وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : khamenei.ir
الجمعة

٨ مايو ٢٠٢٠

١١:٠٥:٣٧ ص
1034725

ربيع القرآن

الدّرس القرآني الثالث عشر؛ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي

يخاطب الله عزّوجل رسوله في تلك المرحلة الصّعبة التي شهدتها مكّة قائلاً: يا رسول الله! قل لهم أنّني أسير على بصيرة من أمري. أي أنّ الرسول بصيرٌ في الخطوات التي يخطوها، وأتباع وأنصار ومدافعو فكر الرّسول على بصيرةٍ أيضاً. عندما تتوفّر البصيرة، تعجز ضبابيّة الفتنة عن إيقاع الإنسان في الخطأ. وعندما تنعدم البصيرة، قد يخطو الإنسان في المسار الخاطئ وإن كانت نيّته حسنة.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي خلال أيّام شهر رمضان المبارك بشكل يومي مجموعة من الدروس القرآنية للإمام الخامنئي التي فسّرها سماحته وشرحها ضمن خطاباته. وقد تمّ إعداد هذه الدّروس تحت عنوان "ربيع القرآن" بشكل تراتبيّ من الجزء الأوّل حتّى الجزء الثلاثين من القرآن الكريم حيث سوف يُنشر في كلّ يومٍ من أيّام الشهر الفضيل درسٌ من هذه الدروس على الموقع الرّسمي وحسابات شبكات التواصل الاجتماعي.

قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
سورة یوسف المباركة ﴿۱۰۸﴾

كلّ من لا يكون عمله نابعاً من البصيرة من العوام

فلتحدّدوا موقعكم من خلال النظر إلى مشهد مرحلة صدر الإسلام الذي سأوضحه. فالبعض يقفون مع العوام ولا قدرة لديهم على اتّخاذ القرارات. فيما يخصّ العوام فإنّ الأمر يرتبط بنصيبهم، فإن صادف وجودهم في مرحلة زمنيّة كان فيها أولياء كأمير المؤمنين (عليه السلام) والإمام الخميني الرّاحل (رضوان الله تعالى عليه) على رأس الأمور وساقوا المجتمع نحو الجنّة، فسوف يُساقون إلى الجنّة بفضل هؤلاء الصالحين. لكن لو لم يحالفهم الحظّ وكانوا في مرحلة زمنيّة تصدق هذه الآية في وصفها: «وجعلناهم أئمة یدعون إلی‌النارِ» (٣) أو «ألم ‌تر إلی ‌الذین بدّلوا نعمة الله کفراً وأحلّوا قومهم دار البوارِ جهنم یصلونها وبئس القرارِ» (٤) فسوف يُساقون إلى النّار. إذاً عليكم أن تتوخّوا الحذر وتجتنبوا الوقوف مع العوام.

وعدم الوقوف مع العوام لا يعني أن تسعوا خلف تحصيل الشهادات العلميّة الرفيعة؛ لا! قلت أنّ ما تعنيه كلمة ”العوام“ ليس هذا الأمر. فكم هناك من أشخاص حازوا شهادات علميّة رفيعة وشهادات دينيّة أيضاً؛ لكنّهم من العوام. وكم هناك من فقراء وأغنياء؛ لكنّهم من العوام. الوقوف مع العوام، بيدنا أنا وأنتم. أي أنّ كلّ ما نفعله يجب أن يكون نابعاً من البصيرة. وكلّ من لا يعمل عن بصيرة، من العوام. لذلك ترون أنّ القرآن يقول بشأن الرّسول الأكرم (ص): «اَدْعُوا اِلَی ‌اللَّهِ عَلی بَصِیرَةٍ اَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي». إذاً عليكم أوّلاً أن تحدّدوا إن كنتم من العوام أم لا. فإذا كنتم منهم، عليكم أن تخرجوا أنفسكم من تلك المجموعة بسرعة. حاولوا اكتساب القدرة على التحليل؛ وشخّصوا الأمور وحصّلوا المعرفة.(٥)

البصيرة تعني أن تحدّدوا ما تريدون!

