وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ أكّد المتولّي الشّرعي للعتبة العبّاسيّة السّيد أحمد الصّافي أنّ من أهم العناصر الّتي يجب أن يمتلكها الأستاذ، هي الثّقافة الواسعة، لإحاطته بالبيئة الّتي يتحرك فيها الطّالب.
جاء ذلك خلال كلمته في الملتقى الثّقافي التربوي النّسويّ الأوَّل الذي تنظمه شعبة مدارس الكفيل الدّينيّة النّسويّة في العتبة العبّاسيّة المقدّسة.
وفيما يلي نصّ الكلمة بالكامل:
بدءًا ندعو لكم جميعًا بالموفّقيّة والتّسديد وأن يكون هذا الملتقى مفتاح خير لكم جميعًا ولبناتنا في شعبة مدارس الكفيل.
الحديث مع الذّوات العلميّة التّدريسيّة حديث مهم ويستدعي منّا أن نّحدده في المحاور العلميّة الّتي - بحمد الله تعالى - أنّ بلدنا فيها من المنتجين لها، وأعتقد أنّ المسؤوليّة مركّبة وتقع على عاتقكم الكثير من المسؤوليّات باعتبار الموقع، فالإنسان كلّما كان موقعه مهمًّا كلّما كانت مسؤوليته أعظم، ومن خلال جلوسي مع الأخوات ذكروا أنّ بعضكم أو الأغلب طلبوا دورات تطويريّة، وهذا لا مانع منه، بل إنّه مفيد للمدرّب والمتدرّب، على اعتبار أنّ طلب العلم يبدأ ولا ينتهي، ولا مانع أن يتدرّب الإنسان يومًا بعد آخر ويتعلّم، ليكون من العناصر الناضجة الّتي نحن بأمسّ الحاجة لها، ونحن داعمين بالمقدار الّذي يسعنا.
إنّ حضراتكم تتعاملون مع جيل محدّد بالطبقة والفئة العمريّة، وهذا العمر مهم جداً، حين تتعاملون مع طالب أو طالب يحمل مجموعة من ثقافات قد تكون ثقافة رصينة أو هجينة أو مغلوطة، بحسب توجهه أو بحسب ما يغذّيه المعلّم الافتراضي في منصات التّواصل الاجتماعي.
وبالنتيجة فإنّ من الممكن ألا يسمع الطّالب من الأكبر منه، ويقع تحت الكثير من المؤثّرات الّتي تؤثّر على مستقبله العلمي، ولكن للأستاذ تأثير كبير على الطّالب ومن أهمّ العناصر الّتي يجب أن يمتلكها الأستاذ، ثقافة واسعة، وأن لا يكتفي بالجانب العلمي الّذي هو بصدد تخصّصه، بل أن يكون لديه ثقافة اجتماعيّة وإحاطة بالبيئة الّتي يتحرّك فيها الطّالب، كذلك المدرس.
فالأستاذ إذا فقد التّأثير على الطّالب من الصّعب أن يطيعه، وأحد جوانب فقدان التّأثير أن تكون ثقافة الأستاذ متواضعة وبسيطة، وأما إذا كان الأستاذ غير متسلّط على تخصّصه العلمي فذلك أيضًا مؤثر سلبًا، وبالنتيجة يقع الأستاذ في الّذي حاول أن يفرّ منه، بينما بعض علمائنا إذا تعرّضوا لسؤال لا يعرفونه، يجيب بصوت عالٍ: لا أعرفه، حتى يعود السّائل من الطّلبة أن يكون الإنسان موضوعيًّا كذلك أودّ أن أؤكد قلة التحضير والإحاطة بالثّقافة العامّة تؤثّر على الأستاذ.
اليوم أمام الطّالب أستاذ عليه أن يعرف كلّ شيء عن تخصّصه، فإذا أردتم أن تعالجوا بعض المشاكل عليكم أن تصلوا إلى نتيجة هي:
أنّ الطّالب مهم أن يحبّ الأستاذ كي يؤثّر فيه، ومن أسباب المحبّة أنّ الطّالب يشعر أنّ الأستاذ يحسن إليه، فالنّاس مجبولة على محبّة من أحسن إليها، والإنسان إذا أحبّ شخصًا يرى أنّ هذا من المحسنين.
بعض الأساتذة الأفاضل يكتفي بإلقاء المحاضرة ويترك الدّرس، وقد لا يتفاعل مع إشكال الطّالب، وقد يتعامل بفوقيّة، بالنّتيجة هذا يضعف التّأثير في الطّالب، إذا لم يكن تأثيرًا سببيًّا.
