وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ تشهد منطقة الشرق الأوسط حالة غليان كبيرة، خاصة في فلسطين ولبنان تحديدا؛ إذ تشن دولة الاحتلال الصهيونية عدوانا عسكريا مدمرا كبيرا على هذين البلدين، مستهدفة كل شيء ولم يسلم منها لا إنسان ولا حيوان ولا شجر ولا حجر، وبدعم مطلق من أمريكا والغرب في الجانب التسليحي واللوجستي والإستخباري والمالي والسياسي، اسفرت عن استشهاد عشرات الآلاف من المدنيين غالبيتهم من الأطفال والنساء في غزة ولبنان، وقدمت كذلك المقاومة الاسلامية بشقيها اللبنانية والفلسطينية قوافل الشهداء على رأسهم الأمين العام لحزب الله اللبناني الشهيد السيد "حسن نصر الله"، ورئيس مكتب لحركة حماس الاسلامية الشهيد "إسماعيل هنية". استضافت وكالة "أبنا" للأنباء الدولية عضو المجلس المركزي الشيخ "حسن البغدادي"، وجرى الحوار التالي معه :
وكالة أبنا: بسم الله الرحمن الرحيم تحية طيبة ونرحب بكم فضيلة الشيخ يوجعنا كثيرا فراغ سيد المقاومة في هذا الظرف الاستثنائي والعسير الذي تمر منها الأمة الإسلامية بجمیع طوائفها طبعا حتى الأديان الأخرى لأن العدو الصهيوني عدو للجميع، وأصبح عدوا عالمياً. بعد الترحيب والنعي بمناسبة استشهاد سيد المقاومة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالی علیه فضيلة، كيف تعرفتهم بالشهيد السيد "حسن نصر الله؟
بسم الله الرحمن الرحيم أولا نعزي المؤمنين والمؤمنات جميعا وفي الطليعة صاحب العصر والزمان مولانا الإمام المهدي المنتظر (عج) وقائد الثورة الاسلامية سماحة آية الله العظمى السيد "علي خامنئي" والمراجع العظام وكل الأمة الاسلامية، بهذة الشهادة المباركة، وهي خسارة جسيمة في نفس الوقت، فسماحة السيد حسن نصر الله الشهيد على طريق القدس وسيد شهداء طريق القدس، تعرّفت عليه منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي وكان ذلك في مدينة قم المقدسة ولكن رأيته في النجف الأشرف حدود سنة 1978 - 1979، حيث کنت أسكن في النجف الأشرف، ووالدي كان عالما رحمه الله وكنا في النجف آنذاك، وعندما عاد إلى لبنان، بقيت في النجف الأشرف وارتديت الزي الديني قبل انتصار الثورة الإسلامية 1979، وذلك قبل سنتين، يعني في سنة 1977، رأيته في النجف الأشرف، ولكن لم تكن هناك علاقة بيننا، ونشأت علاقة في قم، ولكن لم ترتق إلى الصداقة بسبب الظروف الخاصة به؛ ولكن التقينا في قم في أكثر من مرة وعندما عاد إلى لبنان، سكن في مدينة بعلبك، ودرس في حوزة الشهيد السيد عباس الموسوي، الذي كان سابقا الأمين العام لحزب الله والذي اغتاله الصهاينة عام 1992، وعندما عُدت إلى لبنان بطبيعة الحال تعرفت عليه، ونشأت بيننا علاقة وطيدة وعلاقة عمل منذ سنة 1987 أصبحنا نعمل معه، وكُلفت بعدة مهام في ذاك الوقت، واستمرت هذة العلاقة مع سماحة السيد ثم بعد ذلك أصبحتُ معاونًا له في شؤون العلماء عدة سنوات، واستمرت هذة العلاقة، ومن الطبيعي انه يشنغل كل واحد منا في ملف خاص تفرضه طبعية العمل، ولكن بقي هذا التواصل، فالسيد الشهيد كان مسؤولا عاما لكل الحزب، ولكل ملف له مسؤل خاص به، فكان الشهيد رئيس الشورى ورئيس المجلس الجهاي في حزب الله، واستمرت هذه العلاقة والتواصل حتى رحيله رضوان الله تعالى عليه.
أبنا: ما هو المعيار في اختيار الأمين العام لحزب الله؟
عادة الانتخاب يبدأ من الشورى، والكوادر ينتخبون الشورى، والشوری هي التي تختار أمينًا عامًا للحزب، ويتم الاختيار على أساس مواصفات ملموسة واضحة تؤهل الشخص ليكون أمينًا عامًا، وهو ان يمتلك قدرة ليتصدى للأمانة العامة، وتبارك هذه الجهود من المرشد الأعلى في الجمهورية الإسلامية سماحة السيد القائد، وقبل ان يستشهد السيد عباس الموسوي كان يُعرض على قائد الثورة من يكون أمينًا عامًا، وكان الشهيد السيد حسن نصرالله يرفض أن يكون أمينًا عامًا ذلك الوقت بسبب استاذه الشهيد السيد عباس، ولا يريد أن يتقدم عليه، وان السيد عباس له أهلية ان يكون هو الأمين العام في ذلك الوقت، وكان السيد عباس الموسوي أكبر من السيد حسن نصرالله، وكما انه كان من المؤسسين الأساسین في حزب الله.
والشهيد السيد عباس الموسوي كان يمتلك علاقات طيبة مع الناس ومع العلماء ومع الشرائح المختلفة وكان الجميع يحبونه؛ ولذلك كان أكثر علقة مع الناس من السید حسن، ولا يعرف الناس السید حسن نصرالله في ذاك الوقت، فكان البعض سَمِعَ اسمه ولم يكن يعرفونه؛ ولذا كان من المناسب أن يكون السيد عباس هو أمينًا عامًا للحزب آنذاك، عندما استشد السيد عباس عام 1992 كان من الطبيعي أن يكون البديل هو السيد حسن نصر الله، عندما جاء سماحة السید رضوان الله تعالی علیه إلی الإمانة العامة أثبت للناس وللشرائح وللإسرائيليين انه يمتلك جدارة وقدرة، ربما تسبق الأمين العام السابق؛ ولهذا كان السيد عباس هو عبارة عن القاعدة التي أسست وانطلق منها سماحة السيد حسن وبقیة الإخوة.
أبنا: کنا نری دائما سماحة السید الشهید ونسمع خطبه الحماسیة والشجاعة والتي یحسب له العدو حسابات كثيرة وکبیرة، هل تستطیع أن تحدثنا عن أخلاق، وعمل، ونشاطات السید في الحزب؟
أولا السيد نصر الله رحمة اللة كان ذکيًا وفطنًا ومتكلمًا، ويمتلك القدرة على البيان، ونسمیه ايضا انه يمتلك الكاريزما، فهناك الكثير من الأخوة يخطبون ويتكلمون؛ لكن لا يمتلكون "الكاريزما" المؤثرة المستنهضة التعبویة التي يمتلك صاحبها القدرة علی التأثير في الآخر، فهو كان ذكيا ويمتلك قدرة كاريزمية عالية الجودة والمستوى، وذهنه حاضر، وكذلك حظي برعایة خاصة من سيد قائد الثورة الإسلامية، أعطته القوة لأن السيد أوكل إليه أمورًا عامةً، وله ثقة کاملة ومطلقة به، كما ان السید القائد حفظه الله جعله ممثل الولي الفقیة في الحزب، حتى بات السيد حسن نصر اللة يمثل ضمير المنطقة، وضمير محور المقاومة، مما يعني ان محور المقاومة يرجع اليه، وأصبح نافذ الكلمة، وهو يمتلك بصيرة ونراه دائما مسددا من الله تبارك وتعالى؛ ولذلك قَبِلَه الجميع، ورضي عنه الجميع وبالتالي سجل السيد نصر الله حضورا قويا داخل حزب الله واستطاع ان يصبح نافذ الكلمة الى درجة انه لم يكن هناك شخص يستطع ان يرد كلمته، حتى عندما كان يأتي بعض الاخوة المسؤولين الكبار من ايران يقبّلون يده مثلا ويحترمونه، قائد الثورة يعبر عنه بالقائد العربي، القائد الشجاع، وكان يعتبر السيد القائد السيد حسن نصر اللة هو قائد مهم للمنطقة العربية، وهو بالتالي يتكلم بلغتهم وبلسانهم.
وذات يوم اقترحت على سماحة السيد القائد في لقاء معه أن يتكلم هو مباشرة باللغة العربية لنا في بعض المناسبات، وقلت له: لستَ قائدًا لإيران وحدها فقط؛ بل قائد لنا جميعا، ابتسم وقال: جيد اذًا يجب ان أکتب على الورقة حتى أتكلم، وأنا قلت سيدنا طبيعي انك لست عربيا فاكتب، وهذا طبيعي، وقلت له أنك عندما تقرأ كتابا او خطابا مكتوبا، تكون أفضل بكثير من خطباء العرب؛ لما اعطاك الله من قدرة البيان أيضا سماحة السيد القائد له كاريزما خاصة غير موجودة عند الإخوة في ايران، وكاريزمته استثنائية حقيقةً.
والسيد حسن نصر الله هو من الشخصيات المؤثرة ليس داخل حزب الله فقط، يعني ان الإسرائيلي كان يرى أن السيد حسن نصر الله يمتلك التأثير النفسي فيهم، أو كما نعبر ان السيد يستطيع أن يلعب بأعصاب الإسرائيليين، ويوترهم عندما يتكلم، والمجتمع الاسرائيلي یصدّقه أكثر ما يصدق نتنياهو وغالنت وهؤلاء الشياطين، ويعرف الاسرائيلي انه قادته يكذّبون، ولكن السيد حسن نصر الله لا يكذب، هذه كانت ميزة السيد حسن نصر الله انه لا يكذب ولا ينافق، وهو صادق، وهذا الصدق يعرفه القريب والبعيد والعدو والصديق، كلهم يعتقدون ان السيد حسن صادق لا يكذب، ويتكلم بشفافية، وهذة كانت واضحة عند الجميع، وحزب الله وجمهوره اللبنانيين، وكلهم يعرفون أن هذا الرجل يتكلم بشفافية قد يخفي بعض الامور من أجل مصلحة العمل لكن لا يكذب، كما يقولون الصدق ليس واجبًا في بعض الأحيان لكن الكذب حرامٌ، فكان يقول الشهيد السيد انا مضطر أن لا أقول حرصًا على الإخوة وحرصا والعمل؛ ولكن عندما يتكلم لا یتكلم إلا بالصدق، وهذه كانت ميزة له، وبشكل عام كان ينظر حزب اللة والناس إليه، أنه صادق مخلص، وقوله يطابق عمله، ولیست هناك مشکلة في الأداء، فبالتالي سماحة السيد رحمة الله هو على رأس هذا الهرم، وقام بأداء المهمة في كل هذه السنين بکل ما یستطیع لمصلحة حزب الله والمنطقة.
