وفقاً لما أفادته وكالة أهل البيت(ع) للأنباء ـ ابنا ـ أکد «سماحة آیة الله الشیخ عیسی احمد قاسم» في خطبة الجمعة الیوم 27 ربيع الثاني 1432هـ. (2011-04-01 م.) في جامع الإمام الصادق (ع) بمنطقة "الدراز" البحرینیة بأن الشیعة لن یزرعوا أي نبةٍ لحقد طائفي، ولکن المطالبة بالحقوق بالأسلوب السلمي فهي أمرٌ آخر لا مساس له بالوحدة الإسلامية، وإنما ينسجم معها، ولا يعترض عليه مسلمٌ ولا عاقل.
وفیما یلي نص کلمته الهامة ألقاها الیوم حول أحداث البحرین:
الحل الأمني:
هناك ما يسمى بالحل الأمني والأولى به أن يسمى بالإسكات الأمني. يعني الحل الأمني في بعض صوره وتطبيقاته العملية وانتشاره وتفاقمه عزل كل شيءٍ آخر جانبا، وتحكيم اسلوب القوة الباطشة بكل مفرداته. ويتناول العزل القيم الدينية والإنسانية، والأعراف الإجتماعية، وكل المواثيق والدساتير والقوانين، والشرائع السماوية، وخلق الفطرة، وضوابط السلوك، ومقدرات الإنسان. وهذا المنطق لا يمكن أن تقوم عليه حياة، أو يُبنا مجتمع، أو تستقر اوضاع، أو أن يؤب بالناس إلى رشد.
هذا المنطق يمكن له أن يهدم حياة، أن يحطم اجساد، أن يرهق اعصاب، أن يهدم مجتمع، أن يبعثر بناء، وأن يقلق نفوس، أن يخيف ويرعب ويفزع، أن يزرع بغضاء، أن يولد احقاد. ويستحيل عليه أن يبني إئتلاف، أن يجمع شتات، أن ينعش اقتصاد، أن يكسب مودة، أن يؤسس لحياةٍ مريحة وأمنٍ مقيم وشرعيةٍ على الحقيقة.
هذا المنطق يمكن له أن يخفض الصوت الآخر أو يسكته إلى وقتٍ قصرٍ أو طويل، ولكنه يعمق المشكل، ويوسع الفجوة، ويبعد الشق، ويكثف من اسباب الإنفجار، ويؤلب على صاحبه بفعل حكومة الضمير.
هذا المنطق لا يمكن أن يسقط قيمة الحقوق، ولا يملك أن ينسيها أو يلغيها، أو يعالج مخاطر التنكر لها واهمالها، أو يُقبر إلى الأخير الصوت المجاهر بها.
حاجة الوطن الیوم
فالحاجة إلى الإصلاح ومقتضيات الإصلاح تبقى على ما هي عليه، والمطالبة بها لا تسقط، والمزيد في التدهور والفساد لابد أن ينتهي إلى نتيجته الحسمية من السحق والدمار للجميع، كما في كل الدنيا وكل التاريخ، إذ يستحيل أن تستوي نتائج الفساد والصلاح، والخطأ والصحيح، والإستقامة والإنحراف، والأخذ بما هو حق وما هو باطل، فكلما افترق الطريق والإتجاه من دون لقاء لابد أن تفترق النهاية.
وإن للبغضاء ـ يشتريها شخصٌ أو دولةٌ ـ لثمن، ولشراء المودة ثمنٌ آخر. الإساءة والظلم ثمنٌ تشترى به بغضاء الخلق، والإحسان والعدل ثمنٌ للمودة. وقد يكلف ثمن البغضاء يزرعها مشتريها في نفوس الآخرين اضعاف ما يكلفه ثمن المحبة، والعديد من الناس العاديين والعديد من الحكومات يكثر الخطأ عنده في هذا المجال.
