ابنا: بدأت ارهاصات النهضة الاسلامية بعد سنة و نصف من وفاة السيد البروجردي. و في النصف الثاني من عام 1962 م تجلي بعد من ابعاد شخصية الامام الخميني، تجد في وعيه و ذكائه و شدة اهتمامه بقضايا غفل عنها الآخرون،اضافة الی غيرته المتميزة علی الدين. وقد تجسدت تلك الغيرة عندما اسقطت الحكومة شرط الاسلام و القسم بالقرآن عن النواب المنتخبين لعضوية الجلس الوطني. ولم يلتفت احد الی خطورة هذا القرار.
لم يجرؤ النظام علی طرح القرارات المتعلقة بالنقابات و قرار اسقاط شرط الاسلام عندما كان المجلس قائما-رغم ان المجلس الوطني كان مجلسا صوريا خاضعا لارادة السلطة،و لم يدخله.احد إلاّ من حظي بتأييدها،فالعملية كانت تنصيبا قبل ان تكون انتخابا حرا-لانه يخشي ردة فعل المجلس نفسه،فاضطر الی حلّه ثم اتخذ قراراته خلف الكوالیس،و هذا يكشف عن وجود غايات اخري لم يعلن عنها، فلم يلتفت لها احد،إلاّ ان الامام الخميني ادرك مخاطر القرار فتصدي له و دفعته غيرته الدينية الی مواجهة المشاريع المناهضة للاسلام مهما كانت اهميتها.
لم يحرص الامام الخميني علی استباق الآخرين في ميدان الجهاد،بل ينقل انه كان يتحدث ذات مرة مع احد مراجع الدين المعروفين في دار آية الله الحائري،و هو زميله في الدراسة عن قيادة التحرك،فقال له:تحرك و نحن من ورائك.فالمهم لدي الامام هو اداء التكليف و انجاز المسؤولية الملقاة علی عاتقه،اما قضية التصدي و قيادة التحرك فلم تشغله كثيرا.
لم يتجرأ الآخرون علی دخول المعترك، كما فعل الامام، لهذا اخذ بزمام الامور بشكل تلقائي وجابه النظام اعتمادا علی الجماهير.
شك كبار الحوزة و مراجع الدين بقدرة التحرك علی استقطاب الجماهير في ظل الاضطهاد و الارهاب، إلاّ ان الامام صرح منذ الیوم الاول بانه سيتحرك بمساندة الشعب، وانه سيدعوه اذا ما اقتضت الضرورة الی التحشد في البراري القريبة من مدينة قم. وانه كان واثقا من استجابة الجماهير في جميع انحاء ايران.
و هنا تجسد بعد آخر في شخصية هذا الرجل علی الصعيد العملي، تمثل في قدرته القيادية و شجاعته السياسية و خبرته بأسالیب و اهداف العدو.
لقد اشرق الامام الخميني في عام 1963 م كالشمس في آمال الشعب الايراني، وهو العام الثاني من اعوام النهضة الذي اتسم بالطبش و الاضطهاد و المذابح. فكان بركانا من الفداء و قد اجتمعت فيه خصال الرجل الوطني،الاسلامي العالمي. وكان يتحلي بشجاعة و صراحة و قدرة علی تعبئه الجماهير، وخاصة في بداية عام 1963 م، حينما هاجمت القوات الخاصة المدرسة الفيضية و الحوزة العلمية في مدينة قم، في 5 حزيران عام 1963 م.
حينما تجسدت عظمة الامام شعر الشعب الايراني بوجود من يلوذون به. واشرأبت اعناقهم الی قمة شامخة من الامل. وبهذا ظهر الامام علی الساحة السياسية في 5 حزيران.
تعد تلك الاحداث سببا لتفاقم الوضع، وصدرت احكام بالسجن و النفي علی عدد كبير من الناس. ولم يكن دخول السجن معضلة آنذاك بالنسبة للشباب من امثالنا، الا انه كان صعبا بالنسبة لرجل مثل الامام، قد بلغ من العمر ثلاث و ستين سنة، إلاّ انه تحدي المخاطر و تجلت فيه معالم للايثار و الفداء، ولم يحل السجن بينه وبين اهدافه.
