الكرامة الأولى : شفاعة العلامة الأميني عند الأمير (ع) !
الشاعر المصري المعروف محمد عبد الغني حسن كتب أبياتا من الشعر في إطراء الغدير ومؤلفه، وقد رد عليه العلامة الأميني يشكره على قصيدته، ولكنه سأله: لماذا تركت الأصل وتمسكت بالفرع، فلماذا لا تظهر محبتك لأمير المؤمنين (ع) وتكتب غديرية لتسجل اسمك ضمن شعراء الغدير، وتبقي اسمك خالدا.
مضى شهران ولم يكتب محمد عبد الغني ردا على رسالة الأميني، ثم كتب رسالة يشرح فيها علة التأخير في الجواب، وقال فيها: ليس لي في هذه الدنيا سوى بنت واحدة، ولقد أصاب الأطباء اليأس من شفائها وتحسن حالتها، وهي تحتضر الآن، ومن ثم فلا أملك أي قريحة شعرية، ولكن من حيث طلبتم مني ذلك فقد أنشدت هذه الغديرية بعين باكية، وها أنا ذا أرسلها إليكم.
وصلت الرسالة يوم الخميس إلى العلامة الأميني فتوجه في ليلتها (ليلة الجمعة) إلى حرم أمير المؤمنين (ع)، وفي اليوم التالي سلم رسالة إلى ابنه الشيخ رضا وطلب منه أن يرسلها بالبريد إلى الشاعر محمد عبد الغني، وقال له: لقد قرأت غديريته البارحة في الحرم أمام أمير المؤمنين (ع)، وأنا أحسب أنني قد أخذت شفاء ابنته منه.
كان يقول ذلك وهو واثق من أنه في ارتباطه بأمير المؤمنين (ع) قد نال مراده.
بعد إرسال الرسالة إلى مصر جاء الجواب من الشاعر محمد عبد الغني بعد أسبوعين يقول فيها: سبحان الله، في نفس الليلة التي قلتم أنكم أنشدتم غديريتي في حرم أمير المؤمنين (ع)، أصاب ابنتي حمى شديدة، ثم تحسنت حالتها بعد ذلك وشفيت.
القصة الثاني : مع الشيخ الوهابي في كتابه !
أما الحادث الآخر فهو أن العلامة الأميني (قد) كان مشغولا في تأليف موسوعته "الغدير"، وقد وصل إلى طريق مسدود فيما يرتبط بفصل مهم من فصول الكتاب، لأن الكتاب الذي فيه تتمة بحثه مفقود وتعطل البحث لفقدان الحلقة التي تربط سلسلة أحاديثه بعضها بالبعض. ولما عجز عن ذلك قصد كعادته حرم أمير المؤمنين (ع)، واقفا أمام الضريح المطهر شاكيا إليه معاناته في الحصول على هذا المصدر.
وفي اليوم الثاني زاره العلماء والفضلاء، فأخذ يسألهم عن الكتاب المفقود، فقال أحدهم: الكتاب الذي تبحث عنه في الأعظمية في بغداد (وهي منطقة يقطنها في الغالب أهل السنة) عند أحد علمائها، وهو متعصب جدا وناصبي، بالإضافة إلى أنه ضنين بكتابه لا يعيره لأقرب المقربين إليه، فكيف تستطيع الحصول عليه؟!!
قال العلامة الأميني (قد): أستعين بالله عليه، قال: في اليوم الثاني عزمت السفر إلى الكاظمية، وكان ذلك في شهر رمضان والوقت صائف وحار جدا، خرجت من النجف الأشرف فجرا قاصدا زيارة سيد الشهداء (ع) في كربلاء، وكنت صائما ثم فطرت على الماء فقط، ومن ثم قصدت الإمامين الجوادين (ع) في الكاظمية، وبعد أداء مراسم الزيارة توجهت إلى الأعظمية، لأبحث عن الكتاب المفقود وصاحبه. وصلت الأعظمية ضحى، سألت عن دار الشيخ فدلني أحدهم عليه، فلما طرقت الباب خرج الشيخ بنفسه، وما أن رأيته سلمت عليه مصافحا وأقبلت عليه معانقا، فبهت الرجل واستوليت على كيانه ومشاعره، قلت له: علمت أن في مكتبتك الكتاب الفلاني، وقد جئت من النجف لأطالعه وأقرأه، أخذ الرجل وبهت ولم يحر جوابا، وبحكم الهيمنة عليه ما استطاع أن يعتذر مني أو يردني، فقال: تفضل شيخي واصعد إلى المكتبة لتطلع على ما تريد، وصعد معي.
