وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : الاجتهاد
السبت

١٧ أبريل ٢٠٢١

٦:٣٨:٥٦ م
1132396

في ذكرى وفاته؛

آية الله سبحاني: كان العلامة العسكري أمة في رجل

الرابع من شهر رمضان المبارك (عام 1428هـ 16-9-2007م) ذكرى وفاة المحقق والباحث الكبير المرحوم آية الله السيد مرتضى العسكري الذي أنفق هذا العالم الجليل المثابر عشرات الأعوام من عمره المبارك في سبيل البحث في علوم الكلام والتاريخ والحديث، وكانت الحصيلة المباركة لذلك مؤلفات وبحوث حظيت بالإقبال والاستحسان في كل العالم الإسلامي، وسجلت نجاحات قيمة في إشاعة مدرسة أهل البيت عليهم السلام.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ يقول آية الله الشيخ جعفر سبحاني عن العلامة العسكري “رحمه الله” : معرفتي بالعلامة العسكري عندما كان في العراق قبل مجيئه إلى إيران. كان العلامة العسكري من روّاد الفكر والتغيير حيث بذل جهداً عظيماً من أجل النهوض بالمستوى الذي أراده الله سبحانه من أجل تحكيم الإسلام.

فمن خلال مؤلفاته العظيمة و إنشائه كلية أصول الدين التي خرّجت الكثير من العلماء والأساتذة والذين أحدثوا صحوة إسلامية عمت مدن العراق، و تأسيسه الكثير من المشاريع الإسلامية بمعاونة الكثير من العلماء الواعين ومن خلال احتضان المرجعية له ودعمه بشكل مستمر كان كثير الاهتمام بقضايا العالم الإسلامي بشكل عام والوضع الإسلامي داخل العراق بشكل خاص.

للعلّامة العسكري بحوث خاصة في العراق كان يدرس و يُدرس و يبحث في كافة الأنشطة وعلى جميع الأصعدة كما ذكرت . وبعد مجينه الى ايران غيّر طريقته في العمل الإسلامي اتجه الى أسلوب آخر غير الذي كان يعمل في العراق؛ رأى بأن المذهب الشيعي يتعرض الى ألوان الهجوم من قبل أعدائه ويتهمونه بألوان التهم فشمّر عن ساعديه وتناول العديد من التحقيقات بأبعاد الشُبه عن المذهب والأقاويل والاختلافات والعمل الجبار الذي قام به تکذیب أحدوثة ابن سبا و ۱۵۰ صحابي مختلق.

بحث في أساس هذه الروايات من خلال المصادر التي عجز الكثير عن التحقيق بها و توصل بحمد الله وإخلاصه الي عدم صحة ما كتب التأريخ عن هذه الأسطورة الخيالية وتهميش دوره والذي أراد الأعداء الإساءة إلى المذهب و تشويه صورته أمام الأمة الإسلامية.

وكان سبب اشتهار العلامة العسكري من خلال هذا الكتاب من خلال هذه الشخصيات المختلقة وقد ذاع صيته وانتشر كتابه في كافة أنحاء العالم وأخذ مأخذه في نفوس المسلمين و تبیّن زیف و کذب هذه الشخصية، شخصية سيف بن عمر وكيف أراد لابن سبأ أن يكون سبباً في إنشاء مذهب التشيع.
 
فقد جاء العلامة العسكري بمطالب جديدة. وقد أيّد وزير المعارف في مصر هذا التوجه وقال: يجب أن يكون ابن سبا أسطورة، وكذلك العلامة الأميني طرح الموضوع وقال: ممكن أن يكون أُسطورة وأيّد تلك النظرية،
 
بحث العلامة العسكري في جذور هذه الشخصية وتوصل الى حقيقتها، نحن نوافقه على ذلك، لقد جمعت هذه الشخصية الكثير من الجماهير ضد عثمان كما يذكر التاريخ و تسيير أبي ذر الغفاري أينما يوجهه خصوصاً على الخليفة عثمان وإثارة الجهلة على الخليفة ثم تأييده لإمامة أمير المؤمنين “عليه السلام” هذا هو سيف بن عمر.
 