انتهت احداث 1963-1964 م بنفي الامام الی تركيا ومن ثم الی العراق، اربع عشرة سنة. و في فترة النفي تجلت ابعاد اخري في شخصية هذا الرجل الفريد، الذي قل نظيره في عصرنا،و هي:
اولا:نظّر الامام الخميني لحكومة جديدة وارسی كيانها مع عدم وجود نموذج سابق يخطط في ضوئه،فالتخطيط لبناء نموذج اسلامي يراعي متطلبات الحياة العصرية و القضايا الراهنة في عالم الیوم يعد بنفسه تنظيرا لنظام جديد.
ثانيا:علی الرغم من عدم وجود الامام في ايران خلال اربع عشرة سنة عاشها في المنفي، إلاّ انه قاد الثورة الاسلامية ووجه احداثها عن بعد. فعلی طول هذه الفترة اشتد الاضطهاد و التعسف ولاسيما في السنوات الاخيرة، من عامي 1970- 1971 م الی1975-1976 م، حتي كانت تظهر احزاب و جماعات سياسية إلاّ انها سرعان ما تنحل و تتلاشي او تصبح عديمة الاثر تحت وطأة الضغوط التي يمارسها النظام. لكنّ بعضا آخر من الاحزاب كان يحظي بدعم سياسي دولي لارتباطه بالشرق او الغرب.
أما نهضة الامام الخميني فلم تعتمد علی وجود تشكيلات حزبية داخل البلاد، بل كان للامام تلاميذ و انصار يحملون افكاره الی الجماهير، وكان الامام يوجه خطابه دائما الی الجماهير وليس لأولئك الانصار و التلاميذ، واستطاع خلال 14 عاما ان يزرع في الاذهان بذور النهضة الاسلامية، اولا، ثم تمكن ان يتوغل الی عمق الشعب ثانيا، حيث استقطب قلوب الشباب و هيأ أرضية مناسبة لقيام تلك الثورة الكبري، ولو لا مركزية الامام لما أثمرت الجهود و التضحيات الجسام التي قدمها الآخرون، ولاصيبت النفوس بالاحياط و الیأس. والشخص الوحيد الذي لم يستسلم لليأس هو الامام الخميني الذي كان قدوة تلهم الآخرين القوة و العزم.
و بفضل هذا القائد استطاعت الحركة الثورية للنهضة الاسلامية ان تجتاز جميع التحديات التي و اجهتها خلال 14 عاما،حتي تراجع الفكر المعادي للاسلام، واثبت الفكر الاسلامي تفوقه. وفي كل الاحداث كان وجود الامام واضحا فيها.
في عام 1968 م طرح الامام في مدينة النجف فكرة ولاية الفقيه اعتمادا علی ثوابت فقهية راسخة.و من الطبيعي ان(ولاية الفقيه)من مسلمات الفقه الشيعي، و ليست هي من ابتكارات الامام الخميني،او انها لم تقر من قبل العلماء،كما يدعيه انصاف المتعلمين،بل من يطلع علی آراء الفقهاء يدرك ان ولاية الفقيه من الواضحات في الفقه الشيعي،و ما فعله الامام هو اعادة صياغة هذه الفكرة وفق اسس رصينة و ادلة متقنة،و قدمها بشكل واضح و مفهوم لكل خبير بالمذاهب السياسية في عصرنا الراهن.
الامام و العظمة الروحية لم يشعر المجاهدون في ايران بالوحدة خلال 14 سنة،و لاسيما السنوات الاخيرة منها،بل كانوا يشعرون بانهم علی صلة دائمة بالامام.و قد تجلي في حادثة وفاة نجله بعد آخر من ابعاد شخصيته،فهذا الرجل الذي شارف علی الثمانين من عمره في ذلك الوقت،نقل عنه انه قال عند وفاة نجله الفاضل-حيث كان رجلا عالما، بارعا واملا للمستقبل-:«ان وفاة مصطفي من الالطاف الالهية».معتبرا وفاته رحمة الهية خفية،فقدرته علی تحمل ما نزل به من مصائب في عهد الثورة،و قد تحملها كالطود الشامخ،تعود الی عظمته الروحية،التي جعلته ينظر الی وفاة نجله بهذا المنظار.
