الخطبة الثانية:
الشأن المحلي:• تثبت الأيام والأحداث في الساحة العالمية والعربية أن الحلول الأمنية في خلافات الحكومات والشعوب قد فقد القدرة على اسكات الناس، فأما بالنسبة لحل المشاكل فالحل الأمني بعيد عنه كل البعد، ولا يزيدها إلا تعقيداً وتفاقماً وامتداداً وتوسعا، ويضع المجتمعات على فوهة البركان.
• وإذا استنفذ الحل الأمني طاقته ليزيد من تفاقم المشاكل، فماذا بعد؟أن تبقى المشاكل على ما هي عليه لتتضاعف مع الأيام، وتزيد في سعة التمزق وتعميق الخلاف وتغذية الصراع واضعاف الأوطان ووضعها تحت التهديد الدائم بالإنفجار ...
هذا أو أن يبادر بالإصلاح من قبل الحكومات ليعالج اصل الداء ويسد منبع الفساد والخلاف والتمزقات، وإذا كان ذلك في اثر موجة أمنية صارمة، وانتهاك واسع للحقوق، وحملة كبيرة من الإجراءات الإنتقامية المخلفة لألام صعبة ومظاهر قاسية، كان أول الإصلاح التخلص من هذه الآثار الموجعة والمظاهر الإستفزازية.
• ولا ننسى أن الحقيقة السارية في كل الأمور هي أن النتيجة تتبع اخس المقدمات، فإذا صغرة أي مقدمة صغرة النتيجة، وإن اجتمعا ما اجتمع من المقدمات الكبيرة، وتخلف مقدمة واحدة يعني التخلف للنتيجة مع توفر كل المقدمات الآخرى.
والحقيقة الثانية الثابتة، هي أن المنظور الأول لكل العقلاء إنما هي النتيجة، أما المقدمات فالنظر إليها نظر ثانوي والقصد إليها تابع للقصد إلى النتيجة، وكل المقدمات فاقدة للقيمة لو لم تترتب النتيجة.
• ومن الواضح جداً أن الطريق لقضية الأمن الداخلي للأوطان قصير جداً وسهل وواضح ولا تعقيد فيه، وهو أن تكون إرادة سياسة مبادرة للإصلاح وبالدرجة الكافية.
• ثم انه مرة يكون خلاف على الصلاحيات والواجبات والحقوق بين حزب معين وحكومة، ومرة يكون هذا الأمر بين شارع عام وحكومة، وطبيعي أن يكون المنظور في الحالة الأولى هو التوافق على الحل الذي تتلاقى عليه إرادة الحزب والحكومة.
كما أن الطبيعي في الحالة الثانية أن يكون المنظور في الحل هو تلاقي إرادة الحكومة والشارع العام المعارض على الحل، ولا تقوم إرادة شخصية أو حزب أو جمعية في هذا الفرض مقام إرادة الشارع العام إلا بإنابة وتوكيل واضح، وإن كانت أي شخصية أو حزب أو جمعية عضواً من أعضاء المجتمع وله أن يتوافق عن نفسه مع الغير في أي أمر من الأمور التي يقدر أن فيها المصلحة، وإذا دخلت أي شخصية أو حزب أو جمعية في توافق على حل في مسألة طرفها الثاني هو الشارع العام أمكن أن يمثل ذلك خطوة تمهيدية فقط يُرجع إلى الشارع العام المعارض في الأخذ بمؤداها لأنه الطرف الأصيل الثاني في هذا الفرض، ولأن مطلوب الحل هو أن يرضى هذا الشارع ويحصل التوافق العام على صيغة سياسية واضحة ينهي سبب الشكوى والتوتر والغليان.
انتهی/137