ابنا: أجرى الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الأول من الحلقة الثانية إلى تقسيم الناس إلى طبقتين: العام والخاص، كما أن هناك في الخواص منهم مع الحق ومنهم مع الباطل، وفيما يلي نص المقابلة:
سماحة السيد:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
في الواقع سماحة السيد القائد، في أهم محاضراته وأهم خطاباته قبل عدة سنوات، طرح موضوع العوام والخواص، وهو من المواضيع المهمة جداً والأساسية، وطرحه سماحة السيد بشكل متكامل ورائع حقاً، وفي الجمهورية الإسلامية الكثير من العلماء والفقهاء والمبلغين والخطباء والكتّاب تحدثوا كثيراً في هذا الموضوع بعد أن طرحه سماحة القائد. يقول سماحة السيد القائد: إذا نظرتم إلى المجتمع البشري؛ أيّ مجتمع كان وفي أيّ مدينة أو بلد، تجدون الناس فيه ينقسمون من وجهة نظر معينة إلى فئتين؛ الأولى فئة تسير عن فهم وفكر ووعي وإرادة وتعرف إلى أين تذهب، وتعرف ماذا تعمل، وتعرف طريقها وتسلكه، ولكن هنا يقول السيد لا يهمنا سواء كانت هذه الفئه على الحق أو على الباطل، ليس هذا هو البحث، أصل البحث هو أن هذه الفئه واعية لما تفعل، وهذه الفئة تسمى الخواص.
إذن ليس المقصود من الخواص هنا حق أو باطل، الخواص بمعنى أن هذه الفئة وهذه المجموعة وهذه الشريحة من الناس أو المجتمع تعرف ماذا تفعل عن وعي وإدراك، بغض النظر عن أنها كانت على حق أو باطل.
والمجموعة الثانية بالعكس وهي الفئة التي لا تعي، ولا تعرف إلى أين ذاهبة، وماذا تعمل؛ غير واعية وغير مدركة، وبتعبير آخر تابعة للآخرين؛ هذه الفئة تسمى بالعوام.
المقدم: هل نفهم من كلام السيد القائد أن هناك إشاره إلى أن العوام أكثر من الخواص.
سماحة السيد: لا، ليس بالضرورة ذلك، وهناك مثال وهو أنه في الفتنه التي حدثت في الانتخابات الرئاسية قبل الماضية، وخرج بعض الناس، وكانت مؤامرة دولية إسرائلية أمريكية، والناس أطفأت هذه الفتنه بنزولها إلى الشارع بوعي، هنا تحدث القائد وأشار إلى أن الشعب أصبح من الخواص. إذن يمكن أن يكون الخواص شعباً، وهذا يعني أن الأكثرية طبقة واعية، ولا نقول الكل ولكن الأكثرية. والبعض ممن هو محسوب على الخواص - وسوف نأتي بمثال لطيف يشير إليه السيد القائد - هو في الحقيقة من العوام. إذن ليس المعنى هو الأكثرية أو الأقلية أو ما شاكل ذلك، بل المعنى هو هذا الوعي وغير الوعي، والإدراك وعدم الإدراك، وأنه يعرف ماذا يفعل ولا يعرف ماذا يفعل، هذا هو الفرق بين الخواص والعوام بحسب تعريف الإمام القائد.
