ابنا: قال الإمام الرضا (ع): إِنَّ يَوْمَ الْحُسَيْنِ (ع) أَقْرَحَ جُفُونَنَا، وَأَسْبَلَ دُمُوعَنَا، وأَذَلَّ عَزِيزَنَا بِأَرْضِ كَرْبٍ وَبَلَاءٍ، وأَوْرَثَتْنَا الْكَرْبَ والْبَلَاءَ إِلَى يَوْمِ الِانْقِضَاءِ. فَعَلَى مِثْلِ الْحُسَيْنِ فَلْيَبْكِ الْبَاكُونَ؛ فَإِنَّ الْبُكَاءَ عَلَيْهِ يَحُطُّ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ.
يـابنَ النبيّ المصطفى ووصيِّهِ وأخا الزكيِّ ابنَ البتولِ الزاكيه
تـبـكيكَ عيني لا لأجلِ مثوبة لـكـنّـمـا عيني لأجلِكَ باكيه
تـبـتـلُّ مـنكم كربلا بدمٍ ولا تـبـتـلُّ منِّي بالدّموعِ الجاريه
أَنْـسَـتْ رزيـتُكُم رزايانا التي سـلـفت وهوّنت الرزايا الآتيه
وفـجـائـعُ الأيـامِ تـبقى مدّة وتزولُ وهي إلى القيامة باقيه
لـهـفـي لِـرَكـبٍ صُـرعُـوا في كربلا كـانـت بِـهـا آجـالُـهُـم مُـتـدانِـيَه
نَـصـروا ابـنَ بـنـت نـبيَّهُم طُوبى لَهُم نـالُـوا بـنـصـرتِـهِ مَـراتِـبَ ساميه
وَلقدْ يَعِزُّ عِلى رَسولِ اللهِ أن تُسبَى نِساهُ إلى يَزيدَ الطاغِيَه
وَيَرَى حُسيناً وَهوَ قُرَّة عَينِه وَرِجَالَهُ لم تَبْقَ مِنهُم بَاقِيَه
وَجُسومُهُم تَحتَ السَنابِكِ بِالعَرَى وَرُوؤسُهُم فَوقَ الرِمَاحِ العَالِيَه
واقعة الطف، معركة حدثت سنة 61 للهجرة في كربلاء بين الجيش الأموي والحسين سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع ثلة من أصحابه وأهل بيته، وذلك بعد الامتناع من البيعة لـيزيد بن معاوية، إذ أمر عبيد الله والي الكوفة آنذاك، قائد الجيش عمر بن سعد أن يخير الحسين عليه السلام بين البيعة والموت.
ففي العام الذي تولّى يزيد للحكم بعد أبيه معاوية، وقف الإمام الحسين عليه السلام موقف الرافض لبيعته والمعارض لحكمه.
وفي تلك المرحلة راسل الكوفيون الإمام يدعونه للقدوم عليهم كإمام وحاكم وقائد مفترض الطاعة، فاستجاب لهم الإمام عليه السلام، وكان حينها في مكة وقبل أن يؤدّي مناسك الحج غادر مكة متوجهاً إلى الكوفة في الثامن من شهر ذي الحجة، فإذا هو في منتصف الطريق وصله خبر نكث الكوفيين عهودهم، وذلك باستشهاد مسلم بن عقيل، سفير الحسين الذي كان مبعوثاً إليهم.
وبعد أن حلّ ركب الحسين في أرض الطّف، طوّقه أكثر من عشرين ألف جندي، فوقعت معركة غير متكافئة يوم عاشوراء استشهد فيها الحسين عليه السلام ومَن معه مِن أصحابه وأهل بيته.
وبعد أن حطت الحرب أوزارها، سيق النساء والأطفال سبايا إلى الكوفة ومنها إلى الشام، وفیهم الإمام زين العابدين وزينب بنت علي عليهما السلام، يتقدمهم رؤوس الشهداء على الرماح.
وقد تعدّ واقعة عاشوراء من فجايع التاریخ الإسلامي وأكثرها إثارة، لما جری فیها من هتك حرمات أهل بيت الرسولصلى الله عليه وآله وسلم، فكانت لها انعكاسات وأصداء واسعة على المدى الطويل.
كما اعتنى الشيعة منذ العصور القديمة وبإيعاز واهتمام من أئمة أهل البيت عليهم السلام.، بإحياء تلك المناسبة على مدار القرون، خلال شهري محرم وصفر.
الطف اسم من أسماء كربلاء والتي تطلّ على شط الفرات, قال أبو سعيد: سمّي الطّف لأنّه مشرف على العراق من أطفّ على الشيء بمعنى أطلّ ١ . وقد اشتهرت أرض الطف بكربلاء بعد أن استشهد فيها ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمام الحسين عليه السلام مع ثلّة من أصحابه وأهل بيته.
أخذ البيعة ليزيد
لما مرض معاوية بن أبي سفيان في مرضه الذي مات فيه، أوصى لابنه يزيد بأنه سعى جاهداً إلى تذليل كافة العقبات لتولّيه السلطة من بعده، إلا أنه يخشى عليه من أشخاص لم يأخذ منهم البيعة بعد كـالحسين بن علي (ع) وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبى بكر، وحثه لأخذ البيعة لنفسه منهم، حتى يستتب أمر السلطة له بالكامل. فبعد تصدي يزيد للحكم خلفاً لأبيه معاوية بن أبي سفيان في الشام، صبّ جلّ اهتمامه على أخذ البيعة من الجماعة التي رفضت البيعة في حياة أبيه.
فأرسل إلى والي المدينة - الوليد بن عتبة بن أبي سفيان - كتاباً يخبره بموت أبيه ويطالبه بأخذ البيعة عنوةً ممّن لم يبايعه، فجاء فيه: «أمّا بعد فخذ حسيناً وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً ليست فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام».
ثم أردف يزيد كتابه هذا بكتاب آخر جاء فيه: «أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فعجّل عليّ بجوابه وبيّن لي في كتابك كل من في طاعتي أو خرج عنها وليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي».
فأرسل الوليد باستشارة من مروان بن الحكم إلى الإمام الحسين عليه السلام وابن الزبير. يدعوهم إلى دار الإمارة فجاء الإمام عليه السلام ومعه ثلاثين من مواليه والهاشميين. فلما حضر الإمام عليه السلام جعله یقرأ كتاب يزيد ونعى معاوية إليه ودعاه إلى البيعة.٩
فقال الإمام عليه السلام: إنا لله وإنا إليه راجعون، أما ما سألتني من البيعة فإن مثلي لا يعطي بيعته سراً ولا أراك تکتفي بها مني سراً دون أن نظهرها للناس علانية، فأيده الوليد، ثم قال عليه السلام: فإذا خرجتَ یوم غد لدعوة الناس إلى بیعة يزيد تدعونا مع الناس أیضاً.١٠ فكفّوا عنه تلك الليلة ولم يصرّوا عليه.
الحسين (ع) يبيّن سبب رفضه للبيعة؛
فأقام الحسين (ع) في منزله تلك الليلة، و هي ليلة السبت لثلاث أيام قبل اكتمال رجب سنة 60 هـ. فلما أصبح خرج من منزله، فلقيه مروان في الطريق ينصحه ليبايع يزيد، فاسترجع الحسين (ع) وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام إذا بليت الأمة براع مثل يزيد. ثم قال: يا مروان أترشدني إلى بيعة يزيد، و يزيد رجل فاسق!.
ووبّخه توبیخاً شديداً وذكّره بأنه من أهل بيت رسول اللّه والحقّ ينطق على ألسنتهم وأنه من أهل بيت الطهارة وتلا عليه الآية، إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. ، وقال له: إنّي سمعت جدّي رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) يقول: «الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان الطلقاء و أبناء الطلقاء، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه». و لقد رآه أهل المدينة على منبر رسول اللّه فلم يفعلوا به ما أمروا، فابتلاهم بابنه يزيد.
فتطاول مروان على الحسين (ع) بكلام غير لائق قال له الحسين (ع): أبشر يا بن الزرقاء بكل ما تكره من رسول اللّه يوم تقدم على ربك فيسألك جدّي عن حقي وحق يزيد. فغضب مروان من كلام الحسين وذهب إلى وليد بن عتبة ليخبره ما قاله الحسين (ع). وخرج عليه السلام من ليلته من المدينة متوجهاً إلى مكّة وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ستين للهجرة.
مغادرة الحسين المدينة
بعد أن قرر الإمام عليه السلام الخروج من المدينة توجه نحو قبر أمّه وأخيه عليهم السلام. وكتب بعض المؤرخين أنّه بقي ليلتين إلى جانب قبر جدّه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
قال الحسين (ع):
أنّي لم أخرج أشراً، ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أُريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة أبي علي بن أبي طالب عليه السلام .
وصيته لأخيه محمد
لمّا علم أخوه محمد بن الحنفية بعزم الإمام عليه السلام على الخروج من المدينة أسرع إليه يستعلم الحال فكتب إليه الإمام عليه السلام وصيته التي جاء فيها:
«هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب لأخيه محمد بن الحنفية، أنّ الحسين بن علي يشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله...وأنّي لم أخرج أشراً، ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أُريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة أبي علي بن أبي طالب عليه السلام، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين».
التوجه نحو مكة
خرج الإمام عليه السلام ليلة الثامن والعشرين من رجب، وعلى رواية في الثالث من شعبان سنة ستين للهجرة، ومعه اثنين وثمانين من أهل بيته وأصحابه بما فيهم النساء والأطفال من المدينة متوجهاً إلى مكة. ومعه بنوه وإخوته وبنو أخيه وأهل بـيته إلا محمد بن الحنفية وبرفقة 21 من أصحابه وأنصاره متوجّهاً إلى الطريق التي يسلكها عامة الناس، حيث نصحه أهل بيته الابتعاد عنها وسلوك طريق آخر كما فعل ابن الزبير، كي لا يلحق به ممن يبحث عنه، لكن الحسين (ع) أبى أن يغير مسيرة حركته راضياً بقضاء الله.
وعن أبي مخنف، لمّا سارَ الحُسَينُ نَحوَ مَكَّةَ ، قالَ : «فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّلِمِينَ ».ولمّا دخل مكة قال: «وَ لَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ».
