وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : العتبة الحسينية المقدسة
الأحد

٤ أبريل ٢٠٢١

٤:١٢:١٢ ص
1128483

محمد مهدي الجواهري نبذة عن حياته وشعره

تعد قصيدته (آمنت بالحسين) من أروع ما قيل بحق سيد الشهداء (عليه السلام) وقد قرأها الجواهري في الحفل الذي أقيم في كربلاء عام (1947) في ذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام).

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ قال من قصيدة:

غداةَ استضمّكَ في (كربلاء)      وايَّـاهـمُ المجلسُ الفاسحُ

هُـمُ ألـقـحـوا الأمـرَ حـتى إذا      تـمـخّضَ لم يجنِه اللاقحُ

فـيـا جـبَـرَ اللّه ذاكَ الــكسـيرْ      ويا خسَرَ الصفقةَ الرابحُ

الشاعر:

محمد مهدي بن عبد الحسين بن عبد علي بن محمد حسن ــ صاحب الجواهر ــ بن باقر بن عبد الرحيم بن محمد بن عبد الرحيم المعروف بـ (الشريف الكبير)، لقب بـ (الجواهري) (1316 ــ 1417 هـ / 1899 ــ 1997 م) نسبة إلى جده الفقيه الكبير محمد حسن صاحب موسوعة (جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام) والتي تعد أضخم موسوعة في الفقه

ولد في النجف الأشرف من أسرة علمية ــ أدبية، فأبوه كان عالماً وشاعراً وكذلك أخوته الثلاثة كانوا من الشعراء وهم: عبد العزيز، وهادي، وجعفر، يقول السيد جواد شبر عن هذه الأسرة: (وآل الجواهري من مشاهير الأسر العلمية في النجف)

يعد الجواهري أهم شعراء العرب وقد اقترن اسمه بتاريخ العراق السياسي والاجتماعي الحديث ولُقّب (بشاعر العرب الأكبر) و(رب الشعر) و(صناجة العرب) وقال بعضهم عنه أنه (شاعر عباسي أخطأه الزمن) وقيل إنه: (لم يأت شاعر بعد المتنبي شاعر كالجواهري)، وكان الجواهري صاحب مدرسة شعرية خاصة عرفت بالتزامها العروض الخليلية إضافة الى اعتمادها على المخزون الثقافي وصهره جديداً في نسغ القصيدة إلى كثير من الخصائص التي تميّز بها شعره.

اشترك الجواهري في ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني واعتقل عدة مرات بسبب نشاطه السياسي وأنتخب أول رئيس لاتحاد الأدباء العراقيين ونقيبا للصحفيين، ونائباً عن محافظة كربلاء وتميز شعره ــ إضافة إلى القوة والجزالة والإطالة ــ بالجرأة على الحكام والحكومات المستبدة.

وقد أصدر صحف (الفرات) و(الانقلاب) و(الرأي العام) و(صدى الدستور)، و(الجديد) و(الجندي) غادر العراق عام (1980) إلى براغ وتنقل في العواصم العربية والأوربية حتى وفاته في دمشق التي دفن فيها في مقبرة الغرباء

كتب عنه الكثير من الأدباء والنقاد والمؤلفون وتناولوا خصائص شعره ومميزاته كما كتب عنه كثير من الباحثين أطاريح الماجستير والدكتوراه

شعره:

وكأن هذه السلسلة أبت أن تخلو من شذرات من رائعتي الجواهري (أمنت بالحسين) و(عاشوراء) اللتين خلتا من لفظة كربلاء فبحثنا في ديوانه فوجدنا قصيدة له تحت عنوان (تذكر الجهود) (1) قالها يذكر جهود علماء النجف وكربلاء وزعماء العشائر الذين طالبوا بإعادة العلماء الذين هجروا العراق احتجاجا على نفي الشيخ محمد مهدي الخالصي في المؤتمر الذي عقد في كربلاء للاجتماع والمداولة مع الملك فيصل الأول والتي عرضنا ثلاثة أبيات منها في مقدمة الموضوع فكانت الشرارة التي أوقدت لنا رائعتيه

