وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : الاجتهاد
الثلاثاء

٢٨ يناير ٢٠٢٠

١١:٠٧:٥٧ ص
1006128

التعریف بکتاب فقه المقاومة؛ دراسة فقهية مقارنة للشيخ محمد مهدي الآصفي

المقاومة، مسألة معروفة وبارزة في الفقه الإسلامي، تحت عنوان (الدفاع) في مقابل (الجهاد)، وهما بابان معروفان في الفقه الإسلامي لدى كل المذاهب الإسلامية.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ بين يديكم رسالة موجزة في حقل مهم وهو ثقافة المقاومة وفقهها في الإسلام، تتولى دراسة المباني والأدلة الفقهية للمقاومة بشكل موجز في ثلاثة فصول: 1. المقاومة الفردية: اتجاه العدوان الذي يداهم الفرد على نفسه أو أهله وعرضه أو أمواله، وهو باب (الدفاع الشرعي) أو (الصيال). 2. المقاومة الاجتماعية: تجاه الحاكم الظالم، المفسد، المستبد. 3. المقاومة الجمعية: تجاه الاحتلال والنفوذ الأجنبي الكافر على بلاد المسلمين.

تبعات التزاوج المشؤوم بين أنظمة الاستبداد السياسي في العالم الإسلامي وانظمة الاستكبار العالمي في الغرب هو الإفلاس الاقتصادي، والتبعية السياسية والاقتصادية والعسكرية، والعجز العلمي والأكاديمي في كثير من أقاليم العالم الإسلامي، وإلغاء إرادة الناس في مصيرهم السياسي، واحتشاد السجون بالشباب، والتصفيات الجسدية التي شملت الكثير من أبناء هذه الأمة، واليتم والثكل، والجهل، والأمية، والفقر، والعجز الاقتصادي، والتخلف الثقافي والعلمي.

فلمواجهة هذه الحالات المؤسفة لابد من المقاومة و (وعي المقاومة) و(التحضر والإعداد للمقاومة) ونشر (ثقافة المقاومة)، و(فقه المقاومة)، والمقاومة الإيجابية والمقاومة السلبية والمقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة، فهي الأداة المفضلة التي لا نملك غيرها في مواجهة الاستبداد السياسي من الداخل، والاحتلال العسكري والنفوذ السياسي من الخارج.

يقول المؤلف في مقدمة كتابه:

والمقاومة جزء لا يتجزأ من الفقه الإسلامي ومن تاريخنا السياسي والحركي والثقافي. ولكي نعد أنفسنا لمواجهة هذا الزواج المشؤوم بين الاستبداد السياسي والنفوذ والاحتلال القادم إلينا من ناحية أنظمة الاستكبار العالمي لابد من نشر ثقافة المقاومة.

يتكون الكتاب من ثلاثة فصول:

1. المقاومة الفردية: اتجاه العدوان الذي يداهم الفرد على نفسه أو أهله وعرضه أو أمواله، وهو باب (الدفاع الشرعي) أو (الصيال).

2. المقاومة الاجتماعية: تجاه الحاكم الظالم، المفسد، المستبد.

3. المقاومة الجمعية: تجاه الاحتلال والنفوذ الأجنبي الكافر على بلاد المسلمين.

يذكر في هذه الفصول الثلاثة من المقاومة بعض الأدلة والمباني الفقهية بصورة موجزة.

أشار الآصفي في مبحث المقاومة الفردية، الدفاع الشرعي الذي تشمتل على كلمات الفقهاء وتعريف المفاهيم مثل (العدوان و الدفاع) وأحكام التكليفية والوضعية المترتبة علي العدوان و الدفاع و بعض النصوص أيضا.

مبحث المقاومة الحكومات الظلمة يشتمل علي فقه المقاومة و بيان وجوب جهاد الطاغوت في القرآن و الأحاديث و سيرة و … . يشار في هذا المبحث هكذا بيان فقه المعايشة للظالم و أدلتها و مناقشة تلك الأدلة.