المقدم: هل يمكن القول إن الخواص تمثّل طبقة خاصة من المجتمع؟
سماحة السيد: لا، هنا يقول السيد بأنّ هذه الفئة تختلف، فقد يكون الخواص - بحثنا حول الخواص – من المتعلمين وقد يكونون من غير المتعلمين، يعني هناك متعلم من الخواص بمعنى الأكاديمي أو الحوزوي وهناك غير متعلم، وهناك رجل وهناك امرأة، وهناك غني وهناك فقير، فلا يوجد ملاك لفئة محددة، فقد يكون أحياناً بين الخواص شخص غير متعلم بتعبير السيد، لكنه يفهم ماذا ينبغي عليه فعله، ويدرك، ويعمل وفق تخطيط وإرادة حتى وإن لم يكن قد دخل المدرسةأو ليس لديه شهادةأو لا يرتدي زي العلماء بتعبير السيد، لكنه متفهم لحقيقة الأمور. هنا يذكر السيد مثالاً ويأتي بقصه اشتهرت في الجمهوريةالإسلامية، وهي لطيفةسأذكرها. يقولالسيد القائد: في أيام اندلاع الثورة وقبل انتصارها، حيث كنت في المنفى - فقد سُجن السيد 6 مرات وفي المرة السابعة تورط مع الأمن الإيراني فنفوه إلى منطقة بعيدة تسمى إيرانشهر، وهي منطقة بعيدة نائية، وفي إحدى المدن القريبة من هذه المدينة إيرانشهر- كان هنالك مجموعة من الأشخاص من ببنهم سائق - هذا نص كلام السيد - وهم من ذوي الثقافة والمعرفة وسائق، ولكن عنده معرفة رغم أنهم يصفونه من العوام، ولكنه كان من الخواص، وكانوا يأتون إلى لقائنا في إيرانشهر بشكل منتظم، فنقلوا لي أنه في حوار دار بين سائق الشاحنة وبين عالم دين، وعالم الدين كان رجلاً طيباً ولكنه كان من العوام! لاحظوا السيد يقول: سائق الشاحنة من الخواص وعالم الدين من العوام، لماذا؟ لأنه كان يقول متسائلاً: لماذا إذا ذكر النبي تصلون عليه مرة واحدة، وإذا ذكر السيد الخميني - كان لم يطلق اسم الإمام على الإمام الخميني - تصلون عليه ثلاث مرات؟ هذا العرف موجود في إيران وهو أنه إذا ذكر الإمام الخميني يصلون عليه. فردّ عليه سائق الشاحنة - انظروا إلى الوعي -: حين نفرغ من مجابهة الشاه، ويكون الإسلام قد ساد كل الأرجاء، وتنتصر الثورة، سنترك الصلاة عند ذكر الإمام الخميني - وطبعاً لم يتركوها لأن الإمام الخميني يستحق ذلك - فالصلاة هي أسلوب من أساليب المواجهة. هذا سائق هكذا كان يقول، ويقول السيد القائد: لاحظوا! هذا الرجل السائق يدرك الحقيقة وذلك العالم لا يدرك الحقيقة، ثم يقول السيد قبل أن يختم الكلام: ذكرت ذلك المثال لكي تعرفوا عندما نتكلم عنالخواص، لا يعني ذلك أنهم فئة يرتدون زياً خاصاً، فقد يكونون من الرجال أو النساء، وقد يكونون من الأثرياء أو الفقراء، وقد يكونون ممن يعملون في جهاز الحكومة الظلام سابقاً أو من المعارضين، وأكرر ليس معناه أن يكون شيخ عشيرة أو ما شبه هذا. هنا القائد يقسم الخواص إلى فريقين:
1- فريق خواص الحق
2- فريق خواص الباطل
فإذن يوجد في الباطل خواص. الخواص هم أهل المعرفة والثقافه والفكر. وإن من أهل الثقافة والمعرفة والدراية من يعمل في جبهة الحق، ويعرف أن هذا هو الطريق الحق، ويتحرك باتجاهه، ومنهم بالعكس؛ فإن هؤلاء أيضاً ذو ثقافة وعلم ودراية - وهذا النوع موجود – فبالإمكان تشخيص الخواص الذين مع طريق الحق والذين يقفون مع الطريق الآخر بوعي وإدراك ودراية. وفي الصدر الأول يقول السيد القائد بأن أصحاب الإمام علي والإمام الحسين هم خواص أصحاب الحق، ولكن في الطرف الآخر معاوية ويزيد هم خواص أهل الباطل. حيث كانوا يدركون تماماً أنهم يفعلون هذا، فإنهم حين ثار الإمام الحسين لم يكذبوه أو لم يقولوا له مثلاً أنت لست سبط رسول الله، بل كانوا يدركون أنه على حق ولكن عارضوه، عن وعي أم لا عن وعي؟ نعم هناك من العوام من عارض الإمام الحسين، ولكن الكثير من الذين عارضوه هم من الخواص ومن الأسماء اللامعة، وهم من خواص أهل الباطل. ولذلك فإن الخواص في كل مجتمع على نمطين كما ذكرت نقلاً عن الإمام القائد. وماذا ترجون من خواص أهل الباطل غير التآمر والتخاذل وتضعيف الإسلام، وهذا ابتلاء المجتمعات إن ازداد فيها خواص أهل الباطل، حيث يزداد فيها التآمر وتضعيف الإسلام. هذا كله يفعله ازدياد خواص أهل الباطل.
.......
انتهى / 278