وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ انتشر في تاريخ ١٩ أبريل ٢٠٢١م بيان للشيخ آية الله عيسى قاسم حول الأوضاع السياسية في البحرين، مؤكداً خلاله "في البحرين أزمة سياسيّة وحقوقيّة حادَّة واضحة كلّ الوضوح، وهي من حيث آثارها المرهقة ومردوداتها الخطيرة أزمة شعب وحكومة معاً".
إليكم نص البيان
بسم الله الرحمن الرحيم
في البحرين أزمة سياسيّة وحقوقيّة حادَّة واضحة كلّ الوضوح، وهي من حيث آثارها المرهقة ومردوداتها الخطيرة أزمة شعب وحكومة معاً، فكما هي مرهقة للشعب مرهقة للحكومة.
هذه الأزمة ما كان للشعب يَدٌ في نشوئها، وهي في توقفها تابعة لإرادة الإصلاح من الحكومة، أمّا الشعب فكما كان مضطراً في البداية للمطالبة برفع المظالم عنه وإعادة اعتباره، فهو كذلك في استمراره في حراكه من أجل الإصلاح الذي يملك جدارة الحل ويرفع الظلم ويحقق العدل.
وليس للشعب أي مصلحة في بقاء أي مظهر من مظاهر الصراع لو استجابت الحكومة لما يتوجّب عليها من حقوقه المسلوبة والمهدورة.
الشعب مضطر لاستمراره في حراكه الإصلاحي رغم الخسائر المتوالية، لأنّه الخيار الأرجح والأقلّ ضرراً وخطراً من الوضع السياسي والحقوقي القائم المدمّر الذي لا سلامة فيه لدينٍ أو دنيا، ولا بقاء فيه لحريّةٍ شريفة ولا كرامة.
وأمّا الحكم فتزداد غربته عن الشعب يوماً بعد يوم، وتشتد عزلته. وهذا من شأنه أن يضغط عليه ضغطاً هائلاً، ويضعفه على المستويين الداخلي والخارجي، ويهتز موقفه اهتزازاً عنيفاً في كلٍّ منهما، ويفقده الكثير من وزنه حتى عند الدول الصديقة التي يعتمد عليها، ويوقعه أسير الهاجس الأمني من شعبه بدل الاشتغال بسياسة البناء للوطن.
وليس هناك ما يضطر الحكم إلى هذه المآزق المهلكة لو تخلّى عن روح الأثرة والاستحواذ على ثروة الشعب، وقبضة الحكم المطلق، وحبّ استعباد الناس، والأنانية المنفلتة، وأَخَذَ باتجاه الإصلاح، والاعتراف بحقوق الشعب اعترافاً دستورياً صريحاً لا إبهام فيه ولا قابلية لتأويله، وعمليّاً تضمنه التركيبة السياسية المجسدة لسيادة الشعب، والممارسة العملية العادلة المشهودة على الأرض.
إنَّ حل الأزمة الخانقة في البحرين والمهدّدة بالدمار الكامل متوقّف على تراجع الحكم عن طريق الخطأ، وفي ذلك فضيلة. أمّا الرذيلة ففي الإصرار على طريق هو كذلك.
ولأنّ الشعب لا يجد ما يقنعه بالتفكير في التوقّف عن حراكه، وكلّ ما يواجهه من تصاعدٍ في سياسة البطش والتهميش والتقزيم التي تمارسها الحكومة في حقّه؛ يملي عليه أن يواصل سيره في هذا الحراك وإنْ كلَّفه ما كلَّف.
وعليه فلا مخرج لصالح الوطن وسلامة أهله، وأخذه بطريق النهضة، وتمتّعه بنِعمة الأمن والسلام، وتوفّره على الحياة الإنسانية الكريمة؛ إلاّ بأن يبادر الحكم في الدخول مع المعارضة في اتفاق على وضعٍ جديد دستوري ومؤسساتي وعملي يحفظ حقوق المواطنين ويعترف لهم بموقعهم السيادي في سياسة بلدهم.
الحل في التعجيل بالإصلاح بالحجم الذي يقنع به الشعب، وفي ذلك قوّة وعزّ وراحة وأمن ومصلحة الجميع.
أمّا بقاء السجون ملأى من أبناء الوطن الغيارى المطالبين بالحرية والكرامة للشعب وحقوقه من سياسية وغيرها، فقد ظهر أنّه عملية عبثيّة لا تخدم حتى الهدف السياسي الجائر المقصود للحكم.
إنّه إنْ أريد بذلك ردع الصوت الحرّ المنادي بالحقوق؛ فإنّ الحاصل خارجاً وعلى الأرض أنّ السجون صارت محرِّكاً قويّاً لحركة الشارع وعامل تأجيج للمشاعر الإنسانية النبيلة المستفزّة للإنسان انتصاراً للحريّة وحقّ الحياة وكرامة الإنسان.
وإنْ أريد من اكتظاظ السجون بألوف الأحرار تحويل القضية من حقوق سياسية ومدنية وقضية حريّة كريمة شاملة وكرامة إنسانية وسيادة شعب على نفسه إلى قضية المطالبة بإطلاق السجناء؛ فإنّ صرخات السجناء الأحرار من داخل السجون بالمطالبة بحقوق الشعب كاملة برهان قاطع على فشل هذه المحاولة، والشعب واعٍ جدّاً بأنّ حلّ أزمة الوطن لا تكون إلا بتصحيح الأوضاع من الأساس، وإقامة بناء العلاقة السياسية بين الشعب والحكم على أساس جديد صحيح.
وكلام من هذا النوع، وإنْ ثقل على الحكم، إلاّ أنه في نظر المتعقل في صالح الجميع. وكم ثقل الحقّ على النفوس غير المستعدّة، ولو أخذت لكان فيه خيرها.
عيسى أحمد قاسم
19 أبريل2021
...................
انتهى/185