و يضيف في آخر كتابه مبحث مقاومة الإحتلال الذي يذكر فيه فقه المقاومة الدولة و أقسام المقاومة و المباني الفقهية لها.

مقدمة المؤلف:

لعل واحدة من أبرز سمات عصرنا في أقاليم العالم الإسلامي المقاومة السياسية والإعلامية والمسلحة.
فقد امتحن العالم الإسلامي في هذا العصر – بشكل خاص – بنوعين من الظلم والاضطهاد السياسي والأمني والاقتصادي من قبل الحكام الظلمة، والاحتلال الأجنبي الكافر.

فقد استولى على الحكم أحزاب وحکام ظالمون بالآليات العسكرية غير المشروعة، أو بالوراثة غير الشرعية، التي أدرجت في نصوص دستور جملة من الأقاليم الإسلامية، أو بغير ذلك من الآليات والوسائل غير الشرعية للوصول الى الحكم والبقاء في مواقع القرار، وبدعم من أنظمة الاستكبار العالمي في الغرب والشرق..

وقد عمد هؤلاء الحكام الى فرض نفوذهم بالجيش وشبكات الأمن والاستخبارات، واستخدام العنف والإرهاب، والمطاردة والتصفيات الجسدية الواسعة، كما حدث في العراق قبل سقوط نظام البعث وسقوط صدام، و كما حدث في إيران قبل سقوط نظام بهلوي.. وقس غيرهما من أقاليم العالم الإسلامي عليهما، ولا عليك من حرج في هذا القياس، إلا مواضع الاستثناء وهي قليلة.

والنوع الآخر من المظالم جاءنا من ناحية الاحتلال. وقد استعادت امریکا نظام الاحتلال العسكري الذي كاد أن ينتهي في العالم… من جديد في العراق وفي أفغانستان، بعد حوادث اكتوبر المعروفة.. وقد يكون ضرب البرجين التوأمين في نيويورك مقدمة للإعداد للاحتلال العسكري للعراق وأفغانستان، والأقطار الأخرى المرشحة للاحتلال من العالم الإسلامي السودان والصومال وليبيا وباكستان.

وإذا كان من عزم الأمريكان إخلاء المدن والطرق العامة في العراق من عربات الجيش الأمريكي.. فليس في نيتهم بالتأكيد، إخلاء العراق من السيادة الأمريكية، وإعادة العراق الى أهله، يقررون مصيرهم السياسي بأنفسهم.

وإذا حدث في العراق شيء من هذا القبيل، فلأن الإدارة الأمريكية عجزت عن مقاومة إرادة الشعب المسلم في العراق ومرجعيتها الدينية.

ولو كان في نية الأمريكان إخلاء العراق بإرادتهم من السيادة الأمريكية لم يقدم الأمريكان ما يقرب من خمسة آلاف قتيل من جنودهم على أرض العراق، ولم يبذلوا المليارات من الخزينة الأمريكية في العراق.

إن في نية الأمريكان حقا إخلاء المدن والطرق العامة من قواتهم لكيلا يدفعوا ثمن الحضور العسكري بهذه الصورة من جنودهم وأموالهم.

ولكنهم يعملون لتحويل السيادة والحضور العسكري الى حضور سیاسي وإداري في مواقع القرار، وفي الأسواق التجارية وعند آبار النفط، وفي المواقع العسكرية. والأمر كذلك في أفغانستان مع بعض الاختلاف.

وبين الحكام الظلمة الذين يحكمون أقاليم العالم الإسلامي بالعنف والإرهاب والاستبداد السياسي وبين أنظمة الاستكبار العالمي، وفي مقدمتها امریکا… بينهما علاقة وشيجة.