وهناك أمران لا يفوت عاقلاً ادراكهما: أولهما أن سياسة العنف والإرهاب من أي حكومةٍ مع شعبها تخلق حالة عداءٍ بين الطرفين. وثانيهما أن هذه العلاقة العدائية لا يستقيم معها أمر شعب ولا حكومة، ولا تبقى راحة لأيٍ من الطرفين، وتنزع الأمن من كل ربوع الوطن.
والحكومة التي تختار الدخول في علاقة عدائية سافرة مع شعبها، تجد نفسها مضطرة للإحتماء بقوةٍ من الخارج، ومن كان اعتمادك عليه في استمداد القوة ملكته أمر قوتك واضعافك، وإرادتك وقرارك، وجعلت نفسك مرتهناً لرغبته وهواه، واستعبدتها له.
وحتى تظل مرتهناً لإرادة الأجنبي الذي يمدك بالقوة ضد طرفٍ آخر، فإنه يكون له حرصٌ على أن تبقى علاقتك بهذا الطرف متوترة، ويثيرك ضده، ولا يتيح لك فرصةً تصحيح العلاقة بينك وبينه.
وشأن أي معارضةٍ في ذلك شأن أي حكومة، فالمعارضة التي تعتمد على الخارج وتستمد قوتها منه، ويكون قوامها بيده، إرادتها مرتهنةٌ بإرادة الخارج ومصيرها في حكمه، وتتحول إلى رآس مالٍ بيده، وورقةٍ يساوم بها لحساب نفسه.
الثورات الإسلامیة في المنطقة
واعان الله المعارضة والثورة في ليبيا، التي وجدت نفسها محكومةً في قوتها لقرار الخارج الذي لا يرحم، ولا يتورع أن ينتزع منها كل ما يمكن انتزاعه، وأن يساوم بها الطرف الآخر، ويمكن أن يبيعها عليه ويهددها باسلامها لبطشه وتنكيله، وهو لا ينظر إلا مصلحته ووضع يده على كنوز ليبيا، والتحكم في سياستها ومصيرها كيفما يريد.
الصراع في أي وطنٍ يكون من وراءه ظلم، وهو مكلفٌ لكل اطرافه، ولكن تزيد محنة الصراع وكلفة الصراع وخسائر الصراع، عندما يكون صراعاً بالوكالة عن طرفٍ أو أكثر من خارجٍ لا تهمه مصلحة الوطن على الإطلاق.
أما عن الوضع الأمني المحلي بخصوصه، فإن الحالة المعاشة من اعلى درجات حالات الطوارئ، وفيها إنفلات في المقاييس، وتمثل زيادةُ في تعقيد الوضع، وتباعداً عن طريق الحل.
الإصلاح هو الحل
الحل في الإصلاح الشامل، وفيه الدواء وراحة الجميع وربح الوطن، وسيبرهن الحل الأمني على أنه ليس الحل، وأنه لا يصح التعويل عليه، وأن الحل له مخرجٌ آخر.
الفرق بین الطائفیة و المطالبة بالحقوق
وأما عن الطائفية، فلن نزرع في هذه الأرض أي نبةٍ لحقدٍ طائفي، قد أخذنا على أنفسنا هذا، ونحن ملتزمون به دائماً. وأهم ما يجعلنا كذلك، وأن نعمل في صالح وحدة المجتمع والأمة، هو إيماننا بالإسلام، ووعينا لأهدافه، واحترامنا للحكم الشرعي، الذي لا يسمح بالدعوة والتأسيس لفرقة الأمة، ويدعونا ويلزمنا بالعمل على تثبيت وحدتها، وهذا حقٌ ثابتٌ على كل مسلم، والمتخلي عنه إنما هو مفرطٌ بالإسلام.
أما المطالبة بالحقوق بالأسلوب السلمي فهي أمرٌ آخر لا مساس له بالوحدة الإسلامية، وإنما ينسجم معها، ولا يعترض عليه مسلمٌ ولا عاقل.
.......................
انتهی/137 ـ 101