وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : 14masom
الاثنين

١٥ يونيو ٢٠٠٩

٧:٣٠:٠٠ م
114239

الغدير.. والإمامة

إن من المناسب قبل أن ندخل في الموضوع الذي هو محط النظر - أن نشير إلى تفسير تاريخي مقتضب لمصطلح شائع ومعروف هو مصطلح: (حديث الغدير)

 

فنقول:

 

إن كلمة (حديث الغدير) تتضمن إشارة إلى حادثة تاريخية وقعت في السنة الأخيرة من حياة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله). وبالذات في الأشهر الأخيرة منها.

 

حيث إنه (صلى الله عليه وآله) قد حج حجته المعروفة بـ(حجة الوداع) فلما قضى مناسكه، انصرف راجعا إلى المدينة، ومعه جموع غفيرة تعد بعشرات الألوف من المسلمين، فلما بلغ موضعا يقال له: (غدير خم).

 

في منطقة الجحفة، التي هي بمثابة مفترق طرق، تتشعب منها طرق المصريين والمدنيين والعراقيين.

 

نزل جبرائيل عليه في ذلك الموضع، في يوم الخميس في الثامن عشر من ذي الحجة بقوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك)، حيث أمره الله سبحانه أن يقيم عليا إماما لأمة، ويبلغهم أمر الله سبحانه فيه.

 

فما كان من الرسول (صلى الله عليه وآله) إلا أن أمر برد من تقدم من الناس، وحبس من تأخر منهم. ثم صلى بهم الظهر، وبعدها قام بهم خطيبا على أقتاب الإبل وذلك في حر الهاجرة. وأعلن، وهو آخذ بضبع على(عليه السلام) : أن عليا أمير المؤمنين، ووليهم، كولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهم. حيث قال: من كنت مولاه فعلى مولاه (قاله ثلاث أو أربع مرات) اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.

 

فنزلت الآية الكريمة: (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا).

 

ثم طفق القوم من الصحابة يهنئون أمير المؤمنين (عليه السلام)، وفي مقدمتهم الشيخان: أبو بكر وعمر وغيرهما من المعروفين من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله)(1).هذه صورة موجزة عن هذه القضية ذكرناها توطئة، وتمهيدا للبحث الذي هو محط نظرنا، فإلى ما يلي من مطالب وصفحات.

 

 

 

 

توطئة وتمهيد

 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل، فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس، إن الله لا يهدي القوم الكافرين)(2).

 

نزلت هذه الآية في حجة الوداع، لتؤكد على لزوم تبليغ النبي (صلى الله عليه وآله) ما أمر به من أمر الإمامة. وولاية علي (عليه السلام) على الناس. كما ذكرته المصادر الكثيرة. والروايات الموثوقة ولسنا هنا بصدد الحديث عن ذلك.

 

وقد يرى البعض: أن هذه الآية قد تضمنت تهديدا للرسول نفسه، بالعذاب والعقاب إن لم يبلغ ما أنزل إليه من ربه، وفي بعض الروايات: أنه (صلى الله عليه وآله) قد ذكر ذلك في خطبته للناس يوم الغدير، وستأتي بعض تلك الروايات إن شاء الله تعالى.

 

ولكننا نقول: إن التهديد الحقيقي موجه لفئات من الناس كان يخشاها الرسول، كما صرح هو نفسه (صلى الله عليه وآله) بذلك ولم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) ممتنعا عن الإبلاغ. ولكنه كان ممنوعا منه، فالتهديد له – إن كان- فإنما هو من باب: (إياك أعني، واسمعي يا جارة).

 

وهذا بالذات، ما نريد توضيحه في هذا البحث، بالمقدار الذي يسمح لنا به المجال، والوقت فنقول:

 

 

 

 

الغدير، والإمامة

 

إن من يراجع كتب الحديث والتاريخ، يجدها طافحة بالنصوص والآثار الثابتة، والصحيحة، الدالة على إمامة علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، ولسوف يجد أيضاً: أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يأل جهدا، ولم يدخر وسعا في تأكيد هذا الأمر، وتثبيته، وقطع دابر مختلف التعللات والمعاذير فيه، في كل زمان ومكان، وفي مختلف الظروف والأحوال، على مر العصور والدهور.

 

وقد استخدم في سبيل تحقيق هذا الهدف مختلف الطرق والأساليب التعبيرية وشتى المضامين: فعلا وقولا، تصريحا، وتلويحا، إثباتا ونفيا، وترغيبا وترهيبا، إلى غير ذلك مما يكاد لا يمكن حصره، في تنوعه، وفي مناسباته.

 

وقد توجت جميع تلك الجهود المضنية، والمتواصلة باحتفال جماهيري عام نصب فيه رسميا على (عليه السلام) في آخر حجة حجها رسول الله (صلى الله عليه وآله). وأخذت البيعة له فعلا من عشرات الألوف من المسلمين، الذين يرون نبيهم للمرة الأخيرة.

 

وقد كا