وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ مع كثرة هذه الرسائل وسعتها جعلنا معياراً خاصاً للأولوية في إحياء هذه الرسائل، وهو عبارة عمّا يلي: 1. أن يكون موضوع الرسالة محل ابتلاء المكلفين؛ ۲. أن تكون للرسالة تأثيراً علمياً؛ ٣. المكانة العلمي للمؤلف؛ 4. قِدم النسخة.
يعتبر علم الفقه من أسبق العلوم الإسلامية و أوسعها، فهو – بما فيه من فروع و ما يرتبط به من علوم مثل أصول الفقه والقواعد الفقهية و مقاصد الشريعة والمسائل الخلافية والفقه المقارن و غيرها – يشكّل قسماً عظيماً من التراث الإسلامي.
و بالرغم من توسع الطباعة و نشر الكثير من الكتب والرسائل الفقهية إلا أن ما لم يطبع منها ليس بقليل، سواء كان مدرجاً في كتب الفهارس أو لم يكن.
فعلی ما أحصاه وأثبته أحد المراكز العلمية أن عدد النسخ الخطية الموجودة في إيران يقارب 300.000 عنوان و تشكّل النسخ الخطية الفقهية والأصولية منها ما يقارب 45.000 عنوان، و إذا لوحظت النسخ المتكرّرة منها، وهي ما يعادل أربع نسخ لكل عنوان، فتكون في إيران من الآثار الفقهية والأصولية مايقارب 11.000 عنوان.
و وفق المعلومات المتوفرة لدينا أن أكثر من نصف هذه العناوين لم يصلها نور الطباعة ولم تخرج إلى سماء النشر.
إن الاهتمام بهذه النسخ الخطية وإحياءها وتحقيقها طبق قواعد التصحيح المعروفة يعتبر رسالة عظيمة وكبيرة ملقاة على عاتق النخب الحوزوية والجامعية ومفكريهم؛ إذ بإحياء هذه النسخ تحصل الكثير من الفوائد والتي نشير إلى بعضها فيما يلي:
1. إن الاعتناء بالتراث القديم وإحياءه يساعد كثيرا على تقوية الهوية الثقافية للمجتمع، ويقوي الجذور الأصلية للأمم، و ذلك لأن الأمة التي تكون ذات تراث قدیم و قد اهتمت به و أحيته و حفظته تكون ذات ثقافة عالية بين المجتمعات، و على ذلك يبيّن و يقدّر التفاوت في ثقافة المجتمعات المختلفة.
۲. يعتبر التراث القديم المكتوب أحد المصادر الغنية لمعرفة التاريخ القديم والحكم الصحيح عليه. و على هذا الأساس فإن كتابة تأريخ أحد الفروع العلمية كالفقه – مثلا – لا يكون شاملاً و جامعاً إلا إذا كان الكاتب عارفاً و مطلعاً على تأريخ ذلك العلم اطلاعا شاملا و قد واكب تطوراته و كانت تحت اختياره ، هذا من ناحية.
٣. ومن ناحية أخرى إن لعلم الفقه والعلوم المتصلة به ارتباطاً وثيقاً بحياة المسلمين، فهو مورد ابتلاء جميع الطبقات، و لا فرق في ذلك بين الصغير والكبير، العالم والجاهل… و غيرهم. و نرى بعض العلوم على العكس من ذلك؛ إذ هي كثيراً ما ترتبط بعمل بعض النخب و خواصّ الناس.
ونظراً إلى الاختلافات والتناقضات الثقافية والسياسية الواقعة في البحوث والأحكام الفقهية في يومنا الحاضر، فإن الاستفادة الصحيحة من التراث القديم ومن بعض النظريات المختلفة يمكن أن يؤثر في حل الكثير من المسائل الجارية بين المسلمين، وتكون الجذور القديمة لبعض الآراء مما يزيل الشك لتأثرها من بعض الثقافات الحديثة وشرائطها المفروضة.
