وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ وقال سماحته في كلمة ألقاها قبل سنوات، إن “أهمية الحديث عن شخصية الصديقة الطاهرة تكمن في كونها أسوة إنسانية، كما الأنبياء والأولياء عليهم السلام. فالأنبياء والأئمة يتميزون بكونهم أسوة لجميع أفراد المجتمع، رجالًا كانوا أو نساء؛ كذلك الحال للنساء الفاضلات، فهن أسوة أيضا لجميع أفراد المجتمع. فكما يكون أمير المؤمنين عليه السلام أسوة وإمام لجميع الرجال والنساء، فإن فاطمة الزهراء عليها السلام أيضا هي ولي الله للناس، نساء كانوا أو رجالًا. فهي سلام الله عليها أسوة إنسانية لا للنساء فقط، بل للرجال كذلك، حالها حال الأئمة عليهم السلام جميعًا. هذه النقطة الأولى”.
وأضاف “أما النقطة الثانية فهي من القرآن الكريم، إن الله تعالى ولما أراد أن يضرب مثلًا لمن آمن من الناس، يستذكر السيدة آسية والسيدة مريم عليهما السلام فيقول: ﴿وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِینَ آمَنُوا امْرَأَهَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِی عِندَکَ بَیْتاً فِی الْجَنَّهِ﴾، ﴿وَ مَرْیَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ﴾؛ فلم يقل على سبيل المثال: ضرب الله مثلا للاتي آمنّ مريم، فلم يحصر ذلك وإنما أطلق تعميمًا”.
وتابع “والنقطة الثالثة، فهي إن لغة التحاور قد ميزت الناس والشعب من الرجال. فنقول مثلًا ثار الناس أو تظاهر، أو شارك في الانتخابات. فنطلق كلمة الناس لعموم الرجال والنساء، فهي لا تعني فقط الرجال منهم. وهذا ما يمكن أن نفهمه من التعبير القرآني، إذ يقول: ﴿الَّذِینَ آمَنُوا﴾ ولم يقل: من آمن من الرجال أو الرجال الذين آمنوا. فمريم عليها السلام طبقا لهذه الآية مثلا للناس المؤمنين، رجالًا ونساء، مثلما الإمام علي عليها السلام هو مثل للناس المؤمنين، رجالًا كانوا أو نساء”.
وأردف المرجع الديني أن “الروح الإنسانية غير مذكرة ولا مؤنثة، وإن الواجبات والمسؤوليات قد تم تحديدها وفقا لطبيعة جسم الإنسان، فواجبات المرأة غير واجبات الرجل، لكن الفيصل في الجانب التربوي والعلمي هو مفهوم الإنسانية، وإنسانية الإنسان هي بروحه وذاته وليست بجسمه، فهي مجردة خلافًا للجسم المؤنث أو المذكر. والأنبياء عليهم السلام أرسلوا لتربية الجانب الروحي ولا فرق بين المرأة والرجل في العلوم والمعارف والأخلاق، وطبقا للتعبير القرآني، فإن الأسوة الحسنة هي للناس جميعا، وكذلك الحال للأسوة السيئة. فمريم وآسية مثلٌ لمن آمن، كما إن امرأة نوح مثل سيء لمن كفر”.
ولفت إلى “ضرورة معرفة سيرة الزهراء والتأسي بها”، مبيناً إن “الغاية الرئيسة من إحياء ذكرى استشهاد سيدة نساء العالمين هي معرفة سيرتها وسنتها والتأسي بها، ثم البكاء على مصائبها. فهي عليها السلام أسوة لنا في التوحيد والصبر، فهي الموحدة الكاملة والصابرة المتكاملة، لم يعتريها لا ضعف علمي ولا ضعف سلوكي”.
وبين أن “من لديه المعرفة بخطب نهج البلاغة يعلم بأنها ليست على مستوى واحد معرفيًا وعلميًا، فمن يقرأن أطول وأهمّ خطب الإمام علي التوحيدية سيجد إن السيدة فاطمة الزهراء سبقت أمير المؤمنين بـ 25 سنة في كشف الحقائق التوحيدية، حينما نهضت تدافع عن الولاية فألقت خطبتها التوحيدية، وهي غير الخطابة”.
مشيراً إلى أن “الإمام علي عليه السلام يستدل في بعض القضايا الفقهية بكلام الزهراء، ومنه حديث الأربعمئة: فإنّ فاطمه بنت محمّد لما قُبض أبوها ساعدتها جميع بنات بني هاشم؛ فقالت: دعوا التعداد وعليكم بالدعاء» (الخصال، ج۲، ص ۶۱۸)؛ فكلام فاطمة “حجة الله” والشرط في الحجية هو العصمة وليس الإمامة، فكلام المعصوم حجة في الأصول، والفروع، والفقه، والحقوق. فاستدلال أمير المؤمنين بكلام الصديقة الطاهرة يوضح لنا مكانة فاطمة الزهراء”.
وأوضح أنه “إذا قيل لنا أحيوا ذكرى استشهادها عليها السلام، فالإحياء ليس فقط اللطم والبكاء، وإنما السير في خطها الفكري وسيرتها العلمية، وهذا يكوّن 90 بالمئة من واجب إحياء ذكراها، والباقي هو البكاء واللطم. ولا شك إننا نكسب بعض الثواب إذا بكينا دون معرفة، لكن ذلك لا يؤدي إلى كسب الدرجات المعرفية المتقدمة التي وعدنا بها الله”.
......
انتهى/ 278
المصدر : النعيم نيوز
الاثنين
١٨ يناير ٢٠٢١
٤:٠٠:٢٦ م
1107061
تحدث المرجع الديني سماحة آية الله الشيخ عبد الله جوادي الآملي، عن مكانة وفضائل الصديقة الظاهرة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام.