وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ مع كل محطّة سنوية لذكرى اختطاف الإمام السيد موسى الصدر، يتجدّد الحديث عن مصير الإمام. سؤال رئيسي يُطرح: هل لا يزال الإمام حيًا؟. في الشكل، قد يبدو هذا السؤال عاديًا حينما نسأل عن أخبار إنسان عادي لم نتقصّ أحواله منذ زمن. لكنّ شخصية الإمام وبُعدها الاستثنائي وحادثة الاختطاف الآثمة تجعل الإجابة عن هذا السؤال حدثًا محوريًا تاريخيًا. 45 سنة مرّت على آخر ظهور للإمام في 31 آب 1978، وحقيقة المصير لا تزال مُبهمة. لا أحد يمكن أن يجزم المقولة التي روّجت لاغتيال الإمام أو وفاته. وعليه، فالإمام حيّ ما لم يثبُت العكس. بهذه الروحية تُقارب عائلة الإمام ومعها كُثر مصيره المجهول في ليبيا التي زارها بعدما بدأ جولة بتاريخ 14/3/1978 على بعض الدول العربية. هدف الجولة حينها كان واضحًا؛ الدعوة لعقد مؤتمر قمة عربي بهدف الضغط على "الاسرائيليين" للانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة. وبعد أشهر أي في 25/8/1978 وبناء على إشارة خاصة من الرئيس الجزائري هواري بومدين توجه الإمام برفقة الشيخ محمد يعقوب والصحفي السيد عباس بدر الدين الى ليبيا للقاء رئيسها معمّر القذافي، ومنذ ذلك الحين يتقفّى لبنان أثر الإمام.
الشامي: ليس هناك أي إثبات للوفاة
لدى سؤال رئيس لجنة متابعة قضية الإمام الصدر القاضي حسن الشامي عن آخر المُعطيات، لا يُخفي أنّ "المعطيات الأخيرة التي في حوزتنا تعود للعام 2016، أي تاريخ آخر زيارة لنا الى ليبيا. ثمّة مذكرة تفاهم وقّعت مع الجانب الليبي في 11 آذار 2014. هذه المذكرة تلزم الطرف الآخر (ليبيا) بالتعاون في قضية الإمام وإجراء تحقيقات للكشف عن مصيره، مع السماح للجانب اللبناني بحضورها خصوصًا أن ثمة موقوفين مهمين جدًا في السجون الليبية. لكن للأسف، اندلعت في ليبيا حروب وأزمات، وفي الوقت نفسه عمل المعنيون على مراعاة أقربائهم من أركان النظام البائد فتلكؤوا عن التعاون معنا ليصبح تعاونهم صفرًا، لتأتي بعدها أزمة كورونا والأوضاع غير المستقرة في لبنان ما عرقل مهمّة التقصّي".
لكنّ الشامي يؤكّد أنه "ورغم كل العراقيل التي وُضعت في دربنا، لم نصل الى أي نتيجة لناحية حصول وفاة الإمام. بالعكس، لدينا نتائج تفيد أنه تنقل بين عدة سجون، كما أجرينا فحوصات "DNA" عدة مرات لم تكن مطابقة، ولم نترك رواية الا واستمعنا اليها". وفق الشامي، "في كل مرة كان يُقال لنا إنّ هناك شاهدًا في أقاصي الأرض أرسل خبرًا للالتقاء بنا، كنا نذهب اليه ونلتقيه، لكنّ للأسف نتيجة اللقاءات كانت تفيد بأنّهم "يكذبون"، وقد سمعنا الكثير من الروايات الباطلة فمنها من تحدّث عن رؤية جثمان أو رمي في الصحراء أو البحر أو اغتيال، أو رؤية الإمام في منزل". وفي هذا الإطار، يشدّد الشامي على "أننا نطبّق القواعد العلمية لا العواطف. وعليه، يستنتج الشامي أنّ الإمام قد يكون على قيد الحياة في مكان احتجاز مجهول، خصوصًا أن الوقائع تفيد أنّ السيد الصدر تنقّل بين عدة سجون أقله حتى عام 2010".
يعود الشامي ويؤكّد "ليس هناك أي إثبات للوفاة. والدليل، هنيبعل القذافي نجل معمّر القذافي لم يتكلّم عن تصفية فورية كما تحدّثت وكيلته الأولى. الأخيرة بالتأكيد لا تعلم أكثر منه، وهو الذي اعترف أنّ الإمام بقي لسنوات في سجن بمدينة "جنزور" الليبية، وهذا دليل مهم جدًّا". يوضح الشامي أنّ الجانب اللبناني التمس عام 2016 نوايا القضاء الليبي بمراعاة أصدقاء وأقرباء للنظام البائد، "لكنّ هذا الأمر لم يُثنينا عن المتابعة. بقينا على تواصل مع الجانب الليبي، وأجهزة استخبارات وشهود من أركان النظام البائد، واستمررنا بسعينا لتقصي معلومات عن مدعى عليهم من أركان النظام البائد سواء كانوا داخل أم خارج ليبيا".