ولقيه عبد الله بن مطيع في الطريق وكان من أشراف العرب فاستفسر عن مقصده الذي يروم إليه، فأخبره (ع) أنه ذاهب إلى مكّة، وبعد مضي خمسة أيام وصلت قافلة الإمام عليه السلام إلى مكة وكان ذلك في الثالث من شعبان من سنة ستين للهجرة. فاستقبله الناس وحجاج بيت الله الحرام.
المواضع التي مرّ بها
مرّ الإمام الحسين عليه السلام في مسيرته من المدينة إلى مكة بالمنازل التالية: «ذي حليفة، السيالة، عرق الظنية، الزوحاء، أناية، العرج، لحى الجمل، السقيا، الأبواء، مضيق هرشا، رابغ، الجحفة، قديد، خليص، عسفان، مر الظهران، وأخيراً إلى مكة».
الحسين (ع) في مكة
دخل الإمام الحسين عليه السلام إلى مكة المكرمة ليلة الجمعة في الثالث من شعبان. وأقبل أهلها ونواحيها المجاورة يترددون إليه ومن كان بها من المعتمرين. وكان ابن الزبير فيها قد أقام إلى جانب الكعبة فهو قائم يصلي عندها ويطوف، وكان الناس يلتقون الحسين عليه السلام باستمرار فأثقل ذلك على ابن الزبير وكان الأخير طامعاً بالخلافة، وعرف أنّ أهل مكة لا يبايعونه ما دام الحسين عليه السلام فيها.
كُتُب الكوفيين
لما بلغ أهل الكوفة موت معاوية أوجسوا الخيفة من استلام يزيد مقاليد الحكم، وعلموا بخبر امتناع الحسين عليه السلام من البيعة ليزيد وموقف ابن الزبير وخروجهما إلى مكة، فاجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل سليمان بن صرد .. فكتبوا إلى الإمام الحسين عليه السلام: «إنّه ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق». ثم أرسلوا الكتاب مع عبد الله بن مسمع الهمداني وعبد الله بن وال فخرجا مسرعين حتى وصلا الحسين عليه السلام بمكة في العاشر من رمضان.
وانتظر أهل الكوفة يومين بعد إرسالهم الكتاب السابق حتى بعثوا مع قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الرحمن بن عبد الله الأرحبي وعمارة بن عُبيد السلولي ومعهم نحو مائة وخمسين رسالة موقّعة باسم شخص واحدٍ أو إثنين أو أربعة. ثم صبروا يومين آخرين وبعثوا إليه هانئ بن هانئ السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي وكتبوا إليه أنّ الجماهير هنا بانتظارك ولا رأي لهم بغيرك فعجل إليهم ليبايعوك.
وحتى شبث بن ربعي الذي يعد من الموالين للحكم الأموي، كتب مع آخرين إلى الإمام الحسين عليه السلام قائلين، أنّ البيئة في الكوفة مؤاتية لمبايعتك فإذا رغبت فأقدم إلينا ونحن لك جنود وأنصار. مجمعين على ضرورة قدومه عليه السلام إلى الكوفة.
ومع ذلك بقي الإمام عليه السلام يتأمل في كتب القوم ولم يكتب في جوابها شيئاً حتى وصل إليه في يوم واحد ستمائة كتاب من الكوفيين ثم توالت عليه الكتب والرسائل من سائر الكوفيين حتى بلغ عدد الكتب اثني عشر ألف كتاب. فحينئذٍ كتب رسالة وأعطاها إلى هانئ بن هانئ وسعيد بن عبد الله الحنفي وكانا آخر الرسل، ومضمونها إنّي باعث إليكم مسلم بن عقيل وهو ثقتي فإن كتب لي أنّه قد اجتمع رأيكم وذوي الفطنة منكم على ما جاء في كتبكم فأقدم عليكم قريبا إن شاء الله. فجعل الإمام عليه السلام ذهابه إلى الكوفة منوطاً بما يصله من سفيره مسلم بن عقيل.
التوجه نحو الكوفة
شاع في مكة ما عزم عليه الإمام عليه السلام من السفر إلى الكوفة فجاءه عبد الله بن عمر ومحمد بن الحنفية لثنيه عن السفر إلى الكوفة.
إلاّ أن الإمام عليه السلام كان قد عقد العزم على ذلك، فطاف البيت مع أصحابه وسعى بين الصفا والمروة. وخرج من مكة المكرمة بعد أربعة أشهر وخمسة أيام قضاها فيها وكان ذلك في يوم الثلاثاء المصادف للثامن من ذي الحجّة يوم التروية، وكان معه عليه السلام إثنان وثمانون وقيل ستون من كبار الكوفيين وأتباعه وأهل بيته عليهم السلام.
عَمْرو بن سعيد يعيق الركب
فلمّا خرج الإمام الحسين عليه السلام من مكة متوجهاً إلى الكوفة اعترضته جماعة من جند عمرو بن سعيد بن العاص بقيادة يحيى بن سعيد، فطلب الأخير منه (ع) الانصراف عن مواصلة المسير وهدده بالمنع قسراً، فرفض (ع) ذلك واستمر في طريقه حتى تدافع الفريقان وتضاربوا بالسياط. فبلغ ذلك عمرو بن سعيد، فخاف أن يتفاقم الأمر فأرسل إلى صاحب شرطته يأمره بالانصراف.
إرسال الحسين (ع) سفراء عنه
بعد ما كتب أهل الكوفة رسائل إلى الحسين (ع) يدعوه للقدوم إليهم لمبايعته، بعث الحسين (ع) سفراء عنه إلى الكوفة يستخبرون الوضع هناك ليطلعونه عن حقيقة أمر الدعوات التي أرسلت إليه، فبعث مسلم بن عقيل ثم أوفد قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الله بن يقطر قبل أن يتلقى نبأ نقض أهل الكوفة عهدهم لمسلم ومقتله وأرسل سليمان إلى البصرة ليدعو بعض القبائل هناك لنصرته ومبايعته.
ابن عقيل إلى الكوفة
أرسل الإمام الحسين (ع) مسلم بن عقيل إلى العراق وسلّمه كتاباً إلى الكوفيين ٥٤ وذلك لاستطلاعالرأي العام الكوفي وحقيقة ومصداقية التوجهات فيها. فخرج مسلم من مكّة سرّاً في منتصف شهر رمضان حتى دخل الكوفة في الخامس من شهر شوال فأقبلت الأفواج من الناس تتعاقب واحدة تلو الأخرى لتبايع ابن عقيل. فكتب مسلم بن عقيل كتاباً أرسله الى الإمام الحسين عليه السلام . يطلب فيه التعجيل في القدوم إلى الكوفة ويخبره فيه أن جميع أهل الكوفة معه وقد بايعه قرابة ثمانية عشر ألفاً.
فأرسل بعض من يوالي بني أمية ليزيد رسائل تخبره بتواجد مسلم بن عقيل في الكوفة لأخذ البيعة للحسين (ع) .
فبادر يزيد بتعيين عبيد الله بن زياد والياً للكوفة فلمّا أتاها خطب بالناس ووعد المحسن في طاعته بالإحسان وتوعّد المسيء بأشدّ العقاب.
فتفرق الناس عن مسلم بن عقيل وأمسى وحيداً في الكوفة.
فبعث ابن زياد جنداً لاعتقاله فخرج مسلم إليهم وجعل يضرب فيهم. حتى أثخن بالجراح وازدحموا عليه حتى أوثقوه. فأمر ابن زياد أن يصعدوا بمسلم إلى سطح دار الإمارة لضرب عنقه وإلقاءه من أعلى المبنى.
نبأ استشهاد ابن عقيل للحسين (ع)
بعد اعتقال مسلم أوصى لمن حوله بأن يبعثوا رجلا يبلغ الحسين عليه السلام بما آلت إليه الأمور ويطلب منه الرجوع. التقى المبعوث عن مسلم بـالإمام الحسين عليه السلام في منطقة زُبالة، وأوصل له رسالة ابن عمّه مسلم بن عقيل إليه، والتي يخبره فيها بتفرق الناس عنه. فتأثر الإمام عليه السلام لذلك كثيراً وخاطب الناس:
أما بعد فإنه قد أتانا خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل، وهاني بن عروة، وعبد الله بن يقطر، وقد خذلتنا شيعتنا...
ابن مُسْهِر إلى الكوفة
لمّا بلغ الحسين عليه السلام إلى الحاجز من بطن الرّمة، كتب كتاباً إلى جماعة من أهل الكوفة، منهم : سليمان بن صرد الخزاعي، والمسيّب بن نجبة، ورفاعة بن شداد وغيرهم. وأرسله مع قيس بن مسهر الصيداوي ـ وذلك قبل أنْ يعلم بقتل مسلم، فأقبل قيس بكتاب الحسين عليه السلام إلى الكوفة، فلمّا انتهى قيس إلى القادسيّة، اعترضه الحُصين بن تميم ليفتّشه فأخرج قيس الكتاب وخرقه، فحمله الحُصين إلى ابن زياد فلمّا مثُل بين يديه، قال له: مَن أنت ؟ قال : أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابنه الحسين عليهم السلام.. قال: فلماذا خرّقت الكتاب؟ قال: لئلاّ تعلم ما فيه. فغضب ابن زياد وقال: والله، لا تفارقني حتّى تخبرني بأسماء هؤلاء القوم أو تصعد المنبر فتسبّ الحسين بن علي وأباه وأخاه، وإلاّ قطّعتك إرباً إرباً. فقال قيس: أمّا القوم فلا أُخبرك بأسمائهم، وأمّا السبّ فأفعل.
فصعد قيس، فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ قال: أيّها النّاس، إنّ هذا الحسين بن علي عليهم السلام. خير خلق الله، ابن فاطمة عليه السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنا رسوله إليكم وقد خلّفته بالحاجز فأجيبوه.
