وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : العتبة الحسينية المقدسة
الاثنين

١٩ أكتوبر ٢٠٢٠

٦:١٥:١٧ م
1079461

الشيخ حسين الفتوني .. بوصلة العلم والأدب

تعود أسرة الفتوني بالنسب إلى الشيخ بهاء الدين العاملي العالم الموسوعي الذي زخرت حياته بالعلم والتأليف في شتى المجالات العلمية.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ زخر تاريخ كربلاء العلمي والأدبي بأسماء مهمة كان لها أثراً بارزاً على المحيط الإسلامي ، ومن هذه الأسماء الشيخ حسين بن علي بن محمد بن علي بن محمد التقي بن بهاء الدين العاملي الفتوني الحائري المعروف بـ ( الشيخ حسين الفتوني) ، وهو عالم وأديب وشاعر.

أسرته

ولد الفتوني في كربلاء من أسرة علمية برز منها أعلام الفقه والأدب ، وتنسب هذه الأسرة إلى (فتّون) وهي قرية من قرى جبل عامل في لبنان ، يقول الشيخ مرتضى الشاهرودي عن هذه الأسرة:

(انتقلت هذه الأسرة من جبل عامل في لبنان إلى كربلاء في أوائل القرن الثاني عشر الهجري ، وتعود هذه الأسرة بالنسب إلى الشيخ بهاء الدين العاملي العالم الموسوعي الذي زخرت حياته بالعلم والتأليف في شتى المجالات العلمية ، فألف في الحساب، والهندسة ، والرياضيات ، والهيئة ، والأفلاك وغيرها) . ويعود نسب بهاء الدين العاملي المعروف بـ (الشيخ البهائي) إلى الحارث الهمداني صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام).

كما عدّها الشيخ محمد السماوي أيضاً من الأسر العلمية فقال في أرجوزته:

وآل الفتوني ذوي الفضائلْ *** من كلِّ عالمٍ لهم وعاملْ

وقد برز من هذه الأسرة من العلماء الشيخ محمد تقي بن بهاء الدين الفتوني ، وهو سبط العلامة الكبير السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي. ــ كما يقول الشهرودي ــ فيما قال العلامة أغا بزرك الطهراني: (والمظنون أن جده ــ أي الشيخ حسين الفتوني ــ التقي بن بهاء الدين شقيق الشيخ مهدي بن بهاء الدين الفتوني شيخ السيد مهدي بحر العلوم ...). ومنهم أيضاً الشيخ علي بن محمد بن علي بن محمد التقي بن بهاء الدين الفتوني العاملي الحائري ــ والد الشاعر ــ المتوفى سنة (1192 هـ).

ولادته ووفاته

لم تحدد المصادر التي ترجمت للشاعر حسين الفتوني تاريخ ولادته كما اختلفت في سنة وفاته ، وقد اعتمدنا على ما أثبته السيد جواد شبر في ذلك ، فقد حددها في أدب الطف بسنة (1278 هـ / 1861 م) فيما قال في ترجمته: إنه فرغ من أرجوزته يوم الجمعة في الثاني والعشرين من المحرم سنة (١٢٧٩ هـ / 1862 م) اعتماداً على قول الفتوني في ختام أرجوزته:

أبياتُها ألفٌ ومائتانِ *** من بعدِ سبعين مع الثمانِ

ولعل الخطأ حدث في النقل ، فمن المحتمل أن وفاته كانت عام (1287 هـ /1870 م). ويدل على ذلك أن المؤرخ السيد سلمان هادي آل طعمة قال في ترجمة الفتوني: (أنه عثر على توقيع له في وثيقة بيع دار في محلة آل فائز في كربلاء مؤرخة سنة (1279 هـ) ثم قال: (ويبدو أنه توفي بعد هذا التاريخ)

أرجوزته وآثاره الضائعة

ومثلما غاب تاريخ ولادته ووفاته ، فقد غابت سيرته العلمية وآثاره في زوايا النسيان ، والأثر الوحيد الذي بقي له هو أرجوزته التي تدل على باعه الطويل في اللغة والتاريخ والأدب ، وقد اشتملت على تواريخ الأئمة المعصومين (عليهم السلام) ، وولاداتهم ، ووفياتهم ، وسيرتهم ، وتعداد زوجاتهم ، وأولادهم رتبها على مقدمة وأربعة عشر باباً وخاتمة.

قال عنها الشيخ أغا بزرك الطهراني أنها: (وُجِدت في مكتبة الشيخ محمد السماوي في النجف الأشرف).