ربما توجد هذه الشخصية ولكن ليست بهذه الضخامة كما يؤطرها التاريخ بهذا الشكل المثير للدهشة و ما أثاره من الفتن وتسيير الجيوش وتصديه لفرقة أخذت على عاتقها نشر التشيع الذي أصله یهودي كما يدعون أعداء الشيعة.
 
سیف ابن عمر كان رجلا كذّاباً ووضّاعاً، كان العلامة قد حقق عن أصل وجذور هذه الشخصية الذي وضع أساطير كثيرة و صور أحداث عجيبة كثيرة من زمن الهجرة سنة ۱۱ هـ الى سنة ۳۸ ھ اختلق و وضع ما يقارب ۷۰۰۰ رواية، وكان كذاباً وضّاعاً و يحيك الروايات وكانت له أهداف و دوافع أراد بها المساس بمذهب التشيع الحق.
 
أما بخصوص السؤال الذي يتعلق بعدم اهتمام الحوزة بالتفسير والحديث، في العقود الماضية كان الاهتمام قليلًا بتلك الدروس وبعد مجيء السيد محمد حسين الطباطبائي أحدث تحولًا جذرياً في دروس التفسير، وأصبح الاهتمام كثيراً والحمد لله في الوقت الحاضر، وبعد قيام الثورة الإسلامية في إيران صار الاهتمام بمدارس القرآن وفي علومه و شتى مجالاته و أصبحت اذاعة خاصة بالقرآن الكريم فالحمد لله الذي أرجع الحق الى مكانه.
 
كان العلامة العسكري ذا همّة عالية من خلال مشاريعه الإسلامية العامة و خصوصاً بإنشائه كلية أصول الدين، كان أمة في رجل. وكان المرجع السيد الحكيم “ره” يدعمه ويعتمد عليه ويشد على عضده في كل مشاريعه التغييرية، وعندما جاء البعثيون منعوه من مزاولة عمله فجاء إلى إيران و واصل مشاريعه وعاد ليؤسس كلية أصول الدين في إيران وأوجد فروعا لها في قم وطهران و دزفول، ونشر الكتب الكثيرة التي تُدرّس حالياً في الحوزة، وكذلك في الجانب العقائدي و في مجالات شتی لتربية جيل يأخذ على عاتقه تربية الأمة وإنقاذها من التخلف.
 
أما بخصوص الوحدة فكان العلامة العسكري من رواد هذه المدرسة. كان العلامة العسكري يؤكد على المشتركات بين الشيعة والسنة و يعتبرها الأساس في حل جميع الخلافات، أما بقية الأمور التي تختلف الشيعة والسنة بها فممكن أن تذلل هذه العقبات، فكان العلامة يرى بأنه لا يمكن أن تحصل الوحدة إلا بالتعرف على مذهب التشيع، بعض السنة يتصورون الشيعة بأنهم أشبه بالغجر. في أحد مواسم الحج زرت أحد القضاة وسألني: هل للشيعة مؤلفات؟
 
فالتعرف على الشيعة ومعرفة أصولها وروادها و ارتباطها يعتبرها أساساً في الوحدة بدراسة المذهب بشكل علمي وبلغة هادئة، وعندما نجد على الأرض دليلًا علمياً: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً» هذا هو فقهنا .
 
فالعلامة السيد مرتضى العسكري كان من المهتمين في هذا المجال وله دور مهم في تقریب وجهات النظر بين الشيعة والسنة.
والحمد لله رب العالمين.
 
* من كتاب ” مؤتمر تكريم العلامة السيد مرتضى العسكري – تأليف مجموعة مؤلفين
......
انتهى/ 278