أبنا: ما هو سلوك سماحة الشهید السید مع الأعضاء الآخرین في الحزب وأخلاقه هل تتذکرون شیئًا عنه؟
ان الله تعالى قد منح سماحة السید قوة الصبر، ربما کان یأتي إلیه البعض یحدثه وعندما يخرج يكذب ويقول كلامًا اخرَ، والسيد لا يردّ عليه، وهذه كانت من اخلاقه وحكمته، فكان يرى انه ليس ضروريا أن يردّ عليه، ومن صفاته انه كان يصبر على الافتراءات والأقاويل، وكان له قدرة صبر كبيرة، (الصبر الجميل)، وكان يؤمن بالصبر الاستراتيجي عندما كان يلتقي حتى خصومه، كان يبدي اعلى درجات الاحترام، وعندما كنت مسؤول ملف العلماء عنده كنت أجلب له الضيوف الكثير من العلماء اللبنانيين والايرانيين والعراقيين، وكان اكثرهم لبنانيين، وكان بعضهم مخلصين صادقين، وبعضهم منافقين، يعني هو غير ملتزم معنا او يكذب، كان السيد يبدي للجميع الاحترام الكبير، حتى أذكر ذات يوم قلت له، معي عالمان اثنان يريدان اللقاء بك، قال لي: أعط الذي يخالفنا ساعة ونصف، وللموالي المقرب ساعة واحدة فقط، ووفقا للأموار كنت اتصرف وادرك المصلحه طبعا، وكان السيد يستقبل الموالي المحب من باب الطابق الأول، والمخالف كان يستقبله عندما هو ينزل إليه ويبدي له الكثير من الاحترام والمحبة، فكان صادقًا واخلاقه رائعة جدا مع الناس ومع جميع فئات المجتمع، وكان يحب ان يرى الجميع، ولكن كان وقته ضيقًا فلم تكن الفرص تتوفر لذلك، وخاصة بعد حرب تموز 2006، اصبح وضعه الامني صعبا للغاية،؛ لذلك كانت هناك مشكلة امنية، وكنا نراعي هذه الحالة الأمنية الاستثنائية، لم نعد نطلب منه كما كنا نطلب قبل الحرب (تموز 2006) وازداد عليه هذا الضغط بعد استشهاد معاونه الجهادي الحاج عماد مغنيه عام 2008 (في دمشق)، وكان استشهاد الحاج عماد مغنية خساره كبيره مما جعل السيد يتصدى للكثير من التفاصيل بنفسه مع بقيه الاخوه المجاهدين في المجلس الجهادي؛ ولذلك أصبح وضعه الأمني أصعب ووقت عمله أضيف؛ العمل الجهادي كان يتطلب لقاءات مكثفة لوضع خطط الحرب، وكل الذي الذي ترونه اليوم هو في الحقيقة من بركات تلك الخطط التي وضعوها هم، بعدما من استشهد ومن بقي، ونحن نسير طبق هذه الخطط التي وضعوها.
أبنا: نعود الى التاريخ حزب الله اللبناني، المقاومة الاسلامية قد تشكلت سنة 1982 بعد الاجتياح الاسرائيلي لجنوب لبنان، ممكن تحدثنا عن بدايات هذا التشكيل المبارك ومن كان المؤسس؟
لقد تبلورت المقاومة الاسلامية وانطلقت عام 1982 بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان، في ذلك الوقت، نحن نعتقد ان المقاومة اسسها الامام موسى الصدر في أواسط سبعينات القرن الماضي؛ ولكن كانت المقاومة ضعيفة آنذاك، فلم تكن هناك الجمهورية الاسلامية الإيرانية، ولم تكن هناك سوريا بهذا الشكل، ولم يكن هناك الیمن والعراق، وكان صدام حسين بالسلطة في وقته.
كانت سماء المنطقة مظلمة حتى انا اذكر عندما كنا في النجف الأشرف، كنا في بدايه شبابنا انا ومجموعة من الاخوة نتطلع الى مستقبل زاهر للمنطقة، ولكن كان امامنا ظلام دامس، فكانت ايران تشتعل وغير معلوم مستقبل ايران قبل انتصار الثورة، وصدام حسين المجرم في العراق في ذلك الوقت، وكانت فلسطين منكوبة، وكانت هناك نكبة عامة في المنطقة، فعندما يريد الانسان الخروج من هذا الظلام الدامس ويطلق مقاومة ضد الكيان الصهيوني الغاصب، فإن هذه تعتبر معجزة، هذا انسان عظيم حقا!؛ لذلك أخفوه أو اغتالوه (السيد موسى الصدر)، وكان من الطبيعي الشباب المؤمنون يكنون في هذه المقاومة وكذلك سماحة الشهيد السيد حسن نصر الله كان مع هذه المقاومة.
عندما انتصرت الثورة الاسلامية في ايران قال رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك "مناحم بيجن": لقد حدث زلزال في منطقة الشرق الاوسط - يعني قيام الثورة الاسلامية - ونخشى ان تطال شراراتُها اسرائيل برمتها، يعني ان تؤدي هذه الثورة الى زوال هذا الكيان، وكان يقول الصدق حقا وهذه أول مرة يقولون الصدق، وان شاء الله يتحقق (زوال الكيان الصهيوني)، وقال ايضا: يجب ان نلاقي إيران في بداية الطريق، فلهذا شن صدام حربًا ضد جمهورية إيران الاسلامية مدعومًا من الامريكيين من نفط المنطقة، وقالوا لصدام شن حربًا على إيران، وآبار نفط في خدمتك، واسرائيل شنت هجومًا على لبنان، كان الهدف منه هو مواجهة النفوذ الايراني وانتشار سعة ايران، وأن تسقط الثورة اذا امكن، وايضا اقامة تحالف اسرائيلي لبناني يكون معبرا الى الاسواق العربية الى التوطين والتطبيع لاقامة الشرق الاوسط الجديد الذي يتحدثونه عنه الآن في الوقت الحاضر، يقوم على أساس نهب ثروات المنطقة والسيطرة واستعباد الشعوب ومواجهه المد الاصولي، وهذا الذي لم يتحقق لان الشباب المؤمنين الذين اسسهم الامام موسى الصدر والذين هم كانوا لهم علاقات عمل جهادي، شكلوا مواجهة هذا الاحتلال الصهيوني آنذاك وبدأوا بقتاله، وكان بينهم الشهيد العماد مغنيه والسيد الحاج الكركي الذي استشهد مع الشهيد السيد نصر الله والسيد ذو الفقار ومعهم العشرات بدأوا بالمواجهة فورا، واكثرهم قد جرحوا، فيما بعض الأخوة قد استشهدوا آنذاك، والمهم قد تشكّلت المقاومة الاسلامية في ذلك الوقت وبدأ يتسع العمل الجهادي، وكانت هناك مصاعب كثيرة حقيقية، لا يصبر عليها الا من امتحنه الله قلبه للايمان؛ لانه كانت هناك آنذاك مشاكل داخلية وخارجية، فلم تكن معنا الحكومات اللبنانية في الداخل، ثم بعد ذلك تغيرت الامور؛ لهذا الذين يقلقون على حزب الله نقول لهم لا تقلقوا كثيرا لانّ الذي مرّ به حزب الله وهو ضعيف وانتصر، لا يمكن ان نقلق عليه اليوم وهو القوي.
وعندما انتصرت الجمهورية الاسلامية الايرانية في 1979، أخذ الامام الخميني رضوان الله تعالى على عاتقه ان يقطع الايادي الاجنبية عن المنطقة، ويحرر شعوب المنطقة من الاستبعاد وان يوقف نهب الثروات، ولكن من دون ان يكون للتدخل الايراني دور في الأمر؛ لانّ بعضهم لا يفهم معنى تصدیر الثورة؛ كأنّما انّ تصدير الثورة عبارة عن "رز" نصدّره الى الخارج، وانما الثورة تصدّرها بالفكر، تصدرها بالرعاية بالتعبئة بالاستنهاض، فاليوم السيد حسن نصر الله هو قائد حزب الله ولكن بكى عليه الشعب الايراني، وكأنه قائدهم، وبكت عليه الشعوب المنطقة، كأنه قائدهم، فهو لم يكن يصدّر الثورة ولم يكن قائد هؤلاء لكن بما يمتلك من كاريزما والخطاب والتصدي للإسرائيلي فكانوا يعتبرنه قائدهم، هذه هي الحقيقة؛ لهذا التزم الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه بالقضية الفلسطينية. لماذا؟ ليس فقط لانها القضية المقدسة لتحرير المسجد، لا لانها ايضا هناك شيئ اخر مهم للناس، فبعد الحرب العالمية الاولى 1914، انذاك كان الغرب اراد ان يغير خريطة المنطقة بعد الحرب، وهي دامت اربع سنوات الى لغاية سنة 1918، فكانت هناك ثلاثة عناوين أثناء الحرب، الأول اتفاقية "سايكس بيكو" اتفقوا سنة 1916 على تقسيم المنطقه، وفي سنة 1920، مؤتمر سان ريمو، وهو مؤتمر دولي عقده المجلس الأعلى للحلفاء فيما بعد الحرب العالمية الأولى، في مدينة سان ريمو الايطالية، وكان "وعد بالفور" وزير الخارجيه البريطاني "آرثر جيمس بلفور" وهو اقامه الكيان الاسرائيلي على أرض فلسطين في عام 1917، وقرروا انذاك امرين اسقاط الامبراطورية العثمانية التي كانت موجودة، وارسال مندوبين فرنسيين وبريطانيين الى المنطقه، فكان نصيب الانتداب الفرنسي لبنان وسوريا، والعراق وفلسطين أصبحا تحت الانتداب البريطاني، وكانت نتيجة الانتداب الفرنسي والبريطاني ومن معهما هي قيام الكيان المحتل الغاصب سنة 1948، وجاؤوا بعد ذلك بالأنظمة العميلة على شاكلتهم ليتكامل معهم ضمن المشروع، ليحققوا الاهداف الثلاثة، وهي نهب الثروات، واستعباد الناس، وتقسيم المنطقه، ومواجهة الاسلام.
