وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : الاجتهاد
الخميس

٨ أكتوبر ٢٠٢٠

٢:٢٠:٥١ م
1076647

بعد وقعة الطف الاليمة في ١٠ / محرم الحرام / ٦١هـ ق اقتيد نساء ال البيت تتقدمهم رؤوس الشهداء المفصولة عن الأجساد الطاهرة، وبعد أن وصلوا إلى الكوفة كان الناس قد احتشدوا للتطلع إلى ذلك المنظر الذي تكاد ان تتفطر منه السماء وتنشق الأرض وتخر الجبال منه هدا.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ لقد تشفى ابن زياد منهم بفظاظته وغلظته المعهودة، ولم يمهل بقايا ال محمد قسطا من الراحة حتى ارسلهم إلى الشام مع رجاله من جنود بني أمية وكان ذلك في يوم الثاني عشر أو الثالث عشر على اختلاف الروايات، وفي نفس الوقت ارسل رسولا إلى عمرو بن سعيد بن العاص والي المدينة يخبره بمقتل الحسين عليه السلام ،وقد أوصاه ان يجد في المسير إلى المدينة ويوصل الخبر إليها ولايسبقه أحد في نقل الخبر ؛ وقال له : (لاتعتل وان قامت بك راحلتك فاشتر راحلة )(١).

لقد كان مبعوث ابن زياد إلى المدينة قد أخذ بفرسه ينهب الأرض هدبا للوصول إلى المدينة اطاعة لابن زياد وطمعا في الحصول على جائزة أو مغنم، وفي نفس الوقت قد اسرع أولئك الهمج بما تبقى من النساء والأطفال وتتقدمهم الرؤوس المقطوعة والمرفوعة .

لقد كانت أجساد الاسارى نحيلة لاتقوى على طي الطريق الطويل ،لكن الجفاة ساقوهم بقسوة وبسرعة!!! لقد كانت كلمة الإمام السجاد عليه السلام تشير إلى تلك الغلظة(ونسوتنا خلفي على بغال اكف، والفارطة[اي يسبقون]خلفنا وحولنا بالرماح(٢).

لقد عاد موكب السبايا من الشام وعطفوا نحو كربلاء ومعهم الرؤوس في اليوم العشرين من صفر ، وقد وجدوا هناك الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري .

وذكر المفيد أن جابر بن عبدالله بن حزام الأنصاري ورد في يوم العشرين من صفر الى كربلاء لزيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام وكان أول من زاره من الناس.(٣)

وذكر ابن طاووس ان جماعة من بني هاشم كانوا قد جاءوا معه للزيارة ، وقد التقوا ببقايا الركب الحسيني فقد ذكر في اللهوف ( لما رجع نساء الحسين عليه السلام وعياله من الشام وبلغوا العراق قالوا للدليل مر بنا على طريق كربلاء فوصلوا إلى موضع المصرع فوجدوا جابر بن عبدالله الأنصاري(ره) وجماعة من بني هاشم ورجالا من آل رسول الله صلى الله عليه واله قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليه السلام فوافوا وقت واحد ، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد واجتمع إليهم نساء ذلك السواد فأقاموا على ذلك.)(٤).

وقد زار الإمام الحسين عليه أحد التابعين وهو عبيد الله بن الحر وهو أحد إشراف الكوفة حيث خرج من الكوفة متوجها نحو كربلاء فنظر إلى مصارع الحسين ومن قتل معه وقال : وقفت على اجداثهم ومحالهم☆☆ فكاد الحشا ينقض والعين ساجمه لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى ☆☆ سراعا إلى الهيجا حماة خضارمه . (٥)

وذكر المفيد في الامالي ان اول ما رثي به الإمام الحسين عليه السلام هو شعر عقبة بن عمرو السهمي من بني سهم بن عوف بن غالب وهو من شعراء القرن الأول الهجري وقد أشار فيه إلى توافد الزوار من كل فج عميق لزيارة الإمام الحسين عليه السلام؛

ومما قال :

سلام على اهل القبور بكربلا☆☆ وقل لها مني سلام يزورها

سلام بآصال العشي وبالضحى☆☆تؤديه نكباء الرياح ومورها

ولابرح الوفّاد زوار قبره ☆☆ يفوح عليهم مسكها وعبيرها (٦)

ان الشاعر يشير بوضوح إلى توافد الزوار على قبر الإمام الحسين عليه السلام ، الذي تضوع منه رائحة طيبة .

وبناء على ما تقدم يتبين من هذه اللمحة التاريخية ان زيارة الإمام الحسين عليه السلام كانت قد بدأت منذ الأشهر الأولى من استشهاده ثم هوت إلى قبره الشريف القلوب وأصبح ضريحه قبلة الأحرار .

الهوامش

١-الطبري،تاريخ الطبري،ج٤ص٣٥٦ .

٢-ابن طاووس، الاقبال،ج٣ص٨٩.

٣- المفيد ، مسار الشيعة ، ص٤٦.

٤- ابن طاووس،اللهوف ، ص١١٤.

٥-ابن الأثير،الكامل في التاريخ،ج٤ص٢٨٩.

٦- المفيد ، الامالي ، ص٣٢٤.

د.محمد العبادي
.........
انتهى/ 278