تعد قصيدته (آمنت بالحسين) من أروع ما قيل بحق سيد الشهداء (عليه السلام) وقد قرأها الجواهري في الحفل الذي أقيم في كربلاء عام (1947) في ذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) ونشرت في جريدة الرأي العام وقد كتب خمسة عشر بيتا منها بماء الذهب في باب الرواق داخل الحضرة الحسينية المقدسة وتبلغ (64) بيتا (2) يقول منها:

فِـدَاءٌ لـمـثـواكَ مــن مَـضْــجَـعِ      تَـنَـــــوَّرَ بــالأبـلَـجِ الأروَعِ

بـأعبقَ مـن نَـفـحـاتِ الـجِـنــانِ      رُوْحَاً ومـن مِـسْكِها أَضْوَعِ

وَرَعْيَاً لـيومِكَ يـومِ الـطُّـفــوف      وسَقْيَاً لأرضِكَ مِن مَصْرَعِ

وحُزْناً عـلـيـكَ بِـحَبْسِ النفـوس      على نَـهْـجِـكَ الـنَّـيِّرِ المَهْيَعِ

وصَـوْنَـاً لمجدِكَ مِـنْ أَنْ يُــذَال      بـمـا أنتَ تـأبـاهُ مِـنْ مُـبْـدَعِ

فـيـا أيُّـهـا الـوِتْـرُ في الخـالدِينَ      فَـذَّاً، إلـى الآنَ لـم يُــشْـــفَـعِ

ويا عِظَةَ الـطـامـحـيـنَ العِـظامِ      لـلاهـيـنَ عـن غَـدِهِـمْ قُــنَّـعِ

تـعـالـيـتَ مـن مُـفْزِعٍ للحُتـوفِ      وبُـورِكَ قـبـرُكَ مـن مَـفْزَعِ

تـلوذُ الـدُّهـورُ فَـمِـنْ سُـــجَّـــــدٍ      عـلـى جـانـبـيـه ومـن رُكَّعِ

شَـمَـمْـتُ ثَـرَاكَ فَـهَبَّ الـنَّسِــيـمُ      نَـسِـيـمُ الـكَـرَامَـةِ مِـنْ بَلْـقَعِ

وعَـفَّرْتُ خَدِّي بحيثُ اسـتـراحَ      خَـدٌّ تَـفَـرَّى ولـم يَـضْــــرَعِ

وحـيـثُ سـنـابِـكُ خـيـلِ الطُّـغَاةِ      جـالـتْ عـلـيـهِ ولـم يَـخْـشَعِ

وَخِلْتُ وقد طـارتِ الـذكـريـاتُ      بِـروحـي إلـى عَـالَـمٍ أرْفَــعِ

وطُـفْـتُ بـقـبرِكَ طَوْفَ الخَيـَالِ      بـصـومـعـةِ الـمُـلْهَمِ المُبْدِعِ

كـأنَّ يَـدَاً مِـنْ وَرَاءِ الـضَّـرِيـحِ      حـمـراءَ مَـبْـتُـورَةَ الإصْـبَـعِ

تَـمُـدُّ إلـى عَـالَـمٍ بـالـخُـنُـــــوعِ      وَالـضَّـيْـمِ ذي شَـرَقٍ مُـتْرَعِ

تَـخَـبَّـطَ فـي غـابـةٍ أطْـبَـقَــــتْ      علـى مُـذْئِـبٍ مـنـه أو مُسْبِعِ

لِـتُـبْـدِلَ مـنـهُ جَـدِيـبَ الضَّمِـيرِ      بآخَـرَ مُـعْـشَـوْشِـبٍ مُـمْـرِعِ

وتدفعَ هذي النفوسَ الـصـغــارَ      خوفـاً إلــى حَـــرَمٍ أَمْــــنَــعِ

تعاليتَ مـن صـاعِـقٍ يـلـتــظي      فَـإنْ تَـدْجُ داجِـــــيَــةٌ يَـلْـمَـعِ

تـأرّمُ حِـقداً على الـصـاعـقــاتِ      لـم تُـنْءِ ضَـيْــراً ولـم تَـنْفَعِ

ولـم تَـبْـذُرِ الـحَـبَّ إثـرَ الهـشيمِ      وقـد حَـرَّقَـتْـهُ ولـم تَــــزْرَعِ