ابن يقطر إلى الكوفة
روي أن الإمام الحسين عليه السلام قبل أن يصله خبر قتل مسلم بن عقيل أرسل إليه كتاباً بيد أخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطوفي الطريق اعترضه الحصين بن نمير التميمي فسيره من القادسية إلى ابن زياد فقال له: إصعد فوق القصر والعن الكذاب ابن الكذاب ثم أنزل حتى أرى فيك رأيي، فصعد فأعلم الناس بقدوم الحسين عليه السلام ولعن ابن زياد وأباه، فأمر به ابن زياد فرُمي من أعلى القصر فتكسّرت عظامه وبقي به رمق، فأتاه عبد الملك بن عُمير اللخمي فذبحه.
سليمان إلى البصرة
كتب الإمام الحسين عليه السلام إلى جماعة من أشراف البصرة ورؤساء الأخماس (أي قبائل: العالية، بكر بن وائل، تميم، عبد القيس والأزد). مع مولى له اسمه سليمان ويكنى بأبي رزين إلى كل من مالك بن مِسمَع البكري، الأحنف بن قيس، المُنذِر بن الجارود، مسعود بن عمرو، قيس بن الهيثم، عمرو بن عبيد اللّه بن مَعمَر.
فجاءت منه نسخة واحدة إلى جميع أشرافها وفيه: «أمّا بعد...قد بعثتُ رسولي إليكم بهذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب اللّه وسنّة نبيّه، فإنّ السنّة قد أميتت، وإنّ البدعة قد أُحييت، وأن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد، والسلام عليكم ورحمة اللّه».
فكان كل من قرأ كتاب الحسين عليه السلام كتمه عن ابن زياد، ولم يخبر به أحد إلا المنذر بن جارود فإنه جاء بالكتاب إلى عبيد الله بن زياد، لأنّ المنذر خاف أن يكون الكتاب دسيساً من عبيد الله فأخذ عبيد الله الرسول فصلبه.
اجتازت قافلة الإمام عليه السلام الكثير من المنازل في طريقها إلى الكوفة، منها: «التنعيم؛ الصفاح حيث التقى بالفرزدق الشاعر المعروف؛ ذات عرق الذي التقى الإمام عليه السلام فيها مع بشر بن غالب ومع عون بن عبد الله بن جعفر؛ وادي العقيق؛ غمرة؛ أم خرمان؛ المسلح؛ أفيعية؛ العمق؛ سليلة؛ مغيثة مأوان، النقرة، الحاجز حيث أرسل من هناك قيس بن مسهر إلى الكوفيين؛ سميراء، أجفر حيث التقى فيها عبد الله بن مطيع العدوي الذي نصح الإمام عليه السلام بالرجوع؛ الخُزَيميّةُ؛ زرود حيث التحق به زهير بن القين وفيه بلغه نبأ استشهاد مسلم بن عقيل وهاني بن عروة، وإصرار آل عقيل على أخذ ثأر مسلم؛بطان، الشقوق؛ زبالة علم فيها بشهادة قيس بن مسهر، والتحاق جماعة منهم نافع بن هلال بركب الإمام عليه السلام، بطن العقبة التقى فيه مع عمرو بن لوذان الذي نصحه بالعدول عن سفره، العمية، واقصة، شراف، بركة أبي مسك، جبل ذي حُسَم الذي التقى فيه مع الحر بن يزيد الرياحي، البيضة، المسيجد، الحمام، المغيثة، أم القرون، العذيب، (من هذا المنزل اتجهت قافلة الحسين (ع) نحو أرض الطف بدلاً من التوجه نحو الكوفة) فإلى قصر بني مقاتل الذي التقى فيه بعبيد الله بن الحر الجعفي، القطقطانة، كربلاء، وادي الطف الذي نزله في الثاني من المحرم سنة 61 هجرية.
التوجه نحو كربلاء
عندما وصل الإمام إلی عذيب الهجانات لم يتّجه نحو الكوفة، وقرر أن يغيّر اتجاهه نحو کربلاء.
لقاء الحسين (ع) بجيش الحرّ
لمّا بلغ عبيد الله بن زياد خروج الحسين عليه السلام من مكّة وأنّه توجّه نحو العراق بعث الحُصين ابن تميم التميمي صاحب شرطته ومعه أربعة آلاف فنظّم الخَيْلَ من القادسيّة إلى خَفّان وما بين القَطْقُطانة إلى جبل لَعْلَع لمراقبة خطوط الحركة، لأنها مراكز ومحطَّات لابُدَّ للمُتوجِّهين صوب العراق والشام أنْ يمرُّوا بها. ووجّه الحصين بن تميم، الحر بن يزيد - وكان ضمن الأربعة آلاف - في ألف إلى الحسين عليه السلام، وأمره بأن يرافقه في طريقه وأن يضايقه حيث لا يدعه يرجع من طريقه الذي أتى منها، حتى يدخل الكوفة.
صلاة الحسين (ع) بالجيشين
وصل جيش الحرّ إلى قافلة الحسين (ع)، فحان موعد الصلاة وأمر الحسين عليه السلام لرفع الأذان، ثم توجّه نحو جيش الحرّ بن يزيد فخطب بهم قائلاً إنّ مجيئي إليكم هو بناءاً على ما وصلتني من رسائلكم ودعواتكم للقدوم إلى الكوفة وكتبتم فيها؛ إنّه ليس لنا إمام لعلّ الله يجمعنا بك على الهدى، فإذا كنتم على عهدكم السابق فقد جئتكم، وإذا كنتم كارهين لقدومي، سأرجع من حيث أتيت.
فسكت الحرّ وجيشه. فأقام الحسين عليه السلام الصلاة واقتدى جيش الحرّ بصلاة الحسين عليه السلام.
فلما حان وقت العصر أمر الحسين عليه السلام أن يتهيء ومن معه للرحيل ثم أقام صلاة العصر، فصلّى بالجيشين معاً، ثم توجّه مستقبلاً جيش الحرّ ثانيةً خاطباً فيهم قائلاً؛ أنتم أدرى بأحقّية أهل البيت عليه السلام بولاية الأمر على الناس مقابل من يدّعي إليها، فإذا كرهتمونا وجهلتهم حقنا وكان رأيكم على غير ما أتتني رسائلكم، سأترككم وابتعد عنكم.
فادّعى الحرّ بأنه لا يعرف شيئاً عن الرسائل وأكّد له بأنّه مأمور بأن لا يفارقه حتى يسلّمه إلى عبيد الله بن زياد. فامتنع الحسين عليه السلام من أن يسلّم نفسه لعبيد الله وأصرّ الحرّ على ذلك، فلمّا كثُر الكلام بينهما اقترح الحرُّ على الحسين عليه السلام أن يكتب هو إلى ابن زياد ويكتب الحسين إلى يزيد بن معاوية أو لعبيد الله بن زياد إذا أراد، لعل الله يجعل لي مخرجاً من هذا الابتلاء الذي هو فيه.
وصول مبعوث ابن زياد
واكب الإمام الحسين عليه السلام مسيرته نحو كربلاء فمرّ بالقرب من العذيب والقادسية والحرّ يتبعه في اليسار منه. فلمّا وصل الحسين عليه السلام إلى نينوى ظهراً وصل مبعوث ابن زياد مالك بن النسر الكندي حاملاً رسالة إلى الحرّ، فيها أنّ عليك حجز الحسين ومن معه في بادية لا يمكن الاختفاء فيها جرداء ومن دون ماء وأمرت الكندي ملازمتك وعدم الافتراق عنك حتى يأتيني بخبر تنفيذ ما أمرتك به. فحضر الحرّ عند الحسين عليه السلام ليخبره عن مضمون الرسالة، فطلب عليه السلام منه أن يدعه ينزل في قرية نينوى القريبة أو إحدى القرى المجاورة.
فامتنع الحرّ من تلبية طلب الحسين وذلك خشية مبعوث عبيد الله الذي كان عيناً عليه. فأدرك حينها زهير بن القين أن لا مناص من المواجهة العسكرية فاقترح على الحسين عليه السلام أن يقاتلوا الحرّ وجيشه قبل أن ينضم إليه جيوش ابن زياد، عندئذٍ يصعب عليهم مواجهتها جميعاً. فرد عليه الحسين عليه السلام:
ما كنت لأبدئهم بقتال.
فنزل الحسين (ع) بمكانه وكان حينها في كربلاء.
الحسين (ع) في كربلاء
وصل الحسين عليه السلام في الثاني من المحرم إلى أرض كربلاء، وقيل يوم الأربعاء المصادف لأول يوم من شهر محرم. فورد أنه سأل عن اسمها؟ وحينما أخبر باسمها تشائم وقال داعياً: اللهمَّ، إنّي أعوذُ بِكَ مِنَ الكَربِ وَالبَلاء.
وكتب حينها الحرّ بن يزيد الرياحي إلى عبيد الله بن زياد ينبئه وصول ركب الحسين إلى منطقة كربلاء فكتب عبيد الله بن زياد كتاباً إلى الحسين عليه السلام يقول فيه: أما بعد، إنّ يزيد بن معاوية كتب إليَّ أن لا تغمض جفنك من المنام، ولا تشبع بطنك من الطعام أو يرجع الحسين على حكمي، أو تقتله والسلام.
فعند استلام الحسين عليه السلام كتاب عبيد الله بن زياد رمى به وعلّق قائلاً: «لا أفْلحَ قَومٌ آثروا مَرضَاةَ أنفُسِهم عَلى مَرضَاةِ الخَالِقِ».
فلم يجب الحسين عليه السلام على كتاب ابن زياد وقال لرسوله ما له عندي جواب، لأنّه قد حقّت عليه كلمة العذاب».فلما عرف ابن زياد بذلك، غضب غضباً شديداً وأمر بإعداد الجيش لمحاربة الإمام عليه السلام. وروي أنّ الإمام عليه السلام جمع أهل بيته، فخطب بهم وقال خلالها:
«الناسُ عَبيدُ الدُنيا وَالدِّينُ لَعِقٌ عَلى ألْسِنَتِهِمْ، يَحُوطُونَه مَا دَرّت مَعَايشُهُم، فإذا مُحِّصُوا بِالبلاءِ قَلَّ الديَّانُونَ»
وورد في الروايات أنه عليه السلام قال لمن معه: انزلوا، فها هنا مَحطُّ رحالنا، وسفك دمائنا، ومقتل رجالنا.
