وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ
الصلاة والسلام عليك يا رسول الله في ذكرى يوم مولدك، وفي كلّ وقتٍ وحين.
أنا طفلة من غزّة، لا يهمّ اسمي أحداً في هذا العالم، لا أحدَ يسمع صرخات
خوفي ولا أنّات جوعي، ولا أحدَ يلتفت إلى ارتعاشة صوتي من البرد والقيظ،
ولا يتوقّف أحد ٌعندما أقول لهم إنّ أمّي صارت تحرم نفسها من الطعام كي
يكفيني ومن تبقّى من إخوتي.
طعامنا خبز جاف، لكنّ ذلك لا يُحزنني، فنحن ننتسب إلى أمّة قال رسولها عن نفسه تواضعاً: "إنّما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد".
ما يُحزنني أنّ من حولنا أمّة تعدادها نحو مليارين، ممّن كنا نحسبهم أهلنا وشركاءنا في حبّك واتّباعِك، يقاسموننا الفرح ويشاطروننا الحزن، ويتألمّون إنْ أصابنا جرحٌ أو مسّنا قرْح، ويغضبون لو انتُهِكت كرامتنا وعرضنا، لكن تبيّن أنّهم يتفرّجون على موتنا، بل إنّ منهم من يعادي أبي الشهيد لأنّه اختار أن يحارب دفاعاً عن أرضه وعرضه، حتّى لقي ربَّه، فقال أُناسٌ منّا إنّه انتحر، وما كان له أن يخرج للعدوّ، وأنّه كان عليه التسليم بأنّ أرضنا حقّ للعدوّ، لأنّه الأقوى والمُتغلّب، فليذعن له ويتركه يعيث في بلادنا ويدّعي أنّها له، وأنّنا رعايا في مُلْكه، ولسنا مواطنين أصحاب أرض، ما ينبغي لنا أن ندافع عنها ونحرّرها.
جارتي، يا رسول الله، كان اسمها هند، ماتت شهيدةً وعمرها ستّ سنوات، حاصرها العدو أيّاماً داخل سيارة إسعاف، بعد أن قَتَل كلَّ أفراد عائلتها، الذين حاولوا الذهاب بها إلى المستشفى للعلاج، بقيت تصرخ 12 ساعةً كاملةً، والعالم كلّه يسمع صراخها الذي وصل للقريب والبعيد، حتّى انقطع صوتها، وعلمنا أنّها ماتت جوعاً ورعباً بعد أيام.
لم يهبّ أحد لنجدة هند من أهلنا في البلاد الشقيقة كلّها، ومثل هند وأمّها الشهيدة أكثر من عشرين ألفاً من الأرواح أُزهقت قتلاً بالرصاص وبالقنابل وبالجوع وبالمرض، ولا تزال شعوب أمّتك تتفرّج وتحتفل بمولدك بالحلوى، وموائد الطعام الممدودة، وحفلات الترفيه.
بقي أن تعلم، يا رسول الله، أنّي قد صرتُ أمّاً، وأنا لم أبلغ عامي العاشر بعد، ولم أتزوَّج ولم يمسسني بشر، لكنّي أعيش أمومتي مع أخي الأصغر بعد أن فقدنا الأب والأمّ والعائلة، ووجدنا أنفسنا في العراء والصقيع والجوع وحدنا.
يا رسول الله! دخل الأعداء القتلة دارنا وقتلوا أمي وأبي، وأخرجوا ملابس أمّي التي كانت ترتديها في نومها، كانت ممّا تبقّي من ثياب عرسها، ووقف الجنودُ فوق جثّتها يلبسون قمصان نومها ويتضاحكون ويلتقطون الصور، ولم يستشعر رجال أمّتنا الإهانة، ولم يغضَبوا ولم يحرّكوا ساكناً وهم يشاهدون العرض يُنتهَك.