ولم تُخْلِ أبراجَها في الـســمـاء      ولـم تــأتِ أرضــاً ولـم تُدْقِعِ

ولـم تَـقْـطَـعِ الـشَّـرَّ مـن جِـذْمِهِ      وغِـلَّ الـضـمـائـرِ لـم تَـنْزعِ

ولـم تَـصْـدِمِ الـنـاسَ فـيـــما هُمُ      عـلـيـهِ مِـنَ الـخُـلُقِ الأوْضَعِ

تـعـالـيـتَ مـن فَـلَـكٍ قُــطْـــــرُهُ      يَـدُورُ عـلى المِحْوَرِ الأوْسَعِ

فـيـا بـنَ الـبـتـولِ وحَـسْبِي بِـهَا      ضَـمَـانـاً عـلـى كُلِّ ما أَدَّعِي

ويـا بـنَ الـتـي لـم يَـضَعْ مِثْـلُها      كـمِـثْـلِـكِ حَـمْـلاً ولم تُرْضِعِ

ويـا بـنَ الـبَـطِـيـنِ بـلا بِـطْــنَةٍ      ويا بنَ الفتى الحاسرِ الأنْزَعِ

ويا غُـصْنَ هـاشِـمَ لم يَـنْـفَـتِــحْ      بـأزْهَـرَ مــنـكَ ولـم يُـــفْـرِعِ

ويا واصِلاً من نـشـيـدِ الـخُـلود      خِـتَـامَ الـقـصـيـدةِ بـالـمَـطْلَعِ

يَسِيرُ الـوَرَى بـركـابِ الزمـانِ      مِـنْ مُـسْـتَـقِـيـمٍ ومـن أظْـلَــعِ

وأنــتَ تُـسَـيِّرُ رَكْـبَ الـخــلـودِ      مــا تَــسْــتَــجِـدُّ لــهُ يَــتْــبَــعِ

أريـدُ الـحـقـيـقـةَ فــي ذاتِــهَـــا      بـغـيـرِ الـطـبـيـعـةِ لـم تُـطْبَعِ

وجَـدْتُـكَ فـي صـورةٍ لـم أُرَعْ      بِـأَعْـظَـمَ مـــنـــهـا ولا أرْوَعِ

ومـاذا؟ أأرْوَعُ مِنْ أنْ يَـكُـــون      لَـحْـمُـكَ وَقْـفَـاً عـلى المِبْضَعِ

وأنْ تَـتَّـقِـي دونَ مـا تَـرْتَـئِـــي      ضـمـيـرَكَ بـالأُسَّــلِ الـشُّرَّعِ

وأن تُطْعِمَ الموتَ خيرَ الـبنـينَ      مِـنَ الأَكْـهَـلِـيـنَ إلـى الرُّضَّعِ

وخـيـرَ بـنـي الأمِّ مِـن هـاشِــمٍ      وخـيـرَ بـنـي الأبِّ مِـنْ تُــبَّعِ

وخيرَ الصِّحابِ بخيرِ الصُّدُورِ      كَـــانُــــوا وِقَـاءَكُ، والأذْرَعِ

أما قصيدته الثانية عن الإمام الحسين (عليه السلام) (عاشوراء) فقد كتبها عام (1935) وأعيد نشرها في جريدة الرأي العام عام (1947) بعنوان (روعة التاريخ .. عاشوراء) وتبلغ (68) بيتاً يقول فيها (3)

هيَ الـنـفـسُ تـأبـى أن تـذِلَّ وتُـقــهَـرا      ترَىَ الموتَ من صبرٍ على الضيمِ أيسَرا

وتختارُ مـحـمـوداً مـن الـذِكـرِ خـالـداً      عــلــى الـعـيـشِ مـذمـومَ الــمــغَبَّة مُنكَرا

مشى ابنُ عليٍّ مِشيةَ الـلـيثِ مُصحِراً      تـحـدَّتــه فـــي الـــغـــابِ الذئابُ فاصحَرا

ومـا كـان كـالـمعطي قِـيـاداً مـحـاولاً      عـلى حـيـنَ عـــضّ الـقـيـدُ أن يـتـحـــرَّرا

