وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : الاجتهاد
الأحد

١٢ يناير ٢٠٢٠

٣:٢٧:٢٤ م
1001696

آية اللّه السيّد محمد المحقق الداماد “طاب ثراه” حياته وسيرته

ولد آية اللّه العظمى الحاج السيد محمد المحقق الداماد حوالي العام ١٣٢٣هـ في منطقة أحمدآباد في مدينة أردكان التابعة لمحافظة يزد الإيرانية من أسرة دينية زاهدة.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـــ ابنا ـــ يعتبر المرحوم آية اللّه العظمى الحاج السيد محمد المحقق الداماد المتوفى عام ١٣٤٨ هـ ش (١٩٦٨. م) إحدى الشخصيات المرموقة في مدرسة قم و من المروّجين لها، و قد تحمّل اعباء جبارة فى تشييد صرحها، لا بل يمكن القول انّ الشيخ المؤسس الراحل كان ينظر اليه باعتباره الاجدر من بين الحلقة المحيطة به لمواصلة مسيرته العلمية.

وعلي الرغم من أن سماحته لم يخلف كتابا معينا؛ الّا انّ تقريرات دروسه المنشورة بجهود تلامذته جاءت لتشهد علي اسلوبه العلمي الرفيع، و تخلّد ذكراه العطرة، حيث الدقة المتناهية والفكر الصائب في عرض المباحث الاصولية المهمة، حيث انّه (رحمه اللّه) لم يترك مسألة علمية إلا وأعطاها من البحث ما تستحق و ذلك لدقّة المعهودة النابعة من حسّ متوقد، و أفق واسع، و لم يكن لاجتماع آراء عدد من العلماء حول مسألة معينة اي تاثير عليه ليتبنّى تلك المسألة كبديهية مسلّم بها،

فقد كان أحيانا ينبري لنقد آراء الأصوليين بشجاعة علمية منقطعة النظير، تعتمد الاستدلال المحكم، والحجّة القوية، مانحة ايّاه شرف السبق علي الآخرين في هذا المجال، و في الوقت ذاته ميزة التجدّد و الابتكار، كما سيقف الباحثون علي هذه المسألة بأنفسهم خلال هذه المباحث، آملين ان يزيد نشر هذه التقريرات نبراس البحث و التمحيص لعلم أصول الفقه نورا و ألقا، و التى طالما ترقبتها المحافل العلمية بشوق و لهفة.

المحقق الداماد

ولد آية اللّه العظمى الحاج السيد محمد المحقق الداماد حوالي العام ١٣٢٣هـ في منطقة أحمدآباد في مدينة أردكان التابعة لمحافظة يزد الإيرانية من أسرة دينية زاهدة.

وقد رحل والده الزاهد العابد (رحمه اللّه) قبل أن تقع عين وليده عليه، و ذلك عند ما كان في طريقه إلى زيارة العتبات المقدسة في العراق راجلا، حيث لم يعد من رحلته تلك، و ضاع أي أثر له، ولم يعرف متى و في أي بقعة قضى.

وترعرع الوليد في حجر والدته السيدة المتدينة الورعة، و شبّ في كنفها، لكن يد المنون لم تمهلها فامتدت إليها أيضا لتفجعه بها، ولتلقى هاتان المصيبتان بظلال ثقيلة علي روح هذا الطفل العظيمة الذي قرّر مواصلة طريق والده الفقيد و الشروع بدراسة العلوم الإسلامية في مسقط رأسه،

وبعد مضيّ ٣ أعوام شعر بضرورة الانتقال إلى وسط علمي أوسع إذا أراد مواصلة الدراسة وتنمية قدراته ومواهبه الذاتية، و من هنا اختار مدينة يزد القريبة من مسقط رأسه، و انخرط في المدرسة العلمية الدينية (الحوزة) في هذه المدينة ليتابع ما بدأه من قبل، وفي فترة قصيرة أظهر نبوغا غير عاديا، حيث ارتقى السلّم العلمي و حصل علي أعلى المراتب خلال ٩ سنوات قضاها في الدراسة و التدريس و العمل.

الهجرة إلى قم

حوزة قم منذ تأسيسها علي يد المرحوم آية اللّه العظمى الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي، استقطبت الحوزة الدينية في اهتمام العلماء و طلاب العلم والفضيلة، وفي فترة قصيرة شدّ إليها الرحال الأساتذة و الطلبة علي السواء، حتى أصبحت كعبة العلم و العلماء، و كان المترجم له ضمن قافلة الطائفين حولها، الذين لهفوا قلوبهم اليها، ليصبح بعد إتمامه لدراسته أحد النجوم الساطعة التى تنير سماء الفقه و الفضيلة في الحوزة الدينية في قم.