4. يشكل الفقه والأصول قسمة هامة من وظائف الحوزات العلمية، ومع الاعتناء بهذا التراث، و إحيائه يمكن الاستفادة الحسنة من فرص وظروف الحوزات العلمية المباركة ، كما و أن الاستفادة الجيدة من المتون الفقهية والأصولية توجب ارتقاء الدروس الحوزوية مما يجعلها مفيدة للغاية.
وقد حصل – ولله الحمد – في الربع الأول من هذا القرن اهتمام جدّي في إحياء التراث الفقهي والأصولي، و لقد قام بذلك عدّة مراكز علمية تحقيقية وجمع من المحققين الكبار والذين لهم تجربة طويلة في هذا المضمار .
ولكن – و للأسف – أن هذا الاهتمام اقتصر على الكتب الفقهية المشهورة والمتداولة، ولم يشمل الكثير من الرسائل الفقهية والأصولية.
وبناء على ما تقدم ذكره من الفوائد الحاصلة من إحياء التراث الفقهي والأصولي، مضافاً إلى عدم الاعتناء الكافي بالرسائل والمخطوطات المختصرة وصغيرة الحجم، كل هذا كان باعثاً على التفكير في نشر «تراث الشيعة الفقهي والأصولي» لدينا.
وكان السعي في هذه الموسوعة أن تحقّق الرسائل والكراسات المختصرة في الفقه وما يرتبط به من علوم على شكل مجلدات سهلة التناول.
ولكن مع كثرة هذه الرسائل وسعتها جعلنا معياراً خاصاً للأولوية في إحياء هذه الرسائل، وهو عبارة عمّا يلي:
1. أن يكون موضوع الرسالة محل ابتلاء المكلفين؛
۲. أن تكون للرسالة تأثيراً علمياً؛
٣. المكانة العلمي للمؤلف؛
4. قِدم النسخة.
وبالجملة، لقد سعينا أن تحقّق وتبيّن عدة محاور في هذه الموسوعة ضمن الرسائل التي تناولتها أيدينا، وهذه المحاور هي كالآتي:
1. أصول الفقه؛ ۲. القواعد الفقهية؛ ۳. الموضوعات والمباحث الفقهية؛ 4. إجازات الاجتهاد؛ 5. التعريف بالنسخ؛ 6. ذكر أحوال الفقهاء.
وفي تنظيم كل مجلد ذكرت عدّة طرق قد ناقشها الأخوة المتصدين ، مثل :
1. الكتابة الموضوعية، بمعنى أن يحتوي كلّ مجلّد جميع الرسائل الواردة في موضوع واحد.
٢. الكتابة القائمة طبق المؤلف، بمعنى أن نذكر عدّة رسائل لمؤلف واحد في مجلد واحد.
3. الكتابة القائمة على الزمان، بمعنى أن الرسائل التي كتبت في فترة زمنية معينة تجمع في مجلد واحد.
والطريقة المتبعة في بداية العمل والتي بني عليها العمل هي الطريقة الموضوعية في كل مجلد، أي يتم انتخاب و إحياء رسائل ذات موضوعات مرتبطة لمؤلفين مختلفين، و صدرت في فترات زمينة متفاوتة.
ونرجو أن يكون هذا السعي لإحياء التراث الشيعي و خدمة علوم أهل البيت “عليهم السلام” و معارفهم ذا حظ وافر، و نأمل من إخوتنا المفكرين و أصحاب القلم أن لا يبخلوا علينا بإرشاداتهم و ملاحظاتهم.
والحمد لله رب العالمين.
.......
انتهى/ 278
المصدر : الاجتهاد
الخميس
١ أكتوبر ٢٠٢٠
٥:٤٩:٢١ ص
1074860
يحاول كتاب تراث الشيعة الفقهي والأصولي لمؤلفه الأستاذ الشيخ مهدي المهریزی أن تحقّق الرسائل والكراسات المختصرة في الفقه وما يرتبط به من علوم على شكل مجلدات سهلة التناول.