يا رسول الله! أنا فتىً من غزّة، قد أكون أخاً أو قريباً لصاحبة الرسالة أعلاه، تربّيتُ على أيدي أبي وأمي الشهيدين، فعلمتُ منهما أنّ لنا من الإخوة والأعمام والأجداد ما يزيد عن المليارين من البشر. كنتُ أظنّ أنّهم عزّنا وقوّتنا، وأن كثرتهم تخيف عدوّنا الذي احتلّ أرضنا، لكنّهم، يا رسول الله، كانوا فريقاً يلومنا على أنّنا دافعنا عن شرفنا، ويمالئ عدوّنا، ويلتمس له الحجج، أو فريقاً آخر اكتفي بالنواح ومصمصة الشفاه وادّعاء العجز عن فعل شيء. كلاهما يصيبني بالأسى والحزن، وكأنّي بينهم جميعاً كما قال فيهم شاعر عبر من هنا اسمُه محمود درويش: " أَنَا يُوسُفٌ يَا أَبِي. يَا أَبِي، إِخْوَتِي لَا يُحِبُّونَنِي، لاَ يُريدُونَنِي بَيْنَهُم يَا أَبِي. يَعتدُونَ عَلَيَّ وَيرْمُونَنِي بِالحَصَى وَالكَلَامِ يُرِيدُونَنِي أَنْ أَمُوتَ لِكَيْ يَمْدَحُونِي. وَهُمْ أَوْصَدُوا بَابَ بَيْتِك دُونِي. وَهُمْ طرَدُونِي مِنَ الحَقْلِ. هُمْ سَمَّمُوا عِنَبِي يَا أَبِي. وَهُمْ حَطَّمُوا لُعَبِي يَا أَبِي. حِينَ مَرَّ النَّسِيمُ وَلَاعَبَ شَعْرِيَ غَارُوا وَثَارُوا عَلَيَّ وَثَارُوا عَلَيْكَ، فَمَاذَا صَنَعْتُ لَهُمْ يَا أَبِي؟ الفَرَاشَاتُ حَطَّتْ عَلَى كَتِفَيَّ، وَمَالَتْ عَلَيَّ السَّنَابِلُ، وَالطَّيْرُ حَطَّتْ على راحتيَّ. فَمَاذَا فَعَلْتُ أَنَا يَا أَبِي؟ وَلِمَاذَا أنَا؟ أَنْتَ سَمَّيْتنِي يُوسُفًاً، وَهُمُو أَوْقعُونِيَ فِي الجُبِّ، وَاتَّهمُوا الذِّئْبَ؛ وَالذِّئْبُ أَرْحَمُ مِنْ إِخْوَتِي".
يا نبي الرحمة! أنا مثل الوالد للطفل وللفتى اللذين كتبا إليك، تعلّمت منك أن من مات من دون أرضه وعرضه شهيدٌ، وأنّ نصرة الشقيق والجار المظلوم واجبٌ وفرضٌ، لكنّي حين قاومت الظَلَمة وجدّتهم يتهموني بالجنون، ويرموني بسافل القول وبذيء الفعل، ويتنكر الشقيق في ثوب الوسيط، ويقول لي إنّ هذا منتهى الحكمة والتضحيّة والفروسية، هم لا يريدون أن يقاتلوا معي عدوي وعدوهم وعدوك، ثم يعيبون عليّ مقاومته، منهم من يصنّفها إرهاباً، وبعضهم يراها تهوّراً وإلقاء بالنفس إلى التهلكة.
المسجد الأقصى، قبلتك الأولى وثالث حرميك الشريفَين، يُنتهَك من الأعداء القتلة، ويُدنَّس باحتلالهم، فلمّا خرجتُ لهم، وإخوة لي، مثل الطوفان نذود عنه، ونحرّر أرضنا، وجدنا من يقول إنّا المعتدون، بينما مستعمرو بلادنا هم الضحايا، ولم ينصرنا بالعمل أو بالقول، في وقت نصرنا فيه الجار البعيد والغريب من أقصى جنوب الأرض، جنوب أفريقيا، ومن أقصى غربها، كولومبيا، ومن أقصى شمالها، شعوب أوروبية تخرج بالملايين تدافع عن حقّنا في تحرير أرضنا المُقدَّسة.