فكانت مواجهة هؤلاء (الأعداء الكيان الصهيوني وداعمه) بدأت في لحظة وجودهم، فكانت هناك مؤتمر وادي الحجير سنة 1920 (وهو اجتماع دعا إليه الامام السيد عبد الحسين شرف الدين وحضره ثوار جبل عامل جنوب لبنان)، وكذلك مواجهة الاحتلال البريطاني في العراق التي قادها الشيخ "محمد تقي الشيرازي"، وكانت مواجهة عنيفة جدا، وكان لابد للاحتلال ان يأتي ببدائل من نسيجها فوضع المحتلون انظمة على طريقتهم.
وكانت المواجهة مع هؤلاء المحتلين تمثل بالعمل الفدائي الفلسطيني منذ البداية ضد الكيان الصهيوني الغاصب، وقد دعم علماء الشيعه في جبل عامل بلبنان للعمل الفدائي، ويقدموا الدعم اللوجستي لهم، وهذا معروف حتى الزمن الامام موسى الصدر كما اشرت إليه قبل قليل، وكما أن قيام الجمهورية الاسلامية الايرانية ما كانت من الفراغ؛ وانما جاءت نتيجة جهود علماء جبل عامل في ايران بالعهد الصفوي والقاجاري والحوزات العلمية التي شيّدها الشيخ عبد الكريم الحائري قبل مئة عام تقريبا، فثورة إيران الاسلامية انطلقت من رحم هذه الحوزات العلمية ومن هذه الأدمغة والانتفاضات الشعبية، وكان الله تعالى مهّد للإمام العظيم الخميني (رضوان الله تعالى عليه) الذي سحقهم جميعا، وكان من الطبيعي ان يعتبر الإمام الخميني (ره) ان فلسطين هي بوابة إخراج الغزاة المحتلين الطامعين من المنطقة، فكما كانت فلسطين بوابة مجيئهم الى المنطقة، فيكون خروجهم من نفس فلسطين، فعندما أدخل في هذه القاعة من هذا الباب يجب ان أخرج من نفس الباب، وإلا كيف أخرج من الشباك ؟!
فكما كانت فلسطين عنوان دخول الأجنبي الى بلادنا يجب أن تكون فلسطين عنوان إخراج الأجنبي من بلادنا، وهم اختاروا فلسطين لما لها من ارضية جغرافية هامة في المنطقة حيث انها تفصل بين البلاد العربية الآسوية والبلاد العربية الافريقية؛ لكي لا يكون هناك تواصل بين هذه البلاد، وكذلك ان فلسطين تمثل قوة على البحر المتوسط، وأي احتلال لا يجد له موقع قدم على البحر يكون محاصرا؛ لذلك ترى ان أفغانستان ضعيفة؛ لأن ليس لها موطأ قدم على البحر، فأي دولة تريد أن تكون قوية يجب أن يكون لها موطأ قدم على البحر، كما أن في فلسطين ثروة هائلة من النفط والغاز، والآن معركة غزة معركة غاز ونفط، فهم يفكرون بالغاز والنفط؛ لذا ترى من الطبيعي ان يقتل العدو الصهيوني أعداد كبيرة، فقتل الناس عنده كقتل الحشرات. وذات يوم كنت اطلق على النمل بخاخ قاتل للحشرات في بيتي، رأيتني بنتي - التي تعيش في الخارج-، وقالت: حرام يا بابا، نحن لا نقتل النمل وانما نطردها بمواد خاصة، فهم يقتلون الملايين دون أي اكتراث، ثم يجلسون معا ويأكلون "البيتزا" مع الكتشب، فهؤلاء مجرمون، وكان هناك خطاب للشهيد السيد "حسن نصرالله"، أنه قال: ان هذا العالم المتوحش لا يفهم إلا لغة القوة.
أبنا: أكان هناك أمين عام لحزب الله اللبناني في بداية تشكيل الحزب "المقاومة الاسلامية" أم قيادة جماعية؟
لم يكن هناك أمين عام لحزب الله في بداية تشكيله، بل كانت هناك قيادة جماعية (شورى)، فكان في القيادة: الشهيد السيد "عباس الموسوي"، والشيخ "صبحي الطُفيلي"، والشيخ "نعيم قاسم"، والشيخ "محمد يزبك"، ولم يكن في بداية تأسيس حزب الله، الشهيد السيد "حسن نصرالله"، وجاء في المرحلة الثانية الشهيد السيد "نصرالله"، واستمر الى يوم استشهاده رضوان الله تعالى عليه، وكان هناك الثابتون مثل السيد عباس والسيد حسن والشيخ صبحي الطفيلي والشيخ نعيم والشيخ يزبك والحاج حسين خليل والبقية كان يتغيرون.
أبنا: ذکرتم الشیخ صبحي الطفیلي هل یمکن ان نعرف سبب انشقاق هذا الرجل عن حزب الله؟
دائما نقول هذا الدعاء: "اللهم ارزقنا حسن العاقبه"، هذه طبيعة البشر له قناعات له تقلبات ربما لو تسأل الشيخ الصبحي هو يرى نفسه مظلومًا، وانّه يقول الحق، تسأل حزب الله والمجتمع يرونه على باطل؛ لذلك انا اقول اللهم ارزقنا حسن العاقبه، ولا نريد ان نتحدث كثيرا عن هذه الأمور، ولا فائدة في ذلك، وهو خرج من حزب الله، واصبح في مكان آخر ولديه قناعات خاصة به، وحزب الله يواصل مسيره السامي الذي وضعه هدفا له.
هل تذكر لنا شيئا من صفات الشهيد السيد "حسن نصر الله" ؟
تستطيع القول ان الشهيد حسن نصر الله له صفات مميزة، فإذا أردت أن يكون صابرا، فهو في قمة الصبر، وإذا أردته حكيما، فهو حكيم، ولكن في بعض الأحيان يفكر كثيرا الى حد أنك تنزعج منه، فقد تطلب منه شيئا، يجيبك انه في حال تفكير، وربما يطول هذا التفكير، وان الأمر لم يتضح عنده بعد، ولكن انت صاحب الحاجة تكون منزعج في بعض الأحيان، فهو يتأنى كثيرا ولا يستعجيل، وعندما يتطلب الموقف شجاعة فترى أمامك أسدا شابا، قوي البنية يريد أن يُدمّر الدنيا، ولا يخاف، كما انه عاطفي يبكي بسرعة، وقد تشاهدونه في التلفاز انه يبكي، وعندما يتحدّث عن شهيد يبكي، ولكن يمسك نفسَه، فهو عاطفي وفي نفس الوقت شديد، وهذه صفات المؤمنين، فلهم رقة في القلب وشدة عند الهزائز، فعندما يتطلب الموقف شجاعة وصرامة وإقداما فهو إنسان آخر، وفي نفس الوقت فهو إنسان لينٌ وهيّنٌ ورقيق القلب وشجاع وحكيم يتأنى، وأنه يتخذ قرارات شجاعة ولا يتردد ولا يخاف، كما أنه لا يقرر لوحده إلا بعد المشاورة والإستماع الى أعضاء الحزب الآخرين والشورى.
كيف نفهم الموقف البطولي للشهيد السيد حسن نصر الله مع أخذ بعين الاعتبار مصالح الدولة اللبنانية العليا ومعارضة تحالف 14 آذار في لبنان؟
هذا الفريق اللبناني (تحالف 14 آذار هو تحالف سياسي يتكون من أحزاب وحركات سياسية تعارض المقاومة الاسلامية في لبنان، وتدعمها السعودية وأمريكا وفرنسا) لم يكن وطنيا للأسف ولم يكن يبحث عن مصالح لبنان العليا وصالح اللبنانين، وهذه الأحزاب كانت في المشروع الأمريكي وهو مشروع إسرائيلي، لأنّ إسرائيل جزء من هذا المشروع؛ ولذلك لم يكونوا وطنيين، وحتى في اجتاح الكيان الغاصب للبنان عام 1982، فكان بعضهم شركاء في هذا الاجتاح، وكانوا يرغبون في إقامة علاقات مع الإسرائيليين، ويعتبرون ان إسرائيل دولة جارة ويمكن إقامة العلاقات معها.
