ابنا : فقد غادر مراسل رويترز فريدريك ريشتر البحرين بعد اسبوع من اعلان حكومة البحرين طرده من المملكة الخليجية بسبب تغطيته للحملة ضد المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية. ويصف ريشتر كيف بدل الخوف والعنف الجزيرة الصغيرة التي عرفها كمركز للاعمال مفعم بالحيوية على مدار ثلاثة اعوام من الاقامة والعمل في العاصمة المنامة. ويتحدث ريشتر العربية وانضم للوكالة في موطنه المانيا عام 2007 . ولا زالت رويترز تواصل تغطيتها التحريرية والاقتصادية في البحرين وقد ابلغتها السلطات انها ستعتمد مراسلا جديدا خلفا لريشتر.يقول ريتشر، حين أتلقى الاتصال الهاتفي المعهود الذي يدعوني للتوجه لوزارة الاعلام البحرينية استعد للاستماع لشكاوى بشأن تغطيتي للحملة التي شنتها السلطات ضد احتجاجات الشيعة على حكومة مملكة البحرين التي يقودها السنة.ومنذ انتقالي للجزيرة الصغيرة استدعيت لمقابلة مسؤولين حكوميين كل اسبوعين تقريبا بسبب تغطية رويترز لما تصفه الاغلبية الشيعية بالتمييز ضدها من جانب الحكومة السنية في البلاد. وفي احدى المرات تلقيت اتصالا غاضبا في منتصف الليل.وهذه المرة رغم ان الاجواء بدت هادئة وودية نوعا ما إلا انني فوجئت بنبأ غير متوقع حين توجهت للوزارة استقبلني مسؤول يرتدي جلبابا ابيض واجلسني في مكتب على الطراز الحديث به شاشة تلفزيونية ضخمة يتابع من خلالها التغطية الاعلامية للاحداث.ثم جاء النبأ غير المتوقع حين طلب المسؤول الشيخ عبد الله بن نزار آل خليفة مني وقف تغطيتي للاحداث في البحرين وابلغنى بضرورة مغادرة البلاد في غضون أسبوع مضيفا إن تغطية رويترز للحملة ضد الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية تفتقر للتوازن.لم تستمر المقابلة أكثر من خمس دقائق. وعلى ما يبدو فان الموضوع الذي نشر في وقت سابق من هذا الشهر عن الخلافات بين المعتدلين والمتشددين داخل الاسرة الحاكمة تجاوز خطا احمر.وقالت السلطات ان البحرين لن تغلق مكتب رويترز في المنامة وسوف تعتمد مراسلا اجنبيا اخر ترشحه رويترز.وفيما كنت استعد لمغادرة البحرين بت لا أعرف الدولة التي جئت اليها عام 2008 بعدما بدلها الخوف. فحين وصلت للجزيرة الصغيرة التي يربط بينها وبين السعودية جسر علوي كانت مركزا تجاريا وماليا نشطا.كانت فنادقها تعج بمصرفيين ومسؤولين تنفيذين جاءوا لبحث صفقات استثمار. ولم يلق احد بالا لحالة عدم الرضا التي تموج تحت السطح ولم تراود احد ادنى فكرة عن امكانية ان تشعل هذه الحالة شرارة احتجاجات شعبية حاشدة في وسط العاصمة المنامة في وقت لاحق.كان عشرات الالاف يتوافدون كل عام من جميع انحاء العالم على الجزيرة لمشاهدة سباق جائزة البحرين الكبرى لسيارات فورمولا 1 والتي دشنت عام 2004.ولبرلمان البحرين سلطات محدودة وشغلت فيه جمعية الوفاق الوطني الاسلامية الشيعية المعارضة 18 من مقاعده الاربعين. ورغم ذلك اتاح للمعارضة الشيعية منبرا للنقاش وتحقيقات في الفساد. وتحدث نشطاء بحرية عن شكاواهم من تمييز في الوظائف والخدمات لصالح السنة. وتحدث معي مواطنون.وفي فبراير شباط نزلت حشود غالبيتها من الشيعة الى الشوارع. واستمرت الاحتجاجات عدة اسابيع للمطالبة بمزيد من الحريات وانهاء التفرقة الطائفية واقامة نظام ملكي دستوري. بل بلغ البعض حد المطالبة بالغاء الملكية من الاساس.واستلهمت الاحتجاجات انتفاضتين شعبيتين اطاحتا برئيسي تونس ومصر واعلنت المنامة الاحكام العرفية واتهمت ايران بتأجيج الاضطرابات وطلبت قوات من دول خليجية مجاورة في مقدمتها السعودية.