الطّالب اليوم يرى الأستاذ أب، والأستاذة أم، التّفاوت العمري مهم، والموقع مهم النّقطة المهمّة هو أن يتذكر الأستاذ أو الأستاذة أنّهم كانوا طلابًّا، فيعرفون طبيعة الطّلاب، لكن الطّالب لم يكن أستاذًا، فعندما يتصرّف تصرفات معينة على الأستاذ أن يتحمّله ويوجهه بالوجهة الّتي يريد، وسيشكر الطّالب صنيع الأستاذ في قادم الأيَّام، وهذا ما نستذكره اليوم من أساتذتنا.
عندما نأتي إلى صفات النّبي -صلى الله عليه وآله- كان أحسن المعلمين على الإطلاق، إذ كان الجهلة يأتون إلى النبي فيرشدهم ويوجههم، وكان الإمام السّجاد -عليه السّلام- من جملة خطبه أنّه قال: "أُعطينا الفصاحة والبلاغة"، أمير المؤمنين هو أمير البيان، أي الإنسان عليه أن يكون بيانه وافٍ، لا يكون بيانًا مكتوفًا.
الأستاذ إذا لم يتعلّم طريقة التّعليم وإيصال الدّرس يبقى بيانه ناقصًا، المعلّم هو الّذي يمتلك الأسلوب الجيّد لإدخال المعلومة إلى ذهن الطالب، ولابدّ أن يكون حاذقًا اجتماعيًّا وملمًّا بما ذكرناه، كي يكون معلمًا جيّدًا، وليس عيبًا أن يبقى الإنسان يتعلّم ويتطوّر مما يستجد من طرائق التّدريس، فأنتم اليوم تريدون تربية الجيل، وتربية الجيل لا تأتي جزافًا.
وقال مخاطبًا المدرّسات: فالطّالبة اليوم أنتِ والدتها، فهي تقضي وقتًا معك أكثر من والدتها، فعليك تغذية عقلها بمعلومة سوف تُسألين عنها يوم القيامة، فلابدّ أن يُحرص على كونها وفق ما مقرّر.
الطّلاب يريدون أن يسمعوا منكم، وأن يرَوا ويتعلّموا منكم، وشخصيتكم نموذج يحتذون بها، ويستفيدوا منكم فلديكم الكثير من التّجارب والقصص في جوانب عدّة، فهي تجارب غنيّة من الممكن أن يستفيدوا منها.
إن الأستاذ الجامعي يمثّل طبقة اجتماعيّة مهمّة، ولابدّ من الثّقافة العامّة للأستاذ، حتى يؤثّر في غيره، ولابدّ أن نتحول إلى مدرسين، لا علماء فأنتم عالمين بتخصّصاتكم ولكن عندما تتصدّون للتّدريس فأنتم مدرّسين، وعليكم نقل علمكم إلى النّاس شيئًا فشيئًا.
..........
انتهى/ 278
جاء ذلك خلال كلمته في الملتقى الثّقافي التربوي النّسويّ الأوَّل الذي تنظمه شعبة مدارس الكفيل الدّينيّة النّسويّة في العتبة العبّاسيّة المقدّسة.
وفيما يلي نصّ الكلمة بالكامل:
بدءًا ندعو لكم جميعًا بالموفّقيّة والتّسديد وأن يكون هذا الملتقى مفتاح خير لكم جميعًا ولبناتنا في شعبة مدارس الكفيل.
الحديث مع الذّوات العلميّة التّدريسيّة حديث مهم ويستدعي منّا أن نّحدده في المحاور العلميّة الّتي - بحمد الله تعالى - أنّ بلدنا فيها من المنتجين لها، وأعتقد أنّ المسؤوليّة مركّبة وتقع على عاتقكم الكثير من المسؤوليّات باعتبار الموقع، فالإنسان كلّما كان موقعه مهمًّا كلّما كانت مسؤوليته أعظم، ومن خلال جلوسي مع الأخوات ذكروا أنّ بعضكم أو الأغلب طلبوا دورات تطويريّة، وهذا لا مانع منه، بل إنّه مفيد للمدرّب والمتدرّب، على اعتبار أنّ طلب العلم يبدأ ولا ينتهي، ولا مانع أن يتدرّب الإنسان يومًا بعد آخر ويتعلّم، ليكون من العناصر الناضجة الّتي نحن بأمسّ الحاجة لها، ونحن داعمين بالمقدار الّذي يسعنا.
إنّ حضراتكم تتعاملون مع جيل محدّد بالطبقة والفئة العمريّة، وهذا العمر مهم جداً، حين تتعاملون مع طالب أو طالب يحمل مجموعة من ثقافات قد تكون ثقافة رصينة أو هجينة أو مغلوطة، بحسب توجهه أو بحسب ما يغذّيه المعلّم الافتراضي في منصات التّواصل الاجتماعي.
وبالنتيجة فإنّ من الممكن ألا يسمع الطّالب من الأكبر منه، ويقع تحت الكثير من المؤثّرات الّتي تؤثّر على مستقبله العلمي، ولكن للأستاذ تأثير كبير على الطّالب ومن أهمّ العناصر الّتي يجب أن يمتلكها الأستاذ، ثقافة واسعة، وأن لا يكتفي بالجانب العلمي الّذي هو بصدد تخصّصه، بل أن يكون لديه ثقافة اجتماعيّة وإحاطة بالبيئة الّتي يتحرّك فيها الطّالب، كذلك المدرس.
