ان الاحساس باختلاف وقع حضور شخصية الامام الخميني (رض)في هذه المرحله الحاسة يعود الي حضور خطابه السياسي والفكري والاجتماعي وبكثافة بسبب الجدب الذي ضرب ويضرب الخطاب الاسلامي الاصيل وتراجعه امام خطابات التطرف ولانحراف المحسوبه على الاسلام واتساع نطاق هذا الخطابات التكفيرية والانغلاقية والانعزالية والاقصائية والطائفية والانبطاحية وارتفاع حدة نبرتها يسبب عنفها وتطرفها و عدم وقوفها عند اي خطوط حمراء حتي لوكانت باهتة , متسترة بمسوح , يفضح اكثر مما يستر,الاعتدال و العداء لامريكا ,الذي وجدت فيها الاخيرة ضالتها بعد ان اوجدتها , فعممت حالة التشنج والحقد الاعمي والقصور في الرؤية الي حد العمي و كذالك الانحلال والانحراف في الخطابات المشوهة , علي كل المسلمين للنيل من رموزهم وصحوتهم و حصرهم بين لامتناهيين ,الجهل والتعصب. يقفز الخطاب الخميني دون اسئذان الى عقل وفكر الانسان المسلم اذا ما استحضر حتى في عملية سريعة بعض المفردات التي تدور حولها الخطابات المتطرفة والتفسيرات الشوهاء والممسوخة التي تطرحها بشأن اهم القضايا التي تواجه المجتمعات الاسلامية مثل الديمقراطية والانتخابات والاستكبار والاستعمار والوحدة الاسلامية والطائفية والاقليات الدينية والقومية وحرمة المؤمن ودور العبادة والجهاد والاستشهاد.
الخطاب المتطرف والتكفيري يرى في الديمقراطية افة يجب استئصالها بشتى الطرق ولاحق للشعوب في ابداء رايها فيما يخص اوضاعها فضلا عن الحديث عن تقرير المصير , اما خطاب الانحلال رافع لواء "الاعتدال" الذي يمنح الشرعية للانظمة التي تدعي الاعتدال فيرى في الديمقراطية بابا من ابواب جهنم ومكيدة من مكائد الشيطان يمنح الرعاع والمنحرفين الحق في الاعتداء على القيم والاخلاق السائدة في المجتمع . كما ان الانتخابات كفر والحاد وانها عملية كفرية وان كل مسلم يشارك فيها يعتبر خارجا من المله والدین یستحق الموت حتی لو بلغ من شارک فیها عشرات الملایین .
في المقابل يرى الخطاب الخميني في الانتخابات على انها امتحان الهي وفيها يتم الفصل بين المنتصرين للضوابط والمنتصرين للجماعات" و " بالانتخابات يمكن تقويم الذات " وان " البرلمان على راس جميع المؤسسات. وان "الدیمقراطیه مندرجه فی الاسلام والناس احرار فی الاسلام فی بیان عقاءدهم " حتی "ان المارکسیین احرارفی بیان عقائدهم فی المجتمع "ویری الخطاب الخمینی ایضا ان " من الحقوق الاولية لاي شعب ان يمتلك حق تقرير المصير وتعين شكل الحكومة التي يريدها".
اما فيما يخص الاقليات الدينية فلا يفرق الخطاب المتطرف والتكفيري بين اليهود والصهاينة وبين المسيحيين ودعاة الحرب من الصليبين حيث يضع الجميع في سلة واحدة ويحكم على عليهم بالكفر والقتل. وقد راي العالم تطبيقات هذه الرؤية في العديد من مناطق العالم وخاصة في العالم الاسلامي والتي كلفت المسلمين والاسلام غاليا.
في المقابل يرى الخطاب الخميني "ان جميع الاقليات الدينية في ظل الحكومة الاسلامية يمكنها القيام بجميع طقوسها الدينية وبحرية كاملة وان الحكومة الاسلامية مكلفة حماية حقوقهم على افضل وجه" ويرى هذا الخطاب " اي فرق بين الشعوب المختلفة , وان جميع حقوق الشعوب مكفولة في الاسلام" , كما يعتبر هذا الخطاب "ان جميع افراد العالم بشرا متساوين في الانسانية" وينظر الى جميع الناس بمنظار المحبة كي "يصبح العالم باجمعه روحانيا ويقترب من عالم القدس" , ويرى ايضا " ان الاسلام جاء لانقاذ البشرية من العلائق الجسمانة وايصالها الى الروحيات".
