أجرى مراسل وكالة أهل البيت(ع) للأنباءـابناـ لقاء مع النشاط السياسي البحريني، رئيس المكتب السياسي في تيار العمل الإسلامي في البحرين "الدكتور راشد الراشد" حول الوضع الراهن في البحرين ومستجدات الثورة البحرينية والإضطهاد الذي يمارس في حق الشعب البحريني.
نص هذه المقابلة على النحو التالي:
ابنـا: إلى متى ستستمر الثورة السلمية في البحرين في ظل هذا الإضطهاد الذي يمارس في حق الشعب البحريني وفي حق علمائها؟
ــ طالما ما هناك ظلم، وهناك ديكتاتور وظالم، وطالما هناك استبداد ستستمر الحركة الشعبية لوضع حد للاستبداد والديكتاتورية وإقامة نظام سياسي يحقق العدالة الاجتماعية.
شعب البحرين منذ مجيء آل خليفة واستيلائهم على الحكم، وفرض الأمر الواقع لا يمتلكون أي شرعية، وحدثت عدة انتفاضات، وانتفاضة الرابع عشر من فبرايل 2011م والتي تستمر الآن قرابة أربع سنوات ونصف ليست هي الأولى، كما أنها ليست الأخيرة.
نضال متواصل لانتزاع الاستحقاقات الوطنية ووضع حد لغياب العدالة الاجتماعية وانعدام الحريات واستيلاء البعض على السلطة وعلى الموارد وعلى مقدرات البلاد والفساد السياسي والإداري في البلاد.
الثورة انطلقت لتغيير هذا الوضع البائس حيث تستأثر عائلة واحدة بكامل السلطة وبكامل الموارد وتغيب الشعب بصورة مطلقة وكاملة وتنعدم فيها الحريات والتوزيع العادل للثروة وبالتالي طالما هذه المقومات لا زالت مستمرة سوف تستمر هذه الثورة والتأكيد على سلمية هذه الثورة باعتبار أنها خيار كل شخصيات وقادة المعارضة والتيارات السياسية وكل القوى السياسية المعارضة في البحرين هو خيار الثورة الشعبية.
ابنـا: هل تحققت أهدافكم المنشودة من هذه الثورة؟
ــ بالتأكيد تحقق الكثير من الإنجازات إلى هذه اللحظة، وأهم هذه الإنجازات هو الحضور الشعبي الكبير، والشعب قال كلمته بوضوح النظام الحاكم ليس له أية شرعية، وهذه الانجازات، ويعلم الجميع أن النظام السياسي الحاكم والسلطة المستبدة القائمة إنما تحكم على ظهر الدبابة وبالسلاح وبالقوة العسكرية ، ولا تستند إلى أي شرعية؛ ونحن أمام النظام الديكتاتوري الذي يعالج هذه الأزمة .
وكذلك من انجازات الثورة أنها أيضاً أطلقت قضية الديكتاتور والاستبداد الحاكم المغلفة الديموقراطية لأن النظام كان يروج بأنه ديموقراطي ، وإذا بثورة شعبية هائلة تنطلق في البحرين لتكشف أن هذه الديموقراطية زائفة غير حقيقية، وهذه من انجازات هذه الثورة ، ولا زالت الثورة مستمرة ، وهو حراك شعبي وليس انقلاباً عسكرياً حتى تتحقق النتائج في لحظة من اللحظات .
ابنـا: هل من الممكن أن تتبعوا النهج العسكري في الثورة في المستقبل؟
ــ كل الخيارات مفتوحة، ولكن الخيار المطروح الآن هو الثورة الشعبية. هناك خشية على مستقبل هذه الثورة فيما إذا أدخل السلاح في هذه الثورة، فسيقضى على المشاركة الشعبية، وستتحول إلى حرب عصابات وحرب شوارع، وتشارك فيها فقط أطراف المعارضة السياسية دون الشعب؛ لأن المدنيين لا يمكن زجهم في حرب عسكرية مسلحة ، ولا يمكن إشراكهم في ثورة شعبية جماهيرية كما هو الآن، نحن لا نريد أن نخسر هذا الحضور الجماهيري، إدخال العمل المسلح في هذه الثورة سيقضي على أهم نقاط القوة وهو مشاركة كل فئات الشعب: رجال ، علماء ، أطباء ، مهندسين ، طلاب ، نساء.
من كل فئات المجتع شاركت في هذه الثورة، ولازالت خيار الاستراتيجي لثورة هو خيار الثورة الشعبية، وإدخال السلاح في الثورة سيقضي على أهم ميزة تتحلى بها هذه الثورة.
ابنـا: وقعت اعتقالات واسعة في صفوف المدنيين البحرينين ولا زالت متواصلة، كيف يتم التعامل مع هؤلاء؟
ــ الاعتقالات لم تتوقف من لحظة من اللحظات في البحرين طوال مئتي عام ، وليس في هذه الثورة ، وربما كانت الإعتقالات من قبل النظام كردة فعل على هذه الثورة وعلى هذا الإجماع الشعبي الكبير والمطالب بإسقاط هذا النظام وتغييره بمعنى إسقاط الديكتاتورية والاستبداد فنجد النظام أقدم على اعتقالات كثيرة بغية تخويف وإرهاب الناس لكي لا يشاركوا في التظاهرات والمسيرات الشعبية ولكن الثورة لا زالت مستمرة ، وقد مضى عليها أكثر من 4 سنوات ونصف ، والقبضة الأمنية كثّرت الاعتقالات ، فاعتقل العلماء والنساء والأطفال ، وهناك أطفال في العاشرة من العمر، وهناك أكثر من خمسين طفل دون الخامسة عشر من العمر كلهم يرزحون في السجون بغية إركاع هذا الشعب وإخضاعه، ويتعرض السجناء كما هو مسجل في التقارير الدولية من قبل منظمات يعتد بها كمنظمة العفو الدولية ومنظمة الفنت لاين إلى التعذيب الوحشي.