فالأستاذ إذا فقد التّأثير على الطّالب من الصّعب أن يطيعه، وأحد جوانب فقدان التّأثير أن تكون ثقافة الأستاذ متواضعة وبسيطة، وأما إذا كان الأستاذ غير متسلّط على تخصّصه العلمي فذلك أيضًا مؤثر سلبًا، وبالنتيجة يقع الأستاذ في الّذي حاول أن يفرّ منه، بينما بعض علمائنا إذا تعرّضوا لسؤال لا يعرفونه، يجيب بصوت عالٍ: لا أعرفه، حتى يعود السّائل من الطّلبة أن يكون الإنسان موضوعيًّا كذلك أودّ أن أؤكد قلة التحضير والإحاطة بالثّقافة العامّة تؤثّر على الأستاذ.
اليوم أمام الطّالب أستاذ عليه أن يعرف كلّ شيء عن تخصّصه، فإذا أردتم أن تعالجوا بعض المشاكل عليكم أن تصلوا إلى نتيجة هي:
أنّ الطّالب مهم أن يحبّ الأستاذ كي يؤثّر فيه، ومن أسباب المحبّة أنّ الطّالب يشعر أنّ الأستاذ يحسن إليه، فالنّاس مجبولة على محبّة من أحسن إليها، والإنسان إذا أحبّ شخصًا يرى أنّ هذا من المحسنين.
بعض الأساتذة الأفاضل يكتفي بإلقاء المحاضرة ويترك الدّرس، وقد لا يتفاعل مع إشكال الطّالب، وقد يتعامل بفوقيّة، بالنّتيجة هذا يضعف التّأثير في الطّالب، إذا لم يكن تأثيرًا سببيًّا.
الطّالب اليوم يرى الأستاذ أب، والأستاذة أم، التّفاوت العمري مهم، والموقع مهم النّقطة المهمّة هو أن يتذكر الأستاذ أو الأستاذة أنّهم كانوا طلابًّا، فيعرفون طبيعة الطّلاب، لكن الطّالب لم يكن أستاذًا، فعندما يتصرّف تصرفات معينة على الأستاذ أن يتحمّله ويوجهه بالوجهة الّتي يريد، وسيشكر الطّالب صنيع الأستاذ في قادم الأيَّام، وهذا ما نستذكره اليوم من أساتذتنا.
عندما نأتي إلى صفات النّبي -صلى الله عليه وآله- كان أحسن المعلمين على الإطلاق، إذ كان الجهلة يأتون إلى النبي فيرشدهم ويوجههم، وكان الإمام السّجاد -عليه السّلام- من جملة خطبه أنّه قال: "أُعطينا الفصاحة والبلاغة"، أمير المؤمنين هو أمير البيان، أي الإنسان عليه أن يكون بيانه وافٍ، لا يكون بيانًا مكتوفًا.
الأستاذ إذا لم يتعلّم طريقة التّعليم وإيصال الدّرس يبقى بيانه ناقصًا، المعلّم هو الّذي يمتلك الأسلوب الجيّد لإدخال المعلومة إلى ذهن الطالب، ولابدّ أن يكون حاذقًا اجتماعيًّا وملمًّا بما ذكرناه، كي يكون معلمًا جيّدًا، وليس عيبًا أن يبقى الإنسان يتعلّم ويتطوّر مما يستجد من طرائق التّدريس، فأنتم اليوم تريدون تربية الجيل، وتربية الجيل لا تأتي جزافًا.
وقال مخاطبًا المدرّسات: فالطّالبة اليوم أنتِ والدتها، فهي تقضي وقتًا معك أكثر من والدتها، فعليك تغذية عقلها بمعلومة سوف تُسألين عنها يوم القيامة، فلابدّ أن يُحرص على كونها وفق ما مقرّر.
الطّلاب يريدون أن يسمعوا منكم، وأن يرَوا ويتعلّموا منكم، وشخصيتكم نموذج يحتذون بها، ويستفيدوا منكم فلديكم الكثير من التّجارب والقصص في جوانب عدّة، فهي تجارب غنيّة من الممكن أن يستفيدوا منها.
إن الأستاذ الجامعي يمثّل طبقة اجتماعيّة مهمّة، ولابدّ من الثّقافة العامّة للأستاذ، حتى يؤثّر في غيره، ولابدّ أن نتحول إلى مدرسين، لا علماء فأنتم عالمين بتخصّصاتكم ولكن عندما تتصدّون للتّدريس فأنتم مدرّسين، وعليكم نقل علمكم إلى النّاس شيئًا فشيئًا.
..........
انتهى/ 278