وصل الحسين عليه السلام في الثاني من المحرم إلى أرض كربلاء،فورد أنه سأل عن اسمها؟ وحينما أخبر باسمها تشائم وقال داعياً: اللهمَّ، إنّي أعوذُ بِكَ مِنَ الكَربِ وَالبَلاء.وكتب حينها الحرّ بن يزيد الرياحي إلى عبيد الله بن زياد بنبأ وصول ركب الحسين إلى منطقة كربلاء فكتب عبيد الله بن زياد كتاباً إلى الحسين عليه السلام يقول فيه: أما بعد، إنّ يزيد بن معاوية كتب إليَّ أن لا تغمض جفنك من المنام، ولا تشبع بطنك من الطعام أو يرجع الحسين على حكمي، أو تقتله والسلام.
فعند استلام الحسين عليه السلام كتاب عبيد الله بن زياد رمى به وعلّق قائلاً: «لا أفْلحَ قَومٌ آثروا مَرضَاةَ أنفُسِهم عَلى مَرضَاةِ الخَالِقِ».
فلم يجب الحسين عليه السلام على كتاب ابن زياد وقال لرسوله ما له عندي جواب، لأنّه قد حقّت عليه كلمة العذاب». فلما عرف ابن زياد بذلك، غضب غضباً شديداً وأمر بإعداد الجيش لمحاربة الإمام عليه السلام. وروي أنّ الإمام عليه السلام جمع أهل بيته، فخطب بهم وقال خلالها جملته الشهيرة:
«الناسُ عَبيدُ الدُنيا وَالدِّينُ لَعِقٌ عَلى ألْسِنَتِهِمْ، يَحُوطُونَه مَا دَرّت مَعَايشُهُم، فإذا مُحِّصُوا بِالبلاءِ قَلَّ الديَّانُونَ».
وورد في الروايات أنه عليه السلام قال لمن معه: انزلوا، فها هنا مَحطُّ رحالنا، وسفك دمائنا، ومقتل رجالنا.
وصول عمر بن سعد إلى كربلاء
كان وصول عمر بن سعد إلى كربلاء في الثالث من المحرّم على رأس أربعة آلاف مقاتل من الكوفيين.
وقد سجل المؤرخون في كيفية تولي عمر بن سعد مهمة محاربة الإمام عليه السلام، بأنّه: حينما علم عبيد الله بن زياد بموقف الإمام عليه السلام من كتابه إلتفت إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص، وقد كان عمر بن سعد قبل ذلك بأيام قد عقد له عبيد الله بن زياد عقداً وولاه الريّ ودَسْتَبى وأمره بحرب الديلم، فخرج متوجهاً إليها ولما بلغ حمام أعين عسكر هناك ومعه أربعة آلاف، فلمّا كان ذلك اليوم استدعاه ابن زياد فقال له: «أريد أن تخرج إلى قتال الحسين بن علي عليه السلام، فإذا نحن فرغنا من شغله سرت إلى عملك إن شاء الله». فقال له عمر: «أيّها الأمير! إن أردت أن تعفيني من قتال الحسين بن علي عليه السلام فافعل!» فقال: «قد عفيتك فاردد إلينا عهدنا الذي كتبناه لك واجلس في منزلك نبعث غيرك».، فقال له عمر: «أمهلني اليوم، ولما رأى إصراره رضي بالمسير إلى كربلاء»وتوجّه بمعيّة الأربعة آلاف في اليوم الثاني (التالي) نحو كربلاء.
مفاوضات ابن سعد والحسين (ع)
ما إن وصل عمر بن سعد إلى كربلاء قرر أن يسأل الإمام عليه السلام عن سبب مجيئه وماذا يريد؟ فأراد أن يبعث إليه شخصاً يستفسر منه ذلك، لكن أبى الجميع المثول بين يدي أبا عبد الله عليه السلام والاستفسار منه، لأنهم كانوا من كتب إليه ودعوه إلى الكوفة.١٢٥وأخيراً دعا ابن سعد قُرّةَ بن قيس الحنظلي،١ليقوم بالمهمة.
فأجاب الحسين عليه السلام قائلاً إنّه كتب إليَّ أهل الكوفة القدوم إليهم، فأمّا إذا كرهوني أنصرف عنهم».
فرجع قرّة إلى عمر بن سعد حاملاً جواب الحسين عليه السلام.فكتب ابن سعد إلى عبيد الله بن زياد بذلك. فردّ عليه ابن زياد إنّ عليه أخذ البيعة من الحسين وأصحابه جميعاً ليزيد بن معاوية.
ابن زياد يحشّد الجيوش
أمر عبيد الله ابن زياد الناس أن يعسكروا بالنخيلة شمال الكوفة، وحذّر من مغبة التخلّف عنه، وصعد المنبر وخطب بالناس فقال إنّ يزيد ضاعف أعطيتكم من بيت المال فأيما رجل وجدناه بعد يومنا هذا متخلفاً عن العسكر، برئت ذمتنا منه وقد ألقينا عليه الحجة.
واستدعى الجيوش من أماكن متفرقة إلى المعسكر فانضم إليه الألف والألفين والثلاثة والأربعة، وكان شمر بن ذي الجوشن أوّل من التحق بعمر بن سعد.
ثم أرسل جماعة إلى الكوفة ليطوفوا بالناس ويأمروهم بالطاعة والاستقامة وأن يخوفوهم عواقب الأمور ممن عصى وسبب الفتنة وأن يحثوهم بالالتحاق بالجيش، فبينما يطوفون في أحياء الكوفة وجدوا رجلاً من أهل الشام قدم إلى الكوفة في طلب ميراث له، فاُرسل به إلى ابن زياد، فأمر به، فضربت عنقه. فلمّا رأى الناس ذلك خرجوا.
فما زال ابن زياد يرسل العشرين والثلاثين والمئة من المقاتلين إلى عمر بن سعد حتى بلغ العدد في اليوم السادس من المحرم أكثر من عشرين ألف رجل، وجعل قيادة الجيش بيد عمر بن سعد.
حبيب يستنصر للحسين (ع)
أقبل حبيب بن مظاهر إلى الحسين عليه السلام يستأذنه الذهاب إلى الحي المجاور التابع لبني أسد طالباً منهم النصرة للحسين عليه السلام، فبعد أن أذن له بالخروج، خرج حبيب في جوف الليل متنكراً حتى وصل حي بني أسد، وحث الرجال هناك لنصرة الحسين عليه السلام فتبادر الرجال إليه مقبلين إلى معسكر أبي عبد الله. فعلم ابن سعد بذلك فأرسل إليهم أربعمائة فارس لمواجهتم بالقرب من الفرات، فناوش القوم بعضهم بعضاً واقتتلوا قتالاً شديداً، وعلمت بنو أسد أنّه لا طاقة لهم بالقوم، فانهزموا راجعين إلى حيّهم ورجع حبيب بن مظاهر إلى الحسين عليه السلام فأخبره بذلك فقال عليه السلام: «لا حول ولا قوة إلا بالله».
قطع الماء في السابع من المحرم
وما أن حلّ اليوم السابع من المحرم حتى كتب ابن زياد إلى ابن سعد: «أنْ حِل بين الحسين وأصحابه وبين الماء، فلا يذوقوا منه قطرة». فبعث عمر بن سعد خمسمائة فارس، فنزلوا على الشريعة وحالوا بين الحسين عليه السلام وأصحابه وبين الماء.
وجاء في بعض المصادر أنّه لما اشتد العطش على معسكر الحسين عليه السلام أمر الإمام عليه السلام أخاه العباس عليه السلام لمهمة جلب الماء ليستقي الحرائر والصبية وضم إليه عشرين راجلاً وثلاثين فارساً وقصدوا الفرات بالليل، وتقدم نافع بن هلال الجملي نحو الفرات فصاح عمرو بن الحجاج: «من الرجل؟» قال: «جئنا لنشرب من هذا الماء الذي منعتمونا عنه». فشدّ عليهم أصحاب ابن الحجاج فكان بعض القوم يملأ القرب وبعض كقمر بني هاشم ونافع يقاتل فجاؤوا بالماء إلى معسكر الحسين عليه السلام.
آخر لقاء بين الحسين (ع) وابن سعد
لما اجتمعت الجيوش في صحراء كربلاء طلب الحسين عليه السلام الاجتماع بابن سعد، فالتقى به مصاحباً معه العباس وعليا الأكبر. فقال الحسين (ع): «يا ابن سعد أتقاتلني، أما تتقي الله الذي إليه معادك؟! فأنا ابن من قد علمت! ألا تكون معي وتدع هؤلاء فإنه أقرب إلى الله تعالى؟».ولما امتنع ابن سعد من الاستجابة للحسين (ع) وتذرّع بحجج واهية دعا عليه أن لا يغفر الله له يوم القيامة وأن لا يهنئ في حياته.
ثم تكررت الحوارات بين الإمام عليه السلام وابن سعد.
رسالة ابن سعد إلى ابن زياد
على إثر اللقاءات بينه والإمام الحسين (ع) كتب عمر بن سعد إلى عبيد الله ابن زياد يدعوه أن يسمح للحسين عليه السلام وأنصاره بالعودة من حيث أتوا وفي ذلك رضىً وصلاح للاُمّة.
فلمّا قرأ ابن زياد الكتاب وكان شمر بن ذي الجوشن حاضراً في مجلسه، قال متأثراً بما جاء فيه: «هذا كتاب ناصح لأميره، مشفق على قومه». فاستنكر شمر بن ذي الجوشن ذلك، وحثّ ابن زياد على أن لا يتنازل للحسين عليه السلام وأن لا يضيّع الفرصة لأخذ البيعة منه، فرأى ابن زياد الرأي مناسباً، ثم أخرج بكتاب إلى عمر بن سعد بتوسط الشمر، كما أمره بضرب عنق ابن سعد وبعث رأسه إليه، إن أبى عن المبادرة، وأن يحلّ محله أميراً على الجيش.وكتب إلى ابن سعد رسالة خيّره بين إثنين؛ إما محاربة الحسين وأنصاره أو تخلّيه عن قيادة جيش الكوفة لصالح شمر بن ذي الجوشن.