بنده

ذكر السيد سلمان آل طعمة للفتوني بنداً في مدح الإمامين العسكريين (عليهما السلام) يقول منه:

(أيها المدلج يطوي مهمه البيد ، على متن نجيب أحدب الظهر ، متى جئت ربوع المجد والفخر ، وشاهدت بيوت العز والنصر ، فناد داعيا بالحمد والشكر ، وبالتقديس والتهليل والتسبيح والذكر ، مراراً خاضعاً مستوعباً الأذن من الحجاب إن رمت مراراً ، فإذا فزت بإذن من عطاياهم فقد نلت من السعد ، وسامرت بني المجد ، فلجها بخضوع وخشوع صافي القصد ، تجد لاهوت قدس قد تردى بردة المجد ، قباب قد غشاها العلم بالزهد ، أنيطت بلجام الحلم والرشد ، وخيطت بخيوط الفضل فضلاً ووقارا ، بل تجد حبراً تقياً ، وشهاماً هاشمياً ، ورؤوفاً فاطميا ، طاب فرعاً ونجاراً حاكم الشرع ، كريم الخلق والطبع ، حميد الأصل والفرع ، فذاك الموكب الهادي ، إلى الحاضر والبادي ، هو العالم والعامل ، والعادل والشاكر ، والحامد والخاضع والطالع سرا وجهارا ، والد البر الإمامين العسكري الحسن الدر الثمين ...)

قالوا عنه

قال عنه السيد جواد شبر: (كان أحد الأعلام المبرزين بمعرفة الأدب والنحو ، وكان شاعراً مجيداً جليل القدر كثير الاطلاع)

وقال عنه الشيخ جعفر باقر آل محبوبة: (كان حائري الولادة والمسكن ، وهو من الأدباء الفضلاء ، ومن أشهر رجال هذه الأسرة)

وقال عنه الطهراني: (عالم أديب ولد بكربلاء ...)

وقال عنه السيد سلمان هادي آل طعمة: (كان واسع العلم ، فاضلاً ، أديباً) .

وذكره الشيخ عبد الحسين الأميني في شعراء الغدير

شعره:

قال من أرجوزته (الدوحة المهدية) في الأئمة المعصومين (عليهم السلام) والتي تبلغ (1287) بيتاً:

الحمدُ للهِ الـعـلـيمِ الاحدِ *** القادرِ الحيِّ القديمِ الابدي

العلمُ والقدرةُ عينُ ذاتِهِ والصدقُ والإدراكُ من صفاتِه

وقال فيما يخص الإمام الحسين (عليه السلام):

وقامَ بالأمرِ أخـوهُ الأصغـرُ *** وهوَ الحسينُ السيدُ المطهّرُ

وهـوَ يُـكـنـى بـأبـي عـبد الله *** لـقِّـب بـالشهيدِ في علمِ الله

قد حـمـلـتـه بضعةُ الرسولِ *** سـتـة أشـهـرٍ عـلى المنقولِ

في طيبةٍ ولادةُ الزاكي النَفسْ تاريخه المولودُ من غيرِ دنسْ

وولـده عـلـيٌّ الـشـهـيـدُ *** بـالـطـفِّ وهـوَ الأكـبـرُ الـعـميدُ

ثـم عـلـيٌّ الإمـامُ الـمـعـتـمـدْ *** وشـهـربـانـويـه أمُّ ذا الولدْ

ومنها:

وفاتُه من طفِّ (كربلاءِ) *** بسيفِ شمرِ المظهرَ البغضاءِ

وذاكَ في السبتِ أو الأثنين *** وجـمـعة، خُذ وسطَ القولينِ

فـي يومِ عاشورا مضى محزونا *وعمرُه الثمانُ والخمسونا

ومنها في الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)

لما تـوفـي جـعـفرٌ ذو الفضلِ *** الصادقُ القولِ عديمُ المثلِ

قامَ إمـامـاً فـي الـبـرايا العالمْ *** سليلُه الإمامُ موسى الكاظمْ

بـابُ الـحـوائجِ الـكـريمِ لقّبا *** والـعـالمُ الكاظمُ من آلِ العبا

يُقالُ في الإبواءِ قد تولّدا *** في سـابعٍ من صفرٍ بحرُ الندى

أبو عليٍّ كُني أو أبو الحسنْ *** بل وأبو محمّدٍ مولى الزمنْ

بل بأبي اسماعيل قد يُكنى *** أو بابي إبراهيمَ ذاكَ المضنى

حـمـيـدةٌ أمُّ الإمـامِ مـوسـى *** كـفـى بـه مـن سـيـدٍ رئـيـسـا

محمد طاهر الصفار

..................................................

جاءت ترجمة الشيخ الفتوني في:

1 ــ الكرام البررة للشيخ أغا بزرك الطهراني ج 2 ص 405 ــ 406

2 ــ الذريعة للطهراني أيضاً ج 8 274

3 ــ الغدير للأميني ج 6 ص 29

4 ــ ماضي النجف وحاضرها للشيخ جعفر محبوبة ج 3 ص 57 ــ 57

5 ــ تراث كربلاء للسيد سلمان هادي آل طعمة ص 148

6 ــ شعراء كربلاء لآل طعمة أيضاً ج 1 ص 314 ــ 316

7 ــ مجالي اللطف بأرض الطف للشيخ محمد طاهر السماوي ص 74

8 ــ تاريخ الحركة العلمية في كربلاء للشيخ نور الدين الشاهرودي ص 138
.........
انتهى/ 278