أعتقد من دون تعصب ان حزب الله اللبناني أكثر وطنية في لبنان ومن معه، فالحزب ومن معه يبحثون عن الدولة الحقيقية القوية واستقلال واقعي، وكانت هذه الأحزاب دائما تتهم حزب الله بانّه مشروع إيراني في لبنان، وهذه التهم باطلة لا أساس لها من الصحة إطلاقا، وقد بيّن الشهيد السيد "حسن نصر الله" أكثر من مرة في مناسبات كثيرة، نحن لم نكن في أي يوم من الأيام عملاء لإيران، ولم نشعر بهذه العمالة في أي يوم، أو أننا ننتمي إلى إيران بمعنى التبعية والعمالة، وهذا غير صحيح إطلاقا، حيث كنّا نشعر دائما اننا محترمون، وان جمهورية إيران الاسلامية من قائدها وأصغر إنسان فيها يتعاطون معنا بكل احترام وتقدير، فلا تصدر أي أوامر من إيران إلينا، وإيران ترى أننا نمتلك القدرة والأهلية، فكانت تقول: أدرسوا ما هو الأصلح لكم، ولم تتدخل إيران في يوم من الأيام في شؤون حزب الله اللبناني، كما ان إيران لم تميز بين الشيعة والسنة، وحزب الله وحماس وجهاد، فكانت تدعم الجميع على حد سواء، وكل مظلوم وكل مقاوم وكل مناهض للإحتلال الصهيوني تدعمه إيران، ولا تميز في الدعم بين السنة والشيعة إطلاقا، صحيح ان حزب الله كان هو الأوضح والأبرز في دعمه؛ وذلك يعود الى انّ الحزب درة التاج في هذا المحور، أي هو الأقوى والمؤسس، ومن الطبيعي أن يكون الإهتمام العام بحزب الله؛ لكن الجمهورية الاسلامية كانت ترعى الجميع دون تميز، فهذه الأحزاب (قوى 14 آذار) تآمرت على جمهورية إيران الاسلامية وعلى سوريا وعلى حزب الله والمقاومة.
وذات يوم كنت في مقابلة سياسية على قناة المنار، وسُئلت، وأجبت بصراحة مباشرة: نحن حزب الله لا نريد الحرب مع إسرائيل، ليس أننا نخاف منها، وانما لا نريد أن ندمر بلدنا، وهم ايضا لا يريدون الحرب يخافون أن ندمر الكيان على رؤوسهم، لكن لو وقعت هذه الحرب سندمر هذا الكيان على رؤوسهم؛ لأنه لا خيار لنا، ونبقى ضمن ضوابط وقواعد الاشتباك، ولو كنا نفكر بمصلحتنا الخاصة وبعصبيتنا، فكنا لا نفكر بالناس ولا بالدولة ولا بمؤسساتها، وكان يمكن لنا أن نبدأ منذ اليوم الثاني (حرب 7 اكتبور) بشن هجوم ساحق وماحق على الكيان الصهيوني ونصنع حربا كبيرة، ولكن كانت تؤدي الى تدمير لبنان، فلم نصنع ذلك، وقد خرج الشهيد السيد بعد أيام وهو يقول: حربنا مع الإسرائيليين بالنقاط.
فمَن الأحرص على لبنان ؟ الذي يريد أن يأتي بالأمريكيين ؟! أم الذي دمّر الاقتصاد اللبناني؟ حيث جاءت أمريكا بمسؤولين سرقوا البلد وسرقوا أموال الناس، ثم بعد ذلك يتحدثون عن الاستقلال والحرية، فأي نفاق هذا ؟! وأي كذب هذا ؟! لذلك حزب الله اللبناني لم يسرق أحدًا، والعكس هو الصحيح؛ فأن حزب الله عوّض الناس بعد انتهاء حرب 2006، وعمل على إعادة الناس الى مناطقهم وعوّضهم وبنى المدن والقرى، ونحن حاضرون بعد انتهاء الحرب، سنبني كل ما دمّره الكيان الصهيوني الغاصب، ولم نكن في يوم من الأيام حجر عثرة أمام إقامة دولة وطنية قوية في لبنان، وحتى قضية رئاسة الجمهورية، هم مختلفون فيها، ورئيس الحكومة السني "سعد الحريري" في حينها اعتقل، عندما تمرد على السعودية، وضُرب وأُهين وسُجن، ولولا نحن ورئيس الجمهورية "ميشل عون" آنذاك، لما أخرجوه، ثم منعوه بعد ذلك من التصدي للحياة السياسية، فهل فعلت إيران بحزب الله كما فعلت السعودية بالحريري ؟! وأن تأخذ مسؤولا بالحزب وتضربه مثلا.
كيف تفسرون ما حدث من عمليات اغتيال لقادة الصف الأول لحزب الله؟
أولا يجب أن نعرف شيئا عقائديا هاما، وهو أن الناس يموتون بآجالهم، فتتعدد الأسباب والموت واحد، وذكرتُ على إحدى القنوات قبل أيام، قصة "همام" الذي طلب من أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب (ع) أن يخطب خطبة يصف فيها المتقين، ثم أعرض الإمام عنه وقال له، اتق الله، وأصرّ همام، فبدأ الإمام (ع) يصف له المتقين:"الْـمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ: مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ، وَمَلْبَسُهُمُ الاقْتِصَادُ، وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ. غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَوَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَـهُمْ...."الى آخره، وفي آخر الخطبة، شهق همام شهقة مات فيها، فكان أحد الحاضرين أراد أن يحمّل الإمام علي(ع) مسؤولية موته، وان همام مات بسبب خطبة أمير المؤمنين (ع)، فلماذا خطبت هذه الخطبة مادمتَ تعرفُ أو تحتملُ انه سيموت ؟! قال الإمام (ع): ويحك فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِكَ، إِنَّ لِكُلِّ أَجَـلٍ وَقْتـاً لا يَعْـدُوهُ ، وَسَبَباً لا يَتَجَاوَزُهُ، فَمَهْلاً لا تَعُدْ لِـمِثْلِهَا"، فهمام مات بأجله؛ لكن عن طريق الخطبة، أو عن طريق سكتة قلبية، أو عن طريق تصادم وغيرها، وانا اعتقد تماما بهذا الكلام، انّ كل الذين استشهدوا ماتوا بآجالهم، والسيد نصر الله قد نجى عشرات مرات وفي مناسبات مختلفة، كما ان الأخوة نجوا عشرات مرات، ولماذا هذه المرة قُتلوا ؟! فهذه آجالهم، فيجب أن نعتقد بالأجل، هذا أولا، وثانيا: يجب أن نعترف اننا نقود حربًا مع عدو غير متكافئ أيضا من الناحية المادية والعسكرية، فنحن المقاومة، وهم الدولة عمرها أكثر من 70 سنة، وأمريكا بكل قوتها في خدمة الكيان الصهيوني وكذلك الغرب وغير الغرب من بلدان معروفة لدى الجميع تساهم في مساعدة الكيان الغاصب، وهذه المقاومة الاسلامية التي برزت كأفراد ثم أصبحت مقاومة حقيقة توازن الكيان الصهيوني بما كل ما يملك، هزمته في 2000 وطردته من أراضي لبنانية، وحققت نصرا عظيما في 2006، وهي كانت ضعيفة آنذاك، فكيف حدث كل ذلك ؟!، فكان بالتوكل على الله عزوجل وبإمكانياتنا، وقال تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ) الأنفال: 60، النبي (ص) ومن معه في بدر كانوا قلة، وسيوفهم والخيول والطعام كانت قليلة، وفي المقابل القريش بعدتها وعددها، وقال عزوجل :(وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى)، نحن ننتصر بالنصر اللهي، بالمدد الغيبي، والثبات، والعزيمة، والإرادة، وبالاخلاص، والإيمان وبالعقيدة، ونُعدُّ لهم ما استطعنا من القوة، والآن نحن قد تطورنا كثيرا ببركة جمهورية إيران الاسلامية ووبركة سماحة السيد القائد وأصبحنا نمتلك قدرات هائلة جدا على المستوى العسكري، تبقى هناك ثغرات أمنية، وإسرائيل متفوقة فيها، ونستفيد منها تدريجيا، فكما تدرجنا في عالم المقاومة وانتصرنا، وكذلك نتدرج في ثغرات أمنية، فعندما يقوم الإسرائيلي بثغرة أمنية ضد حزب الله في لبنان، في الحقيقة يستفيد من هذه الثغرة اليمن والعراق وسوريا وإيران، وربما وروسيا، وأن هؤلاء الشياطين كيف يفكرون وما هو تكنولوجيتهم (تقنيتهم). وبالتالي هذه حرب، يسقط فيها شهداء ويكون هناك جرحى، ويجب أن يعلم الجميع ان حزب الله يختلف عن أي منظمة أخرى وعن أي دولة أخرى باستثناء إيران؛ لأنّ حزب الله وإيران هما ليسا تنظيمين إداريين، يعني إذا مات القائد تنتهي الثورة، أو إذا ماتت الحكومة تنتهي الدولة، ففي إيران حدثت عمليات اغتيال كبيرة في بداية الثورة الاسلامية، حيث اغتال الاعداء رئيس الجمهورية الشهيد "محمد علی رجایی"، ورئيس الوزراء الشهید "محمد جواد باهنر"، ورئيس السلطة القضائية الإيرانية الشهيد السید "محمد حسیني بهشتي"، ولم تسقط الثورة؛ لأنّ فيها كوادر ولّادة، كان يأتي من يقوم بالعمل فورا، بعد استشهاد الكادر، وحزب الله نفس الشيء، وهؤلاء الذين استشهدوا في حزب الله، أكثرهم من أعمارنا (60 سنة أو أكثر)، وهذا الجيل يجب أن يُحال الى التقاعد، وفي إيران عندما يبلغ شخص سن التقاعد، يحال الى التقاعد، ويأتي جيل آخر، فلا نقول ان هذا الذي قد أحيل الى التقاعد، انتهت الثورة، فهناك من يأتي ويشغل مكانه وهكذا، وكذلك الكلام في حزب الله، وانّ لكل هؤلاء الذين استشهدوا لهم كوادر كانوا يعملون معهم، فالشهيد السيد لم يكن لوحده في الحزب، والحاج الكركي لم يكن لوحده، والحاج محسن لم يكن لوحده، فلهم نواب ولهم معاونون، وكانوا هم يُديرون الحرب، فحتى مع استشهاد القادة، وقبل استشهاد السيد وبعده لم تتأثر الجبهة اطلاقا؛ لأنّ الخطط موجودة والكوادر موجدون وهم بالآلاف وليسوا بالعشرات، وكان الشهيد السيد قد أعلن عن 100 ألف مقاتل، وربما أكثر، ولم يعلن عن الحقيقة؛ إذن هناك جبهة قوية وعسكرية متماسكة، ولن يأثر أي خرق أو مشكلة في حال غياب الشهيد السيد، أو غياب هؤلاء الكوادر، لا في الموقف السياسي ولا في الاداري ولا في العسكري. وحاول الإسرائيلي الدخول الى جنوب لبنان، لكنه لم يستطع ذلك، فالأخوة المجاهدون موجودون ويتصدون له، والكيان الصهيوني ومن خلفه أمريكا أغبياء لا يستخلصون العبر.
