وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : وكالة تنا
الجمعة

٣ يوليو ٢٠٢٠

١:٤٧:٣٦ م
1052303

الامام الرضا (ع) عالم آل محمد وأديب الحوار والتسامح

علم الامام الرّضا كان موروثاً عن جدِّه المصطفى(ص)، هذا وقد أوصى أبوه الإمام الكاظم(ع) أخوته بأن يلتزموا بكلمته ويتّبعوه، فهو عالم آل محمد، ففي الرواية عن الإمام الكاظم(ع) أنّه كان يقول لبنيه: "هذا أخوكم عليّ بن موسى، عالمُ آل محمّد، فاسألوه عن أديانكم، واحفظوا ما يقول لكم،

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ الامام الرضا (ع) (الامام الثامن من ائمة اهل البيت عليهم السلام)، اجمع المحب والمخالف على علو شأنه ورفعة مرتبته، العلمية و تلك الارضية التي اوجدها الامام علي بن موسى الرضا (ع) للأمة عامة ولاتباع مدرسة اهل البيت عليهم السلام بصورة خاصة هي ارضية الحوار مع الآخر وقبول الآخر.

و نموذج واقعي وعلمي من هذه الحوارات، حوار مع المامون عندما سأل المأمون الإمام الرضا قائلا ً: يا ابن رسول الله ما معنى قول الله  عز وجل في الآية المباركه ) وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ( فلماذا يسأل موسى ربّهُ مع العلم أنّهُ يعلم لا تجوز رؤية الله تعالى .

فأجاب الإمام الرضا علیه السلام: إنَّ موسى علیه السلام يعلم أن الله أجلَّ من أنْ يُرى بالأبصار، ولكنه لمّا كلّمه الله تعالى وقرّبه وجعله كليمه، فأخبر قومه أن الله كلّمهُ فلم يصدّقهُ قومُه،    ( وقالوا لن نؤمنَ لك حتى نسمع كلامه كما سمعت ) فاختار موسى منهم سبعين رجلا ً، وخرج بهم إلى جبل طور سيناء، وطلب موسى من ربّه أن يكلّمهُ حتى يسمعونه فكلّمَهُ الله وسمعوا صوتاً من جميع الجهات. فقالوا لموسى « لن نؤمنَ لكَ حتى نرى الله جهرة ً » فمنعهم موسى علیه السلام من هذه المقولة، وأخبرهم أنَّ هذا الأمر مستحيل لأنّ الله تعالى ليس بجسم حتى تروه، ولكن قومه أصرّوا على طلبهم، وعند ذلك أوحى الله إلى موسى علیه السلام ( يا موسى سلني ما سألوك فلن اُواخذك بجهلهم)، فعند ذلك قال موسى لربّه بناء على أمره تعالى ( ربّ أرني أنظر اليكَ ) وبهذا الجواب من الإمام الرضا علیه السلام للمأمون وجلسائه رفع الإمام الشبهات والضلالات التي تدور بذهن المأمون وقومه الناتجة عن جهلهم بعصمة الأنبياء وأنهم لن يفعلوا إلا ما أمرهم الله تعالى بموجب الرسالة التي كلّفهم تبليغها.

ومن جملة حوارات في بيان فضل آل محمدٍ عليهم السلام. حينما عقد المأمون مجلساً، وسأل الإمام الرضا عن قول الله تعالى ( إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) فأجابهم الإمام علي بن موسى الرضا علیه السلام إن الرسول (ص) سئل هذا السؤال إذ قالوا يا رسول الله: عرفنا التسليم عليك فكيف نُصلّي عليك ؟.

فقال (ص): تقولون اللهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّكَ حميدٌ مجيد. ثم وجّه الإمام سؤالا ً إلى الحاضرين من العلماء في مجلس المأمون: هل بينكم في هذا من خلاف.  فقالوا: لا.

و هذه جانب من علوم مدرسة عالم ال محمد (س) و قبول الطرف الآخر والجلوس على بساط واحد  التي دارت رحاها عندما تصدى لولاية العهد كانت من الكثرة بمكان، الشيخ الطبرسي رضوان الله تعالى عليه اورد في كتابه «الاحتجاج» مجموعة من تلك الفصول الملحمية التي بنيت على اساس من تأصيل العقيدة ورد الدخيل، الامام الرضا (ع) في مجالس النقاش لا يدخل اليها من بوابة ارغام الطرف الآخر لقبول ما هو المطروح بقدر ما كان الامام الرضا (ع) يطمح في ان يكشف الحقيقة جلية واضحةً كالشمس في رابعة النهار والتي لا ينكرها اي انسان يرمى بطرفه الى السماء، من الطبيعي ان يتنكر البعض لبعض الحقائق الثابتة المستقرة والا لما دب الخلاف وتفشى النفاق في وسط الامة منذ العصور المتقدمة والازمنة البالية، الامام الرضا (ع) في الجانب الاول كان يتبسط للطرف الآخر، لا يوجد حواجز، بل يسعى لرفعها اذا ما كانت تفرض نفسها من قبيل كون الانسان الذي يشغل منصب رسمي يفرض عليه شيء من الاحساس بالرفعة، الامام كان يلغي هذا الحاجز، يتبسط لا يتحدث مع المحاور في الطرف الآخر على انه المسؤول وذلك هو التابع، وانما كان في مجال النقاش على بساط واحد.