وبموجب هذه العلاقة يقوم أولئك الحكام بالنيابة عن أنظمة الاستكبار العالمي بدعم الحضور الاستكباري السياسي والاقتصادي والإداري في العالم الإسلامي، في مقابل إسناد عروشهم ونفوذهم في هذه الأقاليم

ولا تجري هذه النيابة في خفاء ومن وراء الستار، كما كان يجري ذلك سابقا فها هو حاكم مصر، يغلق مدخل رفح علی امداد غزة بالدواء والغذاء والطب، والسلاح للدفاع عن أنفسهم بالنيابة عن إسرائيل وأمريكا.|

وفي مقابل هذه الخدمة تدعم إسرائيل وأمريكا بقاء أولئك الحكام على مواقع القرار والحكم في بلادهم، رغم كل مظاهر العجز السياسي والاقتصادي والإداري والعلمي الذي يعانون منه.

وهذا الذي تحدثنا عنه في العراق وإيران، (قبل سقوط نظام الشاه)، وفي أفغانستان، وفي مصر يجري في كثير من أقاليم العالم الإسلامي، علانية وجهارة.

وتبعات هذا التزاوج المشؤوم بين أنظمة الاستبداد السياسي في العالم الإسلامي وانظمة الاستكبار العالمي في الغرب هو الإفلاس الاقتصادي، والتبعية السياسية والاقتصادية والعسكرية، والعجز العلمي والأكاديمي في كثير من أقاليم العالم الإسلامي، وإلغاء إرادة الناس في مصيرهم السياسي، واحتشاد السجون بالشباب، والتصفيات الجسدية التي شملت الكثير من أبناء هذه الأمة، واليتم والثكل، والجهل، والأمية، والفقر، والعجز الاقتصادي، والتخلف الثقافي والعلمي، وما لا أستطيع إحصاءه في هذه العجالة من مشاهد التخلف والفقر والظلم في العالم الإسلامي

ولمواجهة هذه الحالة المؤسفة من الظلم والاستبداد السياسي ونفوذ الأجنبي الكافر في بلاد المسلمين، والعلاقة المشؤومة التي تجمع بين أولئك الحكام الظلمة وقادة الاستكبار العالمي أقول لمواجهة هذه الحالات المؤسفة لابد من المقاومة و (وعي المقاومة) و(التحضر والإعداد للمقاومة) ونشر ثقافة المقاومة)، و(فقه المقاومة)، والمقاومة الإيجابية والمقاومة السلبية والمقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة، فهي الأداة المفضلة التي لا نملك غيرها في مواجهة الاستبداد السياسي من الداخل، والاحتلال العسكري والنفوذ السياسي من الخارج.

والمقاومة جزء لا يتجزأ من الفقه الإسلامي ومن تاريخنا السياسي والحركي والثقافي.
ولكي نعد أنفسنا لمواجهة هذا الزواج المشؤوم بين الاستبداد السياسي والنفوذ والاحتلال القادم إلينا من ناحية أنظمة الاستكبار العالمي لابد من نشر ثقافة المقاومة.

وقد ثبت بالدليل الواضح والعيان كفاءة هذه الآلية الصعبة، أعني (المقاومة في إسقاط أعتى الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة، في إيران من قبضة حكم آل بهلوي، وفي تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، وفي حرب تموز التي أجهضت فيه المقاومة الإسلامية في لبنان (حزب الله الإرادة والآليات العسكرية الإسرائيلية رغم كل الجهود التي بذلتها أمريكا وحلفاؤها في الغرب لتخرج إسرائيل من هذه المعركة بأقل حد ممكن من الهيبة العسكرية، وأثبتت (المقاومة كفاءتها في فلسطين تجاه إسرائيل، سواء من قبل الانتفاضة الفلسطينية التي كانت تتسلح بأحجار الأرصفة في مواجهة المدرعات الإسرائيلية، أو في مقاومة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة، وفي تحرير العراق من قبضة حزب البعث وأزلام صدام.

وندع الآن جانبا مناقشة أولئك السُذّج الذين يأخذون وعيهم السياسي من الصحف والفضائيات، ويتصورون أن أمريكا، وليس الشارع العراقي، هي التي أسقطت نظام الطاغية في العراق.

فإن العكس هو الصحيح. فقد جمع الشعب العراقي أمره على إسقاط نظام الطاغية في الانتفاضة الشعبانية، فحالت أمريكا وبعض دول الجوار دون ذلك، رغم أنها كانت متضررة من قبل نظام صدام في ذلك الوقت أبلغ الضرر.

