8 نوفمبر 2025 - 18:02
الخبیر الیمني لدی حواره مع ابنا: 

الإمارات في خدمة المشروع الصهيوني؛ الدور الوظیفي في أفريقيا حتی قمع المقاومة في اليمن والسودان

في إشارة إلى النفوذ الواسع للإمارات في الدول العربية، وخاصة اليمن والسودان، قال "فهد شاكر أبو راس": "إن الإمارات من خلال وكلائها في السودان واليمن لم تعد مجرد دولة تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، بل أصبحت أداة رئيسية في ترسانة المشروع الصهيوني، الذي يهدف إلى تفكيك الدول العربية الكبرى وإضعاف أي قوة تحرر أو مقاومة".

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ الجرائم الأخيرة في السودان، شأنها شأن العديد من الجرائم المروعة الأخرى في العالم، مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالنظام الصهيوني وداعميه الغربيين والأمريكيين. فبالإضافة إلى العلاقات التجارية الواسعة، تربط النظام الصهيوني والإمارات العديد من الاتفاقيات العسكرية والأمنية. ويُعدّ وجود موارد الذهب في السودان موردًا مهمًا لفت انتباه النظام الصهيوني.

إن التقارب المتزايد بين جماعات المقاومة والمعارضة للمحور الغربي الأمريكي والصهيوني في السودان واليمن، والخوف من تحالفهم المحتمل، دفع النظام الصهيوني، بالتعاون مع مرتزقته الإقليميين، وعلى رأسهم الإمارات العربية المتحدة، إلى بذل كل جهد ممكن لخلق المزيد من الفوضى وانعدام الأمن في البلدين السودان واليمن، وخلق الفتنة من أجل تقسيم وتفكيك هذين البلدين.

وفي هذا السياق، حلل الخبير اليمني "فهد شاكر أبوراس"، في مقابلة مع وكالة أنباء أبنا، الوجود الإماراتي وأهدافه من التدخل المباشر في اليمن والسودان:

ابنا: شهدنا في الآونة الأخيرة جرائم واسعة النطاق في السودان، ومنذ البداية، يعتقد الخبراء والمراقبون أن هذه الجرائم تُرتكب بتعاون ودعم من الإمارات والنظام الصهيوني. ما رأيكم في هذا الأمر؟

في مشهد الجغرافيا السياسية المتوتر الذي تعيشه المنطقة، تبرز دويلة الإمارات ليس كفاعل عادي تسعى لتحقيق مصالحها، بل كأداة وظيفية ضمن مشروع أكبر تتحرك فيه وفق أجندة لا تخدم سوى الهيمنة الصهيونية والأمريكية على مقدرات الشعوب العربية.

وهذا ليس تنظيراً بل هو واقع تُجسده سياستها في كل من اليمن والسودان.

ففي السودان، حيث تدور رحى حرب طاحنة أزهقت أرواح عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء، يمثل الدعم الإماراتي الواسع وغير المبرر لميليشيا ما تسمى  بـ "الدعم السريع" بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب بحق المدنيين، حيث تؤكد تقارير استخباراتية أن دويلة الإمارات كثفت دعمها العسكري لهذه الميليشيا العام الماضي وزودتها بمجموعة كبيرة من الأسلحة شملت طائرات مسيرة هجومية وأسلحة خفيفة ومدافع رشاشة ثقيلة ومعدات عسكرية أخرى، مما ساعدها على استعادة قوتها بعد تراجعها في العاصمة الخرطوم.

ابنا: برأيكم ما هي المصالح التي يسعى النظام الصهيوني لتحقيقها في السودان وما هي خطته لتحقيقها؟

وهذا الدعم لم يأتِ من فراغ، بل هو جزء من استراتيجية صهيونية واضحة لتحقيق نفوذ اقتصادي وسياسي في أفريقيا، تسعى الصهيونية من خلاله وعبر أداتها الطيعة دويلة الإمارات إلى السيطرة على موارد السودان خاصة الذهب، والهيمنة على موانئه البحرية الإستراتيجية على البحر الأحمر، مما يخدم في المحصلة النهائية مصالح الكيان الصهيوني الرامية إلى إعادة تشكيل خريطة النفوذ الإقليمي لصالح إسرائيل.

ابنا: في ظل الفراغ السياسي في السودان، انتهزت الإمارات الفرصة لتجهيز الميليشيات في البلاد لتكون أداةً فعّالة للنظام الصهيوني. ما هي الأهداف التي تعتقد أن الإمارات تسعى لتحقيقها في السودان؟

لم تكن العمليات الإماراتية في السودان لتكون بهذا الحجم والانتظام لولا وجود شبكة لوجستية معقدة ومتعمدة الإخفاء، حيث كشفت تحقيقات صحفية عن استخدام الإمارات لميناء ومطار بوساسو في إقليم أرض الصومال كمحطة سرية لشحن الأسلحة والمعدات الحربية الموجهة لميليشيا الدعم السريع.

 الإمارات تستخدم المرتزقة الكولومبيين

  تصل طائرات النقل الثقيل الإماراتية محملة بشحنات غامضة يتم تفريغها ونقلها فوراً إلى طائرات أخرى تتجه نحو السودان عبر دول مجاورة، كما كشف مسؤول في ميناء بوساسو عن مرور أكثر من 500,000 حاوية إماراتية تحمل علامة "مواد خطرة" دون أي وثائق توضح محتوياتها أو وجهتها النهائية، مما يؤكد طبيعة هذه الشحنات السرية والمحظورة. والأخطر من ذلك، هو استخدام الإمارات لمقاتلين مرتزقة من كولومبيا، حيث تظهر صور حصرية وصول أعداد كبيرة منهم إلى بوساسو عبر رحلات تجارية، ليتم نقلهم إلى معسكر مغلق شمال المطار مجهز بمستشفى ميداني لعلاج الجرحى منهم ومن مقاتلي ميليشيا الدعم السريع قبل نقلهم.في مشهد يذكر بأسوأ أيام الاستعمار والقرصنة الحديثة التي لا تفرق بين دماء المدنيين والأبرياء.