..................
انتهى / 232
وكالة أبنا: بسم الله الرحمن الرحيم تحية طيبة ونرحب بكم فضيلة الشيخ يوجعنا كثيرا فراغ سيد المقاومة في هذا الظرف الاستثنائي والعسير الذي تمر منها الأمة الإسلامية بجمیع طوائفها طبعا حتى الأديان الأخرى لأن العدو الصهيوني عدو للجميع، وأصبح عدوا عالمياً. بعد الترحيب والنعي بمناسبة استشهاد سيد المقاومة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالی علیه فضيلة، كيف تعرفتهم بالشهيد السيد "حسن نصر الله؟
بسم الله الرحمن الرحيم أولا نعزي المؤمنين والمؤمنات جميعا وفي الطليعة صاحب العصر والزمان مولانا الإمام المهدي المنتظر (عج) وقائد الثورة الاسلامية سماحة آية الله العظمى السيد "علي خامنئي" والمراجع العظام وكل الأمة الاسلامية، بهذة الشهادة المباركة، وهي خسارة جسيمة في نفس الوقت، فسماحة السيد حسن نصر الله الشهيد على طريق القدس وسيد شهداء طريق القدس، تعرّفت عليه منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي وكان ذلك في مدينة قم المقدسة ولكن رأيته في النجف الأشرف حدود سنة 1978 - 1979، حيث کنت أسكن في النجف الأشرف، ووالدي كان عالما رحمه الله وكنا في النجف آنذاك، وعندما عاد إلى لبنان، بقيت في النجف الأشرف وارتديت الزي الديني قبل انتصار الثورة الإسلامية 1979، وذلك قبل سنتين، يعني في سنة 1977، رأيته في النجف الأشرف، ولكن لم تكن هناك علاقة بيننا، ونشأت علاقة في قم، ولكن لم ترتق إلى الصداقة بسبب الظروف الخاصة به؛ ولكن التقينا في قم في أكثر من مرة وعندما عاد إلى لبنان، سكن في مدينة بعلبك، ودرس في حوزة الشهيد السيد عباس الموسوي، الذي كان سابقا الأمين العام لحزب الله والذي اغتاله الصهاينة عام 1992، وعندما عُدت إلى لبنان بطبيعة الحال تعرفت عليه، ونشأت بيننا علاقة وطيدة وعلاقة عمل منذ سنة 1987 أصبحنا نعمل معه، وكُلفت بعدة مهام في ذاك الوقت، واستمرت هذة العلاقة مع سماحة السيد ثم بعد ذلك أصبحتُ معاونًا له في شؤون العلماء عدة سنوات، واستمرت هذة العلاقة، ومن الطبيعي انه يشنغل كل واحد منا في ملف خاص تفرضه طبعية العمل، ولكن بقي هذا التواصل، فالسيد الشهيد كان مسؤولا عاما لكل الحزب، ولكل ملف له مسؤل خاص به، فكان الشهيد رئيس الشورى ورئيس المجلس الجهاي في حزب الله، واستمرت هذه العلاقة والتواصل حتى رحيله رضوان الله تعالى عليه.
أبنا: ما هو المعيار في اختيار الأمين العام لحزب الله؟
عادة الانتخاب يبدأ من الشورى، والكوادر ينتخبون الشورى، والشوری هي التي تختار أمينًا عامًا للحزب، ويتم الاختيار على أساس مواصفات ملموسة واضحة تؤهل الشخص ليكون أمينًا عامًا، وهو ان يمتلك قدرة ليتصدى للأمانة العامة، وتبارك هذه الجهود من المرشد الأعلى في الجمهورية الإسلامية سماحة السيد القائد، وقبل ان يستشهد السيد عباس الموسوي كان يُعرض على قائد الثورة من يكون أمينًا عامًا، وكان الشهيد السيد حسن نصرالله يرفض أن يكون أمينًا عامًا ذلك الوقت بسبب استاذه الشهيد السيد عباس، ولا يريد أن يتقدم عليه، وان السيد عباس له أهلية ان يكون هو الأمين العام في ذلك الوقت، وكان السيد عباس الموسوي أكبر من السيد حسن نصرالله، وكما انه كان من المؤسسين الأساسین في حزب الله.
والشهيد السيد عباس الموسوي كان يمتلك علاقات طيبة مع الناس ومع العلماء ومع الشرائح المختلفة وكان الجميع يحبونه؛ ولذلك كان أكثر علقة مع الناس من السید حسن، ولا يعرف الناس السید حسن نصرالله في ذاك الوقت، فكان البعض سَمِعَ اسمه ولم يكن يعرفونه؛ ولذا كان من المناسب أن يكون السيد عباس هو أمينًا عامًا للحزب آنذاك، عندما استشد السيد عباس عام 1992 كان من الطبيعي أن يكون البديل هو السيد حسن نصر الله، عندما جاء سماحة السید رضوان الله تعالی علیه إلی الإمانة العامة أثبت للناس وللشرائح وللإسرائيليين انه يمتلك جدارة وقدرة، ربما تسبق الأمين العام السابق؛ ولهذا كان السيد عباس هو عبارة عن القاعدة التي أسست وانطلق منها سماحة السيد حسن وبقیة الإخوة.
أبنا: کنا نری دائما سماحة السید الشهید ونسمع خطبه الحماسیة والشجاعة والتي یحسب له العدو حسابات كثيرة وکبیرة، هل تستطیع أن تحدثنا عن أخلاق، وعمل، ونشاطات السید في الحزب؟
أولا السيد نصر الله رحمة اللة كان ذکيًا وفطنًا ومتكلمًا، ويمتلك القدرة على البيان، ونسمیه ايضا انه يمتلك الكاريزما، فهناك الكثير من الأخوة يخطبون ويتكلمون؛ لكن لا يمتلكون "الكاريزما" المؤثرة المستنهضة التعبویة التي يمتلك صاحبها القدرة علی التأثير في الآخر، فهو كان ذكيا ويمتلك قدرة كاريزمية عالية الجودة والمستوى، وذهنه حاضر، وكذلك حظي برعایة خاصة من سيد قائد الثورة الإسلامية، أعطته القوة لأن السيد أوكل إليه أمورًا عامةً، وله ثقة کاملة ومطلقة به، كما ان السید القائد حفظه الله جعله ممثل الولي الفقیة في الحزب، حتى بات السيد حسن نصر اللة يمثل ضمير المنطقة، وضمير محور المقاومة، مما يعني ان محور المقاومة يرجع اليه، وأصبح نافذ الكلمة، وهو يمتلك بصيرة ونراه دائما مسددا من الله تبارك وتعالى؛ ولذلك قَبِلَه الجميع، ورضي عنه الجميع وبالتالي سجل السيد نصر الله حضورا قويا داخل حزب الله واستطاع ان يصبح نافذ الكلمة الى درجة انه لم يكن هناك شخص يستطع ان يرد كلمته، حتى عندما كان يأتي بعض الاخوة المسؤولين الكبار من ايران يقبّلون يده مثلا ويحترمونه، قائد الثورة يعبر عنه بالقائد العربي، القائد الشجاع، وكان يعتبر السيد القائد السيد حسن نصر اللة هو قائد مهم للمنطقة العربية، وهو بالتالي يتكلم بلغتهم وبلسانهم.
وذات يوم اقترحت على سماحة السيد القائد في لقاء معه أن يتكلم هو مباشرة باللغة العربية لنا في بعض المناسبات، وقلت له: لستَ قائدًا لإيران وحدها فقط؛ بل قائد لنا جميعا، ابتسم وقال: جيد اذًا يجب ان أکتب على الورقة حتى أتكلم، وأنا قلت سيدنا طبيعي انك لست عربيا فاكتب، وهذا طبيعي، وقلت له أنك عندما تقرأ كتابا او خطابا مكتوبا، تكون أفضل بكثير من خطباء العرب؛ لما اعطاك الله من قدرة البيان أيضا سماحة السيد القائد له كاريزما خاصة غير موجودة عند الإخوة في ايران، وكاريزمته استثنائية حقيقةً.
والسيد حسن نصر الله هو من الشخصيات المؤثرة ليس داخل حزب الله فقط، يعني ان الإسرائيلي كان يرى أن السيد حسن نصر الله يمتلك التأثير النفسي فيهم، أو كما نعبر ان السيد يستطيع أن يلعب بأعصاب الإسرائيليين، ويوترهم عندما يتكلم، والمجتمع الاسرائيلي یصدّقه أكثر ما يصدق نتنياهو وغالنت وهؤلاء الشياطين، ويعرف الاسرائيلي انه قادته يكذّبون، ولكن السيد حسن نصر الله لا يكذب، هذه كانت ميزة السيد حسن نصر الله انه لا يكذب ولا ينافق، وهو صادق، وهذا الصدق يعرفه القريب والبعيد والعدو والصديق، كلهم يعتقدون ان السيد حسن صادق لا يكذب، ويتكلم بشفافية، وهذة كانت واضحة عند الجميع، وحزب الله وجمهوره اللبنانيين، وكلهم يعرفون أن هذا الرجل يتكلم بشفافية قد يخفي بعض الامور من أجل مصلحة العمل لكن لا يكذب، كما يقولون الصدق ليس واجبًا في بعض الأحيان لكن الكذب حرامٌ، فكان يقول الشهيد السيد انا مضطر أن لا أقول حرصًا على الإخوة وحرصا والعمل؛ ولكن عندما يتكلم لا یتكلم إلا بالصدق، وهذه كانت ميزة له، وبشكل عام كان ينظر حزب اللة والناس إليه، أنه صادق مخلص، وقوله يطابق عمله، ولیست هناك مشکلة في الأداء، فبالتالي سماحة السيد رحمة الله هو على رأس هذا الهرم، وقام بأداء المهمة في كل هذه السنين بکل ما یستطیع لمصلحة حزب الله والمنطقة.