وفي معرض حديثه، يكشف الشامي أنّ النائب العام الليبي وفي محضر جلسة رسمية عام 2016 أجاب حرفيًا ــ عندما سُئل عن النتيجة المتعلّقة بمصير الإمام ــ : "كل الاحتمالات واردة". وفق الشامي، هذا الجواب مهم جدًا فهو لم يحسم مسألة وفاة الإمام، وتكتسب الإجابة أهميتها نظرًا للموقوفين المهمين في حوزة النائب العام والذين استُمع الى إفاداتهم من قبيل عبد الله السنوسي وفرج أبو غالية ومتهمين آخرين بقضية الاختطاف. إجابة المدعي العام تبيّن أنه ليس قادرًا على حسم المصير، "وهذا دليل واضح على أننا أمام قضية معقّدة وقابلة للبحث، ما يدحض فرضية البعض بأن المصير محسوم وأنه توفي، وقتلوه منذ أول لحظة أو مات في السجن. لا المسألة ليست كذلك، فقد يكون الإمام حيًا بمكان احتجاز مجهول"، يضيف الشامي.
ماذا عن القادم من الأيام؟ يشدّد الشامي على أنّ "المدعي العام الليبي عرض التعاون من جديد، وهو متحمّس لذلك. بالنسبة الينا رحّبنا بهذا الأمر لكن ليس على قاعدة المقايضة"، في إشارة الى قضية هنيبعل القذافي الموقوف لدى السلطات اللبنانية. وفي هذا السياق، يكشف مستند حصل عليه موقع "العهد" الإخباري عن إرسال النيابة العامة الليبية طلبًا الى الجانب اللبناني لاسترداد هنيبعل كشخص منسوب اليه ارتكاب جرائم متعددة.
بوادر لانطلاقة جديدة في التقصّي
لا يُخفي الشامي أنّ ثمّة بوادر لانطلاقة جديدة في هذا الملف. "في لبنان لدينا هنيبعل فيما يُحاكم البقية غيابيًا، وفي إيطاليا ربح لبنان الدعوى، وفي دول العالم لدينا بعض الشهود والملاحقين كرئيس الوزراء الليبي السابق عبد السلام جلود.، لكن عدد هؤلاء محدود وإمكانات الوصول اليهم صعبة جراء حمايتهم من قبل الدول المتواجدين فيها". يشدّد الشامي على أنّ "عملنا الأساسي في ليبيا، أما كل الدول الثانية بما فيها لبنان فهي بمثابة قشور، لأن الإمام اختطف هناك ومن الطبيعي أن تكون ليبيا ساحة البحث والتقصي عن الحقيقة. لذلك فليبيا تشكّل الساحة المهمة، وكان لزامًا على المسؤولين الليبيين أن يتحركوا منذ زمن لتنفيذ الوعود والالتزامات الدولية عليهم".
الإمام "بيستاهل"
في ختام حديثه، يقول الشامي: "مصمّمون على مواصلة العمل بهذا الملف. علينا واجب وطني وأخلاقي وشرعي قبل أن يكون قانونيًّا. نحمل دمنا على كفنا ونُهدَّد، لكنّ "موسى الصدر بيستاهل"، وكما قال أحد وكلاء عائلة الإمام البروفسور فايز الحاج شاهين "قضية الإمام تحتاج الى قضاة كربلائيين" يختم الشامي حديثه.
فاطمة سلامة
..................
انتهى / 232
الشامي: ليس هناك أي إثبات للوفاة
لدى سؤال رئيس لجنة متابعة قضية الإمام الصدر القاضي حسن الشامي عن آخر المُعطيات، لا يُخفي أنّ "المعطيات الأخيرة التي في حوزتنا تعود للعام 2016، أي تاريخ آخر زيارة لنا الى ليبيا. ثمّة مذكرة تفاهم وقّعت مع الجانب الليبي في 11 آذار 2014. هذه المذكرة تلزم الطرف الآخر (ليبيا) بالتعاون في قضية الإمام وإجراء تحقيقات للكشف عن مصيره، مع السماح للجانب اللبناني بحضورها خصوصًا أن ثمة موقوفين مهمين جدًا في السجون الليبية. لكن للأسف، اندلعت في ليبيا حروب وأزمات، وفي الوقت نفسه عمل المعنيون على مراعاة أقربائهم من أركان النظام البائد فتلكؤوا عن التعاون معنا ليصبح تعاونهم صفرًا، لتأتي بعدها أزمة كورونا والأوضاع غير المستقرة في لبنان ما عرقل مهمّة التقصّي".