تأكيدي طوال السنوات الماضية على البصيرة مردّه أن الشعب إذا كان صاحب بصيرة، والشباب في البلاد إذا كانوا أصحاب بصيرة ويتحركون بوعي ويسيرون بوعي فسوف تكِلُّ جميع سيوف الأعداء أمامهم. هذه هي البصيرة. إذا توفرت البصيرة لن تستطيع ضبابيّة الفتنة تضليلهم وإيقاعهم في الخطأ. وإذا لم تتوفر البصيرة فقد يسير الإنسان في الطريق الخطأ حتى لو كانت نيّته حسنة. إذا لم تكونوا على معرفة بالطريق في جبهات الحرب، وإذا لم تكونوا ممن يجيدون قراءة الخرائط، وإذا لم تكن لديكم بوصلة، قد تنظرون فجأة وإذا بكم محاصرين من قبل الأعداء، لأنكم سرتم في الطريق الخطأ واستطاع العدو السيطرة عليكم. هذه البوصلات هي البصيرة.

في الحياة الاجتماعية المعقدة اليوم، لا يمكن السير من دون بصيرة. على الشباب أن يفكروا ويتأملوا ويرفعوا من مستوى بصيرتهم. الأساتذة في الجامعات والحوزات، عليهم الاهتمام بمسألة البصيرة. البصيرة في الهدف، والبصيرة في الوسيلة، والبصيرة في معرفة العدو، والبصيرة في معرفة عقبات الطريق، والبصيرة في معرفة سبل التغلب على هذه العقبات ورفع الموانع. هذه البصائر كلها ضرورية. إذا توفرت البصيرة عندها ستعلمون من هو عدوكم و تأخذون معكم الأدوات والوسائل اللازمة.(٦)

ظروف اليوم هي ظروف بدر وخيبر!

في صدر الإسلام، بدا للاعداء ذات يوم أنّهم يستطيعون القضاء على المسلمين من خلال الحصار الاقتصادي الذي فرضوه عليهم في شعب أبي طالب، إلا أنّهم لم يتمكنوا من ذلك. فهؤلاء المفضوحون المخطئون في حساباتهم يظنّون أننا نعيش اليوم في ظروف شعب أبي طالب. ولكن الحال ليس كذلك؛ فنحن اليوم لسنا في ظروف شعب أبي طالب، وإنّما في ظروف بدر وخيبر.

ونحن في ظروف رأی فيها شعبنا معالم النصر بعينه، وهو على مقربة منها؛ وأنّه حقّق النصر في حقبات عديدة بعزّة وشموخ. فهل يخيفون شعبنا اليوم بالحصار الاقتصادي؟ وهل يريدون بهذه التصريحات وبهذه المكائد إخراج شعبنا من الساحة؟ وهل مثل هذا ممكن؟ أيريدون اليوم زعزعة إرادة المسؤولين؟ «قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ ومَنِ اتَّبَعَنِي»؛ هذا الطريق اختير عن وعي وبصيرة، وهذا الطريق فتح بالجهاد، وهذا الطريق عُبّد بدماء الأغلى والأعزّ من أبناء هذا البلد. وقد انتهجنا هذا الطريق، وبلغنا فيه القمم.

(...) إن إرادة المسؤولين ستبقى راسخة على الاستمرار في السّير على نهج الإسلام ـ الذي هو المسار الإلهي، وطريق الدين، ودرب السعادة في الدنيا والآخرة ـ و سيبقى شعبنا -اليوم وغداً- الركيزة الثابتة لهذه الحركة الكبرى.(۷)

الهوامش:
1)    سورة يوسف؛ الآية ١٠٨
2)    كلمته في لقاء عام مع أهالي شالوس ونوشهر ٧/١٠/٢٠٠٩
3)    سورة القصص؛ الآية ٤١
4)    سورة إبراهيم؛ الآيتين ٢٨ و٢٩
5)    كلمته في لقاء مع قادة فيلق محمد رسول الله (ص) ٩/٦/١٩٩٦
6)    كلمته في لقاء عام مع أهالي شالوس ونوشهر ٧/١٠/٢٠٠٩
7)    كلمته في لقاء عام مع أهالي مدينة قم بمناسبة ذكرى انتفاضة ١٩ دي ٩/١/٢٠١٢
.......
انتهى/ 278