واعقب ذلك حملة واسعة على القرى الشيعية ونشطاء المعارضة وعاملين في الصحة والاعلام. وقالت الحكومة انها تستهدف فقط من انتهكوا القانون خلال الاحتجاجات. لكن تلفزيون الدولة قام بتكبير لقطات لاوجه العديد من المشاركين في الاحتجاجات وسلط الضوء عليهم وتملك الخوف اخرين.وقتل 29 شخصا على الاقل جميعهم من الشيعة باستثناء ستة في الاحتجاجات التي اندلعت في فبراير. والقتلى من غير الشيعة اجنبيان وأربعة من رجال الشرطة.وربما يكون عدد القتلى قليلا مقارنة بالعنف الذي شهدته دول عربية اخرى مثل سوريا وليبيا. ولكنه ربما بدل الى الابد الحالة النفسية في المملكة التي يقل عدد مواطنيها عن 600 ألف نسمة.وبالاضافة للقتلى تعرض المئات للاعتقال أو الفصل من ظائفهم في شركات مملوكة للدولة. وخلت فنادق البحرين من الزائرين لاسابيع وتم تأجيل او الغاء مؤتمرات وسباق فورمولا 1 للسيارات.واتهمت الحكومة ايران وحزب الله اللبناني بالتحريض على الاحتجاج. والمتهم الاخر في أعين المسؤولين وسائل الاعلام العالمية التي رأت الحكومة انها انحازت للمحتجين.وحتي قبل ان يطلب مني مغادرة البلاد لم يكن يسمح للصحفيين بدخول البلاد ويرحلون من المطار او يرفض طلبهم بالحصول على تأشيرات لدخول البلاد. واحتجز فريق شبكة سي.ان.ان الاخبارية حين حاول اجراء مقابلة مع ناشط بحريني في مجال حقوق الانسان.ومع استمرار الحملة حل الخوف. توقف المواطنون عن التحدث الي عبر الهاتف ويوافقون فقط على الحديث وجها لوجه سرا. وقابلت شابا هاربا منذ شهر تملك منه الخوف لدرجة تمنعه من الذهاب للعمل او الطبيب. واضطررت للبحث عن طرق سرية لمقابلة مصادري بما في ذلك غربيون يعملون كمستشارين للحكومة البحرينية لاعتقادهم أن هواتفهم وبريدهم الالكتروني يخضع للمراقبة. وكان مطر مطر واحدا من حفنة قليلة من الاشخاص لازالت تتحدث الي وكان عضوا بارزا في البرلمان عن جمعية الوفاق حتى اعلانها الانسحاب منه في فبراير احتجاجا على تعامل الشرطة بعنف مع المحتجين.واعتذر في رسالة الكترونية بعد امتناعه عن الرد على مكالمتي يوم 29 ابريل نيسان عن تلقي اتصالات هاتفية في ذلك الاسبوع. وقبل ذلك كان التلفزيون قد اذاع ما وصفه باعترافات سجناء زعم بعضهم ان مطر حرضهم على ارتكاب جرائم.وكتب في الرسالة انه لا يريد الظهور حتى يعرف المدى الذي ستذهب اليه السلطات بعد ان تردد اسمه في تلك الاعترافات التي اذاعها تلفزيون البحرين.وبعد ثلاثة ايام القي القبض على مطر شخصيا مع عضو اخر سابق في البرلمان من جمعية الوفاق ايضا. ولم يتمكن زملاؤه من الاتصال به منذ ذلك الحين.وفي الاسبوع الماضي وقبل يومين من ابلاغي بقرار طردي اعلن ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة رفع الاحكام العرفية اعتبارا من أول يونيو حزيران في مؤشر على ان الحكومة قد تخفف حملتها ولكن البحرين باتت دولة في حالة صدمة بالفعل........................انتهی/158
المصدر : ابنا
السبت
٢١ مايو ٢٠١١
٧:٣٠:٠٠ م
242755
في الوقت الذي كان ملك البحرين حمد بين خليفة يعلن عن اقتراب موعد رفع الأحكام العرفية التي أعلنها في إجراء تعسفي لقمع الاحتجاجات الشعبية العارمة التي اجتاحت البحرين، كانت أجهزة الأمن البحرينية وقوات الجيش بالإضافة الى القوات السعودية المستقدمة تنكل بالشعب البحريني حسب تمييز طائفي مقيت، استهدف خلاله الأغلبية الشيعية بأبشع أنواع الانتهاكات الإنسانية، فيما كانت أجهزة المملكة الاستخباراتية ترصد عن كثب كل التقارير الإعلامية التي تصدرها الوكالات الإخبارية، في الوقت الذي كانت تمارس الترغيب والترهيب ازاء مراسلي تلك الوكالات، لعكس حقائق الأمور او التعتيم عما يجري من جرائم بحق مواطني تلك الدولة.