لقد هاجر الامام بعد ذلك من العراق الی الكويت و من ثم الی فرنسا و قال حينها: اذا لم يسمحوا لي بالاقامة في بلد سأتنفل من مطار الی آخر و سأوصل صوتي الی اسماع العالم كله.و هناك تجلت شجاعته و ثباته وسعة صدره و قدرته الالهية، التي قلما تجد لها نظيرا في التاريخ،ثم عاد الی ايران ليتابع الاحداث،و اسس حكومة اسلامية.
ان ما تجلي من ابعاد شخصية الامام بعد تأسيس الحكومة الاسلامية اهم و اعظم مما شوهد قبلها،حيث انعكست شخصيته الفذة علی مستويين، الاول:مستوي القائد المتصدي لزمام الامور.و الثاني مستوي الزاهد،العارف.
ان امتزاج هاتين الصفتين في رجل لا يتسني عادة إلاّ للانبياء،مثل داود و سليمان(ع)،و خاتم الانبياء(ص).و هذه حقيقة لمسها الشعب الايراني طوال سنوات،و شاهدناه عن قرب.
هذه هي التربية الاسلامية القرآنية التي دعا لها الامام،و التي سعي من خلالها الی قيام نظام اسلامي يتعهد بتربية الناس،كما كان هو مظهرا بارزا لها.
ثم ان شخصية الامام الخميني تجلت ايضا في مقام القيادة و الحكم كرجل واع،مدير،شهم و بارع جريء،لم يتأثر بالعواصف العاتية،و لم ينهزم امام اية حادثة و لم يرغم علی الانحناء لها،بل كان اكبر من الاحداث العصيبة التي وقعت علی مدي عشر سنوات من زعامته،و لم تفت بعضده وقائع الحرب،الهجوم الامريكي،مؤامرات الانقلاب العسكري،الاغتيالات الرهيبة،الحصار الاقتصادي و الممارسات العدوانية المختلفة.و لم يشعر بالوهن و الضعف بل خرج من تلك الاحداث اصلب عودا و اشد شكيمة،لانه كان يؤمن بالشعب و يحبه من اعماق قلبه.
لقد اجتمعت في شخص الامام اغلب مزايا و مواصفات القادة العالميين،علی حد ما تقصيت و توصلت الیه.لقد كان عاقلا بعيد النظر و نبها عارفا بطبيعة الاعداء، واثقا باصدقائه،و كان شديدا علی اعدائه.و قد توافر علی جميع الصفات التي ينبغي ان يتحلي بها الانسان القائد.
الامام و الشعب كان الامام الخميني شديد الثقة بالشعب،اذ كان بمقدوره ان يعلن بعد انتصار الثورة عن نظام الجمهورية الاسلامية دون الرجوع الی رأي الشعب،و دون ان يعترض علیه احد،إلاّ انه لم يفعل و انما اجري استفتاء لاختيار نوع النظام.و قد ادلي الشعب بصوته لصالح النظام الجمهوري الاسلامي كما كان بامكان الامام ان يقدم دستورا للبلاد،غير انه امر بتأسيس مجلس خبراء الدستور و أكد ضرورة اجراء انتخابات لاختيار اعضائه باسرع وقت ممكن.
لقد اعتاد قادة الثورات التي وقعت في العالم،و اغلبها من نمط الانقلابات العسكرية،ان يعطوا لانفسهم فرصة سنة او سنتين حتي تحين الفرصة المناسبة لاجراء الانتخابات،و غالبا ما تؤجل الانتخابات الی موعد آخر،في حين بادر الامام الی اجراء استفتاء عام علی دستور الجمهورية الاسلامية،بعد مضي شهرين من انتصار الثورة.و بعد ذلك بشهرين جرت انتخابات خبراء الدستور،و من ثم انتخابات رئاسة الجمهورية،و بعدها انتخابات مجلس الشوري.اي ان الامام اعتمد رأي الشعب في قضايا البلد اربع مرات في عام واحد و هو عام 1979 م،و هي: اختيار نوع النظام،انتخابات الدستور التي جرت مرتين،الاولي لانتخاب خبراء تديون الدستور،و الثانية للتصويب علی اصل الدستور،ثم انتخابات رئاسة الجمهورية،و تلتها انتخابات مجلس الشوري.
كان الامام يثق و يؤمن برأي الشعب،و لم يفوض زمام الامور في هذه القضايا الی اصحاب الالاعيب السياسية،فالشعب غير هؤلاء،و غير ادعياء السياسة،و غير مدعي نصرة الشعب.فلم يعول الامام علی اي حزب من الاحزاب الكثيرة التي كانت موجودة آنذاك و لم يسمح لهم بالتحدث باسم الشعب،مع احترامه الشديد لآراء الشعب.