أبنا: في السنوات الأخيرة، سعت الإمارات العربية المتحدة إلى التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج، وفي هذا الصدد، خدعت السعودية. اشرح مؤامرات الإمارات وتدخلها في اليمن:

أما في اليمن، فتتجلى الأدوات الإماراتية من خلال ميليشيا ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة المدعو عيدروس الزبيدي بدعم إماراتي واضح، حيث ترفض هذه الميليشيا أي تسوية سياسية لا تحقق مشروعها في انفصال جنوب اليمن عن شماله، مما يمثل شقاً للوحدة اليمنية وتكريساً للفوضى التي تعم البلاد منذ سنوات.

وقد شكلت الإمارات لهذه الميليشيا قوات مسلحة موازية عرفت بما يسمى "الحزام الأمني" لتكون ذراعها العسكري في الساحة الجنوبية، مستغلة المظالم التاريخية لأبناء الجنوب لتحقيق مكاسب جيوسياسية لا تخدم سوى أجندة التفتيت الإسرائيلية.

التحالف الإماراتي الصهيوني في اليمن.. مسعىً متنامياً للسيطرة على الأرخبيل

حيث أن سياسات الإمارات في اليمن والسودان تعبر عن هذا الانحياز الوظيفي، وأن أبوظبي لا تتحرك إلا في المساحات التي تسعى فيها واشنطن وتل أبيب إلى إعادة توزيع النفوذ أو قمع أي مشروع تحرر ومقاومة.

وقد استخدمت الميليشيا الانتقالية هذا الدعم للسيطرة على العاصمة الإقتصادية عدن بالقوة في أكثر من مناسبة.

ولعل أخطر تجليات هذا التحالف الإماراتي الصهيوني في اليمن هو المساعي المكثفة للسيطرة على أرخبيل سقطرى الاستراتيجي الواقع في المحيط الهندي، والذي يوصف بأنه مفتاح السيطرة على الملاحة الدولية في بحر العرب وباب المندب والمحيط الهندي، حيث تسارع الإمارات لتطوير قاعدة عسكرية مشتركة مع إسرائيل على جزيرة عبد الكوري التابعة للأرخبيل، وفقاً لتقارير استخباراتية مفتوحة المصدر.

وقد لوحظت تحركات سفينة الإنزال الحربية الإماراتية "تكرم" بين موانئ أبوظبي وسقطرى وعبد الكوري في رحلات غامضة، حيث تشير الصور الفضائية إلى تطوير مدرج جوي ومنشآت عسكرية واستخباراتية في الجزيرة النائية، في إطار خطة متكاملة لربط شبكة القواعد الإسرائيلية في القرن الأفريقي واليمن تحت مظلة القيادة المركزية الأمريكية والتي أصبحت إسرائيل جزءاً منها، بهدف مراقبة كل الحركات في المحيط الهندي وبحر العرب.

بنا: إضافة إلى التدخلات السياسية والعسكرية، ما هي خطط الإمارات لتجنيد مرتزقة من أبناء الدول المستهدفة؟ ما السبيل لمكافحة هذا النفوذ الخطير بين الدول العربية؟

هذه السيطرة لم تكن عسكرية بحتة، بل استخدمت الإمارات وسائل أخرى أكثر خبثاً، حيث قامت بتجنيد مئات الشباب من أبناء سقطرى ونقلهم إلى الإمارات لربط معيشتهم بها، وبالتالي ضمان ولاء عائلاتهم على الجزيرة، كما فرضت شبكة هاتف محلية تابعة لشركة إماراتية، في عملية غسيل مخ للهوية والثقافة المحلية وربطها بشكل مباشر بأبوظبي. وهكذا، تتكشف الصورة بشكل لا يدع مجالاً للشك؛ فالإمارات، عبر أدواتها في السودان واليمن، لم تعد مجرد دولة تسعى لمصالحها، بل تحولت إلى إحدى الأدوات الرئيسية في ترسانة المشروع الصهيوني الذي يهدف إلى تفكيك الدول العربية الكبرى، وإشعال الحروب الأهلية، وإضعاف أي قوة تحررية أو مقاومة، وذلك لضمان هيمنة النظام الإقليمي الذي تريده واشنطن وتل أبيب.

إن دعم مليشيات ترفع شعارات انفصالية في اليمن، وتمويل وتدريب مليشيات متهمة بارتكاب إبادة جماعية في دارفور، والاستيلاء على الجزر الإستراتيجية مثل سقطرى، ليست سوى حلقات متصلة في سلسلة واحدة تهدف إلى تأمين عمق استراتيجي لإسرائيل، وتحويل البحر الأحمر ومنابع النفط إلى مناطق نفوذ خاضعة، وهو ما يتطلب وعياً عربياً شعبياً ورسمياً لمجابهة هذا الاختراق الخطير، وفضح هذه السياسات التي تبيع الأمة العربية وأمنها القومي بأبخس الأثمان.

تعليقك

You are replying to: .
captcha