وقد ناقش الكثير من الباحثين والمحققين مضمون ما جاء في رسالة عمر بن سعد لابن زياد، مما جعل الأخير أن يتراجع في اتخاذ قرار قتل الحسين عليه السلام في لحظتها.
اليوم التاسع من المحرم
قال حسين بن علي (ع) في خطاب لأصحابه:
أَلَا تَرَوْنَ الْحَقَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَالْبَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنْهُ لِيَرْغَبَ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللَّهِ وَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً وَالْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَما.
وهو اليوم الذي جاء فيه شمر بن ذي الجوشن بكتاب من عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد يخيّره بين الحزم والإسراع بالحرب أو تسليم قيادة الجيش لشمر، لكن ابن سعد تمسّك بقيادة الجيش، وأظهر استعداده التام لخوض الحرب ضد الإمام الحسين عليه السلام وليبرهن على صدق نواياه أمر بالتوجه صوب معسكر الإمام الحسين عليه السلام في عصر نفس اليوم، فطلب الحسين عليه السلام منهم تأجيل المنازلة إلى غداة ذلك اليوم
وصول شمر إلى كربلاء
وصل الشمر إلى كربلاء بعد ظهر يوم الخميس التاسع من المحرم سنة إحدى وستين، وسلّم الكتاب إلى عمر بن سعد فلمّا قرأ ابن سعد الكتاب، قال له: ما لك ويلك! لا قرّب الله دارك، وقبّح الله ما قدمت به عليّ. والله، إنّي لأظنّك أنت الذي نهيته أنْ يقبل ما كتبتُ به إليه، وأفسدت علينا أمراً كنّا قد رجونا أنْ يصلح. لا يستسلم والله، حسين؛ إنّ نفس أبيه لَبين جنبيه.١٥١ فقال له شمر: «أخبرني بما أنت صانع، أتمضي لأمر أميرك وتُقاتل عدوّه، وإلاّ فخلّ بيني وبين الجند والعسكر؟» قال: «لا، ولا كرامة لك، ولكن أنا أتولّى ذلك دونك».
أبناء أم البنين ورفض الأمان
روي أنّ عبد الله بن أبي المحل بن حزام طلب من عبيد الله بن زياد الأمان لأبناء أخته فاطمة بنت حزام (أم البنين) فاستجاب له عبيد الله وكتب له كتاب الأمان لهم. فقُرأ الكتاب عليهم، فقالوا لا حاجة لنا في أمانكم.
وفي رواية أنّ من طلب الأمان من ابن زياد لأبناء أم البنين وقرأه عليهم هو الشمر بن ذي الجوشن فرفضه العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام وإخوته جعفر وعثمان وعبد الله.
وبعد أن رفض الأخوة كتاب الأمان، حرّك عمر بن سعد في عصر التاسع من المحرّم جيشه نحو الحسين عليه السلام
وفي عصر التاسع من المحرم أشاد الإمام الحسين عليه السلام بأصحابه ودعا لهم.
ليلة العاشر من المحرم
لمّا أمسى حسينٌ عليه السلام وأصحابه ساهرين الليل كلّه، يصلّون ويستغفرون...،هكذا وصف الضحاك بن عبد الله المشرقي، الليلة العاشر من المحرم. وفي رواية أخرى وُصف المعسكر، حيث الأنصار سهروا فيه الليل، وكان لهم دوي كدوي النحل، ما بين راكع وساجد، وقائم وقاعد.
وفي تلك الليلة خاطب الإمام عليه السلام أصحابه وأهل بيته بعد أن أذِن لهم بالانفصال عنه والتفرّق في البلدان لينجوا من القتل، إلا أنهم آثروا البقاء معه إلى نهاية المطاف.
الإستعدادات العسكرية
لم يغفل الإمام عليه السلام تلك الليلة عن الإستعدادات العسكرية، فقد روي أنّه خرج (ع) في جوف الليل إلى خارج الخيام يتفقّد التلال والطرق فيها.
ومن ضمن الإستعدادات أنه لمّا رأى الحرب وشيكة، أمر بحفر خندق حول المعسكر والخيم، لتُضرم فيه النار فتكون مواجهة العدو من جهة واحدة، تفادياً من المباغتة من الخلف.
ومن الأمور الإحترازية التي اتخذها الإمام عليه السلام أنه أمرهم أن تُقرّب خيام بعضهم من بعض، وأن تدخل الأطناب بعضها في بعض...
تأكيد أنصار الحسين (ع) على البيعة ووفاءهم بالعهد
قال أبا عبد الله الحسين (ع): إنّي لَا أعلمُ أصحَاباً أوْفَى وَلَا خَيرَاً مِن أصحَابي وَلَا أهلَ بيتٍ أبرّ ولا أوصلَ مِنْ أهلِ بيتي فَجزاكُم اللهُ عَنّي خَيرا.
بعد أن انتهى الإمام عليه السلام من الاستطلاع عاد بصحبة نافع بن هلال إلى المخيم، وكان نافع يساير الإمام عليه السلام حتى دخل عليه السلام خيمة زينب عليها السلام وظل نافع واقفاً بإزاء الخيمة ينتظره، فسمع زينب عليها السلام تساءلت عما إذا استعلم الحسين (ع) عن نيات أصحابه لما كانت تخشى أن يسلّموه عند الوثبة. فأجابها أبو عبد الله: «والله لقد بلوتهم فما وجدت فيهم إلا الأشوس الأقعس يستأنسون بالمنية دوني استئناس الطفل إلى محالب أمّه».
فبعد أن سمع نافع هذا القول ذهب إلى حبيب بن مظاهر وحكى له عن الحوار الذي كان قد سمعه، فنادى ابن مظاهر أصحابه وأخبرهم بماجرى عن لسان نافع، ثم انطلقوا وأصحابه ليطيّبوا خاطر النسوة ويطمئنوهن على البقاء على العهد.
حوار الإمام مع السيدة زينب
في تلك الليلة التقى الإمام الحسين بأخته زينب عند ولده السجاد وهي تمرضه ولمّا علمت منه أن الشهادة حتمية وأن ساعة الرحيل قد أزفت، بكت فسكّنها الحسين (ع) وأوصاها بالصبر.
كتابة الرسائل
وبعد أن فرغ الإمام من تلك المهام شرع بكتابة مجموعة من الرسائل إلى أشخاص وجِهات معينة، حيث كان (ع) قد أحاط به العدو من كل صوب جعلها عند كل من الإمام السجاد والسيدة زينب وابنته فاطمة (س) لإيصالها بعد انتهاء الحرب، منها الرسالة التي كتبها إلى أهل الكوفة مذكراً لهم بنكث العهد وما سيحل بهم جرّاء نكثهم هذا وتخاذلهم عنه.
اليوم العاشر من المحرم
يوم سُمّي في الإسلام، ولم يُعرف في الجاهلية، وهو اليوم العاشر من المحرم.
أحداث صبيحة عاشوراء
لمّا حضرت صلاة الفجر من يوم العاشر من المحرم أقام الإمام (ع) الصلاة جماعة.ثم نظّم عليه السلام صفوف قواته، وكانوا اثنين وثلاثين فارساً وأربعين راجلاً. فجعل زهير بن القين على ميمنته، وحبيب بن مظاهر على ميسرته، ودفع الراية إلى أخيه العباس بن علي عليهما السلام.
وفي المقابل تقدّم عمر بن سعد ليؤم جيشه لصلاة ثم نظم جيشه وهو على رأس أربعة آلاف مقاتل وجعل على ميمنته عمرو بن الحجاج الزبيدي وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن الضبابي وعلى الخيل عزرة بن قيس الأحمسي وعلى الرجالة شبث بن ربعي الرياحي.
فلمّا نظر الإمام الحسين عليه السلام - كما في الرواية - إلى الجيش رفع يديه بالابتهال إلى الله.
توبة الحرّ الرياحي؛
قبل أن تنشب الحرب بين الطرفين قرر الإمام عليه السلام إلقاء الحجّة على جيش عمر بن سعد فركب فرسه وتقدّم نحو الجيش، ونادى بأعلى صوته: يا أهل العراق - وجلّهم يسمعون، .. فألقى عليهم خطبته، لحين قطع عليه الشمر الكلام.
لمّا سمع الحرّ بن يزيد، كلام الحسين عليه السلام وسمع استغاثته «هل من ناصر ينصرني» وأيقن على غيّ القوم وإصرارهم على الحرب في مقابل ما طرحه الإمام عليه السلام، قرر الالتحاق بأنصار الحسين عليه السلام قائلاً لمن حوله: «إني أخير نفسي بين الجنة والنار...١٧٦ وقد طلب من الإمام عليه السلام أن يكون أوّل من يقاتل بين يديه فأذن له بذلك.
نشوب الحرب
تقدم عمر بن سعد على جيشه فرمى سهماً باتجّاه معسكر الحسين عليه السلام ، ثم طلب أن يشهدوا له عند ابن زياد أنه كان أوّل من رمى الحسين عليه السلام». وأقبلت السهام من جيش بن سعد كالمطر نحو المعسكر.
الحملة الأولى؛
لما بدأت المعركة حمل أصحاب الإمام الحسين عليه السلام حملة واحدة - عرفت بالحملة الأولى - سقط خلالها الكثيرون، وقيل سقط فيها من الأصحاب زَهاء خمسين رجلاً. بعدها تغيّر أسلوب المعركة فأخذ يخرج الواحد والإثنان منهم للمبارزة ولم يسمحوا للعدو بالاقتراب من الإمام عليه السلام.
الحملة الكبرى؛
وقبيل الزوال من ظهر العاشر من المحرم حمل جيش ابن زياد على الحسين عليه السلام وأصحابه من كل جانب، فقاتلهم أصحاب الحسين قتالاً شديداً، وأخذت خيل أصحاب الحسين عليه السلام تحمل، وما إن حملت على جانب من خيل أهل الكوفة حتى كشفته، فلما رأى ذلك عزرة بن قيس - وهو على خيل أهل الكوفة - بعث إلى عمر بن سعد بعبد الرحمن ابن حصن، فطلب منه أن يبعث إليهم الرجال و الرماة». فدعا عمر بن سعد الحصين بن تميم فبعث معه المجففة والرامية، فأقبلوا حتى إذا دنوا من الحسين عليه السلام وأصحابه رشقوهم بالنبل، فلم يلبثوا أن عقرت خيولهم، وصاروا رجّالة كلهم.