ولـكـنْ أنَـوفـاً أبـصَـرَ الـذُّلَّ فـانـثـنـى      لأذيـالـهِ عـن أن تُــــلاُثَ مُـشــــــمِّـــــــرا

تـسـامـىَ سـمـوَّ الــنـجـمِ يأبى لـنـفسِهِ      عـلى رغـبـةِ الأدنَـيــــــــنَ أن تـتــــحـدَّرا

وقـد حـلـفـتْ بيضُ الـظُبا أن تـنـوَشه      وسـمـرُ الـقَـنـا الـخــــطـــيِّ أن تـتـكــسَرا

حدا الموتُ ظعنَ الـهـاشـمـيينَ نـابـياً      بـهـمْ عـن مـقـرٍّ هــــــاشــــمــــيٍ مُـنَـفَّــرا

وغُـيِّـبَ عـن بـطـحـاءَ مــكّـةَ أزهَــرٌ      أطـلَّ عـلـى الـــطَـفِّ الـحـزيـــنِ فــأقـمَرا

وآذَنَ نـورُ الـبـيـتِ عــنــه بـرِحــلــة      وغـاضَ الـنَـدى مـنـه فــجـــفَّ وأقـــفـــرا

وطـافَ بـأرجـاءِ الـجـزيـرةِ طـائـفٌ      مـن الـحـزنِ يـوحـي خِـيــــفـــةً وتـطـيُّـرا

ومرّ على وادي القُرى ظِلُّ عارضٍ      مـن الـشُـؤْم لـم يـلـبـث بـهــا أن تَــــمـطَّرا

وسـاءَلَ كـلٌّ نـفـسَـهُ عـن ذُهـــولـــه      أفـي يـقَـظـةٍ قـد كـانَ أم كــان فــي كَــرى

ومـا انـتـفضوا إلا وركبُ ابنِ هاشمٍ      عـن الـحـجِّ يـــومَ الــحـجِّ يُـعجـلـه الـسُرى

أبت سَـورةُ الأعـراب إلا وقــيــعــةً      بـهـا انـتـكَـصَ الإسـلام رَجْــعـاً إلى الوَرَا

ونُـكِّـسَ يـومَ الـطـفّ تـاريـخُ أمَّــــة      مـشـى قـبـلَـهـا ذا صـولــةٍ مـتــبـخِــتـــــرا

فـمـا كـان سـهـلاً قـبـلَـها أخذُ موثقٍ      عـلـى عَـرَبـيّ أن يـقـولَ فـــــــــــيــغـــدِرا

ومـا زالـت الأضـغـانُ بـابـن أمـيَّـةٍ      تـراجِـعُ مـنـه الـقَـلـبَ حـتـــى تــحـجَّـــــرا

وحـتـى انـبـرى فاجتَثّ دوحةَ أحمدٍ      مـفـرِّعــــــةَ الأغــــصـان وارفـةَ الــذرى

وغطَّى على الأبصارِ حقدٌ فلم تكن      لـتَـجـهَـدَ عـيـنٌ أن تَــمُــــــــدَّ وتُــبـــصِــرا

وما كـنـتُ بـالـتـفـكير في أمرِ قتلهِ      لازدادَ إلا دهــشــــــــــــةً وتـــحـــــيُّــــــرا

فما كان بين القـوم تـنـصـبٌّ كتبُهمُ      عـلــيــه انـصـبـابَ الـسيـلِ لـمّـا تــحــــدَّرا

تـكـشَّـفُ عـن أيـدٍ تُـمَـــدُّ لـبـيـعــةٍ      وأفـــئــدَةٍ قـد أوشـكَـت أن تَـقَــــــــــطَّـــــرا

وبـيـنَ الـتـخـلَّـي عـنه شِلواً ممزَّقاً      سـوى أن تـجـيءَ الـمـاءَ خِـمـسٌ وتُـصدِرا

محمد طاهر الصفار

1 ــ ديوان الجواهري ج 1 ص 219 ط وزارة الإعلام 1973

2 ــ ديوان الجواهري ج 3 ص 231

3 ــ ديوان الجواهري ج 2 ص 369
......
انتهى/ 278