وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : رويترز
السبت

٢١ مايو ٢٠١١

٧:٣٠:٠٠ م
242758

يؤكد أن البلد قد استبد الخوف بأهله ؛

صحفي رويترز المطرود من البحرين يروي قصّة طرده

صحفي رويترز المطرود من البحرين يروي قصّة طرده، ويؤكّد أن البحرين تحولت إلى بلدة الخوف، كما ويروي تفاصيل آخر لقاء جمعه بنائب جمعية الوفاق البحرينية المعارضة "مطر إبراهيم مطر" قبل اعتقاله، وكيف كان يتواصل مع النُشطاء الذين خافوا من الظهور الإعلامي، ويؤكد "البحرين الآن أمة مصدومة".

ابنا : عندما تلقيتُ الاتصال الاعتيادي لزيارة وزارة الإعلام البحرينية، هيّأتُ نفسي للشكاوى حول تغطيتي لقمع احتجاجات البحرينيين الشيعة ضد قيادة المملكة السنية.في كل أسبوع على ما يبدو، ومنذ انتقالي للجزيرة، يتم استدعائي لمقابلة مع المسؤولين الحكوميين بخصوص تغطية رويترز إلى ما يسميه البحرينيون الشيعة الأغلبية بالتمييز من قبل الحُكّام السنة. ذات مرة، إستقبلت اتصالاً غاضباً في منتصف الليل. ولو أن المزاج كان هادئاً وودوداً هذه المرة عندما ذهبتُ إلى الوزارة الثلاثاء الماضي، فقد كان المسؤول في ثوبه الأبيض التقليدي، وجلس معي في مكتب حديث بشاشة تلفزيون كبيرة لمراقبة التغطية الإعلامية. بعدها جاء الإعلان الذي لم أتوقعه. فقد قال: "يجب عليك التوقف عن إصدار التقارير من الآن، وعليك مغادرة البلاد خلال أسبوع". وأضاف المسؤول، الشيخ عبدالله بن نزار آل خليفة، بأن تغطية رويترز إفتقرت للتوازن خلال قمع التضاهرات المطالبة بالديمقراطية. لم تتعدى المقابلة أكثر من خمس دقائق، ويظهر أنّ القصّة المنشورة في وقت سابق هذا الشهر عن النزاعات بين المعتدلين والمتشددين ضمن العائلة المالكة قد تخطّت خطاً أحمر. الرحيل:وأنا أستعد للرحيل؛ بالكاد أستطيع التعرّف على دولة البحرين التي جئتها عام 2008، لقد تَحَوَّلت بالخوف. عندما وصلت الجزيرة الصغيرة المتصلة بالمملكة العربية السعودية بجسر كانت مزدهرة بالأعمال ومركز تجاري. فنادقها تعج بالمصرفيين والمدراء التنفيديين المنخرطين في مناقشة الصفقات الاستثمارية، القليل منهم أعطى اهتماماً كبيراً للسخط الذي تحت الرماد أو أي تلميح لشرارة يمكن لها في وقت لاحق أن تفجر الاحتجاجات الشعبية في وسط المنامة. عشرات الآلاف من الناس من مختلف أنحاء العالم تتلاقى على الجزيرة كل سنة لمشاهدة سباق الفورملا واحد سباق جائزة البحرين الكبرى الذي افتتح في العام 2004.برلمان البحرين، الذي تشغل فيه المعارضة الشيعية 18 مقعداً من أصل 40، لديه سلطات محدودة جداً. بالرغم من ذلك، أعطى صوت المعارضة الأغلبية الشيعية منبراً للمناقشات وتحقيقات الفساد. النُشطاء تحدثوا بحرية حول شكاوى التمييز في الوظائف والخدمات لمصلحة المسلمين السُنّة، الذين ينسجم اعتقادهم مع الأسرة الحاكمة ومع المملكة العربية السعودية.