وأخذ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام بالانتشار بين الخيام للدفاع عنها ومنع من يريد الاقتراب منها ونهبها وتمكنوا من قتل البعض وجرح البعض الآخر، فلما أحسّ عمر بن سعد بحراجة الموقف وعدم تمكنه من القضاء على الإمام عليه السلام وأصحابه بسرعة، أمر بتقويض الخيام فسارع ابن ذي الجوشن مع أصحابه للهجوم على المخيم فتصدى له زهير بن القين في عشرة رجال من الأصحاب وكشفوهم عن الخيام.
واشتد القتال وكثر القتلى والجرحى في أصحاب أبي عبد الله عليه السلام إلى أن زالت الشمس.١٨٤ وسقطت مجموعة من أنصار الإمام.
المبارزات؛
روى الطبري وغيره من المؤرخين أنّ عمرو بن الحجّاج كان بالميمنة من جيش الكوفة، فاقترب من معسكر الحسين (ع) فأخذ الأصحاب (ع) يرشقون جنده بالنبال فأسقطوا منهم قتلى على الأرض. واستشهد في الهجوم الأول مسلم بن عوسجة، وكان ابن سعد لما رأى صمود أصحاب الحسين (ع) منع جنوده من المبارزة وجهاً لوجه.
ثم استأذن الحرّ الإمام ليتقدم للقتال معاتباً نفسه بأنه أول خارج على الإمام فاستئذنه أن يكون أول من يقتل بين يديه. وقبل أن يبارز قام بوعظ جيش الكوفة وألقى الحجة عليهم، فكان من أول المدافعين والمستشهدين بين يديه.
وخرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان وسالم مولى عبيد الله بن زياد من جيش عمر بن سعد، دعَوا أصحاب الحسين (ع) إلى النزال فقام إليهما حبيب بن مظاهر وبرير بن خضير، فأمرهما الحسين بالجلوس، فقام عبد الله بن عمير الكلبي فأذن له عليه السلام وقاتل حتى قتل.
فاستشهد أصحاب الحسين (ع) واحداً بعد آخر ولمّا نظر مَن بقي من أصحابه (ع) إلى كثرة مَن قُتل منهم، أخذ الرجلان والثلاثة والأربعة يستأذنون الحسين في الذبّ عنه وعن حرمه، وكلّ يحمي الآخر من كيد عدوّه.
أحداث ظهيرة عاشوراء
استمر القتال بين الطرفين حتى زوال الشمس فلما حضر وقت الصلاة قال أبو ثمامة الصائدي للحسين نفسي لنفسك الفداء أرى هؤلاء قد اقتربوا منك - بمعنى أننا مقتولون على أيدي هؤلاء- والله لا تقتل حتى أقتل دونك وأحب أن ألقي ربي وقد صليت هذه الصلاة التي قد دنا وقتها فرفع الحسين رأسه وقال ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين نعم هذا أول وقتها ثم قال سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي ففعلوا!
قتل حبيب بن مظاهر
فعلّق وقتها الحصين بن نمير بأنّ الصلاة لا تقبل من الحسين (ع)، فقال له حبيب بن مظاهر: «لا تقبل الصلاة زعمت من ابن رسول الله وتقبل منك يا حمار»، "وفي رواية يا ختار يعني يا غادر، فحمل عليه الحصين بن نمير وحمل عليه حبيب.ولم يزل حبيب يُقاتل حتّى حمَل عليه رجلٌ من بني تميم يُقال له بُديل بن صُرَيم فضربه برمحه فوقع وذهب ليقوم فضربه الحُصين بن نمير على رأسه بالسّيف فسقط شهيدا.
صلاة ظهر عاشوراء؛
تقدّم الإمام عليه السلام ببقيّة أصحابه وكانوا عشرين رجلاً اصطفوا للصلاة خلفه فلما أراد الصلاة قال عليه السلام لزهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي: «تقدما أمامي حتى أصلي الظهر فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه حتى صلّى بهم صلاة الخوف».وروي أن سعيد بن عبد الله الحنفي تقدم أمام الحسين عليه السلام فاستهدف لهم يرمونه بالنبل كلّما أخذ الحسين عليه السلام يمينا وشمالاً قام بين يديه، فما زال يرمى به حتى سقط شهيداً.
وبعد أن أتمّ الإمام صلاته استشهد سعيد بن عبد الله على إثر ما أصيب من جراح. ثمّ برز كل من زهير بن القين، برير بن خضير الهمداني، نافع بن هلال الجملي، عابس بن أبي شبيب الشاكري، حنظلة بن سعد الشبامي فاستشهدوا واحداً تلو الآخر.
وروي أن آخر من بقي مع الحسين عليه السلام من أصحابه سُوَيد بن عمرو الخَثْعَمي.
أحداث عصر عاشوراء
تسجل لنا المصادر التأريخية أنه بعد استشهد أصحاب الإمام الحسين عليه السلام أخذ بنو هاشم بالخروج إلى المعركة.
بنو هاشم يتقدمون إلى المعركة
كان أوّل من طلب الخروج إلى الحرب علي بن الحسين عليه السلام المعروف بـعلي الأكبر فأذن له أبوه عليه السلام مودعاً له بقوله:«اللهم اشهد على هؤلاء فانه قد برز إليهم غلام أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً و منطقاً برسولك».
وبعد أن سقط علي الأكبر شهيداً تقدم سائر إخوة الإمام عليه السلام عبد الله وعثمان وجعفر قبل العباس عليه السلام حتى استشهدوا جميعاً.٢٠٢ ثم خرج سائر بني هاشم واحداً تلو الآخر منهم أبناء عقيل بن أبي طالب وعبد الله بن مسلم بن عقيل بالإضافة إلى أبناء جعفر بن أبي طالب، وعدي بن عبد الله بن جعفر الطيار بالإضافة إلى أبناء الإمام الحسن عليه السلام كالقاسم بن الحسن عليه السلام وأخيه أبو بكر فسقطوا جميعهم شهداء واحداً بعد آخر.
العباس يقاتل ويستشهد
كان أبو الفضل العباس عليه السلام قد تمكن من كسر الحصار المضروب على الخيام واقتحام الفرات لكنه لم يتمكن من العودة وإيصال الماء إلى العيال.
لم تجتمع كلمة الباحثين والمؤرخين على كيفية شهادته عليه السلام، هل حصلت في طريقه لطلب الماء، أم في معركة القتال.٢٠٥ بحسب الخوارزمي برز العباس إلى الميدان، فحمل على الأعداء مرتجزاً، وبعد أن قتل وأصاب عدداً منهم سقط شهيداً، فجاءه الحسين (ع)، ووقف عليه، وهو يقول: الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي.
فعلى هذه الرواية واجه العباس بن علي (ع) ثلاثة من فرسان القوم وشجعانهم؛
أولهم مارد بن صُدَيف.
الثاني صفوان بن الأبطح.
الثالث عبد الله بن عقبة الغنوي.
فيما قرر أغلب أرباب المقاتل من أمثال ابن نما وابن طاووس بأنه لما اشتد العطش بالحسين عليه السلام ركب المسناة يريد الفرات والعباس (ع) أخوه بين يديه فاعترضه خيل ابن سعد...ثم اقتطعوا العباس عنه، وأحاطوا به من كل جانب حتى قتلوه، فبكى الحسين (ع) لقتله بكاء شديداً.
أو على رواية ابن شهر آشوب مضى يطلب الماء، فحملوا عليه وحمل عليهم حتى ضعف بدنه، فكمن له حكيم بن طفيل الطائي السنبسي، فضربه على يمينه، فأخذ السيف بشماله.
الحسين (ع) يستعد للقتال؛
عندما قرّر الإمام النزول إلى المعركة طلب ثوباً عتيقاً لا يرغب فيه أحد، فخرقه ولبسه تحت ثيابه؛ لئلا يُجرّد منه. فلمّا قُتل عليه السلام، جرّدوه منه وتركوه عرياناً على وجه الصّعيد. ثم إنّه عليه السلام لما رأى ولده عبد الله الرضيع قد غلب عليه العطش أتى به - حسب بعض المقاتل - نحو القوم يطلب له الماء، وقال: «إن لم ترحموني، فارحموا هذا الطفل»، فاختلف العسكر فيما بينهم فصوّب اليه حرملة بن كاهل السهم وهو في حِجر أبيه فذبحه من الوريد إلى الوريد.
الحسين (ع) يقاتل
بعد أن بقي الإمام الحسين وحيداً، صمم على منازلة الجيش، إلاّ أنهم أحجموا عن مواجهته رغم ما به من جراح، لكنهم حالوا بينه وبين المشرعة فأصابه سهم في حَنَكه عليه السلام. ورغم الجراح والآلام التي أصيب بها، عليه السلام استمر في قتال القوم . يقول حُمَيد بن مسلم: «فوالله ما رأيت مكسوراً قطّ، قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جناناً منه عليه السلام، إذ كانت الرجالة لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فينكشف عن يمينه وعن شماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب».
قال ابن طاووس: «لقد كان يحمل فيهم فيهزمون بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ثم يرجع إلى مركزه وهو يقول: لا حول ولا قوّة إلا بالله».
ثم إنّه عليه السلام ودّع عياله مرّة ثانية وأمرهم التحلّي بالصبر من بعده.ثم ودّع النساء.ثم دخل خيمة ولده السجاد عليه السلام ليودّعه.
ولما كان مشغولاً بوداع عياله صاح عمر بن سعد على الجنود فحثهم على الهجوم على الحسين ما دام مشغولاً بنفسه وحرمه فحملوا عليه يرمونه بالسهام حتى وصلت السهام إلى أبواب الخيام وخرقت رداء النساء فدخلن الخيمة.
