بالرغم من الحالة الحرجة التي يعيشها المواطنون في الدول النامية من نقص في الغذاء والماء وغيرها من الموارد الأولية، إلا أنهم يعانون في الوقت ذاته من فقر شديد في الدواء والمستلزمات الطبية، في ظل انتشار جملة من الأمراض والأوبئة الخطيرة، يأتي في مقدمتها فيروس الإيدز اللعين الذي لا زال يمثل خطراً يصعب التغلب عليه في تلك الدول الفقيرة حتى الآن
.وأيقن العلماء أن السبيل الوحيد لتخليص العالم من خطر الإيدز هو اتباع الأساليب الوقائية ضد الفيروس، لأن الأبحاث الطبية لم تتوصل إلى علاج حقيقي يقضى على هجمات المرض، وظهر ذلك من خلال مطالب دولية بحث الدول التى تشهد ارتفاعا فى معدلات الاصابة بالفيروس باتباع تلك الأساليب الوقائية وفي مقدمتها ختان الذكور، الذي يعتبر أحد مكونات إستراتيجية شاملة للوقاية من الفيروس
.واعتبر خبراء صحة دوليون أن عدم وجود أى لقاح أو علاج لمرض الايدز، يجعل من عملية ختان الذكور وسيلة قوية وغير مكلفة، يمكن أن تؤدى إلى تراجع معدلات الاصابة بالوباء ثم القضاء عليه تماما
.وأكد الخبراء أن ختان الذكور يمكن أن يمنع 65 بالمئة من الاصابات الجديدة بفيروس "إتش.آي.في" المسبب للايدز بين الرجال الطبيعيين، لكن الدول المتضررة من المرض تتباطأ فى جهودها لتشجيع ذلك
.وبخلاف طرق الوقاية الأخرى، فإن الختان وسيلة فريدة تتفوق على غيرها من الوسائل نظرا لانه "علاج يتم لمرة واحدة"، أما طرق الوقاية الحالية من الفيروس وهى العفة الجنسية، و استخدام العوازل الطبية، والتشخيص المبكر وعلاج الاصابات التى تنقل جنسيا واختبار فيروس "إتش.آي.في" كلها لها حدود معينة
.من جانبه، قال روبرت بيلى أخصائى علم الاوبئة بجامعة "الينوي" فى شيكاغو: "لعدة أسباب فإن الختان يحمى من الاصابة بفيروس "إتش.آي.في" بين الرجال الذين خضعوا للختان، حيث أن خلايا معينة فى حشفة العضو الذكرى التى يتم قطع الجلدة المحيطة بها فى عملية الختان تشكل أهدافا مفضلة للفيروس، كما أن الجزء الداخلى من هذه الحشفة يفتقر إلى الطبقة السميكة التى تقى معظم الجلد من الاصابة بالعدوى
".من جهة أخرى، قالت دفورا جوزيف من الهيئة الدولية لخدمات السكان وهى منظمة لا تهدف للربح مقرها واشنطن: "نطالب المجتمع الدولى بمساعدة الحكومات الوطنية وشركائها على إجراء عمليات ختان للذكور فى الاماكن التى ينتشر فيها فيروس "إتش.آي.في" وتقل فيها معدلات الختان فى دول شرق وجنوب أفريقيا
".وأكدت دراسات أخرى على الأساليب الوقائية من المرض ومنها الفحص الطبي المتقدم، حيث توصل بحث جديد إلى أن مرضى الإيدز في الدول الفقيرة الذين يجري فحصهم بحثاً عن علامات على الضعف، مثل الحمى أو انخفاض الوزن يتاح لهم على الأرجح نفس معدل النجاة المتاح للمرضى الغربيين الذين يخضعون لاختبارات معملية مكلفة
.وأوضحت الدراسة أن مراقبة الأعراض لها تقريبا نفس فعالية التحاليل في المختبر بشأن تقرير متى يتم التحول من المستوى الأول للعلاج بالعقاقير الى المستوى الثاني إذا وجدت مقاومة.. وعادة ما يعول الأطباء في الدول الفقيرة، لاسيما في أفريقيا، على العلامات البدنية فقط لمتابعة تطور هذا المرض القاتل
.ويتعاطى نحو مليوني شخص في الدول النامية من المصابين بفيروس "اتش.اي. في" المسبب للإيدز عقاقير للإبقاء على الحياة، ويتسنى لقليلين منهم إجراء الاختبارات المكلفة لقياس معدلات مناعة الجسم بقياس كمية الفيروس في الدم، أو إحصاء عدد الخلايا المناعية المسماة "خلايا سي. دي4 تي"، وهي اختبارات قياسية في الدول الغنية
.