لكنّ الشامي يؤكّد أنه "ورغم كل العراقيل التي وُضعت في دربنا، لم نصل الى أي نتيجة لناحية حصول وفاة الإمام. بالعكس، لدينا نتائج تفيد أنه تنقل بين عدة سجون، كما أجرينا فحوصات "DNA" عدة مرات لم تكن مطابقة، ولم نترك رواية الا واستمعنا اليها". وفق الشامي، "في كل مرة كان يُقال لنا إنّ هناك شاهدًا في أقاصي الأرض أرسل خبرًا للالتقاء بنا، كنا نذهب اليه ونلتقيه، لكنّ للأسف نتيجة اللقاءات كانت تفيد بأنّهم "يكذبون"، وقد سمعنا الكثير من الروايات الباطلة فمنها من تحدّث عن رؤية جثمان أو رمي في الصحراء أو البحر أو اغتيال، أو رؤية الإمام في منزل". وفي هذا الإطار، يشدّد الشامي على "أننا نطبّق القواعد العلمية لا العواطف. وعليه، يستنتج الشامي أنّ الإمام قد يكون على قيد الحياة في مكان احتجاز مجهول، خصوصًا أن الوقائع تفيد أنّ السيد الصدر تنقّل بين عدة سجون أقله حتى عام 2010".
يعود الشامي ويؤكّد "ليس هناك أي إثبات للوفاة. والدليل، هنيبعل القذافي نجل معمّر القذافي لم يتكلّم عن تصفية فورية كما تحدّثت وكيلته الأولى. الأخيرة بالتأكيد لا تعلم أكثر منه، وهو الذي اعترف أنّ الإمام بقي لسنوات في سجن بمدينة "جنزور" الليبية، وهذا دليل مهم جدًّا". يوضح الشامي أنّ الجانب اللبناني التمس عام 2016 نوايا القضاء الليبي بمراعاة أصدقاء وأقرباء للنظام البائد، "لكنّ هذا الأمر لم يُثنينا عن المتابعة. بقينا على تواصل مع الجانب الليبي، وأجهزة استخبارات وشهود من أركان النظام البائد، واستمررنا بسعينا لتقصي معلومات عن مدعى عليهم من أركان النظام البائد سواء كانوا داخل أم خارج ليبيا".
وفي معرض حديثه، يكشف الشامي أنّ النائب العام الليبي وفي محضر جلسة رسمية عام 2016 أجاب حرفيًا ــ عندما سُئل عن النتيجة المتعلّقة بمصير الإمام ــ : "كل الاحتمالات واردة". وفق الشامي، هذا الجواب مهم جدًا فهو لم يحسم مسألة وفاة الإمام، وتكتسب الإجابة أهميتها نظرًا للموقوفين المهمين في حوزة النائب العام والذين استُمع الى إفاداتهم من قبيل عبد الله السنوسي وفرج أبو غالية ومتهمين آخرين بقضية الاختطاف. إجابة المدعي العام تبيّن أنه ليس قادرًا على حسم المصير، "وهذا دليل واضح على أننا أمام قضية معقّدة وقابلة للبحث، ما يدحض فرضية البعض بأن المصير محسوم وأنه توفي، وقتلوه منذ أول لحظة أو مات في السجن. لا المسألة ليست كذلك، فقد يكون الإمام حيًا بمكان احتجاز مجهول"، يضيف الشامي.
ماذا عن القادم من الأيام؟ يشدّد الشامي على أنّ "المدعي العام الليبي عرض التعاون من جديد، وهو متحمّس لذلك. بالنسبة الينا رحّبنا بهذا الأمر لكن ليس على قاعدة المقايضة"، في إشارة الى قضية هنيبعل القذافي الموقوف لدى السلطات اللبنانية. وفي هذا السياق، يكشف مستند حصل عليه موقع "العهد" الإخباري عن إرسال النيابة العامة الليبية طلبًا الى الجانب اللبناني لاسترداد هنيبعل كشخص منسوب اليه ارتكاب جرائم متعددة.
بوادر لانطلاقة جديدة في التقصّي
لا يُخفي الشامي أنّ ثمّة بوادر لانطلاقة جديدة في هذا الملف. "في لبنان لدينا هنيبعل فيما يُحاكم البقية غيابيًا، وفي إيطاليا ربح لبنان الدعوى، وفي دول العالم لدينا بعض الشهود والملاحقين كرئيس الوزراء الليبي السابق عبد السلام جلود.، لكن عدد هؤلاء محدود وإمكانات الوصول اليهم صعبة جراء حمايتهم من قبل الدول المتواجدين فيها". يشدّد الشامي على أنّ "عملنا الأساسي في ليبيا، أما كل الدول الثانية بما فيها لبنان فهي بمثابة قشور، لأن الإمام اختطف هناك ومن الطبيعي أن تكون ليبيا ساحة البحث والتقصي عن الحقيقة. لذلك فليبيا تشكّل الساحة المهمة، وكان لزامًا على المسؤولين الليبيين أن يتحركوا منذ زمن لتنفيذ الوعود والالتزامات الدولية عليهم".
الإمام "بيستاهل"
في ختام حديثه، يقول الشامي: "مصمّمون على مواصلة العمل بهذا الملف. علينا واجب وطني وأخلاقي وشرعي قبل أن يكون قانونيًّا. نحمل دمنا على كفنا ونُهدَّد، لكنّ "موسى الصدر بيستاهل"، وكما قال أحد وكلاء عائلة الإمام البروفسور فايز الحاج شاهين "قضية الإمام تحتاج الى قضاة كربلائيين" يختم الشامي حديثه.
فاطمة سلامة
..................
انتهى / 232