خذلونا يا رسولنا، وقالوا نحن الوسطاء لا الأشقّاء، فلم يحقنوا دماءنا ولم يدعموا صمودنا، بل كانت الحصيلة بعد 11 شهراً من الوساطة، التي يفرضها عليهم العدوّ فيستجيبون لها، أنّ حياة حفنة من أسرى الأعداء صارت أغلى من 41 ألف روح فلسطينية أُزهِقت.
أهذه أمتك يا رسولنا ومعلّمنا؟
طعامنا خبز جاف، لكنّ ذلك لا يُحزنني، فنحن ننتسب إلى أمّة قال رسولها عن نفسه تواضعاً: "إنّما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد".
ما يُحزنني أنّ من حولنا أمّة تعدادها نحو مليارين، ممّن كنا نحسبهم أهلنا وشركاءنا في حبّك واتّباعِك، يقاسموننا الفرح ويشاطروننا الحزن، ويتألمّون إنْ أصابنا جرحٌ أو مسّنا قرْح، ويغضبون لو انتُهِكت كرامتنا وعرضنا، لكن تبيّن أنّهم يتفرّجون على موتنا، بل إنّ منهم من يعادي أبي الشهيد لأنّه اختار أن يحارب دفاعاً عن أرضه وعرضه، حتّى لقي ربَّه، فقال أُناسٌ منّا إنّه انتحر، وما كان له أن يخرج للعدوّ، وأنّه كان عليه التسليم بأنّ أرضنا حقّ للعدوّ، لأنّه الأقوى والمُتغلّب، فليذعن له ويتركه يعيث في بلادنا ويدّعي أنّها له، وأنّنا رعايا في مُلْكه، ولسنا مواطنين أصحاب أرض، ما ينبغي لنا أن ندافع عنها ونحرّرها.
جارتي، يا رسول الله، كان اسمها هند، ماتت شهيدةً وعمرها ستّ سنوات، حاصرها العدو أيّاماً داخل سيارة إسعاف، بعد أن قَتَل كلَّ أفراد عائلتها، الذين حاولوا الذهاب بها إلى المستشفى للعلاج، بقيت تصرخ 12 ساعةً كاملةً، والعالم كلّه يسمع صراخها الذي وصل للقريب والبعيد، حتّى انقطع صوتها، وعلمنا أنّها ماتت جوعاً ورعباً بعد أيام.
لم يهبّ أحد لنجدة هند من أهلنا في البلاد الشقيقة كلّها، ومثل هند وأمّها الشهيدة أكثر من عشرين ألفاً من الأرواح أُزهقت قتلاً بالرصاص وبالقنابل وبالجوع وبالمرض، ولا تزال شعوب أمّتك تتفرّج وتحتفل بمولدك بالحلوى، وموائد الطعام الممدودة، وحفلات الترفيه.
بقي أن تعلم، يا رسول الله، أنّي قد صرتُ أمّاً، وأنا لم أبلغ عامي العاشر بعد، ولم أتزوَّج ولم يمسسني بشر، لكنّي أعيش أمومتي مع أخي الأصغر بعد أن فقدنا الأب والأمّ والعائلة، ووجدنا أنفسنا في العراء والصقيع والجوع وحدنا.
يا رسول الله! دخل الأعداء القتلة دارنا وقتلوا أمي وأبي، وأخرجوا ملابس أمّي التي كانت ترتديها في نومها، كانت ممّا تبقّي من ثياب عرسها، ووقف الجنودُ فوق جثّتها يلبسون قمصان نومها ويتضاحكون ويلتقطون الصور، ولم يستشعر رجال أمّتنا الإهانة، ولم يغضَبوا ولم يحرّكوا ساكناً وهم يشاهدون العرض يُنتهَك.
