وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ تتميز كل جمل وعبارات هذا العهد بأنها قيمة ومثيرة وخارقة فيما يتعلق بشؤون إدارة الحكم والاهتمام بحقوق المواطنة بمختلف جوانبه.
وعلى مدى السنين تناول كبار العلماء والحكماء، هذا العهد بالدراسة والتفسير والشرح، ومنه ما كتبه توفيق الفكيكي تحت عنوان “الراعي والرعية”.
الإمام علي صوت العدالة الإنسانية
كعادتي دخلت ذات مرة على أستاذي الكبير آية الله العظمى السيد البروجردي، فناولني رسالة كان قد تسلمها باليوم نفسه. أخذت الرسالة من سماحته فقرأتها، وهنا أنقل ما أتذكره منها بالتلخيص:
الكاتب المسيحي اللبناني جورج جرداق كان قد كتب لسماحة آية الله البروجردي بأنه درس تاريخ حياة الإمام علي عليه السلام بالإسهاب والتفصيل وأخلص بأن سيرة الإمام علي وتعاليمه وسلوكه تتضمن كل ما اجتمع عليه العالم الحديث من مبادئ مشتركة أسست لتطور حياة الإنسان. وبحسب رأيه، فإن المسلمين من العلماء لم يكتشفوا تلك المبادئ كما ينبغي أو أنهم لم يتناولوها بالشرح والتفسير كما يجب.
كما إن كتّاب وباحثي الغرب عملوا على تغطية هذه الحقيقة، ذلك أنهم كانوا كارهين للاعتراف بوجود شخصية في الشرق تجسدت فيها كل تلك الأصول. ومن هذا المنطلق آثرت ألا تبقى مكانة ومنزلة هذه الشخصية مجهولة على طلاب الحقيقة. فبادرت إلى تأليف هذا الكتاب، وبما أني مسيحي فلا يمكن لأحد اتهامي بالتعصب.
كذلك كتب جرداق في رسالته بأنه وجد آية الله البروجردي الشخصية الأكثر جدارة لأن يهديها كتابه، فأهدى كتابه إلى سماحته وقال: ستأيدون سماحتكم بعد قراءة الكتاب “إني أنصفت الإمام بعض الإنصاف”.
كان أستاذنا الراحل يترقب وصول الكتاب فقلت لسماحته إن الكتاب سيصل إن شاء الله، لكن الرسالة نفسها تعتبر وثيقة مهمة لما فيها من قضايا واعترافات مثيرة.
وصل الكتاب بعد أيام وكان عنوانه “الإمام علي صوت العدالة الإنسانية” وفي مجلد واحد، لكنه اليوم طبع في عدة مجلدات. الكتاب وبمجرد أن سنحت له الفرصة/ طالعه آية الله البروجردي، كما وجهني بقراءته وتسجيل مواضع الخطأ فيه إن وجدت.
قرأت الكتاب عملا بتوصية أستاذي وسجلت مواضع الخطأ وسلمتها إلى سماحته، فحظيت بتأييده وأوصى بترجمة الكتاب والتذكير بمواضع الخطأ فيها.
مقارنة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعهد الأشتر
كان الجزء المتعلق بدراسة عهد الإمام علي “ع” إلى مالك الأشتر ومقارنته بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان من جملة المواضيع القيمة التي قرأتها في الكتاب.
يقول جرداق عند مقارنته لمواد الإعلان العالمي وعهد الأشتر، إن ما يميز مواد العهد هو الكمال في الجمل وبلاغتها، إلا أن هناك بعض الفوارق، ومنها:
لقد كُتب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عصر تطور العالم وأصبح على ما هو عليه اليوم بعد عدة مراحل من إعادة النظر والمراجعة. لكن الإمام علي كتب العهد قبل نحو 13 قرنا عندما لم تكن هذه الحقوق محل الاهتمام والنظر.
لقد علق خبراء القانون والحقوقيون من مختلف البلدان على مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من حيث المضمون والألفاظ والنصوص، فتم دراسته فضلا عن نشره في الجرائد وعرضه على الرأي العام، فالإعلان نتاج جهود مشتركة. أمام الإمام علي عليه السلام فقد تفرد هو، دون مشاركة أحد غيره، في كتابة العهد لما عين مالك الأشتر حاكما على مصر.
بعد كتابة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بات الغربيون يتباهون به أمام باقي الشعوب وسيما الشعوب المستضعفة والمستعمرة. أما الإمام علي عليه السلام فلم يتباه بعهده أمام أحد وإنما اعتبره أداء للواجب.
إن الذين قدَموا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على العالم وروجوا، كذبا، على أنهم من أسس لذلك، هم أنفسهم لا يحترمون الإعلان ولا يطبقوه عندما يتعارض مع مصالحهم. لكن الإمام على عليه السلام، كان أول المبادرين لتطبيق مواد عهده ولم يتجاوز تلك الحدود، والتاريخ يشهد على ذلك.
.........
انتهى/ 278
المصدر : الاجتهاد
الجمعة
١١ ديسمبر ٢٠٢٠
٣:٥٢:٢٥ م
1094634
عهد الإمام علي (ع) إلى مالك الأشتر من أجدر إعلانات حقوق الإنسان موثوقية
كتب المرجع الديني آية الله صافي الكبايكاني مقالا مختصرا تحت عنوان “أجدر إعلانات حقوق الإنسان موثوقية” بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وجاء فيه: لا يزال عهد الإمام علي “ع” إلى مالك الأشتر بوصفه أحد أهم الوثائق التي يفتخر بها العالم الإسلامي وسيما الشيعي، أجدر إعلانات حقوق الإنسان موثوقية بعد نحو أربعة عشر قرن من كتابته.