بعد اندلاع الحرب ظهر الامام كقائد عام للقوات المسلحة،و حينما فرض الحصار الاقتصادي كان الامام سندا روحيا لا جهزة الدولة.و في بداية الثورد اصدر الامام قرارات كثيرة لصالح المستضعفين و المحرومين،و قد تم تشكيل مؤسسات في هذا الشأن كمؤسسة جهاد البناء،الاسكان،الاغاثة،المستضعفين،المعوقين و مؤسسة الخامس عشر من خرداد.
هذه هي القضايا التي حظيت باهتمام الامام،و قد تجسد بعده القيادي فيها باعتباره انسانا حازما قادرا علی اتخاذ القرارات الصائبة في الحرب و السلم،و كذلك كان قادرا علی ادارة شؤون البلاد و مجابهة الاعداء.
الامام و الاخلاق و حين ننظر الی هذا الانسان في حياته الخاصة نراه شخصا زاهدا عارفا منقطعا عن الدنيا،التي وصفها بالقبيحة التي تمكن في ذات الانسان،و لا نقصد من الدنيا، نعم الله المنبثة في الطبيعة و الارض،و انما المشاعر الانانية و الطمع و الاهواء هي الدنيا القبيحة.
لم يطلب الامام شيئا لذاته،فلم ينتق دارا و هو علی رأس السلطة،و لم يشتر دارا لولده الوحيد السيد احمد،الذي كان اعز الناس الی قلبه،حيث كان يؤكد-كما سمعناه عدة مرات-ان اعز الناس له هو السيد احمد.و قد ذهبنا عدة مرات و رأينا اعز الناس علی قلب الامام يعيش في غرفتين او ثلاث في الحديقة الواقعة خلف دار الامام.
لم يرغب الامام في زخارف الدنيا و زبارجها و اطماعها،لقد كانت تصله هدايا كثيرة إلاّ انه كان يقدمها في سبيل الله،فكان يدفع امواله الخاصة الی بيت المال. و هذا الشخص الذي لم يقدم علی شراء دار لنجله و لو بقيمة منخفضة،كان ينفق اموالا طائلة علی شؤون الاعمار و اعانة الفقراء و مساعدة ضحايا السيول في نقاط مختلفة من البلاد.و كانت تلك الاموال-كما نعلم-هدايا تصله من محبيه و انصاره. كان الامام من اهل الخلوة و العبادة و التضرع و الدعاء و البكاء ليلا.و كان سدا منيعا و جبلا شامخا،و حين يتعرض الی مواقف عاطفية و انسانية نراه انسانا رقيقا رؤوفا.نقلت له موقفا عرض لي في احدي جولاتي،و هو ان امرأة قالت لي بلّغ الامام نيابة عني ان ابني اسير في الحرب و قد وصلني اخيرا خبر مقتله،إلاّ ان مقتل ابني ليس مهما عندي و انما المهم هو سلامتكم.لقد تحدثت مع تلك المرأة بمشاعر جياشة،و عندما عدت اخبرت الامام بذلك،و كان واقفا عندما دخلت علیه،فرأيت ذلك الجبل العملاق قد انحني بغتة،كشجرة هوت بها الريح،ثم استغرق في ذاته متأثرا روحيا و جسديا بما نقلته له،و قد اغرورقت عيناه بالدموع.
و في احدي اللقاءات الخاصة كنا جالسين ليلا مع بعض الاصدقاء في دار السيد احمد الخميني و كان الامام موجودا،فطلب الیه احد الجالسين ان يقدم لنا بعض النصائح و الارشادات و قال له:سيدنا،ان لكم مكانة معنوية و عرفانية رفيعة،فتأثر الامام لهذا الاطراء و قد استحي و ظهر التواضع علی محياه و سلوكه.
شعرنا بالاحراج من كلام التلميذ-حيث كنا جميعا نتصرف ازاءه كتلاميذ-الذي سبب الحرج للامام.لقد كان هذا الرجل الشجاع متواضعا في مثل هذه المواقف العاطفية رغم طاقته الهائلة.
