وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : موقع قناة العالم
الثلاثاء

١١ يوليو ٢٠١٧

٣:٠٢:٥٥ م
841765

لا خوف على العراق وفيه المرجعية الدينية

الطاقة الكبرى التي فجرتها الفتوى في نفوس العراقيين، ما كانت لتفجرها الاحزاب السياسية ولا الحكومة العراقية ولا حتى القوى الاقليمية والدولية الصديقة للعراق، فالقدرة على هذا الفعل تعود الى منزلة المرجعية الدينية في قلوب وعقول العراقيين.

ابنا: اليوم لا يحتفل العراقيون وحدهم بالنصر الذي حققوه على "داعش" في الموصل، فشعوب العالم كله تحتفل معهم، فهذا النصر هو انتصار الانسانية على الهمجية، وانتصار الحق على الباطل، وانتصار العدل على الظلم، وانتصار النور على الظلام، وانتصار الحياة على الموت.

شعوب العالم اجمع مدينة للشعب العراقي الذي قاتل "داعش" وقدم عشرات الالاف من الشهداء والضحايا، نيابة عن هذه الشعوب وعن الانسانية، فلولا الشعب العراقي لكانت "داعش" اليوم تطرق ابواب عواصم ومدن تبعد على العراق الاف الكيلومترات، وليس في هذا الكلام اي مبالغة، ويكفي متابعة ما يجري في الفليبين ومناطق اخرى من العالم على يد عصابات "داعش"، للتأكد من هذا القول.

قبل ثلاث سنوات كانت هناك دول وجهات ترسم صورة سوداوية لمستقبل العراق، بعد ان شاركت هذه الدول والجهات في ايصال العراق لما وصل اليه قبل ثلاث سنوات، عندما احتلت عصابات "داعش"، بالتواطؤ مع فلول المقبور صدام والطائفيين والحاقدين، محافظات غرب العراق والموصل، واخذت تعربد على ابواب بغداد مهددة باحتلالها والزحف على كربلاء المقدسة والنجف الاشرف.

حزيران يونيو عام 2014 كانت بغداد تعيش احلك ايامها منذ سقوط الصنم عام 2003، بعد ان زحف "الدواعش" نحوها من الشمال والغرب، في ظل انهيار عسكري وامني كبيرين، وفي ظل حرب نفسية شرسة شنتها فضائيات عربية "داعشية"، تعمل على مدار السرعة لضرب معنويات العراقيين التي تأثرت كثيرا على وقع المشاهد الفظيعة لشهداء سبايكر والشائعات التي كانت تنتقل بين اهالي بغداد كالنار في الهشيم.

اعداء العراق كانوا يعدون العدة للاحتفال بانهيار العراق واختفائه من الخريطة وتشتت شعبه، اما اصدقاء العراق فكانوا يعيشون حالة الصدمة، وكانت الساعات، وليس الايام، تمر على العراقيين متسارعة وكأنها تدفعهم دفعا الى حافة الهاوية.

في تلك الظروف الصعبة والمصيرية التي عاشها العراقيون، تمكن صوت واحد فقط من تفجير الطاقات الكامنة في الشخصية العراقية، بفضل العلاقة الوثيقة بين هذا الصوت وبين وذلك الانسان، وهي علاقة تعود الى اكثر من الف عام، منذ ان اقامت المرجعية الدينية صرحها الشامخ في مدينة امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، وهذا الصوت لم يكن سوى صوت حفيد الحسين (ع) سماحة السيد علي الحسيني السيستاني، عندما اطلق فتوى الجهاد الكفائي للدفاع عن الارض والعرض والمقدسات، والتي وجدت لها صدى في قلوب وعقول العراقيين، الذين خرجوا بالملايين ملبين الفتوى، التي نزلت كالصاعقة على رؤوس "الدواعش" ومن يقف وراءهم من قوى اقليمية ودولية وحواضن داخل العراق.

الطاقة الكبرى التي فجرتها الفتوى في نفوس العراقيين، ما كانت لتفجرها الاحزاب السياسية ولا الحكومة العراقية ولا حتى القوى الاقليمية والدولية الصديقة للعراق، فالقدرة على هذا الفعل تعود الى منزلة المرجعية الدينية في قلوب وعقول العراقيين، فهي منزلة لا تزاحمها اي قوة اخرى لا مادية ولا معنوية، وسلطتها على العقول والقلوب تعود بالاساس الى زهد وتقوى وورع وتواضع وعلم وحكمة ودراية المرجعية، التي تعيش في ظروف مادية هي اقرب الى اكثر شرائح المجتمع العراقي فقرا، فعلي سبيل المثال البيت الذي يقطنه سماحة السيد السيستاني والزقاق الذي يقع فيه هذا البيت، وملبس ومأكل سماحتة، كلها امور تؤكد على تجسيد سماحة السيد السيستاني تجسيدا عمليا لمقولة جده الامام علي عليه السلام وهو يخاطب الدنيا:"إليك عنّي يا دنيا، غرِّي غيري، إليَّ تعرّضت أم إليَّ تشوّقت؟ هيهات هيهات! فإنّي قد طلقتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك؛ فعمرك قصير، وخطرك كبير، وعيشك حقير"، فهذا التجسيد العملي للاخلاق العلوية هو سر عظمة المرجعية الدينية في قلوب العراقيين.

فتوى سماحة السيد السيستاني قلبت المعادلة في العراق راسا على عقب لصالح الشعب العراقي ولشعوب العالم اجمع، وبفضل هذه الفتوى انتقل العراقيون من وضع الدفاع الى وضع الهجوم، وكسروا بذلك ظهر "داعش" واسقطوا دولة الخرافة والجهل، وبانتصارهم على "داعش" في الموصل، سيعجلوا من انتصار الشعب السوري وشعوب المنطقة والعالم اجمع على "داعش"، فانتصار العراقيين في الموصل اعطى زخما قويا لباقي شعوب العالم المنكوبة ب"داعش".
في حزيران عام 2014 احتلت "داعش" الموصل، وفي تموز عام 2017 تحررت الموصل من "داعش"، وفي عام 2014 كانت "داعش" تهدد بغزو بغداد وكربلاء والنجف، وفي عام 2017 تهدد قوات الحشد الشعبي، التي خرجت من رحم فتوى سماحة السيد السيستاني، بملاحقة "داعش" داخل الاراضي السورية، في عام 2014 كان الخطاب الطائفي هو الاعلى صوتا في العراق، وفي عام 2017 اصبح الخطاب الوطني هو الاعلى صوتا، في عام 2014 كان العالم ينظر الى العراق على انه بلد في طريقه الى ان يصبح بلدا فاشلا، في عام 2017 اصبح العالم كله ينظر الى العراق على انه راس الحربة في محاربة "داعش"، فكل هذا الفضل يعود الى المرجعية الدينية، لذلك لا خوف على العراق وفيه المرجعية الدينية.
........
انتهى / 278