) أقدمها «أخبار الصادق مع أبي حنيفة»، و«أخبار الصادق مع المنصور» لمحمد بن وهبان الدبيلي (ت.القرن الرابع)، ومن أشهر ماكتب عن الامام الصادق عليه السلام في العقود الاخيرة: الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر، وموسوعة الإمام الصادق لمحمد كاظم القزويني، وموسوعة الإمام الصادق لباقر شريف القرشي.
امتدت فترة إمامته عليه السلام 34 عاماً، وكان عمره يوم شهادته (65 أو 68) عاماً، وقد ولد في المدينة واستشهد فيها ودُفِنَ في البقيع إلى جانب أبيه الإمام الباقر، وجدّه الإمام السجاد، والإمام الحسن [عليهم السلام] فسلام الله عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.
.......
انتهى/ 278