أبنا: ما هو سلوك سماحة الشهید السید مع الأعضاء الآخرین في الحزب وأخلاقه هل تتذکرون شیئًا عنه؟
ان الله تعالى قد منح سماحة السید قوة الصبر، ربما کان یأتي إلیه البعض یحدثه وعندما يخرج يكذب ويقول كلامًا اخرَ، والسيد لا يردّ عليه، وهذه كانت من اخلاقه وحكمته، فكان يرى انه ليس ضروريا أن يردّ عليه، ومن صفاته انه كان يصبر على الافتراءات والأقاويل، وكان له قدرة صبر كبيرة، (الصبر الجميل)، وكان يؤمن بالصبر الاستراتيجي عندما كان يلتقي حتى خصومه، كان يبدي اعلى درجات الاحترام، وعندما كنت مسؤول ملف العلماء عنده كنت أجلب له الضيوف الكثير من العلماء اللبنانيين والايرانيين والعراقيين، وكان اكثرهم لبنانيين، وكان بعضهم مخلصين صادقين، وبعضهم منافقين، يعني هو غير ملتزم معنا او يكذب، كان السيد يبدي للجميع الاحترام الكبير، حتى أذكر ذات يوم قلت له، معي عالمان اثنان يريدان اللقاء بك، قال لي: أعط الذي يخالفنا ساعة ونصف، وللموالي المقرب ساعة واحدة فقط، ووفقا للأموار كنت اتصرف وادرك المصلحه طبعا، وكان السيد يستقبل الموالي المحب من باب الطابق الأول، والمخالف كان يستقبله عندما هو ينزل إليه ويبدي له الكثير من الاحترام والمحبة، فكان صادقًا واخلاقه رائعة جدا مع الناس ومع جميع فئات المجتمع، وكان يحب ان يرى الجميع، ولكن كان وقته ضيقًا فلم تكن الفرص تتوفر لذلك، وخاصة بعد حرب تموز 2006، اصبح وضعه الامني صعبا للغاية،؛ لذلك كانت هناك مشكلة امنية، وكنا نراعي هذه الحالة الأمنية الاستثنائية، لم نعد نطلب منه كما كنا نطلب قبل الحرب (تموز 2006) وازداد عليه هذا الضغط بعد استشهاد معاونه الجهادي الحاج عماد مغنيه عام 2008 (في دمشق)، وكان استشهاد الحاج عماد مغنية خساره كبيره مما جعل السيد يتصدى للكثير من التفاصيل بنفسه مع بقيه الاخوه المجاهدين في المجلس الجهادي؛ ولذلك أصبح وضعه الأمني أصعب ووقت عمله أضيف؛ العمل الجهادي كان يتطلب لقاءات مكثفة لوضع خطط الحرب، وكل الذي الذي ترونه اليوم هو في الحقيقة من بركات تلك الخطط التي وضعوها هم، بعدما من استشهد ومن بقي، ونحن نسير طبق هذه الخطط التي وضعوها.
أبنا: نعود الى التاريخ حزب الله اللبناني، المقاومة الاسلامية قد تشكلت سنة 1982 بعد الاجتياح الاسرائيلي لجنوب لبنان، ممكن تحدثنا عن بدايات هذا التشكيل المبارك ومن كان المؤسس؟
لقد تبلورت المقاومة الاسلامية وانطلقت عام 1982 بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان، في ذلك الوقت، نحن نعتقد ان المقاومة اسسها الامام موسى الصدر في أواسط سبعينات القرن الماضي؛ ولكن كانت المقاومة ضعيفة آنذاك، فلم تكن هناك الجمهورية الاسلامية الإيرانية، ولم تكن هناك سوريا بهذا الشكل، ولم يكن هناك الیمن والعراق، وكان صدام حسين بالسلطة في وقته.
كانت سماء المنطقة مظلمة حتى انا اذكر عندما كنا في النجف الأشرف، كنا في بدايه شبابنا انا ومجموعة من الاخوة نتطلع الى مستقبل زاهر للمنطقة، ولكن كان امامنا ظلام دامس، فكانت ايران تشتعل وغير معلوم مستقبل ايران قبل انتصار الثورة، وصدام حسين المجرم في العراق في ذلك الوقت، وكانت فلسطين منكوبة، وكانت هناك نكبة عامة في المنطقة، فعندما يريد الانسان الخروج من هذا الظلام الدامس ويطلق مقاومة ضد الكيان الصهيوني الغاصب، فإن هذه تعتبر معجزة، هذا انسان عظيم حقا!؛ لذلك أخفوه أو اغتالوه (السيد موسى الصدر)، وكان من الطبيعي الشباب المؤمنون يكنون في هذه المقاومة وكذلك سماحة الشهيد السيد حسن نصر الله كان مع هذه المقاومة.
عندما انتصرت الثورة الاسلامية في ايران قال رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك "مناحم بيجن": لقد حدث زلزال في منطقة الشرق الاوسط - يعني قيام الثورة الاسلامية - ونخشى ان تطال شراراتُها اسرائيل برمتها، يعني ان تؤدي هذه الثورة الى زوال هذا الكيان، وكان يقول الصدق حقا وهذه أول مرة يقولون الصدق، وان شاء الله يتحقق (زوال الكيان الصهيوني)، وقال ايضا: يجب ان نلاقي إيران في بداية الطريق، فلهذا شن صدام حربًا ضد جمهورية إيران الاسلامية مدعومًا من الامريكيين من نفط المنطقة، وقالوا لصدام شن حربًا على إيران، وآبار نفط في خدمتك، واسرائيل شنت هجومًا على لبنان، كان الهدف منه هو مواجهة النفوذ الايراني وانتشار سعة ايران، وأن تسقط الثورة اذا امكن، وايضا اقامة تحالف اسرائيلي لبناني يكون معبرا الى الاسواق العربية الى التوطين والتطبيع لاقامة الشرق الاوسط الجديد الذي يتحدثونه عنه الآن في الوقت الحاضر، يقوم على أساس نهب ثروات المنطقة والسيطرة واستعباد الشعوب ومواجهه المد الاصولي، وهذا الذي لم يتحقق لان الشباب المؤمنين الذين اسسهم الامام موسى الصدر والذين هم كانوا لهم علاقات عمل جهادي، شكلوا مواجهة هذا الاحتلال الصهيوني آنذاك وبدأوا بقتاله، وكان بينهم الشهيد العماد مغنيه والسيد الحاج الكركي الذي استشهد مع الشهيد السيد نصر الله والسيد ذو الفقار ومعهم العشرات بدأوا بالمواجهة فورا، واكثرهم قد جرحوا، فيما بعض الأخوة قد استشهدوا آنذاك، والمهم قد تشكّلت المقاومة الاسلامية في ذلك الوقت وبدأ يتسع العمل الجهادي، وكانت هناك مصاعب كثيرة حقيقية، لا يصبر عليها الا من امتحنه الله قلبه للايمان؛ لانه كانت هناك آنذاك مشاكل داخلية وخارجية، فلم تكن معنا الحكومات اللبنانية في الداخل، ثم بعد ذلك تغيرت الامور؛ لهذا الذين يقلقون على حزب الله نقول لهم لا تقلقوا كثيرا لانّ الذي مرّ به حزب الله وهو ضعيف وانتصر، لا يمكن ان نقلق عليه اليوم وهو القوي.
وعندما انتصرت الجمهورية الاسلامية الايرانية في 1979، أخذ الامام الخميني رضوان الله تعالى على عاتقه ان يقطع الايادي الاجنبية عن المنطقة، ويحرر شعوب المنطقة من الاستبعاد وان يوقف نهب الثروات، ولكن من دون ان يكون للتدخل الايراني دور في الأمر؛ لانّ بعضهم لا يفهم معنى تصدیر الثورة؛ كأنّما انّ تصدير الثورة عبارة عن "رز" نصدّره الى الخارج، وانما الثورة تصدّرها بالفكر، تصدرها بالرعاية بالتعبئة بالاستنهاض، فاليوم السيد حسن نصر الله هو قائد حزب الله ولكن بكى عليه الشعب الايراني، وكأنه قائدهم، وبكت عليه الشعوب المنطقة، كأنه قائدهم، فهو لم يكن يصدّر الثورة ولم يكن قائد هؤلاء لكن بما يمتلك من كاريزما والخطاب والتصدي للإسرائيلي فكانوا يعتبرنه قائدهم، هذه هي الحقيقة؛ لهذا التزم الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه بالقضية الفلسطينية. لماذا؟ ليس فقط لانها القضية المقدسة لتحرير المسجد، لا لانها ايضا هناك شيئ اخر مهم للناس، فبعد الحرب العالمية الاولى 1914، انذاك كان الغرب اراد ان يغير خريطة المنطقة بعد الحرب، وهي دامت اربع سنوات الى لغاية سنة 1918، فكانت هناك ثلاثة عناوين أثناء الحرب، الأول اتفاقية "سايكس بيكو" اتفقوا سنة 1916 على تقسيم المنطقه، وفي سنة 1920، مؤتمر سان ريمو، وهو مؤتمر دولي عقده المجلس الأعلى للحلفاء فيما بعد الحرب العالمية الأولى، في مدينة سان ريمو الايطالية، وكان "وعد بالفور" وزير الخارجيه البريطاني "آرثر جيمس بلفور" وهو اقامه الكيان الاسرائيلي على أرض فلسطين في عام 1917، وقرروا انذاك امرين اسقاط الامبراطورية العثمانية التي كانت موجودة، وارسال مندوبين فرنسيين وبريطانيين الى المنطقه، فكان نصيب الانتداب الفرنسي لبنان وسوريا، والعراق وفلسطين أصبحا تحت الانتداب البريطاني، وكانت نتيجة الانتداب الفرنسي والبريطاني ومن معهما هي قيام الكيان المحتل الغاصب سنة 1948، وجاؤوا بعد ذلك بالأنظمة العميلة على شاكلتهم ليتكامل معهم ضمن المشروع، ليحققوا الاهداف الثلاثة، وهي نهب الثروات، واستعباد الناس، وتقسيم المنطقه، ومواجهة الاسلام.