هذه المنظمات كلها أصدرت تقارير توثق بأن هناك حالات من التعذيب والانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان في داخل السجن ، وبعد أن أطلق سراحهم من السجن يروون قصص لتعذيب مارس النظام في حقهم وأعطى الضوء الأخضر للجلادين في داخل السجون ليعملوا ما يشاؤون في حق الأسرى في السجون ، والتنكيل بهم بسبب مشاركاتهم في المسيرات والتظاهرات الشعبية المطالبة بتغيير النظام .
ابنـا: لماذا أصدر النظام الخليفي حكما يقضي بالسجن 5 سنوات في حق الشيخ علي سلمان؟
ــ يأتي هذا الحكم في سياق مسلل الأحكام الجائرة التي أصدرها النظام ضد أكثر من 60 عالم من علماء الدين ، وبعضهم أساتذة بحث خارج منهم آية الله عبد الجليل مقداد ، والعلامة الشيخ المحفوظ ، والشيخ محمد المقداد ، والشيخ المحروس، وعدد كبير من العلماء في داخل السجون، والنظام تجاوز كل الحدود عندما تجاوز على حرمة المقدسات بهدم المساجد وحرق القرآن الكريم واعتقال العلماء واعتقال النساء واعتقال الأطفال والاعتداء على الحرمات والنواميس وبالتالي فإن اعتقال سماحة الشيخ علي سلمان ليس شاذاً ، وليس خارج سياق الهجمة التي يقوم بها النظام ضد كل من يشارك ويطالب بالتغيير السياسي في البحرين.
ابنـا: من الأطراف السياسية في البحرين من يقدم الشكوى إلى المنظمات الدولية وأمريكا، فهل لهذه المبادرات من نتائج ؟
ــ هناك طرف واحد وهو المتمثل في جمعية الوفاق الإسلامية والتي ربما راهنت على خيار الحل من خلال مسار التسويات إما مع النظام وإما مع المجتع الغربي بقيادة الولايات المتحتدة أما باقي القوى الثورية والتي تقبع قيادتها ورموزها في السجن يرفضون فكرة الحوار بصورة مطلقة مع الامريكيين ومع النظام ، وقيادة القوى الثورية الأخرى المتواجدون في الخارج والمنفى أيضاً يرفضون فكرة أن يأتي الحل من خلال النظام المستبد نفسه أو من خلال أن يوفر له الحوار الحماية والدفاع.
القوى الثورة والحركة الشعبية تعول على حركتها في الشارع وعلى استمرار الحراك الشعبي في داخل البحرين ، ولذلك تستمر المسيرات والتظاهرات بصورة يومية ولم تتوقف يوما واحدا منذ انطلقتها من يوم 14 من فبرايل عام 2011 ولهذا اليوم ولم تتوقف تلك المسيرات التي ترفع شعار الشعب يريد إسقاط النظام ويسقط حمد، وحتى هذا اليوم لا تراهن، لا على الولايات المتحدة الامريكية، بل ترفض فكرة الحوار والجلوس على طاولة لأن هذا النظام، نظام سافك للدماء قاتل ومنتهك للأعراض والمقدسات .
ابنـا: هل تتدخل الإيران في الثورة البحرينية كما يزعم نظام آل خليفة ؟
ــ من الطبيعي أن أي نظام ديكتاتوري يواجه ثورة شعبية عارمة بهذا الحجم ومشاركة كل فئات الشعب وهذا الإجماع الكبير الذي يطالب بإسقاط النظام، لمواجهة الثورة والمطالبات لا بد أن يستند النظام الديكتاتوري إلى عدة أمور لكي يقمع هذه الثورة ، ويستخدم القوة المفرطة ضد مدنيين بغرض إجبارهم وجرهم على الصمت.
في البداية اتهمت إيران بالتدخل، ثم وصفت هذه الثورة بالطائفية ، ثم اتهمت أن هناك مؤامرات أجنبية وأجندات أجنبية ، وكذلك الحال بالنسبة إلى كل الأنظمات الديكتاتورية التي تواجه ثورة شعبية تطالب بإسقاطها ومحاكمتها على كل الجرائم التي ارتكبتها .
زين العابدين بن علي أيضا تحدث بنفس اللغة عندما قال هناك مؤامرات أجنبية، حسني مبارك أيام ثورة 25 يناير في مصر قال نفس الشيء أن هناك مؤامرات أجنبية وأيادي تستهدف الاستقرار البلدوتقويض النظام السياسي .
وفي البحرين أيضا آل خليفة اتهم إيران بالتدخل وكان ذلك المبرر التي من خلاله تم استجلاب درع الجزيرة والقوات السعودية وقوات الدرك الأردني مع أن اللجنة الملكية التي أسسها الملك لتقيم أوضاع انتهاكات حقوق الإنسان قالت: لا يوجد أي دليل يثبت تدخل إيران في البحرين.
-----
انتهى/185 ـ125