لقد اكتسب الامام كل هذه الصفات بتقواه و تمسكه بالدين و الامتثال لامر الله، و قد اشار الی هذا المعني في طيات كلامه،مقرا ان كل ما لديه هو من الله،فكان ذائبا في الارادة الالهية و كان يعتقد ان الله هو الذي نصر الثورة،و هو الذي حرر مدينة (خرم شهر)و هو الذي ألف بين قلوب الشعب،فكان ينظر الی كل شيء من وجهة نظر الهية،ففتح الله امامه ابواب الرحمة.
معالم نهج الامام لقد قررنا بعد وفاة الامام ان نسير علی نهجه،و لم يكن باعثنا في ذلك هو التقليد و انما انطلقنا عن وعي و تجربة،لان نهج الامام هو النهج الامثل لانقاذ البلاد،سواء في بداية الثورة ام بعدها،و كذلك الحال في الوقت الحاضر.فما هو نهج الامام الذي نتكلم عنه؟نستعرض فيما يلي المعالم الرئيسية من نهج الامام الخميني:
اولا:حاكمية الاسلام هناك عدة امور لها الاولوية في رأي الامام،منها الاسلام كدين.فلا يوجد في فكر الامام مثل اسمي او اعلی من الاسلام و لم يقصد بثورته و نهضته الا تحكيم الاسلام.كما ان غاية الشعب،عندما فجر الثورة و اختار هذا النظام و ارتضي بهذا الامام،كانت غايته الاسلام.و يكمن سر نجاح الامام في حمل الاسلام علی يده،و قد اعلن بصراحة انه يريد العمل من اجل الاسلام،و قد نظر الی الاشياء برؤية اسلامية. كانت في بلادنا و في بلدان اخري شخصيات كثيرة تؤمن بالاسلام حقيقة إلاّ انها لم تتجرأ علی طرح الاسلام صراحة،و انما كانت تدخل الميدان تحت عناوين و مسميات اخري،لذلك كان مصيرها الفشل،لكن الامام انتصر لانه تبني مشروع حاكمية الاسلام بشكل صحيح
لقد طرح الامام الاسلام علی صعيدين، هما:
1-الاسلام كاطار عام للنظام،اذ كان الامام متشددا و يرفض اضافة اي شي للاسلام و لا يتساهل بشأنه،لا في المجال الاقتصادي و لا غيره.فالاسلام الخالص- في نظره-لابد ان يسود كل مكان.و طالب جميع اركان النظام(مجلس الشوري الاسلامي،الحكومة،القضاء،و الاجهزة الاخري)السير وفق مصالح الاسلام،و في ظل سيادته،و كان الامام حريصا علی ذلك و يسعي من اجله.
2-الاسلام علی صعيد الفرد،و هنا لم يكن الامام علی جانب كبير من الصلابة و الحزم و انما كان يكتفي بالنصح و الموعظة و اللين،و يأمر بالمعروف،لانه كان يعتقد بجدوي هذا الاسلوب.
اذا، فالاولوية في نهج الامام الخميني هي تحقيق حاكمية الاسلام علی صعيد الايمان و العمل.
ثانيا:الاستناد الی الشعب لا يمكن لاحد التنكر للجماهير او رفض ارادة الشعب.فهناك من يعتبر رأي العشب اساسا للشرعية،او علی الاقل يعتبره اساسا للمارسة الشرعية،لان خيمة النظام الاسلامي لا تقوم إلاّ بالاستناد اي رأي الشعب و مشاركته.
لقد اسس الامام الخميني مجمع تشخيص مصلحة النظام للبت في القضايا التي يقع فيها الخلاف بين آراء الشعب،المتمثل بمجلس الشوري الاسلامي،و الضوابط الشرعية التي يرمز لها مجلس صيانة الدستور.
لقد انطلقت الحرية من هذه الحركة الكبري و من النهج البارز الذي اختطه الامام، و الامام هو الذي اختط لحركة النظام الاسلامي هذا المسار،و مازال مسؤولر الدولة الاسلامية ماضين علی نهج الامام،فاغلب المسؤولين من طلاب الامام و مريديه، و هم يؤمنون بهذه الافكار ايمانا راسخا.
