وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (54) بيتاً:
أيّان خضتَ بـ (كربلاء) زحوفها تسفي الصوارمُ بالرؤوسِ وتحصدُ
فرداً تـلاقـيـكَ الألــــوفُ ولـيـتـها عـلـمـتْ بأنّـك فـي الـمـآثـرِ مـفـردُ
ما وحَّــدتــكَ ســيـوفُـهـا لــكـنّـمـا راحـتْ جـمـاجـمُها لـسـيفِكَ تـسـجدُ
وقال من أخرى في رثاء الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) تبلغ (36) بيتاَ:
وفي (كربلا) حيثُ الزمانُ تفصّمتْ عُراهُ وقد جلّى السماءَ صديعُها
وفي أرضِ فخًّ لا تزالُ جـــمـــاجــمٌ معلّقة مالتْ عليها جَذوعُــــهـــا
وقد حســـبَــتْ أنّا إذا السيف حُكّمَتْ قـواعده فينا تطولُ قطـوعُـــهــا
ومنها:
وفي (كربلا) لم تُبق منكَ بقيّةً ليفـنـى عـلـيها شيخنا ورضيعُها
وأخرى وقـد لاحتْ لآلكَ قـبَّـةٌ يُلامِـس أبـراج السماء سطوعُها
عفَتها لتعفي نورهــا وسموَّها وقد خاب، إلاّ أن يطولَ صنيعُها
الشاعر
السيد جابر بن محمد بن عباس الجابري الموسوي، (1377 هـ / 1958 م) شاعر أديب وكاتب صحفي عُرف باسمه الأدبي مدين الموسوي، ولد في النجف الأشرف، وتخرج من جامعة الموصل / كلية الزراعة، هاجر من العراق عام (1980)، وتنقّل بين لبنان وسوريا وإيران وواصل دراسته في الأولى فحصل على شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها من جامعة بيروت، وكانت بعنوان حيدر الحلي: شاعراً. كما أصدر في بيروت مجلة القصب الأدبية. عاد إلى العراق بعد سقوط النظام البعثي البائد.
وهو عضو في اتحاد الكتاب العرب، وعضو اتحاد الكتّاب والأدباء اللبنانيين.
أصدر عدة دواوين شعرية منها: الجرح يا لغة القرآن، أوراق الزمن الغائب، كان لنا وطن، البادرة، للرياح لا للأشرعة، لهم الشعر، للريح.. والرماد.
ترجم له: إميل يعقوب في (معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة)، كامل سلمان الجبوري في (معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002)، الحاج حسين الشاكري في (علي في الكتاب والسنة والأدب)
شعره
قال من قصيدة في رثاء الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام):
وقـفـتُ وفـي حـلـقي شجى يستفزني وقد هُدّ من تلكَ الـعـمـادِ رفـيعُها
أســائــلـهــــا الزهراءَ كيفَ تهشّمتْ عشيّة خلفَ البابِ عمداً ضلوعُها
أسائلُ عن نارٍ بــبــابِـــكَ لــمْ تــزلْ تحرِّقُ أكـبـاداً تــضـرَّى صديعُها
أســائــلُ عــن أرضٍ وقد ضمَّ تربُها طـهـارةَ أجـداثٍ عبـيراً تضوعُها
فما راعني إلا صدىً جاوبَ الصدى وقد صمَّ من تلك القـلوبِ سميعُها
هيَ الآنَ قـاعـاً صـفـصـفـاً غيرَ أنّها تُـحـشِّــدُ أمـلاكَ الـسـماءِ ربوعُها
ســلامــاً أبــا الــزهراء إن عصـابـةً توالتْ على إيذاكَ سـاءَ صـنـيعُها
وإنَّ يـــداً أعــفـتْ قـبـوراً بــطــيـبـةٍ وباسـمـكَ بـعدَ اللهِ زالَ خـنـوعُها
لــهــا مـن أكـفٍّ ســالــفـاتٍ وراثــةٌ غـداةَ أحـاطـتْ بالحسينِ جموعُها