ثم إن الإمام الحسين عليه السلام اتخذ له مركزاً ينطلق منه لمحاربة القوم والرجوع إليه فإذا رجع إلى مركزه يكثر من ذكر الحوقلة - لا حول ولا قوة إلا بالله-، ليُعلم النساء ببقائه حيّاً.فلما رأى الشمر ذلك حال بينه وبين عياله فصاح بهم الحسين عليه السلام: «ويحكم إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً». حتى لام من حول الشمر لاندفاعه وتعرّضه للخيام.
الحسين (ع) يستشهد
ثم أحاط به القوم يتقدّمهم شمر بن ذي الجوشن إلاّ أنهم أحجموا عن مواجهته عليه السلام والشمر يحثّهم على ذلك. فأمر الشمر الرماة فتراجع الإمام إلى الخلف مثخناً بالجراح والسهام فأحاطوا به صفاً.
وقيل أنّ رجلاً ضربه على رأسه عليه السلام. وقالوا وقف يستريح ساعة وقد ضعف عن القتال، فبينما هو واقف إذ أتاه حَجَر فوقع في جبهته، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن وجهه، فأتاه سهم فوقع في صدره وفي بعض الروايات على قلبه.
وروي أنّه لما ضعف عن القتال وقف، فكلّما أتاه رجل وانتهى إليه انصرف عنه حتى جاءه رجل يقال له «مالك بن اليسر، فشتم الحسين عليه السلام وضربه بالسيف على رأسه وعليه برنس فامتلأ دماً. وضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى، وضربه آخر على عاتقه المقدس بالسيف ضربة وطعنوه في ترقوته، ثم رمووه أيضاً بسهم، فوقع في نحره، وطعنوه على خاصرته طعنة فسقط الحسين (ع) عن فرسه إلى الأرض.
ثم جاء الشمر مع جماعة، يحثّهم على قتل الحسين عليه السلام. فلم يمتثل أمره أحد منهم فصاح شمر ما تنتظرون بالرّجل؟ ثم أمر خولى بن يزيد الأصبحي ليحتزّ رأسه فنزل ليحتّز رأسه فأرعد وامتنع عن ذلك، فشتمه شمر، فنزل هو بنفسه. "وقيل سنان بن أنس" فقطع رأس الإمام عليه السلام وناوله لخولي وبعد استشهاده عليه السلام، جردوا الإمام عليه السلام من ثيابه وتركوه.
مصير الشهداء
ثم نادى عمر بن سعد في أصحابه من يتطوّع ليطئ جثمان الحسين عليه السلام بالخيل فتطوّع له عشرة وهم:
إسحاق بن حرية (الذي سلب الحسينَ (ع) قميصه).
أخنس بن مرثد
حكيم بن طفيل السنبسي
عمر بن صبيح الصيداوي
رجاء بن منقذ العبدي
سالم بن خثيمة الجعفي
واحظ بن ناعم
صالح بن وهب الجعفي
هاني بن شبث الحضرمي
أسيد بن مالك.
فداسوا الحسين (ع) بحوافر خيلهم حتى رضّوا صدره وظهره.
الرؤوس تقطع؛
وبعد أن قُطعت الرؤوس بعث عمرو بن سعد في نفس اليوم برأس الحسين عليه السلام إلى عبيد الله بن زياد مع خولي بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الأزدي، ثم أمر بقطع الرؤوس المقدسة من شباب بني هاشم وأصحاب الحسين عليه السلام وكانت 72 رأساً وأرسلها إلى الكوفة مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجاج.
ما بعد المعركة
لم يكتف جلاوزة بني أميّة، بعد قتل الإمام عليه السلام بسلبه ورضّ جسده بحوافر الخيل، بل عدّوا على المخيم ونهبوا ما فيه من خيول وجِمال ومتاع، وهتكوا سَتر حُرَم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسلب ما عليهن من حليّ وحجاب. وكانوا يتسابقون في نهب بيوت آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وكان نهب المخيّم بأمرٍ مباشر من عمر بن سعد.
وكان المبادر لتنفيذ هذا العمل شمر بن ذي الجوشن، حيث قصد الخيام مع جماعة من جيشه لغرض قتل الإمام السجاد عليه السلام فتصدّت له النساء وعلى رأسهن السيدة زينب عليها السلام ومنعته من ذلك وقيل الذي منعه هو حميد بن مسلم أو جماعة من جيش عمر بن سعد حيث عابوا عليه موقفه هذا.
ثم أمر عمر بن سعد بجمع العيال والأطفال في خيمة واحدة وأمر بحراستهم.
الناجون من المعركة
سجّل في النصوص التاريخية بعض الأسامي تمكن أصاحبها من النجاة من المعركة هم: الضحاك بن عبد الله المشرقي الذي ترك المعركة هو وغلام عبد الرحمن بن عبد ربّه الأنصاري بعد أن بقي الحسين عليه السلام وحيداً؛ ومنهم مرقع بن ثمامة الأسدي الذي سيره - أبعده - عبيد الله بن زياد؛ ومنهم عقبة بن سمعان خادم الرباب زوجة الحسين عليهما السلام. حيث توسط له عمرو بن سعد لكونه عبداً.
سبي النساء والأطفال
ثم إنّ عمر بن سعد أمر بسبي عائلة الإمام الحسين عليه السلام وفيهم الإمام السجاد عليه السلام الذي اشتد به المرض أثناء المعركة فأرسلهم إلى ابن زياد في الكوفة ومن الكوفة إلى الشام فأدخلوهم قصر يزيد بن معاوية.
* المصادر:
ابن شهرآشوب، أبوجعفر محمّد بن عليّ، مناقب آل ابي طالب، قم، علامة، 1379 هـ.
ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ، بيروت، دار صادر، 1965 م.
ابن المشهدي، محمد بن جعفر، المزار الكبير، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، قم، مؤسسة النشر الإسلامي،1417 هـ.
ابن أعثم، أبو محمد أحمد بن أعثم الكوفي، الفتوح، تحقيق: علي شيري، بيروت، دار الأضواء، 1991 م.
ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: محمد عبدالقادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 1992 م.
ابن عبد ربّه، أبو عمر أحمد بن محمد، العقد الفريد، بيروت، دار الكتب العلمية، 1404 هـ.
ابن عساکر، علی بن الحسین، تاريخ مدينة دمشق، تحقيق علي شيري، بيروت، دار الفكر، ط 1، 1417 هـ/ 1996م.
ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، بيروت، دار الفكر، 1986 م.
ابن الفقيه، أحمد بن محمد، البلدان، تحقيق: يوسف الهادي، بيروت، عالم الكتب، ط 1، 1996 م.
الأمين، السيد محسن الأمين العاملي الحسيني، لواعج الأشجان، الناشر: منشورات مكتبة بصيرتي، قم، مطبعة العرفان، صيدا، د ت.
البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف، تحقيق: إحسان عباس، جميعة المستشرقين الألمانية، بيروت، 1979 م. أنساب الأشراف، تحقيق: محمد باقر المحمودي، دار التعارف، بيروت، ط1، 1977 م.
الأصفهاني، أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم المرواني الأموي، مقاتل الطالبيين، تحقيق: أحمد صقر، دار المعرفة، بيروت، د ت.
الأمين، السيد محسن الأمين العاملي الحسيني، في رحاب أئمة أهل البيت عليهم السلام، ترجمة: حسين وجداني، سروش، د م، 1376 ش.
البغدادي، صفي الدين عبد المؤمن، مراصد الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، ، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، 1954 م.
دائرة المعارف تشيع، تحت إشراف: أحمد صدر الحاج السيد جوادي وكامران فاني وبهاء الدين خرمشاهي، نشر مؤسسة دائرة المعارف تشيع، طهران: 1368 ش.
دهخدا، علي أكبر، لغت نامه قاموس دهخدا، د ن، طهران، 1377 ش.
ابن سعد، محمد بن سعد بن مَنِيع، الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد بن صامل السلمي، مكتبة الصدّيق، الطائف، 1993 م. الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1990 م.
الطوسي، أبي جعفر محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1365 ش.
الطوسي، أبي جعفر محمد بن الحسن، مصباح المتهجد، مؤسسة فقه الشيعة، بيروت، 1411 هـ.
الطوسي، أبي جعفر محمد بن الحسن، الأمالي، دار الثقافة، قم، 1414 هـ.
الكليني، محمد بن يعقوب بن إسحاق الرازي، الكافي، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1365 هـ.
المفيد، محمَّد بن محمَّد بن النعمان بن عبد السَّلام الحارثي المذحجي العكبري، المقنعة، مؤتمر الشيخ المفيد، قم، 1413 هـ.
المفيد، محمَّد بن محمَّد، الإرشاد، ترجمة وشرح فارسي: محمد باقر ساعدي، تصحيح: محمد باقر بهبودي، انتشارات إسلامية، د م، 1380 هـ. الإرشاد، ترجمة: محمد باقر ساعدي خراساني، إسلامية، د م، 1351 ش. الإرشاد، مؤتمر الشيخ المفيد، قم، 1413 هـ.
المفيد، محمد بن محمد ، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، تحقيق: مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، دار المفيد، د.ت.
المفيد، محمَّد بن محمَّد، مسار الشيعة، مؤتمر الشيخ المفيد، قم، 1413 هـ.
الخوارزمي، الموفق بن أحمد، مقتل الحسينعليه السلام، تحقيق وتعليق: محمد السماوي، مكتبة المفيد، قم، د ت.
محمد ري شهري، دانشنامه موسوعة الـإمام الـحسين{{عليه السلام}}، مترجم: محمد مرادي، دار الحديث، قم، 1430 هـ، 1388 هـ..
الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك (تاريخ الطبري)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث، بيروت، 1967 م.
الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك (تاريخ الطبري)، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، د.ت.
شهيدي، السيد جعفر، الـتاريخ الـتحليلي للـإسلام، مركز نشر دانشكاهي، طهران، 1390 هـ.
شهيدي، السيد جعفر، بعد مرور خمسين عاما دراسة جديدة لثورة الإمام الحسين، دفتر نشر فرهنك إسلامي، طهران، 1380 هـ.
المسعودي، علي بن الحسين، التنبيه والإشراف، تصحيح: عبد الله إسماعيل الصاوي، دار الصاوي، القاهرة، د ت. دار الثقافة الإسلامية، قم، د ت.