كما أثبتت المقاومة من قبل كفاءتها في دحر (الاتحاد السوفيتي) عن أفغانستان، وفي دحر الاحتلال الفرنسي عن الجزائر.. إلى غير ذلك من مشاهد انتصار المقاومة على الاستبداد السياسي، والظلم، والإرهاب الدولي، والاحتلال، ونفوذ أنظمة الاستكبار العالمي في الغرب والشرق. وما لا تقوى عليه الجيوش المدججة بالسلاح تقوی عليه ( المقاومة).
والمقاومة جزء لا يتجزأ من ديننا وفقهنا وتراثنا وقيمنا وتاريخنا السياسي والحركي المعاصر.

ولكي نستعيد منهج المقاومة في حياتنا السياسية والحركية المعاصرة، لابد لنا من نشر ثقافة المقاومة وفقه المقاومة، بين المسلمين وأجد من الضروري أن أشير قبل أن أختم هذه المقدمة: أننا نرفض، بشكل قاطع وواضح، أن تكون الأعمال الإرهابية التي تمارسها الفئات التكفيرية المتطرفة من القتل والذبح والتفجير للرجال والنساء والشيوخ والأطفال الأبرياء من المقاومة والدفاع في شيء.

وأعتقد أن هؤلاء – بشكل أو آخر – وقعوا في شراك أجهزة المخابرات الاستكبارية في الغرب، حتى لو كانوا لا يقصدون ذلك.
كما أن من الضروري الإشارة إلى أن الصورة الناعمة الرقيقة التي يقدمها الكتاب والمفكرون المهزومون نفسية تجاه الغرب ليس من الإسلام في شيء.

ففي الإسلام تسامح ورقة ومحبة و عاطفة، لا شك في ذلك، وفيه قوة واستحکام و تجاوز للعاطفة، عندما تقتضى المصلحة الاجتماعية ذلك، لا شك في ذلك أيضا.

إن الإسلام دین رحمة وحكمة من رب العالمين، ومن الحكمة القوة.. ولابد لنا أن نحافظ على مقومات هذا الدين، كما أنزله الله تعالی علی رسوله من دون تنازل وتردد.

وإنه ليؤسفنا أن نجد بعض المهزومين نفسية تجاه الثقافة والحضارة الغربية يقدمون للإسلام صورة ناقصة، ضعيفة.. إن الإسلام كل لا يتجزأ، فأما أن نقدم الإسلام للناس، كما أنزله الله تعالى، وأما أن نترك التعريف بالإسلام لمن يجرؤ على ذلك، ويملك الشجاعة الأدبية الكافية لهذا التقديم.

وبين يدي القارئ رسالة موجزة في هذا الحقل المهم حول ثقافة المقاومة وفقهها في الإسلام، تتولى دراسة المباني والأدلة الفقهية للمقاومة بشكل موجز.. إن شاء الله.

والمقاومة، مسألة معروفة وبارزة في الفقه الإسلامي، تحت عنوان (الدفاع) في مقابل (الجهاد)، وهما بابان معروفان في الفقه الإسلامي لدى كل المذاهب الإسلامية… .

وكنت قد أعددت القسم الثاني منه وهو المقاومة تجاه أنظمة الاستبداد السياسي في العالم الإسلامي لمجلة (الحياة الطيبة) سابقة.

فأضفت إليه فصلين جديدين، هما الفصل الأول من الكتاب وهو (المقاومة الفردية تجاه العدوان على النفوس والأعراض والأموال، والفصل الثالث، وهو المقاومة الاجتماعية تجاه الاحتلال. وبذلك اكتملت فصول الكتاب الثلاثة بهذه الصورة التي يجدها القارئ أمامه.

أسأل الله تعالى أن يجعل لهذا الجهد المتواضع أثرا في تثقيف شباب المسلمين بثقافة المقاومة والحمد لله رب العالمين.

محمد مهدي الآصفي؛ النجف الاشرف
.......
انتهى/ 278