فكانت مواجهة هؤلاء (الأعداء الكيان الصهيوني وداعمه) بدأت في لحظة وجودهم، فكانت هناك مؤتمر وادي الحجير سنة 1920 (وهو اجتماع دعا إليه الامام السيد عبد الحسين شرف الدين وحضره ثوار جبل عامل جنوب لبنان)، وكذلك مواجهة الاحتلال البريطاني في العراق التي قادها الشيخ "محمد تقي الشيرازي"، وكانت مواجهة عنيفة جدا، وكان لابد للاحتلال ان يأتي ببدائل من نسيجها فوضع المحتلون انظمة على طريقتهم.
وكانت المواجهة مع هؤلاء المحتلين تمثل بالعمل الفدائي الفلسطيني منذ البداية ضد الكيان الصهيوني الغاصب، وقد دعم علماء الشيعه في جبل عامل بلبنان للعمل الفدائي، ويقدموا الدعم اللوجستي لهم، وهذا معروف حتى الزمن الامام موسى الصدر كما اشرت إليه قبل قليل، وكما أن قيام الجمهورية الاسلامية الايرانية ما كانت من الفراغ؛ وانما جاءت نتيجة جهود علماء جبل عامل في ايران بالعهد الصفوي والقاجاري والحوزات العلمية التي شيّدها الشيخ عبد الكريم الحائري قبل مئة عام تقريبا، فثورة إيران الاسلامية انطلقت من رحم هذه الحوزات العلمية ومن هذه الأدمغة والانتفاضات الشعبية، وكان الله تعالى مهّد للإمام العظيم الخميني (رضوان الله تعالى عليه) الذي سحقهم جميعا، وكان من الطبيعي ان يعتبر الإمام الخميني (ره) ان فلسطين هي بوابة إخراج الغزاة المحتلين الطامعين من المنطقة، فكما كانت فلسطين بوابة مجيئهم الى المنطقة، فيكون خروجهم من نفس فلسطين، فعندما أدخل في هذه القاعة من هذا الباب يجب ان أخرج من نفس الباب، وإلا كيف أخرج من الشباك ؟!
فكما كانت فلسطين عنوان دخول الأجنبي الى بلادنا يجب أن تكون فلسطين عنوان إخراج الأجنبي من بلادنا، وهم اختاروا فلسطين لما لها من ارضية جغرافية هامة في المنطقة حيث انها تفصل بين البلاد العربية الآسوية والبلاد العربية الافريقية؛ لكي لا يكون هناك تواصل بين هذه البلاد، وكذلك ان فلسطين تمثل قوة على البحر المتوسط، وأي احتلال لا يجد له موقع قدم على البحر يكون محاصرا؛ لذلك ترى ان أفغانستان ضعيفة؛ لأن ليس لها موطأ قدم على البحر، فأي دولة تريد أن تكون قوية يجب أن يكون لها موطأ قدم على البحر، كما أن في فلسطين ثروة هائلة من النفط والغاز، والآن معركة غزة معركة غاز ونفط، فهم يفكرون بالغاز والنفط؛ لذا ترى من الطبيعي ان يقتل العدو الصهيوني أعداد كبيرة، فقتل الناس عنده كقتل الحشرات. وذات يوم كنت اطلق على النمل بخاخ قاتل للحشرات في بيتي، رأيتني بنتي - التي تعيش في الخارج-، وقالت: حرام يا بابا، نحن لا نقتل النمل وانما نطردها بمواد خاصة، فهم يقتلون الملايين دون أي اكتراث، ثم يجلسون معا ويأكلون "البيتزا" مع الكتشب، فهؤلاء مجرمون، وكان هناك خطاب للشهيد السيد "حسن نصرالله"، أنه قال: ان هذا العالم المتوحش لا يفهم إلا لغة القوة.
أبنا: أكان هناك أمين عام لحزب الله اللبناني في بداية تشكيل الحزب "المقاومة الاسلامية" أم قيادة جماعية؟
لم يكن هناك أمين عام لحزب الله في بداية تشكيله، بل كانت هناك قيادة جماعية (شورى)، فكان في القيادة: الشهيد السيد "عباس الموسوي"، والشيخ "صبحي الطُفيلي"، والشيخ "نعيم قاسم"، والشيخ "محمد يزبك"، ولم يكن في بداية تأسيس حزب الله، الشهيد السيد "حسن نصرالله"، وجاء في المرحلة الثانية الشهيد السيد "نصرالله"، واستمر الى يوم استشهاده رضوان الله تعالى عليه، وكان هناك الثابتون مثل السيد عباس والسيد حسن والشيخ صبحي الطفيلي والشيخ نعيم والشيخ يزبك والحاج حسين خليل والبقية كان يتغيرون.
أبنا: ذکرتم الشیخ صبحي الطفیلي هل یمکن ان نعرف سبب انشقاق هذا الرجل عن حزب الله؟
دائما نقول هذا الدعاء: "اللهم ارزقنا حسن العاقبه"، هذه طبيعة البشر له قناعات له تقلبات ربما لو تسأل الشيخ الصبحي هو يرى نفسه مظلومًا، وانّه يقول الحق، تسأل حزب الله والمجتمع يرونه على باطل؛ لذلك انا اقول اللهم ارزقنا حسن العاقبه، ولا نريد ان نتحدث كثيرا عن هذه الأمور، ولا فائدة في ذلك، وهو خرج من حزب الله، واصبح في مكان آخر ولديه قناعات خاصة به، وحزب الله يواصل مسيره السامي الذي وضعه هدفا له.
هل تذكر لنا شيئا من صفات الشهيد السيد "حسن نصر الله" ؟
تستطيع القول ان الشهيد حسن نصر الله له صفات مميزة، فإذا أردت أن يكون صابرا، فهو في قمة الصبر، وإذا أردته حكيما، فهو حكيم، ولكن في بعض الأحيان يفكر كثيرا الى حد أنك تنزعج منه، فقد تطلب منه شيئا، يجيبك انه في حال تفكير، وربما يطول هذا التفكير، وان الأمر لم يتضح عنده بعد، ولكن انت صاحب الحاجة تكون منزعج في بعض الأحيان، فهو يتأنى كثيرا ولا يستعجيل، وعندما يتطلب الموقف شجاعة فترى أمامك أسدا شابا، قوي البنية يريد أن يُدمّر الدنيا، ولا يخاف، كما انه عاطفي يبكي بسرعة، وقد تشاهدونه في التلفاز انه يبكي، وعندما يتحدّث عن شهيد يبكي، ولكن يمسك نفسَه، فهو عاطفي وفي نفس الوقت شديد، وهذه صفات المؤمنين، فلهم رقة في القلب وشدة عند الهزائز، فعندما يتطلب الموقف شجاعة وصرامة وإقداما فهو إنسان آخر، وفي نفس الوقت فهو إنسان لينٌ وهيّنٌ ورقيق القلب وشجاع وحكيم يتأنى، وأنه يتخذ قرارات شجاعة ولا يتردد ولا يخاف، كما أنه لا يقرر لوحده إلا بعد المشاورة والإستماع الى أعضاء الحزب الآخرين والشورى.
كيف نفهم الموقف البطولي للشهيد السيد حسن نصر الله مع أخذ بعين الاعتبار مصالح الدولة اللبنانية العليا ومعارضة تحالف 14 آذار في لبنان؟
هذا الفريق اللبناني (تحالف 14 آذار هو تحالف سياسي يتكون من أحزاب وحركات سياسية تعارض المقاومة الاسلامية في لبنان، وتدعمها السعودية وأمريكا وفرنسا) لم يكن وطنيا للأسف ولم يكن يبحث عن مصالح لبنان العليا وصالح اللبنانين، وهذه الأحزاب كانت في المشروع الأمريكي وهو مشروع إسرائيلي، لأنّ إسرائيل جزء من هذا المشروع؛ ولذلك لم يكونوا وطنيين، وحتى في اجتاح الكيان الغاصب للبنان عام 1982، فكان بعضهم شركاء في هذا الاجتاح، وكانوا يرغبون في إقامة علاقات مع الإسرائيليين، ويعتبرون ان إسرائيل دولة جارة ويمكن إقامة العلاقات معها.
أعتقد من دون تعصب ان حزب الله اللبناني أكثر وطنية في لبنان ومن معه، فالحزب ومن معه يبحثون عن الدولة الحقيقية القوية واستقلال واقعي، وكانت هذه الأحزاب دائما تتهم حزب الله بانّه مشروع إيراني في لبنان، وهذه التهم باطلة لا أساس لها من الصحة إطلاقا، وقد بيّن الشهيد السيد "حسن نصر الله" أكثر من مرة في مناسبات كثيرة، نحن لم نكن في أي يوم من الأيام عملاء لإيران، ولم نشعر بهذه العمالة في أي يوم، أو أننا ننتمي إلى إيران بمعنى التبعية والعمالة، وهذا غير صحيح إطلاقا، حيث كنّا نشعر دائما اننا محترمون، وان جمهورية إيران الاسلامية من قائدها وأصغر إنسان فيها يتعاطون معنا بكل احترام وتقدير، فلا تصدر أي أوامر من إيران إلينا، وإيران ترى أننا نمتلك القدرة والأهلية، فكانت تقول: أدرسوا ما هو الأصلح لكم، ولم تتدخل إيران في يوم من الأيام في شؤون حزب الله اللبناني، كما ان إيران لم تميز بين الشيعة والسنة، وحزب الله وحماس وجهاد، فكانت تدعم الجميع على حد سواء، وكل مظلوم وكل مقاوم وكل مناهض للإحتلال الصهيوني تدعمه إيران، ولا تميز في الدعم بين السنة والشيعة إطلاقا، صحيح ان حزب الله كان هو الأوضح والأبرز في دعمه؛ وذلك يعود الى انّ الحزب درة التاج في هذا المحور، أي هو الأقوى والمؤسس، ومن الطبيعي أن يكون الإهتمام العام بحزب الله؛ لكن الجمهورية الاسلامية كانت ترعى الجميع دون تميز، فهذه الأحزاب (قوى 14 آذار) تآمرت على جمهورية إيران الاسلامية وعلى سوريا وعلى حزب الله والمقاومة.