وأنَّ أكــفَّــاً أضــرمــتْ بــابَ حيدرٍ بـنـارٍ ولــلزهراءِ راحتْ تروعُها
هيَ الآنَ تـمري الضرعَ سمَّاً تدوفُه فـتـقـطـرُ من حقدٍ علينا ضروعُها
وقال من قصيدة (موكب النور) وهي في أمير المؤمنين (عليه السلام) وتبلغ (62) بيتاً:
هاكَ قلبي بعدَ الـقـطـيـعةِ عـــهدا واتّخـذه لـنـصـلِ حـبِّكَ غِـمـدا
وافترشْ أضلعي لروحِكَ مــأوى إنّ في أضلعي لوجـدِكَ مـهدا
بدمي خـضـتَ تـسـتبيحُ كـيـــاني فـدمي قـد غـدا لـنهـجِكَ وردا
يا أميرَ الـنـدى وحـسـبُكَ مـجــداً أن يكون الـنـدى لكفّـكَ مـجـدا
أنتَ ألهـمـتني هــواكَ فـراحـــتْ أعيني من هدى مساركَ تندى
كــلّـمـا زادني هــداك اقـتـــرابـا زادني عـن يـدِ الصغائرِ بُـعدا
يا سـميَّ الإلــه حـسـبُكَ مـــجـداً أن يكونَ العـلـى إلـيـكَ مُــجِّـدا
أنتَ مــولـىً لكلِّ قـــلـــبٍ أبـــيٍّ صـاغَ أورادَه لـنهجِـكَ عِــقــدا
وأنا عدتُ مـن رحـابـــك أجـلـو عـن عيونِ الدُّجى لنورِكَ بُردا
أيّ عيدٍ بـكَ أســـتـهـــلَّ وجـــداً كنت أعطيته على الـدهرِ خُـلدا
أحملُ الجمرَ فـي هـــواكَ نعيماً وأرى الذمّ فــي ولائـــك حـمـدا
حينما بلّـغَ الـــرسـولُ وأفــشـى ســرَّ مـا شـاءت السماءُ وأبـدى
قال هذا أبو الـحــسـيـن وصــيّ وإمامٌ لــه الـصـحـائفُ تُــهـدى
وهـو مولىً للمؤمــنينَ وكـهـفٌ يـكـملُ الـشوطَ والمسارَ المُندّى
وهو عندي كما لهارونَ موسى حاملاً حـجّـتـي لـيـحـفظَ عــهـدا
فاستجاشت نفوسُ قومٍ وهـاجت نـارُ حـــقــدٍ بـــهــا تــبـيِّـتُ ردّا
وسعـت ألــســنٌ تـبـايـعُ جـهـراً وهـيَ تـغـلي مــن الكراهةِ حقدا
ولـكَ امــتـدّتِ الأكـــفُّ بــوعـدٍ أضمرت سـرّهـا لـتُـخلِفَ وعـدا
بدأوهـا مِـــنَ الـسـقـيـفةِ حــربـاً تتـوارى بـهـا الـضـغائن حـشـدا
وقال من قصيدة (أمير بيوت الوحي) وهي في أمير المؤمنين (عليه السلام) وتبلغ (65) بيتاً:
تــوحّدتَ فـي ذاتِ الرسولِ فـكـنتَها لتملأ من صدرِ الرسولِ بكَ الصدرا
وكــنتَ كمـثـلِ الظـلِّ ترعـاهُ يـافـعاً وتحرسُـه شـبـلاً وتـحـمي لــه قــدرا
إلى أن دعا داعي الخطوبِ وكبَّرتْ مـآذنُــه واغـــتــاظ شــانــئـه كُــبــرا
حــمـلـتَ بــكــفٍّ ذو الفـقارِ مجـلّـياً بـه كــربـاً مـحـمومةَ الـمـلتقى نـكـرا
وفـي يـدِكَ الأُخرى بلاغاً ومصحفاً به شارحاً مـن كـلِّ ذي عـنتٍ صدرا
ومــالـتْ لـزنديكَ القـلوبُ تـحـوطها ذراعاكَ تـفري دونـها مـهجةً حـرّى
فـفـي يــومِ بدرٍ أظلـمَ الـكونُ حـولها فــكـانَ لها لــيـلاً وكـنـتَ بــهِ بــدرا
وفـي يومِ أُحدٍ ماجتِ الأرضُ تحتَها ودارتْ رحاها كي تـكونَ لـها قـطرا
ويــومَ حــنـيـنٍ والــرجـالُ تـنـاهبتْ خُـطـاها رمــالُ البيدِ واجـمةً حـيرى
وقــفتَ لــهــا طـــوداً تـبـاعـدَ هـمّـه ويـمـناهُ عـند الروعِ تسبقها الـبشرى
وغـائلـةُ الأحـزابِ فـاضـتْ بـخندقٍ إلــى الـيومِ لمْ تدركْ لـخندقِها الـقعرا