اما الحديث عن الوحدة الاسلامية والموقف من التقريب ين المذاهب الاسلامية , نرى فضائيات ومواقع نترنيت تتكاثرا مرضيا وتحتكر الاسلام وتسبح بحمد الجماعات المتطرفة التي ترفع رايات الجهاد ولكن ضد المسلمين وتفتي بقتلهم واستباحة دمائهم وتحريض بعضهم على بعض وتعمل على شعال الفتنة الطائفية في ديار المسلمين في توطؤ واضح فاضح مع المستكبرين والصهاينة بعد ان قسموا خلق الله الى فسطاطين فسطاط الايمان وهو حكر لهم وفسطاط الكفر وهو للمسلمين جميعا. اما تؤام هذا الخطاب في النهش والحز بجسد الامة , خطاب الانحلال والانبطاح , فهو يعلن وعلى رؤوس الاشهاد ودون مواربة ان الوحدة الاسلامية التي ينشدها تنتهي حتما بتجاهل جميع المسلمين اذا لم نقل باقصائهم وفقا للتفسير الجامد والمتخلف للاسلام .
في المقابل نذر الامام الخميني (رض) , وهو من اكابر مراجع الدين على مر العصور , كل حياته المباركة من اجل تحقيق الوحدة الاسلامية . فكان قدس سره يعتقد اعتقادا جازما بوحدة الامة الاسلامية وبمصيرها المشترك دون الالتفاف الى المذهب التي ينتمي اليها الانسان المسلم , وقد رافقت هذه الفكرة سماحته في كل لحظة من لحظات حياته . ويمكن تلمس ذلك وبوضوح في كل خطاباته ومؤلفاته ومواقفه دون استثناء وكذلك في نداءاته لضيوف الرحمن في كل عام ومن اعلانه اخر جمعة من شهر رمضان المبارك يوما عالميا للقدس.
أما بشان المراة وحقوقها فأن من الخطا الحديث عن موقف خطابي التطرف والانعزال من المراة وحقوقها , فالمرأة لاوجود لها كأنسانة في اطار هذين الخطابين ليكون لها بالتالي حقوقا يمكن الحديث عنها وان الذي حدث للمرأة في بعض ديار المسلمين التي تمكن فيها هذان الخطابان من ان يجدا فيها موضع قدم هناك , يكفي ويغني عن الحديث في هذا الموضوع فهو غزي وعار من الفه الي يائه.
وعلى النقيض من ذلك تماما يقف الخطاب الخميني شامخا يصدح بصوت الاسلام الذي كرم وبجل وعطم المرأة ودورها في الحياة , فهذا الخطاب يرى كما يرى الاسلام الاصيل ان "للمرأة في النظام الاسلامي الحقوق ذاتها التي للرجل بما في ذلك التعليم والدراسة وحق العمل وحق التملك وحق التصويت وحق الترشيح" فلا " يوجد فرق بين الرجل والمراة من ناحية الحقوق الانسانية وذلك لان كليهما انسان, وللمرأة الحق في تقرير مصيرها كالرجل تماما" و " المرأة كالرجل حرة في اختيار مصيرها ونوع نشاطها".
اما موقف خطاب التطرف ازاء مفاهيم الجهاد والاستسشهاد فهو حديث يعتصر قلب كل مسلم ومؤمن وكل انسان حتى لو تجرد من اي قيم سماوية , وهو يرى كيف اساء هذا الخطاب الى مفاهيم الجهاد والاستشهاد وانزلها من عليائها الى درك الارهاب والجريمة , وكيف نصب اصحاب هذا الخطاب انفسهم انصاف اله عندما عندما اخذوا يشرعنون قتل النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق ويدخلون من يشاؤون الجنة ويرسلون اخرين الى النار, وكيف تدنت مكانة وحرمة الانسان المسلم وحرمة الجوامع والمساجد والحسينيات والكنائس ودور العبادة الى مستويات لاحرمة لها ولا كرامة , بعد ان فجروها خربوها على رؤوس المؤمنين وهم يزفون منفذيها شهداء على طريق الاسلام.
في المقابل اعطى الخطاب الخميني مفاهيم مقدسة كالجهاد والاستشهاد , فهما اعمق وزرعها في نفوس الشعب الايراني المسلم وتجسدت عمليا في انتصار الثورة الاسلامية وفي مرحلة الدفاع المقدس وفي جميع مراحل مسيرة تطور وتقدم الجمهورية الاسلامية الايرانية وعلى شتى الصعد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية والعسكرية , فلا يجد الجهاد والاستشهاد لهما اي معنى الا في سوح منازلة الاستكبار والاستعمار والصهيونية لتحرير الارض والانسان وبناء نهضة علمية ترفع المسلمين الى المكانة التي تليق بهم بين الامم.