وذات يوم كنت في مقابلة سياسية على قناة المنار، وسُئلت، وأجبت بصراحة مباشرة: نحن حزب الله لا نريد الحرب مع إسرائيل، ليس أننا نخاف منها، وانما لا نريد أن ندمر بلدنا، وهم ايضا لا يريدون الحرب يخافون أن ندمر الكيان على رؤوسهم، لكن لو وقعت هذه الحرب سندمر هذا الكيان على رؤوسهم؛ لأنه لا خيار لنا، ونبقى ضمن ضوابط وقواعد الاشتباك، ولو كنا نفكر بمصلحتنا الخاصة وبعصبيتنا، فكنا لا نفكر بالناس ولا بالدولة ولا بمؤسساتها، وكان يمكن لنا أن نبدأ منذ اليوم الثاني (حرب 7 اكتبور) بشن هجوم ساحق وماحق على الكيان الصهيوني ونصنع حربا كبيرة، ولكن كانت تؤدي الى تدمير لبنان، فلم نصنع ذلك، وقد خرج الشهيد السيد بعد أيام وهو يقول: حربنا مع الإسرائيليين بالنقاط.
فمَن الأحرص على لبنان ؟ الذي يريد أن يأتي بالأمريكيين ؟! أم الذي دمّر الاقتصاد اللبناني؟ حيث جاءت أمريكا بمسؤولين سرقوا البلد وسرقوا أموال الناس، ثم بعد ذلك يتحدثون عن الاستقلال والحرية، فأي نفاق هذا ؟! وأي كذب هذا ؟! لذلك حزب الله اللبناني لم يسرق أحدًا، والعكس هو الصحيح؛ فأن حزب الله عوّض الناس بعد انتهاء حرب 2006، وعمل على إعادة الناس الى مناطقهم وعوّضهم وبنى المدن والقرى، ونحن حاضرون بعد انتهاء الحرب، سنبني كل ما دمّره الكيان الصهيوني الغاصب، ولم نكن في يوم من الأيام حجر عثرة أمام إقامة دولة وطنية قوية في لبنان، وحتى قضية رئاسة الجمهورية، هم مختلفون فيها، ورئيس الحكومة السني "سعد الحريري" في حينها اعتقل، عندما تمرد على السعودية، وضُرب وأُهين وسُجن، ولولا نحن ورئيس الجمهورية "ميشل عون" آنذاك، لما أخرجوه، ثم منعوه بعد ذلك من التصدي للحياة السياسية، فهل فعلت إيران بحزب الله كما فعلت السعودية بالحريري ؟! وأن تأخذ مسؤولا بالحزب وتضربه مثلا.
كيف تفسرون ما حدث من عمليات اغتيال لقادة الصف الأول لحزب الله؟
أولا يجب أن نعرف شيئا عقائديا هاما، وهو أن الناس يموتون بآجالهم، فتتعدد الأسباب والموت واحد، وذكرتُ على إحدى القنوات قبل أيام، قصة "همام" الذي طلب من أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب (ع) أن يخطب خطبة يصف فيها المتقين، ثم أعرض الإمام عنه وقال له، اتق الله، وأصرّ همام، فبدأ الإمام (ع) يصف له المتقين:"الْـمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ: مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ، وَمَلْبَسُهُمُ الاقْتِصَادُ، وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ. غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَوَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَـهُمْ...."الى آخره، وفي آخر الخطبة، شهق همام شهقة مات فيها، فكان أحد الحاضرين أراد أن يحمّل الإمام علي(ع) مسؤولية موته، وان همام مات بسبب خطبة أمير المؤمنين (ع)، فلماذا خطبت هذه الخطبة مادمتَ تعرفُ أو تحتملُ انه سيموت ؟! قال الإمام (ع): ويحك فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِكَ، إِنَّ لِكُلِّ أَجَـلٍ وَقْتـاً لا يَعْـدُوهُ ، وَسَبَباً لا يَتَجَاوَزُهُ، فَمَهْلاً لا تَعُدْ لِـمِثْلِهَا"، فهمام مات بأجله؛ لكن عن طريق الخطبة، أو عن طريق سكتة قلبية، أو عن طريق تصادم وغيرها، وانا اعتقد تماما بهذا الكلام، انّ كل الذين استشهدوا ماتوا بآجالهم، والسيد نصر الله قد نجى عشرات مرات وفي مناسبات مختلفة، كما ان الأخوة نجوا عشرات مرات، ولماذا هذه المرة قُتلوا ؟! فهذه آجالهم، فيجب أن نعتقد بالأجل، هذا أولا، وثانيا: يجب أن نعترف اننا نقود حربًا مع عدو غير متكافئ أيضا من الناحية المادية والعسكرية، فنحن المقاومة، وهم الدولة عمرها أكثر من 70 سنة، وأمريكا بكل قوتها في خدمة الكيان الصهيوني وكذلك الغرب وغير الغرب من بلدان معروفة لدى الجميع تساهم في مساعدة الكيان الغاصب، وهذه المقاومة الاسلامية التي برزت كأفراد ثم أصبحت مقاومة حقيقة توازن الكيان الصهيوني بما كل ما يملك، هزمته في 2000 وطردته من أراضي لبنانية، وحققت نصرا عظيما في 2006، وهي كانت ضعيفة آنذاك، فكيف حدث كل ذلك ؟!، فكان بالتوكل على الله عزوجل وبإمكانياتنا، وقال تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ) الأنفال: 60، النبي (ص) ومن معه في بدر كانوا قلة، وسيوفهم والخيول والطعام كانت قليلة، وفي المقابل القريش بعدتها وعددها، وقال عزوجل :(وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى)، نحن ننتصر بالنصر اللهي، بالمدد الغيبي، والثبات، والعزيمة، والإرادة، وبالاخلاص، والإيمان وبالعقيدة، ونُعدُّ لهم ما استطعنا من القوة، والآن نحن قد تطورنا كثيرا ببركة جمهورية إيران الاسلامية ووبركة سماحة السيد القائد وأصبحنا نمتلك قدرات هائلة جدا على المستوى العسكري، تبقى هناك ثغرات أمنية، وإسرائيل متفوقة فيها، ونستفيد منها تدريجيا، فكما تدرجنا في عالم المقاومة وانتصرنا، وكذلك نتدرج في ثغرات أمنية، فعندما يقوم الإسرائيلي بثغرة أمنية ضد حزب الله في لبنان، في الحقيقة يستفيد من هذه الثغرة اليمن والعراق وسوريا وإيران، وربما وروسيا، وأن هؤلاء الشياطين كيف يفكرون وما هو تكنولوجيتهم (تقنيتهم). وبالتالي هذه حرب، يسقط فيها شهداء ويكون هناك جرحى، ويجب أن يعلم الجميع ان حزب الله يختلف عن أي منظمة أخرى وعن أي دولة أخرى باستثناء إيران؛ لأنّ حزب الله وإيران هما ليسا تنظيمين إداريين، يعني إذا مات القائد تنتهي الثورة، أو إذا ماتت الحكومة تنتهي الدولة، ففي إيران حدثت عمليات اغتيال كبيرة في بداية الثورة الاسلامية، حيث اغتال الاعداء رئيس الجمهورية الشهيد "محمد علی رجایی"، ورئيس الوزراء الشهید "محمد جواد باهنر"، ورئيس السلطة القضائية الإيرانية الشهيد السید "محمد حسیني بهشتي"، ولم تسقط الثورة؛ لأنّ فيها كوادر ولّادة، كان يأتي من يقوم بالعمل فورا، بعد استشهاد الكادر، وحزب الله نفس الشيء، وهؤلاء الذين استشهدوا في حزب الله، أكثرهم من أعمارنا (60 سنة أو أكثر)، وهذا الجيل يجب أن يُحال الى التقاعد، وفي إيران عندما يبلغ شخص سن التقاعد، يحال الى التقاعد، ويأتي جيل آخر، فلا نقول ان هذا الذي قد أحيل الى التقاعد، انتهت الثورة، فهناك من يأتي ويشغل مكانه وهكذا، وكذلك الكلام في حزب الله، وانّ لكل هؤلاء الذين استشهدوا لهم كوادر كانوا يعملون معهم، فالشهيد السيد لم يكن لوحده في الحزب، والحاج الكركي لم يكن لوحده، والحاج محسن لم يكن لوحده، فلهم نواب ولهم معاونون، وكانوا هم يُديرون الحرب، فحتى مع استشهاد القادة، وقبل استشهاد السيد وبعده لم تتأثر الجبهة اطلاقا؛ لأنّ الخطط موجودة والكوادر موجدون وهم بالآلاف وليسوا بالعشرات، وكان الشهيد السيد قد أعلن عن 100 ألف مقاتل، وربما أكثر، ولم يعلن عن الحقيقة؛ إذن هناك جبهة قوية وعسكرية متماسكة، ولن يأثر أي خرق أو مشكلة في حال غياب الشهيد السيد، أو غياب هؤلاء الكوادر، لا في الموقف السياسي ولا في الاداري ولا في العسكري. وحاول الإسرائيلي الدخول الى جنوب لبنان، لكنه لم يستطع ذلك، فالأخوة المجاهدون موجودون ويتصدون له، والكيان الصهيوني ومن خلفه أمريكا أغبياء لا يستخلصون العبر.
هل هناك شيء تریدون قوله في ختام هذا الحوار؟
أقول في الختام لکل محبي حزب الله ولکل الذین یخافون علیه ولکل الذین بکوا علی سماحة السید وعلی شهدائنا وأقول لکل الأعداء الذین شمتوا أقول لکل الطرفین: اطمئنوا لأن المقاومة الإسلامیة بألف خیر وسننتصر إن شاء الله. ..................
انتهى / 232