لـقـد صوّبتْ فيـكَ الـسـماءُ سـهامَها وكــنــتَ لـمرمـاها كـنـانـتُها الـبِـكـرا
فــكـنـتَ كــتابَ اللهِ يحـكـي رسـالـةً يــنـوءُ بـها صـمـتاً وتـنـطقها جـهـرا
لــتـفـخـرَ بــالـقـرآنِ نهجـاً وثـــورةً ويـحـمـلكَ الـقـرآنُ فـــي يـــدِهِ فـخـرا
وأســـريَ فــي عـلـياكَ مجداً مخلّداً إلـى آخـرِ الدنيا فـسبحانَ مـن أسـرى
تــجـلّـى لــنــا يـــومَ الـغـديرِ رسالةً مـكـتّـمةً لـم تــروِ حـرفـاً ولا سـطـرا
وقال من قصيدة فـي الإمام الحسـين (عليه السلام)
عُدْ بي إلى يوميكَ يومَ تمخّضـتْ عنكَ البتـولُ بـما رجاهُ مـحـمّدُ
ولـيومِ عاشوراءَ يــومَ تـوحَّـمـتْ فيكَ الطفـوفُ ولـمْ تلامسها يـدُ
لأرى بأيِّــهـمـا ولـدتَ مــكــرمـاً وبـأيّ عــاشـور يـك أنت مخلّد
هــذا بـكـى فـيه الرسول وأيقظت أحزانــه عــينـاك فهــو مسهّـد
وبكى أبوك به ونـاحت أمّـك الـز هـراء وانـتحب العلى والسؤدد
وبيوم عاشوراء فاضت أعين الا فـلاك دمــعــاً والملائك حـشــد
أيـقـظتها بنداك تــجـمـع حـزنـهـا فلكلّ بـاك غــاض طرف أرمد
مـــا يوم مولدك الـعـظـيم بـمـولد تـحيا به عبر الـعصور وتـخـلد
اليوم لاقــتك الــحـيـاة بـوجـهـهـا ليضاء مـن نـوريك دهر أسـود
حـضـنتك فـاطمة البتول بحجرها طاب الولـيد لـها وطاب المولد
وسـقتك مـن دمها الطهور لينجلي لغد تفور به الطـفـوف وتـوقـد
حرى يـهيج بــهـا الـحـنين فـتـارة تبكي وأخرى فـي علاك تغرد
فـكـأنّـهـا قرأت بـنـحـرك قــصّــة صاغ الفصول بها حسام أجرد
الــيـوم رأســـك ماثل في زنـدهـا وغدا علـى رأس السنـان مشيّد
الـيـوم جـسـمك هانى في حجرها وغدا على حرّ الصعيد مـجـرّد
اليوم صدرك ضارع في صدرها وغدا تـجول بــه الخيول العرد
الــيـوم ثــغـرك بـاسـم في وجهها وغدا بـسوط الـبـغي ظلماً يجلد
فـلأجـل مـيلاد الطفوف تمخّضت عنـك البتول وكان فـيـها المولد
يا فاتحـاً عــهـد الــكـرام بـصـوته صلّى الكرام بما هتفت ورددّوا
ومجدّداً صــوت الـنـبـوّة وحـيـهـا وحـي السـمـاء وغيثها لا ينـفـد
وهــبــتـك قافلـة الأُبــاة زمــانـهـا ورأتك أنّك مـبـتـغـاها الأوحـــد
يـــا مـلـهـم الأحــرار سـرّ روائها لم تشكّ مـن ظمأ وأنت المورد
وقال في الإمام زين العابدين (ع) تبلغ (46) بيتاً:
فيا ابـنَ الـنبيِّ وقـــد قــاربـتْ معانيكَ منـه المعاني الغـرر
ويا ابن علي ويـا ابـن الـبتول ويا ابن الـحسين سراة مضر
جـمعت شمائـلـها الــزاكـيـات فكنت الغــراس وكنت الـثـمر
أبا القيد من أيـن بــي أن أمـر إلــيــك لا دنـــو وأيـن الـممر
وكلّ شواطـيك صارت بحاراً وبــحــرك لـــيـس يقيه الحذر
فــيـا مـرهقاً من ثقـيل الـحـديد كـسرت الزمـان بـــه فانكسر
ويا متعباً من مطاف الرؤوس ويا موجعاً مــن سهام الـنـظر
ســــلام عليك أسيــر الــعــداة ســــلام عليك رهـين الــكـدر