لقد افتتح أستاذنا الجليل مرحلة جديدة في حياته العلمية في قم مع بلوغه الى ١٨ ربيعا، و ذلك ضمن حضوره دروس اساتذة الحوزة الفطاحل آنذاك من أمثال: المرحوم مير سيد علي الكاشاني، المرحوم السيد محمد تقي الخوانساري، المرحوم ميرزا محمد الهمدانى، المرحوم الحاج الشيخ محمود الأردكاني، المرحوم السيد محمد الحجت و أخيرا المرحوم الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري.

أظهر الأستاذ المرحوم اهتماما خاصا لحضور دروس المرحوم الشيخ عبد الكريم الحائري، حيث تابع بحوثه في الفقه و الأصول حتى انتقل الشيخ إلى رحاب اللّه.

و فى المقابل، أولى الشيخ المرحوم تلميذه المتميّز رعاية استثنائية، مودعا ايّاه كل ثقته فى الاخذ بيد الحوزة العلمية إلى مستقبل مشرق. و هنا ينقل الشيخ الحاج مرتضى الحائري عن والده «طاب ثراه» انه قلّما رأي طالب علم فطن ومحب للحقيقة كالسيّد محمد. هذا، وقد كان من ثمار هذه الرعاية الخاصة مصاهرة سماحته للأستاذ الأعظم، ومن هنا لقب بـ”داماد” أي الصهر.

كوكب متلألئ في سماء الفقه
بعد أن ارتحل آية اللّه الحائري إلى جوار ربه، وسّع السيد داماد من حلقة دروسه و أصبح محط انظار الجميع، و عجّ درسه بعد فترة وجيزة بأساتذة الحوزة الدينية.

انهمك استاذنا لسنوات طويلة بالقاء المحاضرات في الحوزة الدينية للمرحلة المتوسطة (السطوح)، و كان المستوي العلمي لهذه المحاضرات يوازي مستوي دروس المرحلة العليا بحسب بعض العلماء، و في هذا الصدد يقول المرحوم آية اللّه الشيخ مرتضى الحائري، لقد درست كتاب الكفاية عنده، و كان لتلك الدروس الاثر الكبير في تشكيل تركيبة التفكير الأصولي لدي.

وقد اضاء آية اللّه داماد سماء الحوزة العلمية في قم لفترة طويلة لينير قلوب المئات من طلاب العلم و الفضيلة.

بالإضافة إلى أيام الدراسة، كان الأستاذ يواصل القاء محاضراته أيام العطل كذلك، ويقضي ساعاته في التدريس والمطالعة والبحث، وعلي الرغم من جدارته في تقلّد اعلى المناصب في الحوزة العلمية، إلّا أن التدريس و البحث كانا يحظيان بمكانة خاصة لديه، بحيث عزف عن قبول أي مسئولية أو التظاهر بها.

ويكفيه علوا وشأنا أن السواد الأعظم من صفوة المدرسين و العلماء في الحوزة العلمية كانوا يفخرون بالتّلمذ علي يده، و يعتبرون ذلك و سام شرف لهم، و من هؤلاء نذكر:

بعض تلامذة الأستاذ:

١. آية اللّه العظمى الشيخ حسين علي المنتظري.

٢. آية اللّه العظمى السيد موسى الشبيري الزنجانى.

٣. آية اللّه العظمى السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلى.

٤. آية اللّه الشهيد الشيخ مرتضى المطهري.

٥. آية اللّه الشهيد السيد محمد البهشتي.

٦. آية اللّه العظمى ناصر مكارم الشيرازي.

٧. آية اللّه الشيخ عبد اللّه جوادي الآملي.

٨. آية اللّه السيد جلال الدين الطاهري الاصفهاني.

٩. آية اللّه الإمام موسى الصدر (الزعيم المفقود للشيعة في لبنان).

١٠. آية اللّه المرحوم آذري القمي.

١١. آية اللّه ميرزا علي المشكيني.

١٢. آية اللّه المرحوم السيد مهدي الروحاني.

١٣. آية اللّه المرحوم ميرزا علي احمدي الميانجي.

١٤. آية اللّه الشهيد الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي.

١٥. آية اللّه الشهيد الدكتور محمد المفتح.

١٦. آية اللّه العظمى الشيخ حسين النوري الهمداني.

١٧. آية اللّه السيد أبو الفضل المير محمدي.

١٨. آية اللّه السيد فخر الدين الطاهري الشيرازي.

١٩. آية اللّه المرحوم السيد محمد علي الموحد الأبطحي.

٢٠. آية اللّه السيد محمد مفتي الشيعة الموسوي.

٢١. آية اللّه المرحوم الشيخ عباس الايزدي النجفآبادي.

٢٢. آية اللّه السيد محمد ابطحى الكاشاني.

٢٣. الآيتان الأخوان المرعشي.

٢٤. آية اللّه الشهيد الشيخ علي القدوسي.

٢٥. آية اللّه المرحوم الشيخ محمد تقى الستوده.