و مما انشد  في مديح الامام الرضا (ع) قصيده الشيخ الفقيد الدكتور الوائلي في توسله با الامام الرضا (ع) و كان يطلب فيها الشفاء من مرضه ، فشفي من مرضه قبل أن يرسلها إلى مرقد الإمام ( عليه السلام ) في مشهد المقدسة :
 
سيدي يا أبا الجواد ويا بن .. الحبر موسى ويا مناط الرجاءا
 
يا مقيما بقلب كل محب .. رغم أن المدى بعيد نائي
يا بن بيت به مهابط جبريل .. ومحراب سيد الأنبياء
 
يا إماماً من الأئمة في عقد .. زهى في فرائد عصماء
 
حملتني الآمال نحوك أرجو .. أن تذاد الضراء بالسراء
والثرى إن ألحَّ جدب عليه .. وجَّه الوجه ضارعاً للسماء
 
سيدي إنني ابنك ولو أني .. لست أرقى لمستوى الانتماء
بيد أن الأبناء لن يعدموا .. العطف برغم العقوق للآباء
 
مد كفيك يا بن فاطم واسمح .. عنقي بالشفاء من شر داء
ولتكن هذه يد من أياد .. غمرتني بالفضل والآلاء
 
سيدي إنكم مزاج تلاقى .. عنده الأنبياء بالأوصياء
فتسامى الإبداع في نطفة .. أمشاج أهدت الكون أهل الكساء

قصيدة رائعة اخرى تحت عنوان "يا انيس النفوس" لخادم الحسين الشاعر الشيخ عبد الستار الكاظمي  في ذكرى ولادة الإمام الرضا المرتضى(ع):
 
طـفت أسعى فمـا وجدت أنيسـا غيرَكهف الورى عليّ بن موسى
تـَكتويـني في غربتي ذكريــات كانَ عودي في ظلـّهــا مغروســا
هكذا الشهـــد في ابتعــادي أراه علقـَمـــــا في مذاقتي مغموســـا
عن بلادي قطعت وهو امتدادي فاستـجدَّت رؤى ففاضت دروســا
جبت شرقا وطـفت غربا سحيقا  والتـَقـَيـت الرئيسَ والمرؤوســا
عَلـَّمَتني الأيــام غرا  وكهـــلا  والأماني سقيت منهـــا كؤوســــا
حيث خلت الأنامَ طيرا  وفيـّــا  أوغـرابــــا  يزوغ أوطاووســـــا
بينَ خلّ يسيـــر نحوي لأمـــر  أو صديـــــق  ألفتـه مأنوســــــا
وانتهى العمر بينَ وصل وقطع  فأراني تبسّـمــا  وعَبوســـــــا
كـدت أفنى لولا حبيــب أنيــس ذكره في الحياة يحيي النفوســا
فَهـْوَ من لـَهفـَة الغريـب قريـب بَلسَـــم من كلّ جـرح  يـوسى
فَغريـــب يلــوذ  منه غريـــب وَأنيس يضـمّ  منــه أنيســــــــا
فابن موسى يَمدّ  للنور نورا  ربَّ شمس تـنير منهـا شموســا

كاشف الهمّ خلت ما في هـَـواه كـلَّ هَــمّمنَفـَّـســـا  تـَنفيســـــا
عَرشـه كعبة الهوى في فؤادي قد أرى في طوافهــــا بلقيســـا
دَوح سَـيناه ذكـَّرَتـْني بنــور في تـَجـَلـّي النــداء أنْ ياموسى
جـَذوة النار قبَّة  قد تسـامَت فأضاءَت من جانب الطورطوســا
في سماء الهوى تـَراني رفيعا  في مكاني كما تَـرى إدريســــا
أوتـَراني كصاحب الحوت أسعى في طوافي مقـَدَّســا  تقديسـا
فيه أبرَأت أكمهـا  من عماه ثــمَّ أحيَيت مثلمــا كانَ عيسى
حبّـه  قد لـَمـَست فيه يقـيـني وبروحي عاهدتــه ملموســــا
ظـَنـَّني في انجذابـه رفـَقائي بعـدَ شـَطراختبارهم مَمسوســا
ربّ فاجعـَل كمايظـنونَ عزمي بالأمام الرضا لميسا  لـَميسـا
واجعَل الأمنَ في حياتي وَموتي لم يلابَس في الحالـَتين لـَبوسـا
ربّ هَب لي حظورَه عندَ مَوتي حَيث ألقــاه مؤنســا  وأنيســـا
فالرضا في الظلام بدر منيـــر يَنجلي في غد ينيـر الرموســـا
 
اعداد وتدوين
علي اكبر بامشاد
...........
انتهى/ 287