سلام على الأعـيـن الـذابـلات تــثـقـلـهـا جارحات الــســهـر
أسير يــطــوف بــه آســــروه فــيـتـرك فـــي كلّ شبـر أثـــر
ويــفـتـح بـالـقـيـد قصر الشـام فــلــم يــبــق في قيده أو يـــذر
ويـــرســم بــالـعبرات الرقاق دمـــاء الردى ودمـوع الـعـبـر
ليهزم بالسبي عصر الـضلال ويـنـزل عــن عـرشه من غدر
ولـــــم أر مـــــن قبله فارسـاً بــركـب الـسـبـايا غـزا فانتصر
وقال من قصيدة (ليلة الخلد) وهي في ليلة عاشوراء
يا لـيـلـةً وقــفَ الـزمـانُ بـهـا وجلاً يدوِّن أروعَ الصورِ
وقفَ الـحـسـينُ بها ومَنْ معه جبلاً وهمْ كجنادلِ الـحـجرِ
ما هزّهمْ عصفٌ ولا رعشتْ أعطافهمْ في داهـمِ الـخطرِ
يـتـمـايـلـونَ وليسَ من طربٍ ويُسامرونَ وليس في سمرِ
إلاّ مع الـبـيـضِ التي رقصتْ بأكــفّـهـمْ كـمـطـالعِ الزُهرِ
يتلونَ سرَّ الــمـوتِ فـي سُـوَرٍ لم يتلُها أحـدٌ مــع الـسـورِ
ويـرتّـلـون الــجـرحَ فـي ولـهٍ فــكــأنّــه لحنٌ عـلـى وتـرِ
خفّوا لداعـي الـمـوتِ يسبقهمْ عـزمٌ تـحـدّى جامدَ الصخرِ
مذ بـانَ جـنـبُ اللهِ مـقـعـدُهـمْ ورأوهُ ملءَ الروحِ والبصرِ
هـدروا كــمـا تحمي لها أجماً أُسْـدٌ دمـاة الـنـاب والـظـفـرِ
وقال من قصيدة في الـعـقيلة زيـنب (عليها السلام):
حـنـانـيـكِ سـيّـدتـي زينبُ حنانيكِ فـالجرحُ مُستعذبُ
بفيئكِ جئنا نـشـدُّ الـضـمادْ وفـيـئــكِ لـلـمـتـعـبـينَ أبُ
تقطّرَ مـن دمِـنـا ما يفيض لظاهُ عـلى الجمرِ إذ يلهبُ
وأتـعـبنا النزفُ بعد النزال فجئناكِ والقطرُ لا ينضبُ
وأنتِ التي تمنحينَ الرجال رجولتهم وهي تستصعبُ
وقــبـرُكِ مــأوى لـكـلِّ يــدٍ يـزلـزلُ سـاعدَها الملعبُ
وقال من قصيدة في مدح الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) تبلغ (42) بيتاً:
مُدَّ لــلــحـقِّ ذراعـــاً وحساما يـــومُــكَ الآتي فحيّاهُ هـيامـا
باتَ يـسـتـجـلـيكَ حدّاً قاطـعـاً بعدما حزَّ بهِ الـقـيـدُ عـظـامـا
وغدا ينتظـرُ الـفـجـرَ عــلــى شمسِ كفّيكَ ويستجلي الغماما
أنتَ قد أعطيته الموعـدَ فـــي ظـلـمةِ الدربِ إذا عـادَ ظلاما
أنتَ قد واعدته فـي ساعةِ الـ عـــســرِ يـسراً أبدياً وقـيــامـا
فـإذا مـا ازدحمَ الــقــلـبُ بـهِ حـسرةً وامــتلأ الصدرُ غراما
مَدّ عيـنيهِ إلى دربِكَ كـالصا دي يرى القطرَ هديراً وسجاما
وترجّـاكَ على الــوعـــدِ لما أثخنتْ أضلاعُه الزرقُ سهـاما
وهوَ يدري إنّما الغائـبُ فـي وســطِ الــدربِ سيأتيهِ لــزامــا
كــلّمـا ضاقــتْ بـــــه أيّـامُـه ذكر الوعدَ فــأرخــاهُ وهــامــا
هـــذهِ الأيّــامُ مــهــمـا أثقلتْ ألماً وارتادَهــا الظـلـمُ ســنـامـا
فهــيَ حُـبـلى بـكَ لابدَّ لـهــا مـن يـــدٍ لليسرِ تعطينا المـراما
وإذا وجـهـكَ يـبــدو مشرقـاً بين أوصالِ الدجى بـدراً تمـاما
مرّةً أُخرى على الوعدِ هـنا نلـتـقـي يـجـمـعُـنا الحبُّ لـمـامـا
محمد طاهر الصفار
............
انتهى/ 278