وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ قد يستغرب المرأ عندما يسمع بـ "علم المستقبل" وكيف يمكن أن نضيف " العلم " لـ "المستقبل"، فهل يمكن للإنسان – مهما بلغ من العلم – أن يعلم بمستقبل فرد، أو أمة ؟
الإجابة على ذلك : إنني وبحسب مطالعاتي لتاريخ الأمم والحضارات ودراساتي القرآنية والحديثية وقرآتي للعلوم الإجتماعية اجد أنّ لـ "علم المستقبل" كينونة مستقلة ونتائج قطعية، وهو من أهم وأرقى العلوم الإجتماعية على الإطلاق، ونتائج عن المستقبل هي حصيلة قراءات وتحليلات عميقة ودرسات لتاريخ وحضارات دول، بل يمكن اقتناص بعضا من قواعده ومعادلاته من السنن الإجتماعية في القرآن الكريم وكلام وحكم المعصومين عليهم الصلاة والسلام.
وعند الحديث عن علم المستقبل لا نقصد به علم الغيب الإلهي، أو الإخبارات الصادرة عن طريق الوحي، فإنّها من علم الله تعالى، يفيض بها على رسله وأوليائه، مع العلم أنّ بعض إخبارات النبي (ص) وأهل بيته عليهم السلام ، هي من هذا العلم، وهم من يمتلك هذا العلم .
ونشير هنا إلى أنّ علم المستقبل لا يمتلكه إلاّ من كان له حظ عظيم من الصبر والعلم والتجارب والبصيرة النافذة، أو نقول : هو عمل مؤسساتي، أو عمل رجل بحجم مؤسسات في إدراكه وقراءته ومطالعاته وتحليلاته وإلمامه بتاريخ واحداث الأمم الماضية ، وصاحب بصيرة بزمانه.
وإذا نظر الإنسان المتتبع لسماحة الإمام السيد علي الخامنئي - دام ظله – يجد أنّه من الشخصيات النادرة التي لديها ملكة هذا العلم، وذلك لمعرفته بتاريخ وتجارب الأمم، وما يمتلكه من بصيرة نافذة وقدرات علمية وفكرية شاملة، فقد أخبر سماحته وقطع بكثير من الأمور والأحداث المستقبيلة، أصبحت معلومة عند كل منصف، والشواهد كثيرة، منها :
1 – تحول الثورة الإسلامية من حالة الدفاع إلى حالة القوة والهجوم، وذلك قبل ٣٤ سنة .
2 – نتيجة حرب الخليج الفارسي الثانية .
3 – تحرير الجنوب اللبناني.
4 – حرب تموز وانتصار حزب الله.
5 – انتصار محور المقاومة الاسلامية في سوريا.
وكان ذلك في بداية الأحداث - عام ٢٠١١ - ، حيث قال أمام بعض القيادات الاسلامية :
" إنّ الهدف من الربيع السوري هو إسقاط الدولة، ومن ثم القضاء على محور المقاومة الاسلامية من فلسطين إلى طهران، وبالتالي يجب أن نمنع سقوط الدولة السورية، وجزم حينها بأن محور المقاومة منتصر لا محالة " .
6 – هزيمة وتمريغ أنف السعودية في اليمن" 9 نيسان 2015م " .
وأما الإستشرافات القطعية لنهاية رأس الرأسمالية الإمبريالية الغربية ..أمريكا ، وزوال الكيان الصهيوني قريبا ، فيمكن لأي متتبع أن يلاحظ : هذا المعنى في الكلمات والمواقف الكثيرة الصادرة عن سماحته – دام ظله – وما زال يردد ويؤكد – بضرس قاطع – أنّ هذا سيكون في القريب العاجل .
وهذا وفق علم الإجتماع، والسنن الإجتماعية القرآنية شاهدة، أنّ لكل أمة أجل كالانسان، ولكل حضارة أفول، ولبقاء الأمم وإستمرارها، قواعد وحساب.
والمتتبع في أوضاع الغرب الاجتماعية - وخصوصاً التجربة الرأسمالية الليبرالية الغربية الأمريكية، - وهي رأسمالية بحتة بعيدة عن أي لوثة اشتراكية كما هو الحال في فرنسا وبريطانيا وغيرهما - يلمس الخلل في البنية الاجتماعية، ووصول هذا المجتمع إلى حد الشيخوخة المتقدمة، وكورونا لم تؤسس له بل كشفته.
إن ما يقوم به الساسة الغربيون وعقولهم الفكرية في مراكز دراساتهم الاستراتيجية، هو تأخير لهذا السقوط بإعطاء منشطات وجرعات منعشة – بائسة - لن يكون لها أي جدوى : " لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ "
وهنا نتذكر كلام "الإمام الخامنئي " عندما قال مؤخراً :
" مثل أمريكا مثل الباخرة العملاقة التايتانيك لم تمنع جدرانها العالية وجمالها وزخرفتها من غرقها ".
وهذا يساوق ما أخبر به الإمام الخميني "رحمه الله " عن إنيهار الشيوعية في الاتحاد السوفيتي – وذلك عندما اخبرهم مع الوفد الذي أرسله إلى مسكو، فدعاهم إلى الخروج من شرك الشيوعية؛ لأنّ سقوطها بات وشيكاً، وحذرهم من الوقوع في الأسوأ، وهي الرأسمالية، وطلب منهم: الإنفتاح على الكون وسعته والتدبر في آفاقه ومعرفة الله وآياته والإيمان به – وتحققت نبؤته وسقطت الشيوعية كما أخبر رحمه الله .
خاتمة
إن ما أخبر عنه سماحة الإمام الخامنئ حفظه الله تعالى قد تحقق، وسنشاهد قريبا إنهيار الإمبراطورية الإستكبارية، وحينها سيفرح المستضعفون والمظلومون والمحرمون والكادحون .
فهل سيكفينا كورونا القتال ؟ وهل ثمة من حرب بين الإشتراكية والرأسمالية من أجل الهيمنة، وتكون القشة التي تنهي فرعون العصر؟!.
نسأل الله العلي القدير الخلاص من هيمنة المستكبرين، ونصرة المستضعفين ويومها يفرح المؤمنون المسلمون وكل الاحرار، ونصلي في القدس للسلام والعدالة والحرية .
بقلم : سماحة الشيخ اسد محمد قصير
..................
انتهى / 232