يا رسول الله! أنا فتىً من غزّة، قد أكون أخاً أو قريباً لصاحبة الرسالة أعلاه، تربّيتُ على أيدي أبي وأمي الشهيدين، فعلمتُ منهما أنّ لنا من الإخوة والأعمام والأجداد ما يزيد عن المليارين من البشر. كنتُ أظنّ أنّهم عزّنا وقوّتنا، وأن كثرتهم تخيف عدوّنا الذي احتلّ أرضنا، لكنّهم، يا رسول الله، كانوا فريقاً يلومنا على أنّنا دافعنا عن شرفنا، ويمالئ عدوّنا، ويلتمس له الحجج، أو فريقاً آخر اكتفي بالنواح ومصمصة الشفاه وادّعاء العجز عن فعل شيء. كلاهما يصيبني بالأسى والحزن، وكأنّي بينهم جميعاً كما قال فيهم شاعر عبر من هنا اسمُه محمود درويش: " أَنَا يُوسُفٌ يَا أَبِي. يَا أَبِي، إِخْوَتِي لَا يُحِبُّونَنِي، لاَ يُريدُونَنِي بَيْنَهُم يَا أَبِي. يَعتدُونَ عَلَيَّ وَيرْمُونَنِي بِالحَصَى وَالكَلَامِ يُرِيدُونَنِي أَنْ أَمُوتَ لِكَيْ يَمْدَحُونِي. وَهُمْ أَوْصَدُوا بَابَ بَيْتِك دُونِي. وَهُمْ طرَدُونِي مِنَ الحَقْلِ. هُمْ سَمَّمُوا عِنَبِي يَا أَبِي. وَهُمْ حَطَّمُوا لُعَبِي يَا أَبِي. حِينَ مَرَّ النَّسِيمُ وَلَاعَبَ شَعْرِيَ غَارُوا وَثَارُوا عَلَيَّ وَثَارُوا عَلَيْكَ، فَمَاذَا صَنَعْتُ لَهُمْ يَا أَبِي؟ الفَرَاشَاتُ حَطَّتْ عَلَى كَتِفَيَّ، وَمَالَتْ عَلَيَّ السَّنَابِلُ، وَالطَّيْرُ حَطَّتْ على راحتيَّ. فَمَاذَا فَعَلْتُ أَنَا يَا أَبِي؟ وَلِمَاذَا أنَا؟ أَنْتَ سَمَّيْتنِي يُوسُفًاً، وَهُمُو أَوْقعُونِيَ فِي الجُبِّ، وَاتَّهمُوا الذِّئْبَ؛ وَالذِّئْبُ أَرْحَمُ مِنْ إِخْوَتِي".
يا نبي الرحمة! أنا مثل الوالد للطفل وللفتى اللذين كتبا إليك، تعلّمت منك أن من مات من دون أرضه وعرضه شهيدٌ، وأنّ نصرة الشقيق والجار المظلوم واجبٌ وفرضٌ، لكنّي حين قاومت الظَلَمة وجدّتهم يتهموني بالجنون، ويرموني بسافل القول وبذيء الفعل، ويتنكر الشقيق في ثوب الوسيط، ويقول لي إنّ هذا منتهى الحكمة والتضحيّة والفروسية، هم لا يريدون أن يقاتلوا معي عدوي وعدوهم وعدوك، ثم يعيبون عليّ مقاومته، منهم من يصنّفها إرهاباً، وبعضهم يراها تهوّراً وإلقاء بالنفس إلى التهلكة.
المسجد الأقصى، قبلتك الأولى وثالث حرميك الشريفَين، يُنتهَك من الأعداء القتلة، ويُدنَّس باحتلالهم، فلمّا خرجتُ لهم، وإخوة لي، مثل الطوفان نذود عنه، ونحرّر أرضنا، وجدنا من يقول إنّا المعتدون، بينما مستعمرو بلادنا هم الضحايا، ولم ينصرنا بالعمل أو بالقول، في وقت نصرنا فيه الجار البعيد والغريب من أقصى جنوب الأرض، جنوب أفريقيا، ومن أقصى غربها، كولومبيا، ومن أقصى شمالها، شعوب أوروبية تخرج بالملايين تدافع عن حقّنا في تحرير أرضنا المُقدَّسة.
خذلونا يا رسولنا، وقالوا نحن الوسطاء لا الأشقّاء، فلم يحقنوا دماءنا ولم يدعموا صمودنا، بل كانت الحصيلة بعد 11 شهراً من الوساطة، التي يفرضها عليهم العدوّ فيستجيبون لها، أنّ حياة حفنة من أسرى الأعداء صارت أغلى من 41 ألف روح فلسطينية أُزهِقت.
أهذه أمتك يا رسولنا ومعلّمنا؟