قال العلامة الأميني: دخلت المكتبة وشاهدت الغبار يعلو جميع أجزاء المكتبة، والكتب مبعثرة هنا وهناك، وكأنها مهجورة منذ زمن بعيد ولم تمسها يد منذ أشهر وربما سنين، تركني صاحب المنزل وحدي ونزل، عند ذلك فتحت حزامي ووضعت عمامتي وقبائي فيها وغطيتها عن الغبار، وابتدأت بتنظيف الكتب، وإزالة الغبار وعزلها، وأنا أتصبب عرقا من شدة الحر والجو الخانق، لا مروحة، ولا ماء، حتى ولا طعام، واختلط الغبار بالعرق على رأسي ووجهي وأطرافي، وأنا مشغول في مطالعاتي واستنساخي، حتى العصر وأخذني الإعياء، ولم أصل فريضتي الظهر والعصر، ولا مر علي أحد، وقد احتجت إلى الماء لأشرب وأتطهر.
عند ذلك طرقت الباب الداخلي فجاء الشيخ والنعاس في عينه فارتبك لما رآني بهذه الحالة، ثم قال: أنت لا تزال هنا؟!! وما هذا الغبار الذي يعلو رأسك ووجهك، فو الله لقد نسيت أنك لا تزال هنا بهذا الحر ونسيتك تماما، وقد تناولنا الغداء ولم يبق عندنا شيء نقدمه لك من الطعام إلا القليل، قال الشيخ: لا بأس عليك، آتني بماء لأشرب وأتوضأ، فنزل مسرعا وجاء بالماء، وبعد أن أتم الشيخ صلاته جاءه بالطعام معتذرا لقلته، وقال: هذا الذي فضل من غدائنا مما يدل على أن شهر الصيام لم يصل إلى دارهم بعد".
القصة الثالثة : علماء العامة يحاولون منع كتاب الغدير -1
يقول الحاج حسين الشاكري:
"حدثني العلامة الأميني (قدس سره) في داره بالنجف الأشرف، أو في داري ببغداد سنة 1965 م، لا أتذكر ذلك أنقلها بالمعنى: قال:
اجتمع بعض المعممين من رجال الدين من أبناء العامة، وبعض من الشخصيات المرموقة في أجهزة الدولة، ومن العسكريين، والقضاة حينذاك وغيرهم. اجتمعوا بالحاكم الطائفي "نور الدين النعساني" بعد أن طغى وتجبر بأحكامه العرفية بالأبرياء من الشباب المؤمنين، حينذاك، وطلبوا منه إحالة "العلامة الأميني" على القضاء ومحاكمته بإثارة الطائفية، والتفرقة بين المسلمين بسبب تأليفه كتاب "الغدير" الذي أثار الشبهات على الخلفاء الثلاثة بأحاديث الغدير وغيره.
وأخذ هؤلاء النفر يحرضونه على الانتقام منه عن طريق القانون، قال الحاكم "النعساني": آتوني كتابه حتى أقرأه ثم أجيبكم على طلبكم، فلما جاءوا إليه بالأجزاء المطبوعة من كتاب "الغدير" طلب منهم مهلة ليقرأها، وليجد بعض الثغرات القانونية، وليقدمه إلى المحاكمة ويحكم عليه بأقسى مواد القانون دون رحمة أو شفقة.
مرت أيام وتبعتها أسابيع و"النعساني" لم يتطرق إلى كتاب "الغدير" بشيء، على الرغم من الاجتماع بهم الذي كاد يكون يوميا، ولما طال بهم الانتظار طالبه بعضهم بالجواب.
قال: باستطاعتي الحكم عليه بالإعدام وتنفيذه وحرق كتبه ومصادرة أمواله وكل ممتلكاته، وإجراء أشد التنكيل به وبمن يلوذ به بشرط واحد، هل تستطيعون تحقيقه؟ فتحمس المجتمعون وقالوا كلهم: نعم ننفذ ونحقق كل ما تطلبه منا، عند ذلك قال: الشرط هو أن تحرقوا جميع مصادركم ومسانيدكم وكتبكم وصحاحكم، حتى لا تكون له الحجة علينا عند تقديمه للمحاكمة، فبهت الذين ضلوا وانحرفوا وقالوا مستفسرين: كيف يمكن ذلك؟! قال: لأن جميع الأحاديث والروايات التي نقلها هي من صحاحكم ومسانيدكم وسيركم وأثبتها في كتابه "الغدير" في محاججاته ومناظراته ومناقشاته، عند ذلك أسقط ما في أيديهم ورجعوا بخفي حنين، خائبين مخزيين مخذولين".
القصة ال