٢٦. آية اللّه السيد محمد حسن المرتضوي اللنگرودي.

٢٧. آية اللّه الشيخ حسين المظاهري الاصفهاني.

٢٨. آية اللّه الشيخ محمد المؤمن القمي.

٢٩. آية اللّه المرحوم السيد اسماعيل الموسوي الزنجاني.

٣٠. آية اللّه السيد حسن الطاهري الخرمآبادي.

٣١. آية اللّه ميرزا محمد الپيشوائي.

٣٢. آية اللّه السيد محمد الحسيني الكاشاني.

٣٣. آية اللّه السيد علي المحقق (نجل المرحوم).

المؤلفات و الآثار
لم يترك آية اللّه العظمى داماد مؤلفا له غير «حواشى العروة الوثقى» بينما قام تلامذته بتدوين اهم دروسه و مباحثه و رشحات أفكاره العميقة و ابداعاته العلمية، نذكر منها هنا ما تناهى علمنا إليه:

١. صدرت مباحث الفقيد في «الحج»، «الخمس»، «الصلاة»، «الصوم»، «الاعتكاف»، و الجزء الأعظم من «الزكاة» من تقريرات آية اللّه الأستاذ الجوادي الآملي، حيث ظهر لحد الآن سلسلة «كتاب الحج» في ٣ مجلدات، و «الصلاة» في ٣ مجلدات، و «الخمس» في مجلد واحد.

٢. قام آية اللّه العظمى مكارم الشيرازي اجزاء من تقريرات «الأصول» للفقيد لم تطبع لحد الآن.

٣. صدر للفقيد داماد اجزاء من مباحث «الصلاة» في مجلد واحد، من تقريرات آية اللّه الشيخ محمد المؤمن.

٤. اجزاء من مباحث الصلاة وكذلك سلسلة كاملة من مباحث الأصول قام باعدادها نجله البار آية اللّه السيد علي المحقق، لم يطبع منها شيء حتى الآن، لكنّا نقلنا بعض مباحثها في هذه التقريرات بعد الحصول علي إذن منه، و قد تمت الإشارة الى ذلك في الهوامش.

٥. سلسلة كاملة من مباحث الأصول للفقيد بعنوان ( المحاضرات مباحث في أصول الفقه) وهي تقريرات اعدّها آية اللّه السيد جلال الدين الطاهري الاصفهاني بصورة منتظمة و بخط بديع، وقام الفقيد بمراجعتها بدقة، وقد أغناها ببعض الإضافات و الحواشى في الهوامش بخط يده، و ها نحن بفضل اللّه ومنّه نضعها في متناول المهتمين بالعلوم الدينية و الصائنين للتراث الثقافي الإسلامى و العلوم الإسلامية.

٦. مباحث كتاب الطهارة من إعداد آية اللّه طاهري. يشار إلى انّ آية اللّه السيد محمد مفتي الشيعة، كما ورد في ترجمته، قام ايضا بتقرير مباحث الطهارة للأستاذ، و لم تطبع بعد.

٧. كما جاء في ترجمة آية اللّه المرحوم السيد محمد علي موحد ابطحى أنه قام بتدوين دروس الأستاذ في مباحث الأصول و الطهارة، و هي موجودة في مكتبته و لم تنشر لحدّ الآن.

أبناؤه
لفقيدنا الأستاذ ٤ أولاد و ابنة، شأنهم شأن تراثه العلمي، خلفهم لخدمة الحوزة العلمية و المجتمع. و من بين أبنائه، يعتبر نجليه الكريمين آية اللّه الحاج السيد علي المحقق وآية اللّه السيد مصطفى المحقق من ألمع نجوم العلم و الفضيلة في الحوزة العلمية في قم.

هذان العالمان الجليلان اللذان يحتفظان بتراث والدهما الفقيد في صدرهما، كانا علي الدوام بمثابة قرّة عين الحوزة العلمية والأوساط الدينية، و هما يسيران علي خطى والدهما المرحوم.

النجل الثالث للفقيد هو الأستاذ المهندس السيد جعفر المحقق، الذي يقوم في هذه الأيام بإرسال الرسائل إلى بعض المسئولين في النظام الاسلامى فيما يتعلق ببعض التطورات السياسية و الاجتماعية التي يشهدها المجتمع. اما النجل الرابع للفقيد فهو السيد كاظم المحقق.

في يوم الأربعاء الثاني من شهر ذي الحجة عام ١٣٨٨هـ انتقل آية اللّه العظمى الحاج السيد محمد المحقق الداماد إلى الرفيق الأعلى عن عمر يناهز الى ٦٣ عاما، و دفن في إحدى زوايا الصحن الشريف لمرقد السيد فاطمة بنت موسى الكاظم (عليه السّلام).

وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّا

المصدر ( المحاضرات / تقريرات – الجزء1 المؤلف : السيد جلال الدين الطاهري الاصفهاني )

.........

انتهى/ 278