وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ كتب تيموثي كودو في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز أن الحرب شرّ حتى عندما تكون ضرورية، ولكن العجز عن الانتصار سلبَ حتى احتمال أن الغايات تبرر الوسائل. وبالنسبة إلى ما يقرب من 3 ملايين جندي نُشِروا في الأراضي العراقية والأفغانية على مدى السنوات الـ19 الماضية، "فإن هزيمتنا هي خسارة شخصية بشكل فريد".
ويحكي كودو عن فترة خدمته في العراق عام 2009، عندما أرسل لحماية انسحاب قواته من المثلث السني في الفلوجة، وكيف أنه عندما عاد إلى وطنه تمنى لو كان فعل المزيد، لكنه سعد برؤية مقدار التقدم الذي أحرزته الأفواج التي قاتلت بشدة قبله.
لكنه عندما قرأ بعد بضع سنوات أن تنظيم داعش قد اجتاح نفس المنطقة، بدأ يشعر أن جهود القوات كانت بلا جدوى، لكن مشاركته في أفغانستان في 2010-2011 هي التي عززت عدم جدوى هذه الجهود عنده.
ويضيف أنه عندما التحق بالمارينز كان مؤمنا بمهمته وبأنه كان يجلب شيئا مثل الديمقراطية إلى العراق وأفغانستان، لكنه الآن لا يرى كيف يمكن للمرء أن يكون قاتلا وأن يكون بانيا لأمة في نفس الوقت. وهناك أمر مسلّم به وهو أنه كلما قتلت الشخص الخطأ، فإنك تخلق المزيد من المتمردين. ويتساءل الكاتب: كيف يأسر قلوب وعقول السكان المحليين من يتجول بينهم بمدفع رشاش ويطلق النار على الناس؟
وعن خدمته في أفغانستان، يحكي كودو أنه كان يرى العنف يتصاعد ضد المدنيين الذين كانوا يُقتلون، ولم يكن الجيش الأفغاني مدربا كما ينبغي، وكان ثمة شعور بين الجنود بأن القيادة كذبت عليهم لأنه لا يمكن تحقيق نتيجة سياسية بقوة عسكرية.
وعلق بأن "الأخبار السيئة هي أننا إذا انسحبنا من هذا المكان فسيتحول إلى فوضى خلال عام وسينهار بسرعة فائقة".
وشكك كودو في نمط التفكير الأميركي القائم على تصور أنه إذا انسحبت القوات من أفغانستان فستبدأ حرب أهلية جديدة على الفور.، قائلا إذا كانت الحرب الأهلية ستندلع اليوم في أفغانستان، فإن الأفغان كانوا في حرب أهلية عام 2001 عندما ذهبت القوات الأميركية إلى هناك أول مرة.
وأضاف أن الأفغان كانوا يتقاتلون لسنوات قبل مجيء الأميركيين، ولن يوقف وجود القوات الأميركية في البلد تلك الحروب.
ويرى كودو أن الهدف من وجود القوات الأميركية على الأرض هو السيطرة على المسلمين وعلى الشعب الأفغاني، كما يعتقد هذا الكاتب أن الشعب الأميركي لم يحدّث معلوماته عن الحرب الأفغانية منذ عام 2001 أو 2002، وأن كل المسؤولين عن أحداث سبتمبر/أيلول 2001 ماتوا، وأن العدو الأساسي في أفغانستان هو طالبان.
وأكد على أهمية أن يفهم الأميركيون أن حركة طالبان ليست تنظيم القاعدة، فإن كانت القاعدة تركز على محاربة الولايات المتحدة، فإن طالبان ترفض تلك الفكرة برمّتها، وهمها ليس جعل العالم إسلاميا بل جعل أفغانستان إمارة إسلامية.
واعتبر أنه خسر حرب أفغانستان التي خاضها في أغسطس/آب 2015 بعد عدة سنوات من انتهاء خدمته، عندما استعادت طالبان السيطرة على موسى قلعة، إحدى مدن ولاية هلمند التي مات فيها 5 من سريته أثناء الدفاع عنها. وبعد استيلاء طالبان عليها قصفت الغارات الجوية للحلفاء نفس المركز الحكومي الذي ضحى هو وزملاؤه بالكثير من أجل الاحتفاظ به.
ويعتقد كودو على مضض أن هذه الحروب ستدخل أخيرا كتب التاريخ، لا باعتبارها هزائم فقط، ولكن ملوثات للشرف الوطني.
واختتم مقاله بأن جيله -للأسف- كان عليه أن يتعلم من جديد دروس فيتنام في العراق وأفغانستان، وينبغي أن تمثل الهزيمة الجديدة فرصة لضمان عدم التضحية بالأجيال القادمة لمثل هذه الحماقة.
ومن خلال القيام بذلك قد يستطيع هذا الجيل إنقاذ هدف ما من هذه المأساة، وهو "أن نفعل كل ما في وسعنا لتجنب المزيد من الحروب، ولضمان ألا تشن حرب في المستقبل إلا إذا كان الأمر يستحق ذلك بالفعل".
..................
انتهى / 232
المصدر : الجزيرة
الأربعاء
٢٥ نوفمبر ٢٠٢٠
٥:٢٥:٠١ م
1089383
علق نقيب سابق في مشاة البحرية الأميركية على إعلان وزارة الدفاع مؤخرا عن انسحاب القوات الأميركية بحلول 15 يناير/كانون الثاني، وهو ما سيقلص عدد الجنود في العراق وأفغانستان إلى 2500 في كل بلد، بعد أن كان 17 ألفا في العراق و100 ألف في أفغانستان؛ بأن هذا الخفض يشير بوضوح إلى "ما أدركه الذين خدموا منا في الجيش منذ مدة طويلة، وهو أننا خسرنا".