المسعودي، علي بن الحسين، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق: أسعد داغر، دار الهجرة، قم، 1409 هـ.
الدينوري، أبو محمد عبد الله بن عبد المجيد بن مسلم بن قتيبة، المعارف، تحقيق: ثروت عكاشه، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1992 م.
العسقلاني، ابن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة، ،تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، 1995 م.
جعفريان، رسول، گزيده حيات سياسي وفكري امامان شيعه[مختارات من الحياة السياسية والفكرية لأئمة الشيعة]، د ن، د م، 1391 هـ.
السيد ابن طاوس، رضي الدين علي بن موسى بن جعفر، إقبال الأعمال، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1367 ش.
السيد ابن طاوس، رضي الدين علي بن موسى بن جعفر، اللهوف على قتلى الطفوف، جمعه: عبد الزهراء عثمان محمد، المعد، قم، 1988 م.
ابن طاووس، علي بن موسى، الملهوف على قتلى الطّفوف، المحقق: الشيخ فارس تبريزيان « الحسّون »، دار الأسوة للطباعة والنشر، ط 2، 1417 هـ.
السيد ابن طاوس،رضي الدين علي بن موسى بن جعفر، الطرائف، خيام، قم، 1400 هـ.
العاملي، محمد بن مكي (الشهيد الأول)، الدروس الشرعيه في فقه الإمامية، جامعة الـمدرسين، قم، 1417 هـ.
الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، دار إحياء التراث العربي، د م، د ت.
السمعاني،عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي، الأنساب، تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، 1962 م.
ابن الصباغ، العلامة علي بن محمد بن أحمد المالکي، الفصول المهمة في معرفة الأئمة، تحقيق: سامي الغريري، دار الحديث، د م، 1422 هـ.
البحراني، يوسف بن أحمد، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة،تحقيق: محمد تقي الإيرواني وعبد الرزاق المقرم، جامعة الـمدرسين، قم، 1405 هـ.
البحراني، عبد الله، عوالم الامام الحسينعليه السلام، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه.، مدرسة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، قم، 1407 هـ.
الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى، مكتبة القدسي، القاهرة، 1356 هـ.
الطبري محمد بن جرير، دلائل الإمامة، دار الذخائر، قم، د ت.
الحلي، ابن نما، مثير الأحزان، مدرسه الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه. قم، 1406 هـ.
ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله، تاريخ مدينة دمشق، دار الفكر، بيروت، 1415 هـ.
المزّي، جمال الدين أبو الحجاج، تهذيب الكمال، تحقيق: بشار عواد معروف، موسسة الرسالة، بيروت، 1985 م.
ابن الطقطقي، محمد بن علي بن محمد ابن طباطبا العلوي أبو جعفر، الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، تحقيق: عبد القادر محمد مايو، دارالقلم العربي، بيروت، 1997 م.
طبسي، محمد جعفر، مع الركب الحسيني، طهران، مركز الدراسات الإسلامية، د ت.
الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن، أعلام الورى بأعلام الهدى، إسلامية، طهران، 1390 هـ.
الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن، مشكاة الأنوار، المكتبة الحيدرية، النجف، 1385 هـ
الطبرسي، أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب، الإحتجاج، نشر مرتضى، مشهد، 1403 هـ.
ابن الخشاب البغدادي، أبي محمد عبد الله بن النصر، تاريخ مواليد الأئمة (المجموعة)، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، قم، د ت.
العاملي، جمال الدين يوسف بن حاتم بن فوز بن مهند الشامي المشغري، الدر النظيم، جامعة الـمدرسين، قم، د ت.
الأربلي، علي بن عيسى، كشف الغمة، مكتبة بني هاشمي، تبريز، 1381 هـ.
الأربلي، علي بن عيسى، كشف الغمة، ترجمة: حسين زوارئي، حقيقت، د م، 1381 هـ.
رباني خلخالي علي، الصورة المشرقة للـإمام الـحسين عليه السلام، مكتب الحسين، قم، 1379 هـ.
جعفريان، رسول، أطلس الشيعة، طهران، دار النشر سوره مهر، 2013 م.
الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، كمال الدين وتمام النعمة، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1405 هـ.
الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، التوحيد، تحقيق وتصحيح وتعليق: السيد هاشم الحسيني الطهراني، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، د ت.
الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، الخصال، جامعة الـمدرسين، قم، 1403هـ.
الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، الأماليتحقيق: قسم الدراسات الإسلامية، مؤسسة البعثة، قم، 1417 هـ.
الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، علل الشرائع، المكتبة الحيدرية ومطبعتها النجف الأشرف، 1385هـ.
فتال النيشابوري، محمد بن حسن، روضة الواعظين، الرضي، قم، د ت.
القمي، عباس بن محمد رضا بن أبي القاسم، منتهى الآمال، تحقيق: ناصر باقري بيد هندي، دليل، قم، 1379 هـ.
مالك بن أنس، أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري المدني، الموطأ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1985 م.
المقدسي، يد الله، تاريخ ولادت وشهادة معصومين عليهم السلام. پژوهشكاه علوم وفرهنك إسلامي، قم، 1391 هـ.
موسوعة كلمات الرسول الأعظم، كتاب الحسنين عليه السلام وكتاب أهل البيت عليهم السلام. المؤلف لجنة الحديث في مركز أبحاث باقرالعلوم عليه السلام، نشر أمير كبير، طهران، 1388 هـ.
القمي، علي بن محمد، كفاية الأثر، بيدار، قم، 1401 هـ.
المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1404 هـ.
الخركوشي النيشابوري، أبو سعيد، شرف المصطفى، دار البشائر الإسلامية، مكة، 1424 هـ.
الحاكم النيشابوري، أبو عبد الله محمد بن عبد الله، المستدرك،تحقيق: يوسف عبد الرحمن المرعشي، د م، د ت.
الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، السنن، تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، دار الفكر، بيروت، 1983 م.
ابن حبان، الإمام العلامة الحافظ المحدّث المؤرخ القاضي، صحيح، تحقيق: شعيب أرنؤوط، الرسالة، د م، 1993 م.
الدينوري، أبو محمد عبد الله بن عبد المجيد بن مسلم بن قتيبة، الإمامة والسياسة تحقيق: علي شيري، دار الأضواء، بيروت، 1990 م.
النميري، عمر بن شبه، تاريخ المدينة المنورة، قم، دار الفكر، 1368 هـ.
الذهبي، شمس الدين، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق: عمر عبد السلام التدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، 1993 م.
المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، تصحيح: صفوة السقا، الرسالة، بيروت، 1989 م.
الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن عبدالمجيد بن علي بن ثابت، تاريخ بغداد، دار الكتب العلمية، بيروت، 1412 هـ.
الدينوري، أبو حنيفة أحمد بن داوود، الأخبار الطوال، تحقيق: عبد المنعم عامر، مراجعة: جمال الدين شيال، منشورات الرضي، قم، 1368 هـ.
الدينوري، أبو محمد عبد الله بن عبد المجيد بن مسلم بن قتيبة، الإمامة والسياسة،تحقيق: علي شيري، دار الأضواء، بيروت، ط1، 1990 م.
ابن عساكر، ،أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله، تاريخ مدينة دمشق، دار الفكر، بيروت، 1415 هـ.
الحراني، حسن بن شعبة، تحف العقول، جامعة الـمدرسين، قم، 1404 هـ.
الكوفي، أبو محمد أحمد ابن أعثم، الفتوح، تحقيق: علي شيري، دار الأضواء، بيروت، ط1، 1991 م.
اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، تاريخ اليعقوبي، دار صادر، بيروت، د ت.
الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاءتخريج: شعيب أرنؤوط، وتحقيق: حسين أسد، الرسالة، بيروت، ط9، 1993 م.
الكشّي، محمد بن عمر، رجال الكشي، دانشكاه مشهد، مشهد، 1348 هـ.
التميمي المغربي، نعمان بن محمد، دعائم الإسلام، دار المعارف، مصر، 1385 هـ.
الكتبي، محمد بن شاكر بن أحمد بن عبد الرحمن بن شاكر بن هارون بن شاكر، فوات الوفيات، تحقيق: علي محمد بن يعوض الله وعادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، 2000 م.
الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك (تاريخ الطبري)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دارالتراث، بيروت، 1967 م.
خليفة بن خياط، 'خليفة بن خياط بن أبي هبيرة، تاريخ خليفة بن خياط'، تحقيق: فواز، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1995 م.
الأصفهاني، أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم المرواني الأموي، الأغاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1415 هـ.
الأزدي، أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم بن الحارث، مقتل الحسين، تحقيق وتعليق: حسين الغفاري، مطبعة العلمية، قم، د ت.
الخوارزمي، الموفق بن أحمد، مقتل الحسين، تحقيق وتعليق: محمد السماوي، مكتبة المفيد، قم، د ت.
مسكويه، أبو علي أحمد بن يعقوب، تجارب الأمم، تحقيق: أبوالقاسم إمامي، سروش، طهران، 1379 هـ.
السماوي، محمد، أبصار العين في أنصار الحسين، تحقيق: محمد جعفر الطبسي، مركز الدراسات الإسلامية لممثلي الولي الفقيه في حرس الثورة الاسلامية، د م، د ت.
الفراهيدي، خليل بن أحمد، كتاب العين، هجرت، قم، 1409 هـ.
المقرم، عبد الرزاق، مقتل الحسين(ع)، دار الكتاب الاسلامية، بيروت، د ت.
المقرم، عبد الرزاق، مقتل الحسين (ع)، مؤسسة الخرسان للمطبوعات، بيروت، 2007 م.
المقرّم، عبد الرزاق، مقتل الحسين (ع)، مؤسسة البعثة، د.ت.
المحدث النوري، الميرزا حسين بن محمد تقي بن علي محمّد بن تقي، مستدرك الوسائل، آل البيت عليهم السلام.، قم، 1408 هـ.
القندوزي، سليمان بن ابراهيم، ينابيع المودة لذوي القربى، دار الأسوة، د.ت.
القندوزي، أحمد بن داود، الأخبار الطوال، د.ت.
........
انتهى / 278