اما بشأن الموقف من الاستكبار والاستعمار فأن كل ما فعله الخطاب المتطرف منذ اعلن عن وجوده , صب في مصلحة الاستكبار والصهيونية بالكامل واضر واساء للمسلمين الى درجة لاتوصف , الامر الذي دفع العديد من الباحثين والمراقبين لاداء المجموعات المتطرفة والتكفيرية يتحدث عن وجود تواطؤ واضح بين الجانين لايمكن ان يختفي وراء بعض الشعارات الرنانة الجوفاء , فيما يعتبر خطاب الانحلال والانبطاح مطية لتمرير مشاريع الاستكبار في المنطقة , فمن دون وجود هذا الخطاب ما امكن تمرير هذه المشاريع بهذه السهولة , وذلك بفضل التعاون الى درجة التحالف الاستراتيجي مع الغرب ومنح التسهيلات لمئات الالاف من الجنود الامريكيين وحلف الناتو فوق اراضي المنطقة العربية الاسلامية لغزو اراضي العرب والمسلمين.
في الجانب الاخر يفتخر الخطاب الخميني بانه اسس منذ البداية على مناهضة الاستكبار والاستعمار وان الثورة الاسلامية كانت قبل كل شيء ثورة على التبعية للغرب وعلى راسه الاستكبار الامريكي , فهذه التبعية ووفقا للخطاب الخميني هو السبب الاول والاخير لتخلف المسلمين عن ركب الحضارة والتقدم, ومازال الشعب الايراني في نزال لايرحم مع هذا الاستكبار الذي يريد اعادة ايران الى بيت الطاعة الامريكي.
اما قضية الاسلام الاولى , قضية فلسطين السليبة , فلاتجد لها مكانا لها في الخطاب المتطرف ولم يسجل لهذا الخطاب موقفا جادا واصيلا من القضية الفلسطينية , فبعيدا عن الشعارات الرنانة لهذا الخطاب الذي يلعن اليهود ليل نهار الا انه لم يمس لحد الان شعرة من جسد صهيوني حاقد على الاسلام والمسلمين.
اما الخطاب الذي يشرعن للانبطاع والاستسلام تحت يافطة الاعتدل فهو من اهم الاسباب التي ادت الى ضياع فلسطن وتغول الصهاينة على المسلمين , فهذا الخطاب مازال يختلق الاعذار لاضاعة ماتبقى من فلسطين ,
كما ساهم ويساهم في فرض الحصار المفروض على اهالى غزة المظلومين.
اما الخطاب الخميني , فيعرف القاصي والداني سرعداء الاستكار العالمي واذنابه للامام الخميني , هو نصرته الحقيقية والثابته للقضية الفلسطينية , انطلاقا من العقيدة الاسلامية الاصيلة. واخراجه هذه القضية من دائرتها القومية الضيقة الى فضاء الاسلام الرحب وجعل منها القضية الاولى للمسلمين , وان ايران دفعت ومازالت تدفع اثمانا باهظة لهذا الموقف الاسلامي المبدئي من القضية الفلسطينية.
الغريب ان خطابي التطرف والانبطاح يكمل بعضه بعضا , فبعد ان يقضي الخطاب الاول على كل امل في تلمس شباب الامة الخلاص من المشاكل التي تعصف بالمجتمعات الاسلامية عبر الاسلام التطرف والصورة المشوهة عن الاسلام , فلايجد طريقا امامه الا خطاب الانبطاح والانحلال والخلاعة والميوعة والتسيب وتسويق الروح الانهزامية والعدمية بين شباب الامة , والذي ينشط, بذريعة مكافحة الخطاب المتطرف والمتخلف حيث تتوالى هذه المهمة مراكز تدعى العلمية والتبحر في الدين تساندها امبراطوريات اعلامية تتحرك بدولات النفط .
اما هدف الخطابين فواحد وهو تركيع الامة امام اعدائها من المستكيرين والصهانية وتمرير مخططات هذا الثنائي غير المقدس والرامية الى شرذمة الامة وتفكيكها ومن ثم الانقضاض على خيراتها ونهب ثرواتها والابقاء عليها خارج حركة التاريخ.
هذه الاطلالة السريعة على بعض مواقف الخطاب الخميني من اهم قضايا الامة والتي حاول هذا الخطاب ان يرسم افقا وضاء امام المسلمين في كيفية التعامل معها , تسلط الضوء في ذات الوقت على الخطابات الشوهاء التي افسدت على المسلمين حياتهم واذهبت ريحهم وجعلتهم لقمة سائغة لكل من