الامام و العدالة الاجتماعية العدالة الاجتماعية و مساعدة الطبقات المحرومة التي وصفها الامام بانها صاحبة الحق في الثورة،هي من المعالم البارزة لنهج الامام،لانه يعتقد ان الحفاة هم العنصر الاساس في انتصارات الشعب.و قد بادر في اول الثورة الی تأسيس جهاد البناء،لجنة الاغاثة،مؤسسة المستضعفين،مؤسسة 15 خرداد،مؤسسة الاسكان و قد طالب الحكومة بتبني هذه المؤسسات.
فالعدالة الاجتماعية-اذا-هي من جملة الاهداف الاساسية في نهج الامام الخميني و ليست ثانوية في نهجه.
يقول البعض ان الامام الخميني قال:«ان ثورتنا ليست ثورة خبز»،فالثورة الروسية في عام 1917 م.كانت ثورة خبز،لانها كانت احتجاجا علی فقدان الخبز في المدن الرئيسية آنذاك كموسكو،فالثورة ثورة خبز.اما ثورتنا فليس من هذا القبيل،و انما انطلقت علی اساس الايمان.لكن هذا لا يعني انها تهمل الشعب و لا تهتم بحياته و اقتصاده،و لا توفر له الطعام و الرفاه.الامام بنفسه كان يهتم بهذه القضايا و يؤكدها،و كان اكثر ما يسترعي اهتمامه هو الطبقات المحرومة و المستضعفة.
هناك الی جوار ساكني الاكواخ،من يصف الدواء و هو جالس في زاويته دون ان يشعر بالمسؤئلية،و لم يدرك الحقيقة و الواقع الموجود،فهؤلاء يزعمون ان العدالة الاجتماعية لم تطبق.
من الطبيعي ان العدالة الاجتماعية لم تطبق بشكل كامل،و هي مازالت بحاجة الی مزيد من السعي،لكن النظام الاسلامي غير الاسلوب الخطائ الذي كان سائدا في هذا البلد،الذي كان لا يعترف بأي حق للقرية و المدن النائية او الطبقات المحرومة، اما النظام الاسلامي فقد اهتم بهذا الجانب اهتماما كبيرا.فالحكومة الیوم تركز علی رعاية المناطق المحرومة،و هكذا كان دأب الحكومات التي توالت طوال عهد الثورة. و قد قدمت هذه الحكومات-بفضل العدالة الاجتماعية التي يتسم بها نهج الامام- انجازات كبيرة و خدمات هائلة.
رصد الاعداء يجب رصد العدو و عدم الوقوع في حبائله.فأول عمل يقوم به العدو هو اشاعة فكرة عدم وجود اعداء.لكن كيف لا يوجد للنظام الاسلامي اعداء؟
ان ناهبي ثروات الشعوب،الذين حرموا خيرات هذه المائدة سنوات طويلة،لابد ان يكيدوا لنا العداء،و ممارساتهم العدائية مشهودة،سواء بواسطة الاعلام ام عن طريق الحصار الاقتصادي.بل انهم لا يتورعون عن دعم اعداء هذا النظام، و يصرحون علنا بذلك.
ان الشيء الذي يزعج امريكا و الاستكبار،و القراصنة العالميين هو استقلال البلد و استقلال وعيه.و يعيضهم رفض العشب لهم.لذلك فهم يناصبون الاسلام العداء، لانه السبب وراء وعي الشعب لقد كان الامام الراحل علی اطلاع تام بالعدو و اسالیبه الاعلامية و السياسية،و قد وقف بوجهه بكل صلابة.
الامام و المسلمون البعد الآخر في شخصية الامام هو الاهتمام و الحرص علی مصير مسلمي العالم،فمسلمو العالم هم حجر الاساس في استراتيجية النظام الاسلامي.و هناك شعوب في آسيا و افريقيا تناصر النظام الاسلامي.و هي تعبر،بشكل غير مسبوق عن اعتزازها و ولائها للامام و الثورة.و هذه الحيقيقة ليس لها مثيل في اي بلد من بلدان العالم،و كل هذا من اجل الاسلام،لذلك اولي الامام اهتماما بالغا بمستقبل المسلمين في العالم.
هذه هي المعالم الاساسية لنهج الامام،و هي الاسلام و الشعب،و تقدم البلاد، و مجابهة الاعداء.و الاهتمام بشأن الامة الاسلامية.و نحن كنا و مازلنا و سنبقي بفضل الله متسميكن بهذه المبادئ.---------انتهی/125