وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الاثنين

١٥ يونيو ٢٠٠٩

٧:٣٠:٠٠ م
113691

الوعد الذي يصدق!

بقلم: ريما فرح

يمتاز السيد حسن نصرالله عن الآخرين بوعده الذي يصدق دائماً، فلا انتصار تموز 2006 كان أولها ولن يكون تحرير الأسرى آخرها. من هنا وجب على المتعاطين في الشأن العام اللبناني وغير اللبناني أخذ ذلك في الاعتبار.

لقد دخل الصدق مع السيد نصرالله بعلم الجميع وقرارتهم، علم السياسية الحديث ومناهجه بعدما كان فن الممكن، فلماذا لم يتلقف كل من له مأخذ على هذا السيد، منهجه المعتمد، لمواجهته ومحاورته بشأن كل ما يرتابهم ويريبهم سواء منه أو من مقاومته، وهو الذي لم يضع لسلاح حزبه ومقاومته إلاّ حدوداً أولى أبعادها وآخرها استعادة الأسرى وحماية لبنان؟. إلاّ إذا كان القصف الكلامي على السيد بنظرهم وبحكم «موقعهم» أسهل لهم من أن يضعوا نظرهم بنظره...

إن أقصر طريق الى السيد وقلبه وسلاحه هي مبادلته الصدق، فلا الحنين المستجد الى شبعا بعد «اعتراف» متأخر بلبنانيتها، ولا تسلق أعالي صنين ومقارعة الفراغ هناك ينفع في تراكم ذرائع تعرية المقاومة من قوتها، ولا القرارات الحكومية السلكية واللاسلكية تنفع في رفع الغطاء الأمني عن قادتها، ولا التجييش المذهبي يمكن أن يغرق رجالها في الأزقة الداخلية ووحول الفتنة النتنة...

هل يعقل بعد الأمس واليوم أن تصبح المقاومة علكة في «بواجيق المتشدقين» الذين وإن أخضعتهم لمعايير المقاومات الوطنية يأتي تصنيفهم في آخر سلم الأقزام؟. فإلى متى سيبقى اللبناني خاضعاً في وطنيته وسياسته رغماً عنه لمنطق القانون التجاري ومنظومة العرض والطلب الطائفية والمذهبية ولأسواق البورصات الخارجية؟... ومتى كان «الأسياد والأحرار والاستقلاليون» زبائن في دوائر السفارات؟...

سنتان على عدوان تموز، والعدوان مستمر بأشكال وأساليب مختلفة ومتنوعة، ومريدو المقاومة يزدادون تشبثاً بها، وبات استمرارها مطلباً يتمسك به المسيحيون الداعمون لها، كما المقاومون وأهلهم المباشرون، في ظاهرة لم يعرفها تاريخ حزب الله قبل تحرير عام 2000 وأثناء عدوان تموز 2006 وما بعده...أفلا يستحق ذلك أن يعير المتنطحون ضد المقاومة هذه الظاهرة ولو جزءاً من عنايتهم؟ أفلا تدفعهم الى التأمل وإعادة الحساب والاحتساب؟. أم سيمضون مكابرين في سلوكهم المعاند المرتكز في أساسه على إخافة اللبناني من اللبناني الآخر المختلف طائفة وعقيدة؟.

ألا يشعر الفاشلون ـ وهم كثر، وسبق لنا أن خبرناهم في كل حياتهم السياسية «الديموقراطية» أو الدموية ـ بالخيبة أو الخجل لمرة واحدة أنهم باتوا مكشوفين بقلة صدقهم ودرايتهم وبانعدام رؤيتهم وبسقوط وعودهم أمام غالبية الشعب اللبناني؟. وإن كان يتعذر على هذه الغالبية استبعادهم بفعل طغيان كل العوامل التي لا تمت الى الوطنية والمواطنية والديموقراطية بصلة، فعلى الأقل على هؤلاء الفاشلين واجب مهابة القامات الكبيرة والنادرة والأخذ في الحسبان أن الناس جميعها باتت تمتلك في أسوأ الأحوال أجهزة تلفاز ويمكنها، ولو بصمت، المقارنة وتسجيل الملاحظات...

لقد شكل عدوان تموز مفصلاً، حدد الخيارات، ومن اختار الجسر على الكرامة، والتنازل على الصمود، حتماً سيكون اليوم محرجاً من نصر يسجله سيد المقاومة تلو نصر... نتفهم ذلك، لكن الحرج والحياء يقتضيان الصمت لا التفلت من عواهن الكلام والتمادي في التحريض الرخيص...

أصغيت الى أمي، بطلب منها، وهي تطوي آخر صفحات أيامها، تتلفظ على طريقتها الصادقة المحبة: أرجوك إياك والكتابة السياسية فالمخاطر التي مررت بها في عملك الصحافي قصمت ظهري وقصّرت من عمري... وها أنا لم ألتزم، أرجوك أمي غضي الطرف عني، فلو كنت حيث أنت تستمعين الى التطاول على نصر تموز الذي شهدته وأعتززت به وأنت على فراش الموت، وتسمعين التطاول على انتصارات ما بعد تموز لكنت بعثت من حيث أنت الى المتطاولين كلمة واحدة: كفى!

................

انتهی / 101