وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : alqudsonline
الاثنين

١٥ يونيو ٢٠٠٩

٧:٣٠:٠٠ م
114152

الاستعمار الاستيطاني الصهيوني: أهدافه وآلياته وسماته الأساسية

تنطلق الحركة الصهيونية من أن اليهود شعب واحد بلا أرض، وأن فلسطين أرض بلا شعب، ومن ثم، يرى الصهاينة أن فلسطين هي المسرح الذي يتحقق فيه المشروع الصهيوني، وأنها في واقع الأمر ملك للشعب اليهودي سواء كان يشغلها الفلسطينيون أم لا.

 

ووضع هذه الرؤية الأسطورية موضع التنفيذ لم يكن أمرًا سهلاً، إذ إن المستوطنين الصهاينة حلوا في أرض لا يعرفونها، وهي أرض مأهولة بالسكان، ومن هنا كان من الضروري أن ينظموا أنفسهم بطريقة صارمة، وأن تكون لهم مؤسساتهم الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية لوضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ.

 

فتم تأسيس الوكالة اليهودية، ومهمتها القيام بمعظم عمليات التخطيط والتطبيق الفعلي لهجرة وتدريب المستوطنين، وتأمين كل ما يحتاجونه من وسائل وأدوات إنتاج وخدمات للمهاجرين، وكانت مهمة الصندوق القومي اليهودي شراء الأرض لصالح اليهود، وتعتبر المؤسسة العسكرية والتنظيمات شبه العسكرية من أبرز القواعد التي تضطلع بتطبيق المخطط الاستيطاني الصهيوني والمحافظة على استمرار العملية الاستيطانية وحمايتها فتقوم المؤسسة العسكرية بتعبئة الجماهير، وتجنيدهم حول فكرة الاستيطان باعتبارها المثل الأعلى للمواطن الإسرائيلي، أما التنظيمات العسكرية وشبه العسكرية مثل: الهاجاناه والناحال والجدناع، فتقوم بأدوار الحراسة والأدوار الأمنية ورفع الروح المعنوية.

 

1_ويمكن القول بأن الأهداف والسمات الأساسية للاستيطان الصهيوني هي ما يلي:

 

يهدف الاستيطان الصهيوني إلى أن تحل الكتلة البشرية الصهيونية الواحدة محل السكان الأصليين،  فهو استعمار إحلالي، وانحلالية الاستعمار الاستيطاني الصهيوني.

 

 

 

2_حددت منظمة الهاجاناه جوهر الاستراتيجية الاستيطانية عندما أكدت عام 1943م أن الاستيطان ليس هدفًا في حد ذاته، وإنما هو وسيلة الاستيلاء السياسي على البلد، أي فلسطين، وقد استمرت هذه السياسة قبل وبعد عام 1948م أي أنها العنصر الأساسي الثابت في الاستراتيجية الصهيونية، ومن ثم عرف بن جوريون الصهيونية بأنها الاستيطان، وهو محق في ذلك تمامًا، ولذا يمكن القول بأن الاستيطان هو نفسه التوسع الصهيوني، لايوجد أي فاصل بينهما.

 

وهذه هي السمة البنيوية الثانية من سمات الاستيطان الصهيوني.

 

 

 

3_ثمة سمة بنيوية ثالثة يتسم بها الاستيطان الصهيوني هي أنه ليس مشروعًا اقتصاديًا، وإنما مشروع عسكري استراتيجي، ولذا فهو لا يخضع لمعايير الجدوى الاقتصادية، ولا بد أن يمول من الخارج، يمكن أن يكون الدياسبور اليهودية الثرية (أي الجماعات اليهودية في العالم أو الراعي الإمبريالي).

 

 

 

4_يتسم الاستيطان الصهيوني بأنه استيطان جماعي عسكري بسبب الهاجس الأمني (استجابة لمقاومة السكان)، ولأن جماعة المستوطنين ترفض الاندماج في المحيط الحضاري الجديد  الذي انتقلت إليه  وتساهم علميات التمويل من الخارج في تعميق هذه السمة.

 

 

 

5_ارتبط انتشار المستوطنات بحركة الهجرة اليهودية، وهو ما جعل استراتيجبة الاستيطان تتخذ خطًا متوازيًا مع الخطوات التي قطعها المشروع الصهيوني لجذب المهاجرين اليهود واقتلاعهم من البلاد التي أقاموا فيها.

 

 

 

6_من الملاحظ أن المؤسسات الاستيطانية الصهيونية تقف على رأسها بدلاً من أن تقف على قدميها (ويمكن أن نسميها الهرم الاستيطاني الصهيوني المقلوب)، فقد كان هناك مزارع الكيبوتس، وهي تنظيمات زراعية هدفها الاستيلاء على الأرض التي ستزرع، وتكوين طبقة مزارعين يهود، كما كان هناك الهستدروت، وهي نقابة عمال تهدف إلى خلق الطبقة العمالية، وذلك على خلاف النقابات العمالية التي لا تظهر إلا كتعبير عن وضع قائم بالفعل. ثم كانت هناك جماعات الحراس  المختلفة مثل: الحارس والهاجاناه والبالماخ، وهي تنظيمات عسكرية تهدف إلى خلق الشعب اليهودي، أي أن الجيش يسبق الشعب ،أو كما قال شاعر إسرائيلي: كل الشعوب تملك سلاح طيران إلا في "إسرائيل" حيث يوجد سلاح طيران يملك شعبًا، بل إن الجامعة العبرية نفسها أسست بادئ الأمر كمبان وهيئة تدريس في انتظار الطلبة، ويمكن سحب هذا المنطق على كل الحركة الصهيونية فهي قد بدأت بتأليف الحكومة التي كان هدفها الأساسي إقامة الدولة التي كانت ترمي أساسًا إلى تجميع السكان: حكومة، فدولة، فشعب، وما من شك في أن هذا يعود إلى أن الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة هي صيغة غير يهودية تم تهويدها لتجنيد المادة البشرية التي رفضت هذه الصيغة أو تملصت منها، كما أن الأصول الطبقية لبعض العناصر البشرية المستوطنة صعبت عليهم الاضطلاع بوظائف معينة، ولذا كان حتميًا أن يسبق عملية الاستيطان مؤسسات استيطانية مختلفة مهمتها جذب المستوطنين وتدريبهم، كما أن من أهم سمات الاستيطان الصهيوني أن الكيان الاجتماعي الصهيوني في فلسطين لم يكن متكاملاً، بل كان في مرحلة بداية التكون والتشكل، ولم يكن هدف المستوطنين الاندماج في المجتمع القائم، بل إقامة كيان اجتماعي وسياسي مستقل.

 

ويعد عام 1967 لحظة فارقة في تاريخ الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، إذ ضمت الدولة الص