البحرينيون تحدثوا معي. ولكن في فبراير، الحشود مؤلفة من الشيعة أساساً نزلوا إلى الشوارع. واستمرت الاحتجاجات أسابيع للمطالبة بمزيد من الحرية ووضع حد للتمييز الطائفي وبملكية دستورية. البعض منهم طالب بإلغاء الحكم الملكي. الاحتجاجات أُلهِمَتْ من الثورات التي أسقطت حُكّام مصر وتونس. أعلنت المنامة قانون الأحكام العرفية في مارس، واتهمت إيران الشيعية بإثارة الاضطرابات ودَعَتْ القوات من الجيران العرب السُنة وبشكل خاص من المملكة العربية السعودية. وما أعقب ذلك حملة واسعة النطاق على القرى الشيعية والنُشطاء المعارضين والإعلام والعاملين في الحقل الصحي. وتقول الحكومة أنها تستهدف فقط الذين خرقوا القانون خلال الاحتجاجات، ولكنّ التلفزيون الحكومي كَبّرَ صور وجوه العديد ممن شاركوا في الاحتجاجات، فيتم انتقاء البعض وتخويف الآخرين.الخوف:على الأقل 29 شخص، كلهم شيعة ما عدا 6 قد قتلوا منذ بداية الاحتجاجات في فبراير. المقتولون من غير الشيعة يتضمنون اثنين أجانب وأربعة من رجال الشرطة. عدد القتلى يبدو قليلاً إذا ما قورن بالعنف الحاصل في بلدان العرب الأخرى مثل سوريا وليبيا، ولكنّه رُبَّما غيّر وللأبد روح هذه الجزيرة الملكية الصغيرة مع أقل من 600 ألف مواطن.بالإضافة لهؤلاء الذين قتلوا، هناك مئات آخرين إعتقلوا وفُصلوا من وظائفهم من الشركات المملوكة للدولة. وفنادق البحرين ظلت فارغة لأسابيع، كما ألغيت المؤتمرات و تأجلت الفورمولا واحد سباق الجائزة الكبرى.الحكومة إتهمت إيران وحزب الله الشيعي اللبناني بتحريض الاحتجاجات. والمذنب الآخر بنظر المسؤولين هو الإعلام العالمي الذي تعتبره الحكومة أيّد المُحتجين. حتى قبل أن أبلّغ بالرحيل، صحفيون أعيدوا من المطار أو أُخبروا بعدم المجيء عندما استفسروا عن التأشيرات. طاقم أُرسل من إذاعة البي بي سي قد تمّ اعتقاله عندما حاول إجراء مقابلة مع ناشط حقوقي بحريني. كلما ازداد القمع، سيطر الخوف، فقد توقف البحرينيون عن الحديث معي بالهاتف، يوافقون على التحدث فقط إذا قابلتهم شخصياً وبشكل حذر. إلتقيتُ شاباً قد أصيب وقد هَرَب لمدة شهر، فهو خائفٌ جداً من الذهاب للعمل أو لرؤية الطبيب، وكان عليَّ أن أبحث عن طرق سرية للالتقاء بالمصادر، بما في ذلك الغربيين الذين يعملون كمستشارين للحكومة البحرينية، لأنهم اعتقدوا أن هواتفهم وبريدهم الإلكتروني تحت المراقبة. وكان من بين القلّة القليلة التي تتحدث هو مطر مطر، عضو البرلمان الوسيم للوفاق قبيل انسحاب المجموعة في فبراير احتجاجاً على إنتهاكات الشرطة. وكتب لي في بريد إلكتروني بعدما لم يُجب على اتصالي في 29 أبريل: "لن أرد على الهاتف خلال هذا الأسبوع". فقط قبيل ذلك، كان التلفزيون الحكومي قد بث اعترافات لسجناء، بعضهم زَعَمَ أن مطر حرضهم على ارتكاب "جرائم". كَتَبَ في بريده الإلكتروني: "أريد الابتعاد عن الأضواء لحين أن نفهم إلى أي مدى هم ذاهبون بعدما ذكروا إسمي خلال تلك الاعترافات على شاشة تلفزيون البحرين". بعدها بثلاثة أيام، تمّ اعتقال مطر نفسه مع عضو برلماني وفاقي سابق، وزملاؤه لم يتمكنوا من الاتصال به منذ ذلك الحين. الأسبوع الماضي، وقبل يومين من تسليم طلب طردي إلي، قال الملك حمد أن قانون الطوارئ سيّرفُع فعلياً في 1 يونيو، وهذه أول علامة على أن الحكومة قد تكون بصدد تخفيف القمع. لكنّ البحرين الآن أمة مصدومة........................انتهی/158